الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع عشرة ومائة
فيها عزل مسلمة عن أذربيجان، والجزيرة [1] ووليها مروان الحمار [2] فسار مروان حتّى جاوز نهر الزمّ [3] فأغار وقتل وسبى خلقا من الصقالبة.
وفي رمضان على الأصح، وقيل: في سنة خمس عشرة [4] توفي فقيه الحجاز أبو محمّد عطاء بن أبي رباح أسلم، من مولدي الجند [5] وأمه سوداء تسمى بركة، وكان صبيا نشأ بمكّة وتعلم الكتاب بها، وهو مولى لبني فهر، وكان على ما قال ابن قتيبة [6] أسود [أعور][7] أفطس، أشل، أعرج، ثم عمي بعد ذلك، ومات وله ثمان وثمانون سنة.
[1] يعني جزيرة أقور التي بين دجلة والفرات.
[2]
هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، المعروف ب الجعدي وبالحمار، آخر ملوك بني أمية في الشام. انظر خبره في ص (79) من هذا المجلد و «الأعلام» للزركلي (7/ 208) .
[3]
في «تاريخ خليفة بن خياط» ص (345) : «نهر الرمّ» وهو تصحيف، وفي «العبر» للذهبي (1/ 141) :«نهر الرّوم» وهو تحريف، والزمّ: بليدة على طريق جيحون من ترمذ وآمل، نسب إليها نفر من أهل العلم. انظر «معجم البلدان» لياقوت (3/ 151) .
[4]
وهو قول ابن قتيبة في «المعارف» ص (444) .
[5]
بلدة تقع الآن في الجنوب الغربي للاتحاد السوفيتي، وأهلها مسلمون يتبعون مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله، خرج منها فيما مضى عدد كبير من العلماء انظر «معجم البلدان» الياقوت (2/ 168) ، و «الأنساب» (3/ 319- 320) .
[6]
في «المعارف» ص (444) .
[7]
لفظة «أعور» سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «المعارف» لابن قتيبة.
وقال في «العبر» [1] : كان من مولّدي الجند، أسود مفلفل الشعر. سمع عائشة، وأبا هريرة، وابن عبّاس.
قال أبو حنيفة: ما رأيت أفضل منه.
وقال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة. وكان من أحسن النّاس صلاة.
وقال الأوزاعي: مات عطاء يوم مات وهو [2] أرضى أهل الأرض عند النّاس.
وقال إسماعيل بن أميّة: كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلّم يخيل إلينا أنه يؤيّد.
وقال غيره: كان لا يفتر عن [3] الذكر. انتهى كلامه في «العبر» .
انفرد بالفتوى بمكّة هو ومجاهد، وكان بنو أميّة يصيحون بالموسم [4] لا يفتي أحد غيره، وما روي عنه أنه كان يرى إباحة وطء الإماء بإذن أهلهن، وكان يبعث بهن إلى أضيافه، فقد قال القاضي شرف الدّين بن خلّكان [5] :
اعتقادي أن هذا لا يصح عنه، فإنه لو رأى الحلّ، فإن الغيرة والمروءة تمنعه عن ذلك.
قال اليافعيّ [6] : ينبغي أن يحمل [7] بعثهن لسماع القول منهن نحو ما نقل عن بعض المشايخ الصوفية أنه كان يأمر جواريه يسمعن أصحابه، وفيه
[1](1/ 141- 142) .
[2]
في الأصل، والمطبوع:«وكان» وأثبت ما جاء في «العبر» للذهبي (1/ 142) .
[3]
في الأصل، والمطبوع:«من» وأثبت ما جاء في «العبر» للذهبي.
[4]
في المطبوع: «في الموسم» .
[5]
في «وفيات الأعيان» (3/ 262) والمؤلف ينقل كلامه بالمعنى.
[6]
في «مرآة الجنان» (1/ 271) ، ط مؤسسة الرسالة، والمؤلف ينقل كلامه بالمعنى.
[7]
تحرفت في «مرآة الجنان» إلى «أن يحل» فتصحح فيه.
أيضا ما فيه، فإن صحّ فيحمل على ما إذا لم تحصل فتنة بحضورهن وسماعهن، إذا قلنا: إن صوت المرأة ليس بعورة، والله أعلم.
