المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامن عشرفي أن دواء المحبين في كمال الوصالالذي أباحه رب العالمين - روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عطاءات العلم - الكتاب

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي أسماء المحبة

- ‌الباب الثانيفي اشتقاق هذه الأسماء ومعانيها

- ‌الأسماءُ الدالَّة عَلَى مسمًّى واحدٍ نوعان:

- ‌الباب الرابعفي أنَّ العالمَ العُلويَّ والسُّفليَّ إنَّما وُجد بالمحبَّة ولأجلها

- ‌الحركة الإرادية تابعةٌ لإرادة المتحرِّك

- ‌ الملائكة مُوَكَّلَةٌ بالعالم العُلويِّ والسُّفلي

- ‌ الإيمانُ بالملائكة أحدَ أركان الإيمان الذي لا يَتمّ إلا به

- ‌الحبُّ والإرادة أصلُ كلِّ فعلٍ ومبدؤه

- ‌جميعُ حركات العالم العلويِّ والسُّفليِّ تابعةٌ للإرادة والمحبَّة

- ‌ يَنْطِق الكونُ بأجمعه بحمده تبارك وتعالى قالًا وحالًا

- ‌الباب الخامسفي دَواعي المحبَّة ومتعلَّقها

- ‌ المحبَّة تستدعي مشاكلةً ومناسبةً

- ‌داعي الحبِّ مِنَ المُحبِّ أربعة أشياء:

- ‌الباب السادسفي أحكام النظر، وغائلته، وما يجني على صاحبه

- ‌ العينَ مِرْآة القلب

- ‌سكرُ العشق أعظمُ من سكر الخمر

- ‌الباب السابعفي ذكر مناظرةٍ بين القلب والعين،ولوم كلٍّ منهما صاحبه(1)، والحكم بينهما

- ‌ أقوال الأئمة

- ‌الباب التاسعفي الجواب عمَّا احتجَّت به هذه الطَّائفة،وما لها وما عليها

- ‌الشَّهوةُ المجرَّدة لا تلتحق بالضرورات، ولا بالحاجات

- ‌الباب الثاني عشرفي سَكْرَةِ العُشَّاق

- ‌ حقيقة السُّكْرِ وسببه

- ‌الخمرُ شرابُ الأجسام، والعشق شراب النفوس، والألحانُ شراب الأرواح

- ‌الباب الثالث عشرفي أنَّ اللذَّة تابعةٌ لِلْمَحَبَّة في الكمال والنُّقصان

- ‌اللذَّة والألم يَنْشآن عن إدراك المُلائم والمُنافي

- ‌اللذَّة الجثمانيةُ:

- ‌الباب الرابع عشرفيمنْ مدح العِشْقَ وتمنَّاه، وَغَبَطَ صاحبَهعلى ما أُوتِيَهُ مِنْ مُناه

- ‌الباب الخامس عشرفيمن ذمَّ العِشْقَ، وتبرَّم به، وما احتجَّ بهكلُّ فريقٍ على صحَّة مذهبه

- ‌العشق هو الدَّاء الدَّويُّ؛ الذي تذوب معه الأرواح

- ‌العشقُ والهوى أصلُ كلِّ بليَّة

- ‌ الباب السَّادس عشرفي الحُكْم بين الفريقينوفصل النِّزاع بين الطائفتين

- ‌ العشق لا يُحْمدَ مطلقًا، ولا يُذَمُّ مطلقًا

- ‌الباب السابع عشرفي استحباب تخيُّر الصورة الجميلة للوِصالالذي يحبُّه الله ورسوله

- ‌الباب الثَّامن عشرفي أنَّ دواء المُحبِّين في كمال الوصالالذي أباحه ربُّ العالمين

- ‌ هل يجبُ على الزَّوج مجامعةُ امرأته

- ‌«خيرُ الأمور أوساطها»

- ‌الباب التاسع عشرفي ذكر فضيلة الجمالوميل النفوس إليه على كلِّ حال

- ‌ الجمال ينقسمُ قسمين: ظاهر وباطن

- ‌ الجمال الباطن يُزيِّن الصورة الظاهرة

- ‌ فصل في ذكر حقيقة الحُسْنِ والجمال ما هي

- ‌ممَّا يُذمُّ في النساء

- ‌ الباب العشرونفي علامات المحبَّة وشواهدها

- ‌ ذكر أقسام النفوس ومحابِّها

- ‌فصلومنها: إغضاؤه عند نظر محبوبه إليه

- ‌فصلومنها: كثرةُ ذكر المحبوب

- ‌أعلى أنواع ذكر الحبيب

- ‌المحبُّون ثلاثة أقسام:

