الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني والعشرون
في غَيْرَةِ المُحبِّين على أحبابهم
لمَّا كان هذا الباب متصلًا بباب إفراد المحبوب بالمحبة، ومن موجباته، فإن الغيرة بحسب قوة المحبة، وقوَّتها بحسب إفراد المحبوب؛ حسُن ذكره بعده.
وأصل الغيرة: الحميَّةُ، والأنفةُ، و
الغيرة نوعان: غيرةٌ للمحبوب، وغيرة عليه
، فالغيرة له فهي الحمية له، والغضب له إذا استهين بحقه، وانتُقصت حرمته، وناله مكروه من عدوه، فيغضب له المحب ويحمى وتأخذه الغيرة له بالمبادرة إلى التغيير ومحاربة من آذاه، فهذه غيرة المحبين حقًّا، وهي غيرة الرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به، واستحل محارمه، وعصى أمره.
وهذه الغيرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب، وماله، وعرضه لمحبوبه حتى يزول ما يكرهه، فهو يغار لمحبوبه أن تكون فيه صفةٌ يكرهها محبوبه، ويمقته عليها، أو يفعل ما يبغضه عليه، ثم يغارُ له بعد ذلك أن يكون في غيره صفةٌ يكرهها ويبغضها.
فالدينُ كلُّه في هذه الغيرة، بل هي الدين، وما جاهد مؤمنٌ نفسه، وعدوَّه، ولا أمر بمعروف، ولا نهى عن منكر إلَّا بهذه الغيرة، ومتى خلت من القلب؛ خلا من الدين، فالمؤمن يغارُ لربه من نفسه، ومن غيره