وفيها، وقيل: سنة ثمان أو تسع عشرة، توفي أبو محمّد علي بن عبد الله بن عبّاس جدّ السّفّاح، والمنصور، وكان سيدا شريفا، أصغر أولاد أبيه، وأجمل قرشيّ على وجه الأرض وأوسمه، وأكثره صلاة، ولذلك دعي بالسّجّاد، وكان له خمسمائة أصل زيتون يصلي تحت كلّ ركعتين فالمجموع ألف ركعة.
روي أن عليّا جاء ابن عبّاس يهنّئه به يوم ولد وقال له: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب، ما سميته؟ قال: أو يجوز أن أسميه حتّى تسميه، ثم حنّكه ودعا له وقال: خدّامك الخلائق والأملاك، سمّيته عليا، وكنيته أبا الحسن.
وقيل: إنه ولد يوم قتل عليّ، وهذا يناقض ما تقدم.
ولما كان زمن معاوية [1] قال: ليس لك اسمه وكنيته، قد كنيته أبا محمّد فجرت عليه، وضربه الوليد بن عبد الملك مرتين، مرّة في تزوجه لمطلقة عبد الملك لبابة بنت عبد الله بن جعفر، وسبب طلاق عبد الملك لها، أنه عضّ على تفاحة، وكان الخديم رمى بها إليها فاستقذرتها.
والثانية في قوله: إن الأمر سيكون في ولدي، فطافوا به على بعير في أسوأ حال، وهو يقول: والله ليكونن فيهم.
ودخل على هشام بن عبد الملك ومعه ابنا ابنه الخليفتان السّفّاح، والمنصور، فأوسع له على سريره وبرّه بثلاثين ألف دينار، وأوصاه عليّ بابني ابنه حين انفصل.
وكان إذا قدم مكّة اشتغلت به قريش وأهل مكّة إجلالا له، وكان طوالا
[1] في «تاريخ الإسلام» (4/ 283) و «سير أعلام النبلاء» (5/ 284) : «في زمن عبد الملك بن مروان» .
جميلا، قيل: كان طوله إلى منكب أبيه عبد الله، وعبد الله إلى منكب أبيه العبّاس، والعبّاس إلى منكب أبيه عبد المطّلب.
ونفاه الوليد إلى الحميمة بليدة بالبلقاء [1] فولد له بها نيّف وعشرون ولدا ذكرا، ولم يزل ولده بها إلى أن زالت دولة بني أميّة، وتوفي عن ثمانين سنة بأرض البلقاء، رحمه الله تعالى.
وفيها توفي السيد أبو جعفر محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ولد سنة ست وخمسين من الهجرة، وروى عن أبي سعيد الخدري، وجابر، وعدّة. وكان من فقهاء المدينة. وقيل له الباقر لأنه بقر العلم، أي شقّه، وعرف أصله وخفيّه وتوسّع فيه.
وهو أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية [2] .
قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم علما عنده.
وله كلام نافع في الحكم والمواعظ، [منه] [3] : أهل التقوى أيسر أهل الدّنيا مؤونة وأكثرهم معونة، إن نسيت ذكّروك، وإن ذكرت أعانوك، قوّالين بحق الله، قوّامين بأمر الله. ومنه: انزل الدّنيا كمنزل نزلته وارتحلت عنه، أو كمال أصبته في منامك
[1] قلت: قال ياقوت: الحميمة بلفظ التصغير الحمّة
…
بلد من أرض الشراة من أعمال عمّان في أطراف الشام. «معجم البلدان» (2/ 307) ، وانظر «معجم ما استعجم» للبكري (1/ 469) .
[2]
انظر الكلام عن هذه الفرقة في «الفرق بين الفرق» ص (53) ، و «مقالات الإسلاميين» (1/ 98) ، و «الملل والنحل» (1/ 162) .
[3]
لفظة «منه» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.
فاستيقظت وليس معك منه شيء. مات- رضي الله عنه عن ست وخمسين سنة، ودفن بالبقيع مع أبيه وعمّ أبيه الحسن، والعبّاس، رضي الله عنهم.