- ‌فصلومنها: الإقبالُ على حديثه، وإلقاءُ سمعه كلِّه إليه

- ‌فصلومنها: محبَّةُ دار المحبوب وبيته

- ‌فصلومنها: الإسراع إليه في السير

- ‌فصلومنها: محبةُ أحباب المحبوب، وجيرانه، وخدمه

- ‌فصلومنها: انجلاء همومه وغمومه إذا رأى محبوبه أو زاره

- ‌فصلومنها: البهتُ والرَّوعة التي تحصلُ عند مواجهة الحبيب، أو عند سماع ذكره

- ‌ سبب هذه الرَّوعة، والفزع، والاضطراب

- ‌فصلومنها: غيرتُه لمحبوبه وعلى محبوبه

- ‌أقوى الناس دينًا أعظمُهم غيرةً

- ‌للمحب في هذا ثلاثةُ أحوال:

- ‌فصلومنها: سروره بما يُسرُّ به محبوبه

- ‌فصلومنها: حبُّ الوحدة، والأنس بالخلوة، والتفرُّد عن الناس

- ‌فصلومنها: استكانةُ المحبِّ لمحبوبه، وخضوعُه، وذلُّه له

- ‌فصلومنها: امتدادُ النفَس، وتردُّد الأنفاس، وتصاعدُها

- ‌فصلومنها: هجرُه كل سبب يُقصيه من محبوبه

- ‌المحبَّة النافعة

- ‌فصلومنها: الاتفاق الواقع بين المحبّ والمحبوب

- ‌الباب الحادي والعشرونفي اقتضاء المحبة إفراد الحبيب بالحبوعدم التَّشريك بينه وبين غيره فيه

- ‌ المحبة ثلاثة أقسام: محبة الله، والمحبة له وفيه، والمحبة معه

- ‌الباب الثاني والعشرونفي غَيْرَةِ المُحبِّين على أحبابهم

- ‌الغيرة نوعان: غيرةٌ للمحبوب، وغيرة عليه

- ‌فصلومنها: شدةُ الموافقة للحبيب

- ‌الباب الثالث والعشرونفي عفاف المُحبِّين مع أحبابهم

- ‌الباب الرابع والعشرون في ارتكاب سبيل الحرام وما يفضي إليه من المفاسد والآلام

- ‌الصحيح: أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزاني

- ‌الباب الخامس والعشرون في رحمة المُحبين، والشفاعة لهم إلى أحبابهم في الوصال الذي يبيحه الدين

- ‌الباب السادس والعشرون في ترك المحبين أدنى المحبوبَينِ رغبةً في أعلاهما

- ‌النفس الأبيةُ لا ترضى بالدُّون

- ‌الرَّاغبون ثلاثةُ أقسام: راغبٌ في الله، وراغبٌ فيما عند الله، وراغبٌ عن الله

- ‌حياةُ القلب مع الله لا حياة له بدون ذلك أبدًا

- ‌من أسمائه الحسنى: الجميلُ

- ‌من علامات المحبَّة الصَّادقة

- ‌أشدُّ العقوبات العقوبة بسلب الإيمان

- ‌ من ترك لله شيئًا؛ عوَّضه الله خيرًا منه

- ‌الباب الثامن والعشرون فيمن آثر عاجل العقوبة والآلام على لذَّة الوصال الحرام

- ‌الباب التَّاسع والعشرون في ذم الهوى وما في مخالفته من نيل المنى

- ‌لا ينبغي ذم الهوى مطلقًا، ولا مدحه مطلقًا

- ‌ حاكم العقل، وحاكم الدِّين

- ‌ متَّبع الهوى ليس أهلًا أن يطاع

- ‌ متَّبع الهوى بمنزلة عابد الوثن

- ‌ الهوى داءٌ، ودواؤه مخالفته

- ‌ الهوى تخليطٌ، ومخالفته حِمْيَةٌ

- ‌ التَّوحيد واتِّباع الهوى متضادَّان

- ‌ الهوى رِقٌّ في القلب، وغُلٌّ في العُنُق، وقيدٌ في الرِّجل

- ‌ مخالفة الهوى توجبُ شرف الدنيا، وشرف الآخرة

الفصل: ‌الباب الثامن عشرفي أن دواء المحبين في كمال الوصالالذي أباحه رب العالمين

‌الباب الثَّامن عشر

في أنَّ دواء المُحبِّين في كمال الوصال

الذي أباحه ربُّ العالمين

وقد جعل الله سبحانه وتعالى لكلِّ داءٍ دواء، ويسَّر الوصول إلى ذلك الدواء شرعًا وقدرًا، فمن أراد التَّداوي بما شرعه الله له، واستعان عليه بالقدر، وأتى الأمر من بابه؛ صادف الشِّفاء، ومن طلب الدَّواء بما منعه منه شرعًا ــ وإن امتحنه به قدرًا ــ فقد أخطأ طريق المُداواة، وكان كالمتداوي من داءٍ بداءٍ أعظم منه، وقد تقدَّم حديث طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلُ النكاح»

(1)

.

