المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ثمان وتسعين ومائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٢

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌سنة إحدى ومائة

- ‌سنة اثنتين ومائة

- ‌سنة ثلاث ومائة

- ‌سنة أربع ومائة

- ‌سنة خمس ومائة

- ‌سنة ست ومائة

- ‌سنة سبع ومائة

- ‌سنة ثمان ومائة

- ‌سنة تسع ومائة

- ‌سنة عشر ومائة

- ‌سنة إحدى عشرة ومائة

- ‌سنة اثنتي عشرة ومائة

- ‌سنة ثلاث عشرة ومائة

- ‌سنة أربع عشرة ومائة

- ‌سنة خمس عشرة ومائة

- ‌سنة ست عشرة ومائة

- ‌سنة سبع عشرة ومائة

- ‌سنة ثماني عشرة ومائة

- ‌سنة تسع عشرة ومائة

- ‌سنة عشرين ومائة

- ‌سنة إحدى وعشرين ومائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين ومائة

- ‌سنة أربع وعشرين ومائة

- ‌سنة خمس وعشرين ومائة

- ‌سنة ست وعشرين ومائة

- ‌سنة سبع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثمان وعشرين ومائة

- ‌سنة تسع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاثين ومائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين ومائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربع وثلاثين ومائة

- ‌سنة خمس وثلاثين ومائة

- ‌سنة ست وثلاثين ومائة

- ‌سنة سبع وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين ومائة

- ‌سنة تسع وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربعين ومائة

- ‌سنة إحدى وأربعين مائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين ومائة

- ‌سنة أربع وأربعين ومائة

- ‌سنة خمس وأربعين ومائة

- ‌سنة ست وأربعين ومائة

- ‌سنة سبع وأربعين ومائة

- ‌سنة ثمان وأربعين ومائة

- ‌سنة تسع وأربعين ومائة

- ‌سنة خمسين ومائة

- ‌سنة إحدى وخمسين ومائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين ومائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين ومائة

- ‌سنة أربع وخمسين ومائة

- ‌سنة خمس وخمسين ومائة

- ‌سنة ست وخمسين ومائة

- ‌سنة سبع وخمسين ومائة

- ‌سنة ثمان وخمسين ومائة

- ‌سنة تسع وخمسين ومائة

- ‌سنة ستين ومائة

- ‌سنة إحدى وستين ومائة

- ‌سنة اثنتين وستين ومائة

- ‌سنة ثلاث وستين ومائة

- ‌سنة أربع وستين ومائة

- ‌سنة خمس وستين ومائة

- ‌سنة ست وستين ومائة

- ‌سنة سبع وستين ومائة

- ‌سنة ثمان وستين ومائة

- ‌سنة تسع وستين ومائة

- ‌سنة سبعين ومائة

- ‌سنة إحدى وسبعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين ومائة

- ‌سنة أربع وسبعين ومائة

- ‌سنة خمس وسبعين ومائة

- ‌سنة ست وسبعين ومائة

- ‌سنة سبع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمان وسبعين ومائة

- ‌سنة تسع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمانين ومائة

- ‌سنة إحدى وثمانين ومائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين ومائة