وفيها، وقيل: في سنة سبع عشرة، علي بن رباح اللّخميّ المصريّ وهو في عشر المائة، حمل عن عدة من الصحابة، وولي غزو إفريقية لعبد العزيز بن مروان، فكان من علماء زمانه.
وفيها توفي أبو عبد الله وهب بن منبّه الصنعانيّ، من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن.
قال: قرأت من كتب الله اثنين وتسعين كتابا.
مات بصنعاء.
روى عن ابن عبّاس. قيل: وأبي هريرة، وغيره من الصّحابة، وولي القضاء لعمر بن عبد العزيز، وكان شديد الاعتناء بكتب الأولين وأخبار الأمم وقصصهم، بحيث كان يشبّه بكعب الأحبار في زمانه.
وله مصنف في ذكر ملوك حمير مفيد [1] ، وله إخوة أجلّهم همّام.
روى عن الصّحابة، وهو أكبر من وهب، وهم من أبناء الفرس الذين سيّرهم كسرى أنو شروان كما تقدم آنفا، وكان سيّرهم مع أبي مرّة سيف بن ذي يزن الحميري، وكانوا ثمانمائة، مقدمهم وهرز، غرق منهم في البحر مائتان وسلم ستمائة، قاله ابن إسحاق [2] .
وقال ابن قتيبة [3] : كانوا سبعة آلاف وخمسمائة. ورجحه أبو القاسم
[1] في المطبوع: «صغير» .
[2]
انظر «السيرة النبوية» بتهذيب ابن هشام (1/ 63- 64) .
[3]
في «المعارف» ص (638) .
السّهيليّ [1] ، إذ يبعد مقاومة الحبشة لستمائة، وفي القصة أن سيفا والفرس استظهروا على الحبشة فقتلوهم وملكوا سيفا، فأقام أربع سنين، وقتله خدمه من الحبشة، ولم يملك أهل اليمن بعده ملك، غير أن أهل كل ناحية ملّكوا رجلا من حمير حتّى جاء الإسلام.
ويقال: إنها بقيت في أيدي الفرس إلى أن بعث النّبيّ- صلى الله عليه وسلم وباليمن عاملان منهم، أحدهما فيروز الأسود الدّيلميّ، والآخر زاذويه، فأسلما وهما اللذان دخلا على الأسود العنسي مع قيس بن المكشوح [2] لما ادّعى الأسود النّبوّة، فقتلوه، وأولاد الفرس باليمن يدعون الأبناء، منهم طاووس، وعمرو بن دينار، وغيرهما [3] .
وورد أن كسرى أبرويز لما مزّق كتاب النّبيّ- صلى الله عليه وسلم[أرسل إلى عامله على صنعاء باذان، وهو الرابع بعد وهرز يأمره أن يسير إلى النّبيّ، صلى الله عليه وسلم][4] فكتب إليه النّبيّ- صلى الله عليه وسلم يخبره أن الله وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا وكذا، فانتظر ذلك، فكان كما قال [صلى الله عليه وسلم] فأسلم باذان وأهل اليمن [5] .
هذا وقد قال الذّهبيّ في «المغني» [6] : وهب بن منبه ثقة، مشهور قصاص، خيّر [7] ، ضعفه أبو حفص الفلّاس وحده. انتهى.
[1] في «الروض الأنف» (1/ 83) بتحقيق الأستاذ طه عبد الرؤوف سعد.
[2]
في الأصل، والمطبوع:«قيس بن المكسوح» وهو تصحيف، وهو قيس بن هبيرة بن هلال البجلي الملقب ب المكشوح. انظر المجلد الأول من كتابنا هذا ص (214) . و «الأعلام» للزركلي (5/ 209) .
[3]
في الأصل، والمطبوع:«وغيرهم» وما أثبته يقتضيه السياق.
[4]
ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع.
[5]
انظر «إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين» لابن طولون ص (64- 66) بتحقيقي (الطبعة الثانية) طبع مؤسسة الرسالة.
[6]
«المغني في الضعفاء (2/ 727) بتحقيق الدكتور نور الدين عتر.
[7]
في «المغني في الضعفاء» : «حبر» .