وقد اتفق رأْيُ العقلاء من الأطباء وغيرهم في مواضعة الأدوية: أنَّ شفاء هذا الدَّاءِ في التقاءِ الزَّوجين والتصاق البَدَنَيْنِ.

وقد روى مسلم في صحيحه

(2)

: من حديث أبي الزُّبير عن جابرٍ رضي الله عنه أنَّ رسول [80 أ] الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأةً، فأتى زينبَ، فقضى حاجتَه منها، وقال: «إنَّ المَرْأةَ تُقْبِلُ في صُورةِ شيطانٍ، وتُدْبِرُ في صُورة

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

برقم (1403).

ص: 309

شيطان، فإذا رأى أحدُكم امْرَأةً، فأَعْجَبَتْهُ، فلْيَأْتِ أهْلَهُ؛ فإنَّ ذلك يَرُدُّ ما في نَفْسِهِ».

وذكر إسماعيل بنُ عيَّاش

(1)

، عن شُرَحْبيل بن مسلم عن أبي مسلم الخَولاني رحمه الله أنه كان يقول: يا معشر خَوْلان! زوِّجوا شبابَكم وأياماكم، فإن الغُلْمَة أمرٌ عارمٌ، فأعِدُّوا لها عُدَّتها، واعلموا أنه ليس لمُنْعِظٍ إذن. يُريد أنَّه إذا استأذن عليه أحدٌ فلا إذن له.

وذكر العتبيّ

(2)

: أنَّ رجلًا من ولد عثمان، ورجلًا من ولد الحسين خرجا يريدان موضعًا لهما، فنزلا تحت سَرْحَةٍ فأخذ أحدُهما ورقةً، فكتب عليها:

خبِّرينا خُصِصْتِ بالغيثِ ياسَرْ

حُ بصدقٍ والصِّدق فيه شفاءُ

وكتب الآخر:

هل يموتُ المحبُّ من ألَم الحُبْـ

ـبِ ويَشفي من الحبيب اللِّقاءُ؟

ثم مضيا، فلما رجعا؛ وجدا مكتوبًا تحت ذلك:

إنَّ جهلًا سؤالُك السَّرْحَ عمَّا

ليس يومًا عليك فيه خَفاءُ

ليس للعاشق المُحِبِّ من الحُبْـ

ـبِ سوى لذَّةِ اللِّقاءِ شفاءُ

(1)

أخرجه الخرائطي (ص 119).

(2)

الخبر والأبيات في أدب الغرباء (ص 28، 29)، وبدائع البدائه (ص 89، 90).

ص: 310

وقال أبو جعفر العدوي

(1)

:

لَسكْرُ الهوى أَرْوى لعظمي ومَفصلي

إذا سكر النَّدمانُ من لذَّةِ الخمرِ

وأحسنُ من قَرْعِ المَثاني ونَقْرِها

تراجيعُ صوتِ الثَّغر يُقْرَعُ بالثغر

ولما دعوتُ الصبرَ بعدك والبُكا

أجاب البُكا طوعًا ولم يُجبِ الصَّبْرُ

وقال عبد الله بن صالح

(2)

: كان اللَّيث بنُ سعد إذا أراد الجماعَ؛ خلا في منزلٍ في داره، ودعا بثوبٍ يُقال له البرَّكان، وكان يلبسه إذ ذاك، وكان إذا خلا في ذلك المنزل؛ عُلِم أنَّه يُريد أمرًا، وكان إذا غشي أهله يقول: اللَّهُمَّ شُدّ لي أصله! وارفع لي صَدْرَه! وسهّل عليَّ مدخله ومخرجه! وارزقني لذَّتَه! وهبْ لي ذريَّةً صالحةً [80 ب] تُقاتل في سبيلك! قال: وكان جَهْورِيًّا، فكان يُسْمع ذلك منه.

