الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص/50]. وقوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة/ 120] ونظائره.
الحادي والعشرون: أنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ شبَّه أتباع الهوى بأخسِّ الحيوانات صورةً ومعنًى، فشبَّههم بالكلب تارةً كقوله:{وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف/ 176]، وبالحمر تارة كقوله تعالى:{كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر/ 50 ــ 51] وقلب صورهم إلى صورة القِردة والخنازير تارةً.
الثاني والعشرون: أنَّ
متَّبع الهوى ليس أهلًا أن يطاع
، ولا يكون إمامًا، ولا متبوعًا، فإنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ عزله عن الإمامة، ونهى عن طاعته. أما عزله فإن الله سبحانه وتعالى قال لخليله إبراهيم:{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة/ 124] أي: لا ينال عهدي بالإمامة ظالمًا. وكلُّ من اتَّبع هواه فهو ظالمٌ، كما قال الله تعالى:{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الروم/ 29]. وأمَّا النَّهيُ عن طاعته؛ فلقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف/ 28].
الثالث والعشرون: أنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ جعل
متَّبع الهوى بمنزلة عابد الوثن
، فقال تعالى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان/ 43] في موضعين من كتابه، قال الحسن: هو المنافق، لا يهوى شيئًا إلَّا
ركبه. وقال أيضًا: المنافق عبد هواه لا يهوى شيئًا إلَّا فعله.
الرَّابع والعشرون: أنَّ الهوى هو حِظار جهنَّم المحيطُ بها حولها، فمن وقع فيه؛ وقع فيها، كما في الصحيحين
(1)
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «حُفَّت الجنَّة بالمكاره، وحُفَّت النَّارُ بالشَّهواتِ» .
وفي الترمذي
(2)
من حديث أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ يرفعه: «لمَّا خلق الله الجنَّة؛ أرسل إليها جبريل، فقال: انظر إليها، وإلى ما [181 ب] أعددتُ لأهلها فيها، فجاء، فنظر إليها، وإلى ما أعدَّه الله لأهلها فيها، فرجع إليها، وقال: وعزَّتك لا يسمع بها أحدٌ من عبادك إلَّا دخلها، فأمرَ بها، فحجبت بالمكاره، وقال: ارجع إليها فانظر إليها، فرجع، فإذا هي قد حُجِبَت بالمكاره، فقال: وعزَّتك! لقد خشيتُ ألَّا يدخلها أحد قال: اذهب إلى النَّار، فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فجاء، فنظر إليها وإلى ما أعدَّ الله لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضًا، فرجع إليه فقال: وعزَّتك! لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فأمر بها، فحُفَّت بالشَّهوات، فقال: ارجع، فانظر إليها، فرجع إليها، فإذا هي قد حُفَّت بالشَّهوات، فرجع إليها وقال: وعزَّتك! لقد خشيت ألَّا ينجو منها أحد» . قال الترمذي: هذا حديث حسنٌ صحيح.
(1)
البخاري (6487)، ومسلم (2823) من حديث أبي هريرة.
(2)
أخرجه الترمذي (2560)، وأبو داود (4744)، والنسائي (7/ 3)، وأحمد (3/ 332، 333).
الخامس والعشرون: أنَّه يخاف على من اتَّبع هواه أن ينسلخ من الإيمان وهو لا يشعر، وقد ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«لا يؤمن أحدُكُم حتَّى يكون هواهُ تَبَعًا لِمَا جئتُ به»
(1)
. وصحَّ عنه: أنَّه قال: «أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغيِّ في بُطُونكم، وفروجكم، ومُضِلَّات الهوى»
(2)
.
السادس والعشرون: أنَّ اتباع الهوى من المهلكات. قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ منجيات، وثلاثٌ مهلكاتٌ: فأمَّا المُنجياتُ؛ فتقوى الله ــ عز وجل ــ في السرِّ والعلانية، والقولُ بالحقِّ في الرِّضا والسَّخَط، والقصد في الغنى والفقر، وأمَّا المهلكات؛ فهوًى مُتَّبَعٌ، وشُحٌّ مُطاعٌ، وإعجابُ المرءِ بنفسه»
(3)
.
السَّابع والعشرون: أنَّ مخالفة الهوى تورث العبد قوَّةً في بدنه، وقلبه، ولسانه. قال بعض السلف: الغالب لهواه أشدُّ من الَّذي يفتح المدينة وحدَه. وفي الحديث الصَّحيح
(4)
المرفوع: «ليس الشديد بالصُّرعة ولكن الشديد الَّذي يملك نفسه عند الغضب» وكلَّما تمرَّن على مخالفة هواه؛ اكتسب قوَّةً إلى قوَّته.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
تقدم.
(3)
تقدم.
(4)
البخاري (6114)، ومسلم (2609) من حديث أبي هريرة.