الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضهم: أراد شوقًا إليك، فستره بلفظ الرِّضا
(1)
.
ولو قلت طَأْ في النار أعلمُ أنَّه
…
رضًا لك أو مُدنٍ لنا من وصالكِ
لقدَّمتُ رجلي نحوها فوطئتها
…
هدًى منك لي أو ضلَّةً من ضلالك
لِيَهْنِك إمساكي بكفِّي على الحَشَا
…
ورقراقُ عيني خشيةً من زيالك
وإن ساءني أن نلتني بمساءةٍ
…
لقدْ سرَّني أنِّي خطرتُ ببالك
من علامات المحبَّة الصَّادقة
أنَّ المحبَّ لا يتمُّ له سرورٌ إلَّا بمحبوبه، وما دام غائبًا عنه غيبته؛ فعيشُه كلُّهُ مُنغَّصٌ
(2)
.
نحن في أكمل السُّرور ولكنْ
…
ليسَ إلَّا بكم يتمُّ السُّرورُ [167 أ]
عيبُ ما نحنُ فيه يا أهلَ وُدِّي
…
أنَّكم غُيَّبٌ ونحنُ حضور
وقال آخر
(3)
:
من سرَّه العيدُ الجَديـ
…
ـدُ فقد عدمتُ به السُّرورا
كان السُّرورُ يتمُّ لي
…
لو كان أحبابي حُضُورا
(1)
تقدمت الأبيات و تخريجها.
(2)
الشعر للمهدي في الوافي بالوفيات (3/ 301)، وبهجة المجالس (1/ 821). وهو في الرِّسالة القشيرية (ص 331).
(3)
البيتان لأبي الفرج سلامة بن بحر القاضي في خاص الخاص (ص 500)، ومن غاب عنه المطرب (ص 105). وبلا نسبة في يتيمة الدهر (1/ 101)، والمنتحل (ص 225). وهما في الرسالة القشيرية (ص 331).
لو قيل للمُحبِّ على الدَّوام: ما تتمنَّى؟ لقال: لقاء المحبوب
(1)
.
ولمَّا نزلنا منزلًا طلَّه الندى
…
أنيقًا وبستانًا من النَّور حاليا
أجدَّ لنا طيبُ المكان وحسنُه
…
مُنىً فتمنَّينا فكنت الأمانيا
قال الجنيد: سمعت السَّريَّ يقول: الشوق أجلُّ مقام العارف؛ إذا تحقَّق فيه، وإذا تحقَّق بالشوق؛ لها عن كلِّ ما يشغله عمَّن يشتاق إليه.
وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود ــ عليه السلام ــ: قل لِشبَّان بني إسرائيل: لم تشغلون نفوسكم بغيري، وأنا مشتاقٌ إليكم؟ ما هذا الجفاء؟ ولو يعلم المدبرون عنِّي كيف انتظاري لهم، ورفقي بهم، ومحبَّتي لترك معاصيهم؛ لماتوا شوقًا إليَّ، وانقطعت أوصالهم من محبَّتي. هذه إرادتي للمدبرين عنِّي، فكيف إرادتي للمقبلين عليَّ؟!
وسئل الجنيد: من أي شيءٍ يكون بكاءُ المحبِّ إذا لقيَ المحبوب؟ فقال: إنَّما يكون ذلك سرورًا به، ووجدًا من شدَّة الشوق إليه. قال: ولقد
(1)
البيتان لأبي بكر بن عبد الرحمن الزهري في حماسة أبي تمام (2/ 78)، والزهرة (1/ 378)، والتذكرة السعدية (1/ 462)، والحماسة البصرية (2/ 196)، ولمالك بن أسماء في عيون الأخبار (1/ 262)، وبهجة المجالس (1/ 122)، ولابن أبي فروة في اعتلال القلوب (ص 343)، وعنوان المرقصات والمطربات (ص 28)، وبلا نسبة في أخبار أبي القاسم الزجاجي (ص 192)، والصناعتين (ص 77)، وديوان الصبابة (ص 236).
بلغني: أنَّ أخوين تعانقا، فقال: أحدهما: واشوقاه! وقال الآخر: واوجداه!
وكانت عجوزٌ لها غائبٌ، فقدم من السَّفر، فأظهر أهلُها الفرحَ والسُّرورَ به، فجعلت تبكي، فقيل لها: ماهذا البكاء؟ فقالت: ذكَّرني قدومُ هذا الفتى يوم القدوم على الله.
وقال بعض المحبِّين: قلوبُ المشتاقين منوَّرةٌ بنور الله، فإذا تحرَّك اشتياقهم؛ أضاء النُّورُ مابين السماء والأرض، فيعرضهم الله ــ سبحانه وتعالى ــ على الملائكة، فيقول: هؤلاء المشتاقون إليَّ، أشهدكم [167 ب] أنِّي إليهم أشوق!
فصل
قال ابن أبي الحواري
(1)
ــ رحمه الله ــ: سئل أبو سليمان الدَّارني
ــ رحمه الله، وأنا حاضرٌ ــ: ما أقربُ ما يُتقرَّب به إلى الله ــ عز وجل ــ؟ فبكى، ثمَّ قال: مثلي يُسْأل عن هذا؟ أقربُ ما يُتَقرَّب به إليه: أن يطَّلع على قلبك وأنت لا تريد من الدُّنيا والآخرة إلَّا هو.
وقال يحيى بن معاذ: النُّسكُ: هو العناية بالسَّرائر، وإخراج ما سوى الله من القلب.
(1)
الأخبار التالية كلها في ذم الهوى (ص 77).