- ‌سنة أربع وثمانين ومائة

- ‌سنة خمس وثمانين ومائة

- ‌سنة ست وثمانين ومائة

- ‌سنة سبع وثمانين ومائة

- ‌سنة ثمان وثمانين ومائة

- ‌سنة تسع وثمانين ومائة

- ‌سنة تسعين ومائة

- ‌سنة إحدى وتسعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين ومائة

- ‌سنة أربع وتسعين ومائة

- ‌سنة خمس وتسعين ومائة

- ‌سنة ست وتسعين ومائة

- ‌سنة سبع وتسعين ومائة

- ‌سنة ثمان وتسعين ومائة

- ‌سنة تسع وتسعين ومائة

- ‌سنة مائتين

الفصل: ‌سنة ثمان وتسعين ومائة

‌سنة ثمان وتسعين ومائة

في المحرم ظفر طاهر بن الحسين- بعد أمور يطول شرحها- بالأمين، فقتله. ونصب رأسه على رمح، وكان مليحا، أبيض، جميل الوجه، طويل القامة، عاش سبعا وعشرين سنة. واستخلف ثلاث سنين وأياما. وخلع في رجب سنة ست وتسعين، وحارب سنة ونصفا، وهو ابن زبيدة بنت جعفر بن المنصور، وكان مبذّرا للأموال، قليل الرّأي، كثير اللّعب، لا يصلح للخلافة سامحه الله ورحمه. قاله في «العبر» [1] .

وكتبت زبيدة إلى المأمون تحرّضه على قتل طاهر بن الحسين قاتل ابنها الأمين، فلم يلتفت إليها، فكتبت إليه ثانية بقول أبي العتاهية:

ألا إنّ ريب الدّهر يدني ويبعد

ويؤنس بالألّاف طورا ويفقد

أصابت لريب الدّهر منّي يدي يدي

فسلّمت للأقدار والله أحمد

فقلت لريب الدّهر إن ذهبت يد

فقد بقيت والحمد لله لي يد

إذا بقي المأمون لي فالرّشيد لي

ولي جعفر لم يفقدا ومحمّد [2]

تعني بجعفر أباها، وبمحمد ابنها الأمين.

[1](1/ 325) .

[2]

الأبيات في تكلمة «ديوانه» ص (518- 519) من كتاب «أبو العتاهية أشعاره وأخباره» للدكتور شكري فيصل رحمه الله.

ص: 460

وقال ابن قتيبة في «المعارف» [1] : بويع محمد الأمين [2] بن هارون بطوس، وولي [أمر][3] البيعة صالح بن هارون، وقدم عليه بها رجاء الخادم للنّصف من جمادى الآخرة، فخطب النّاس.

وبويع ببغداد، وأخرج من الحبس من كان أبوه حبسه، فأخرج عبد الملك بن صالح، والحسن بن علي بن عاصم، وسالم بن سالم [البجلي][4] ، والهيثم بن عدي.

ومات إسماعيل بن عليّة، وكان على مظالم محمد في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة. فولي مظالمه محمّد بن عبد الله الأنصاريّ- من ولد أنس بن مالك- والقضاء ببغداد.

وبعث إلى وكيع بن الجرّاح فأقدمه بغداد على أن يسند إليه أمورا من أموره، فأبى وكيع أن يدخل في شيء، وتوجه وكيع إلى مكّة فمات في طريق مكّة.

واتخذ الفضل بن الرّبيع وزيرا، وجعل إسماعيل بن صبيح كاتبه، وجعل العبّاس بن الفضل بن الرّبيع حاجبه، فأغرى الفضل بينه وبين المأمون، فنصّب محمد ابنه موسى بن محمد لولاية العهد بعده، وأخذ البيعة له، ولقّبه الناطق [بالحق][5] ، سنة أربع وتسعين ومائة. وجعله في حجر علي بن عيسى، وأمر عليّا بالتوجّه إلى خراسان [لحرب المأمون][6] سنة

[1] ص (384- 386) والمؤلف ينقل عنه بتصرّف.

[2]

في «المعارف» : «الأمين محمد» .

[3]

لفظة «أمر» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع، و «المعارف» .

[4]

زيادة من «المعارف» ص (384) .

[5]

لفظة «بالحق» سقط من الأصل، واستدركتها من المطبوع، و «المعارف» .

[6]

ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع، وفي «المعارف» :«لمحاربة المأمون» .

