الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وتسعين ومائة
فيها حوصر الأمين ببغداد، وأحاط به أمراء المأمون، وهم طاهر بن الحسين [1] ، وهرثمة بن أعين، وزهير بن المسيّب في جيوشهم. وقاتلت مع الأمين الرعيّة وقاموا معه قياما لا مزيد عليه. ودام الحصار سنة، واشتد البلاء وعظم الخطب.
وفيها توفي الإمام الحبر أبو محمّد عبد الله بن وهب الفهريّ، مولاهم، المقرئ أحد الأعلام في شعبان، ومولده سنة خمس وعشرين ومائة، وطلب العلم بعد الأربعين ومائة بعام أو عامين. وروى عن ابن جريج، وعمرو بن الحارث، وخلق، وتفقّه بمالك، واللّيث.
قال أبو سعيد بن يونس: جمع ابن وهب بين الفقه، والرّواية، والعبادة، وله تصانيف كثيرة.
وقال أحمد بن صالح المصريّ: حدّث ابن وهب بمائة ألف حديث، ما رأيت أحدا أكثر حديثا منه.
وقال ابن خداش: قرئ على ابن وهب كتابه في أهوال القيامة، فخرّ مغشيّا عليه، فلم يتكلم بكلمة حتّى مات بعد أيام.
[1] في الأصل: «طاهر بن الحسن» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
وقال يونس بن عبد الأعلى: كانوا أرادوه على القضاء فتغيّب. قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن الأهدل: صحب مالكا عشرين سنة، وصنّف «الموطأ» الكبير والصغير. وحدّث بمائة ألف حديث. وكان مالك يكتب إليه في المسائل، ولم يكن يفعل هذا لغيره، وقال: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه.
وكتب إليه الخليفة في قضاء مصر، فاختبأ ولزم بيته، فاطّلع عليه بعضهم يوما فقال له: يا ابن وهب ألا تخرج فتقضي بين النّاس بكتاب الله وسنّة رسوله؟ فقال: أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء والقضاة مع السلاطين.
وقرئ عليه كتاب الأهوال من جامعه فغشي عليه، فحمل إلى داره فمات لحينه رحمه الله تعالى. انتهى.
وفيها محدّث الشّام الإمام أبو يحمد [2] بقيّة بن الوليد الكلاعيّ الحمصيّ الحافظ، ومولده سنة عشر ومائة. روى عن محمد بن زياد الألهاني، وبحير بن سعد [3] والكبار، وأخذ عمّن دبّ ودرج. وتفقّه بالأوزاعيّ. وكان مشهورا بالتدليس، كالوليد بن مسلم.
وقال ابن معين: إذا روى عن ثقة فهو حجّة.
وقال بقية: قال لي شعبة: إني لأسمع منك أحاديث لو لم أسمعها لطرت. قاله في «العبر» [4] .
[1](1/ 322- 323) .
[2]
في الأصل: «أبو محمد» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[3]
في «العبر» للذهبي: «بجير بن سعد» وهو خطأ فيصحّح فيه.
[4]
(1/ 323) .
وقال ابن ناصر الدّين: بقية بن الوليد بن صائد الحميريّ الكلاعيّ الحمصيّ أبو يحمد [1] محدّث الشّام، كان إماما، مكثرا، ويدلّس عن المتروكين، لكن إذا قال: حدّثنا، أو أخبرنا، فهو مقبول. انتهى.
وفيها شعيب بن حرب المدائنيّ الزّاهد، أحد علماء الحديث. روى عن مالك بن مغول وطبقته.
قال الطّيب بن إسماعيل: دخلنا عليه وقد بنى له كوخا، وعنده خبز يابس [يبلّه] يأكله [2] ، وهو جلد وعظم.
قال أحمد بن حنبل: حمل على نفسه في الورع.
وفيها شيخ الإقراء بالدّيار المصرية أبو سعيد عثمان بن سعيد القيروانيّ ثم المصريّ. ورش، صاحب نافع، وله سبع وثمانون سنة.
قال السّيوطيّ في «حسن المحاضرة» [3] : ورش، وهو [4] عثمان بن سعيد أبو سعيد المصريّ، وقيل: أبو عمرو، وقيل: أبو القاسم، أصله قبطيّ، مولى آل الزّبير بن العوّام. ولد سنة [خمس] عشرة [5] ومائة، وأخذ القراءة عن نافع، وهو الذي لقّبه بورش لشدّة بياضه، وقيل: لقبه بالورشان، ثم خفّف. انتهت إليه رياسة الإقراء بالدّيار المصرية في زمانه، وكان ماهرا في العربية. انتهى.
وفيها محمّد بن فليح بن سليمان المدنيّ. روى عن هشام بن عروة وطبقته.
[1] في الأصل، والمطبوع:«أبو محمد» وهو خطأ، والصواب ما أثبته، وانظر «تهذيب الكمال» للمزّي (4/ 192) طبع مؤسسة الرسالة.
[2]
ما بين حاصرتين زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 323) .
[3]
(1/ 485) .
[4]
لفظة «وهو» لم ترد في «حسن المحاضرة» وإنما هي زيادة من المؤلف رحمه الله.
[5]
في الأصل، والمطبوع:«عشر ومائة» والتصحيح من «حسن المحاضرة» .
قال في «المغني» [1] : ثقة.
قال: أبو حاتم: ليس بذاك القويّ. انتهى.
وفيها قاضي صنعاء وعالمها هشام بن يوسف الصنعانيّ، أخذ عن معمر، وابن جريج، وجماعة.
قال ابن معين: هو أثبت من عبد الرّزّاق في ابن جريج.
وقال ابن ناصر الدّين: كان ثقة، برز وفاق على أقرانه.
وفيها الإمام العلم أبو سفيان وكيع بن الجرّاح الرّؤاسي في المحرم، راجعا من الحجّ بفيد [2] وله سبع وستون سنة. روى عن الأعمش وأقرانه.
قال ابن معين: كان وكيع في زمانه كالأوزاعيّ في زمانه.
وقال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع.
وقال القعنبيّ: كنّا عند حمّاد بن زيد، فخرج وكيع، فقالوا: هذا راوية سفيان. قال: إن شئتم أرجح من سفيان.
وقال يحيى بن أكثم: صحبت وكيعا، فكان يصوم الدّهر ويختم القرآن كل ليلة.
وقال أحمد: ما رأت عينيّ مثل وكيع قطّ.
وقال ابن معين: ما رأيت أحفظ [3] من وكيع. كان يحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة. قال: وكان يحيى القطّان يفتي بقوله أيضا.
[1] يعني «المغني في الضعفاء» (2/ 625) .
[2]
في الأصل: «بغند» وهو خطأ، وأثبت ما في «المطبوع» وهو موافق لما في «العبر» للذهبي.
وانظر «معجم البلدان» (4/ 282) .
[3]
في «العبر» : «أفضل» .
وقال ابن ناصر الدّين: وكيع بن الجرّاح بن مليح بن عدي بن فرس الرّؤاسيّ الكوفيّ أبو سفيان محدّث العراق، ثقة، متقن، ورع.
قال أحمد بن حنبل: ما رأيت رجلا قطّ مثل وكيع في العلم، والحفظ، والإسناد، والأموات، مع خشوع وورع. انتهى.