وقال الخرائطيُّ

(3)

: حدَّثنا عمارة بن وثيمة قال: حدَّثني أبي قال: كان عبد الله بن ربيعة من خيار قريش صلاحًا وعفة، وكان ذَكَرُه لا يرقُد، فلم يكن يشهد لقريش خيرًا ولا شرًّا، وكان يتزوّج المرأة، فلا تلبث معه

(1)

الأبيات لابن كيغلغ في المحب والمحبوب (1/ 129)، والوافي بالوفيات (8/ 401)، ودمية القصر (1/ 167)، وديوان الصبابة (ص 207).

(2)

أخرجه الخرائطي (ص 119). والخبر في ديوان الصبابة (ص 67).

(3)

في اعتلال القلوب (ص 119).

ص: 311

إلَاّ أيامًا حتى تهربَ إلى أهلها، فقالت زينبُ بنت عمر بن أبي سلمة: ما لهنَّ يهربنَ من ابن عمِّهنَّ؟ قيل لها: إنهنَّ لا يُطِقْنَهُ، قالت: فما يمنعُه مني؟ فأنا والله العظيمةُ الخَلْق، الكبيرةُ العَجُز، الفَخْمَةُ الفَرْج! قال: فتزوّجَها، فصبرت عليه، وولدتْ له ستةً من الولد.

وقال رشدين بن سعد

(1)

، عن زهرة بن معبدٍ، عن محمد بن المنكدر: أنَّه كان يدعو في صلاته: اللهمَّ قوِّ لي ذكري! فإنَّ فيه صلاحًا لأهلي.

وقال حمَّاد بن زيد

(2)

، عن هشام بن حَسَّان، عن محمَّد بن سيرين قال: كان لأنس بن مالك غلامٌ، وكان شَبِقًا كثيرًا، فرافعتْه امرأتُه إلى أنسٍ، وقالت: لا أُطِيقُه، ففرض له عليها ستةً في اليوم والليلة.

وقال عليّ بنُ عاصم

(3)

: حدَّثنا خالدٌ الحَذَّاء قال: لما خلقَ الله آدم، وخلق حوَّاء؛ قال له: يا آدمُ! اسكنْ إلى زوجِكَ، فقالت له حوَّاء: يا آدمُ! ما أطيبَ هذا! زدنا منه.

وفي الصَّحيح

(4)

: أنَّ سليمان بن داود عليهما السلام طاف في ليلةٍ واحدةٍ على تسعين امرأة.

(1)

أخرجه الخرائطي (ص 119 - 120).

(2)

أخرجه الخرائطي (ص 120)، والطبراني في الكبير (701).

(3)

أخرجه الخرائطي (ص 120).

(4)

أخرجه البخاري (7/ 132)، ومسلم (4523).

ص: 312

وفي الصَّحيحين

(1)

: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوفُ على نسائه في الليلة الواحدة وهنَّ تسع نسوةٍ، وربما كان يطوفُ عليهنَّ بغسلٍ واحد، وربما كان يغتسلُ عند كلِّ واحدةٍ منهنَّ.

وقال المَرُّوذِيُّ: قال أبو عبد الله: ليس العزوبية من أمر الإسلام في شيء، النبيُّ صلى الله عليه وسلم تزوَّج أربع عشرةَ، ومات عن تسع، ولو تزوَّج بشرُ بن الحارث تمَّ أمرُه، ولو ترك النَّاسُ النِّكاح؛ لم يكن غزوٌ، ولا حَجٌّ، ولا كذا ولا كذا، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصبح وما عندهم [81 أ] شيء، ومات عن تسع، وكان يختارُ النِّكاحَ، ويَحُثُّ عليه، وينهى عن التَّبَتُّل

(2)

، فمن رغب عن سنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو على غير الحقِّ. ويعقوبُ في حزنه قد تزوَّج، ووُلد له، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال:«حُبِّبَ إليَّ النِّساءُ»

(3)

. قلت له: فإنَّ إبراهيم بن أدهم يُحكَى عنه أنَّه قال: لَروعةُ صاحب العيال

، فما قدرتُ أن أتمّ الحديث

(4)

، حتى صاح بي، وقال: وقعتَ في بُنَيَّات الطريق، انظر ما كان عليه محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأصحابهُ، ثم قال: بكاء الصَّبيِّ بين يديْ أبيه يطلب منه الخبز أفضل من كذا وكذا. أين يَلحق المتعبّدُ العَزَبُ؟ انتهى كلامه.

(1)

البخاري (268)، ومسلم (309) من حديث أنس.

(2)

أخرجه البخاري (5073)، ومسلم (1402) من حديث سعد بن أي وقاص.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

تتمته: «أفضل من جميع ما أنا فيه» .

ص: 313