الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وخمسين ومائة
فيها أهمّ المنصور أمر الخوارج واستيلاؤهم على المغرب، فسار إلى الشّام، وزار بيت المقدس، وجهّز يزيد بن حاتم في خمسين ألف فارس، وعقد له على المغرب، فبلغنا أنه أنفق على ذلك الجيش ثلاثة وستين ألف ألف، فافتتح يزيد إفريقية، وهزم الخوارج، وقتل كبارهم. واستعمل المنصور على قضاء دمشق يحيى بن حمزة، فبقي قاضيا ثلاثين سنة.
وفيها توفي فقيه الجزيرة وعالمها جعفر بن برقان الجزريّ، صاحب ميمون بن مهران. روى له البخاريّ في «التاريخ» ومسلم، والأربعة.
قال في «المغني» [1] : جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران.
قال أحمد: يخطئ في حديث الزّهري.
وقال ابن خزيمة: لا يحتجّ به.
وقد وثّقه أحمد في رواية، وابن معين، والفسويّ، وابن سعد. انتهى.
وفيها وزير المنصور أبو أيوب سليمان بن مخلد، وقيل: ابن داود الموريانيّ نسبة إلى موريان من قرى الأهواز، همّ المنصور أن يوقع به لتهم لحقته، وكان كلما دخل همّ بذلك، ثم يترك إذا رآه، فقيل: كان معه دهن فيه
[1](1/ 131) .
سحر، فشاع في العامّة دهن أبي أيوب، ثم أوقع به بعد وعذبه حتّى مات.
وفيها توفي أشعب الطّامع، ويعرف بابن أمّ حميدة [1] . روى عن عكرمة، وسالم، وله نوادر وملح في الطّمع والتّطفّل [2] أشهر من أن تذكر.
وفيها عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر الدّمشقيّ محدّث دمشق. روى عن أبي الأشعث الصّنعاني.
قال في «المغني» [3] : من ثقات الدّماشقة، أثنى عليه جماعة، والعجب [4] من البخاريّ كيف أورده في الضعفاء، وما ذكر ما يدل على لينه؟
بل قال: قال الوليد: كان عنده كتاب سمعه وكتاب لم يسمعه. انتهى.
وقد روى عن خلق من التابعين.
وفيها قرّة بن خالد السّدوسيّ البصريّ صاحب الحسن، وابن سيرين.
قال يحيى القطّان: كان من أثبت شيوخنا.
والحكم بن أبان العدنيّ. روى عن طاووس وجماعة. وكان شيخ أهل اليمن وعالمهم بعد معمر [5] .
قال أحمد العجلي: ثقة صاحب سنّة، كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه، يذكر الله حتّى يصبح.
وفيها مقرئ البصرة الإمام أبو عمرو بن العلاء بن عمّار التميميّ المازنيّ البصريّ، أحد السبعة، وله أربع وثمانون سنة. قرأ على أبي العالية
[1] في الأصل، والمطبوع، و «العبر» (1/ 222) :«ويعرف بابن أم حميد» وهو خطأ، والتّصحيح من «ميزان الاعتدال» (1/ 258) ، و «لسان الميزان» (1/ 450) .
[2]
في الأصل، والمطبوع:«والتطفيل» والتصحيح من «العبر» للذهبي.
[3]
(2/ 389) .
[4]
في الأصل: «وتعجبوا» ، وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «المغني» .
[5]
في المطبوع: «بعد يعقوب» وهو خطأ.
الرّياحي وجماعة. وروى عن أنس، وإياس.
قال أبو عمرو: كنت رأسا والحسن حيّ. ونظرت في العلم قبل أن أختن.
وقال أبو عبيدة: كان أبو عمرو أعلم النّاس بالقرآن، والعربية، والشعر، وأيام العرب.
قال: وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف، ثمّ تنسّك فأحرقها. قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن الأهدل: فاحترقت كتبه، فلما رجع إلى علمه الأول، لم يكن عنده إلّا ما حفظه، وهو في النحو في الطبقة الرّابعة من علي.
قال الأصمعيّ: سألته عن ألف مسألة، فأجابني فيها بألف حجّة.
وفيه يقول الفرزدق مفتخرا:
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها
…
حتّى أتيت أبا عمرو بن عمّار [2]
وكنيته اسمه على الصحيح [3] وكان إذا دخل رمضان لم ينشد بيتا حتّى ينقضي. ودخل يوما على سليمان بن علي عمّ السّفّاح، فسأله عن شيء فصدّقه، فلم يعجبه فخرج أبو عمرو وهو يقول:
أنفت من الذّلّ عند الملوك
…
وإن أكرموني وإن قرّبوا
إذا ما صدقتهم خفتهم
…
ويرضون منّي بأن أكذب
[1](1/ 223) .
[2]
البيت في «ديوانه» (1/ 382) وروايته فيه:
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها
…
حتى لقيت أبا عمرو بن عمار
[3]
قال الذهبي: اسمه زبّان على الأصح، وقيل: العريان، وقيل: يحيى، وقيل: محبوب، وقيل: جنيد، وقيل: عيينة، وقيل: عثمان، وقيل: عيّاد. انظر «معرفة القرّاء الكبار» (1/ 100) طبع مؤسسة الرسالة.
قال اليافعيّ [1] رحمه الله: ورفعه للباء من أكذب لموافقة القافية، مع دخول أن الناصبة للفعل المضارع، دليل لجواز الإقواء [2] المعروف. انتهى.
وقال أبو عمرو- رحمه الله: أول العلم الصمت، ثم حسن السؤال، ثم حسن اللفظ، ثم نشره عند أهله.
وقال: احتمال الحاجة [3] خير من طلبها من غير أهلها.
وقال: ما تسابّ اثنان إلّا غلب ألأمهما [4] .
وقال: إذا تمكن الإخاء قبح الثّناء.
و [قال][5] : ما ضاق مجلس بمتحابّين، وما اتّسعت الدّنيا لمتباغضين.
وسمع أعرابيا كان مختفيا من الحجّاج يقول:
ربما تجزع النّفوس لأمر
…
وله فرجة كحّل العقال [6]
فقال له أبو عمرو: وما الأمر؟ قال مات الحجّاج، قال: فلم أدر بأيّهما كنت أفرح [7] بموت الحجّاج، أم بقوله: فرجة، يعني بفتح الفاء.
قال الأصمعيّ: هي بالفتح من الفرج، وبالضم من فرجة الحائط ونحوه.
[1]«مرآة الجنان» (1/ 345) بتصرّف.
[2]
في الأصل: «الإقراء» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع، وهو الصواب، والإقواء: اختلاف إعراب القوافي. انظر «تاج العروس» (10/ 307) .
[3]
في «مرآة الجنان» (1/ 346) : «فوت الحاجة» .
[4]
في «مرآة الجنان» : «إلا غلب ألا فهما» وهو خطأ فتصحح فيه.
[5]
زيادة من «مرآة الجنان» .
[6]
لفظ البيت في «مرآة الجنان» :
ربما تجزع النفوس من الأمر
…
ما له فرجة كحل العقال
[7]
في «مرآة الجنان» : «لم أدر بأيّهما أنا أفرح» .
وولد أبو عمرو بمكّة، ومات بالكوفة، رحمه الله تعالى. انتهى.
وفيها خندق المنصور على الكوفة، والبصرة، وضرب عليها سورا. قاله ابن الجوزي في «الشذور» [1] .
[1] يعني «شذور العقود في تاريخ العهود» للإمام الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي المتوفى سنة (597) هـ، وهو مخطوط لم يطبع بعد.