ص: 461

خمس وتسعين ومائة. فوجّه المأمون هرثمة من مرو [و] على مقدّمته [1] طاهر بن الحسين، فالتقى عليّ بن عيسى، وطاهر بالرّيّ، فاقتتلوا، فقتل عليّ بن عيسى وجماعة من ولده في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة، وظفر طاهر بجميع ما كان معه من الأموال والعدّة، والكراع، فوجّه محمد بن عبد الرّحمن بن جبلة الأنباري، فالتقى هو وطاهر بهمذان، فقتله طاهر، ودخل همذان، واجتمع طاهر وهرثمة، فأخذ طاهر على الأهواز، وأخذ هرثمة على الجادّة طريق حلوان، ووجّه الفضل بن زهير بن المسيّب على طريق كرمان، فأخذ كرمان، ثم دخل البصرة، ولما أتى طاهر الأهواز وجد عليها واليا من المهالبة لمحمد فقتله، واستولى على الأهواز، ثم سار إلى واسط، وسار هرثمة إلى حلوان، ووثب الحسين بن علي بن عيسى ببغداد في جماعة، فدخل على محمد وهو في الخلد، فأخذه وحبسه في برج من أبراج مدينة أبي جعفر، فتقوّضت عساكر محمّد من جميع الوجوه، وتغيّب الفضل بن الرّبيع يومئذ فلم ير له أثر حتّى دخل المأمون بغداد، ووجّه الحسين بن علي إلى هرثمة وطاهر يحثّهما على [الدخول إلى][2] بغداد، ووثب أسد الحربيّ وجماعة فاستخرجوا محمّدا وولده، واعتذروا [إليه][3] ، وأخذوا الحسين بن علي فأتوه به، فعفا عنه بعد أن اعترف بذنبه وتاب منه، وأقرّ أنه مخدوع مغرور، فأطلقه، فلما خرج من عنده وعبر الجسر نادى:

يا مأمون! يا منصور! وتوجّه نحو هرثمة، وتوجهوا في طلبه فأدركوه بقرب نهر تيرى [4] ، فقتلوه وأتوا محمدا برأسه، وصار هرثمة إلى [النهروان، ثم زحف

[1] في الأصل، والمطبوع:«على مقدمه» وأثبت ما في «المعارف» .

[2]

ما بين حاصرتين زيادة من «المعارف» ص (385) .

[3]

سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع، و «المعارف» .

[4]

في الأصل، والمطبوع:«نهروين» وفي «المعارف» : «نهر تير» وكلاهما خطأ، والتصحيح من «معجم البلدان» (5/ 319) ، و «تاج العروس» (تير) . وعند ياقوت «تيرى» بلد من نواحي

ص: 462

إلى] [1] نهر تيرى [2] ، ونزل طاهر باب الأنبار، وصار زهير بن المسيّب بكلواذى، ولم يزالوا في محاربة.

وكان طاهر كاتب القاسم بن هارون المؤتمن، وكان نازلا في قصر جعفر بن يحيى بالدّور، وسأله أن يخرج، ففعل، وسلم إليه القصر، ولم يزل الأمر على محمد مختلّا حتّى لجأ إلى مدينة أبي جعفر، وبعث إلى هرثمة إني أخرج إليك هذه [3] الليلة، فلما خرج محمد صار في أيدي أصحاب طاهر، فأتوا به طاهرا فقتله من ليلته، فلما أصبح نصب رأسه على الباب الحديد. ثم أنزله [4] وبعث به إلى خراسان مع ابن عمه محمد بن الحسن بن مصعب، ودفنت جثّته في بستان مؤنسة. انتهى ما قاله ابن قتيبة.

وقال ابن الفرات ما ملخصه: لما صار محمد الأمين بمدينة أبي جعفر علم قوّاده أنه ليس معهم عدّة الحصار، فأتوه وقالوا: لا بقاء لنا وقد بقي من خيار خيلك سبعة آلاف فرس، فاختر لها سبعة آلاف رجل تخرج إلى الجزيرة فتفرض الفروض، فعزم على ذلك، فبلغ الخبر طاهر، فكتب إلى سليمان بن أبي جعفر، ومحمد بن عيسى، والسّدي بن شاهك: لئن لم تردّوه عن هذا الرّأي لاقتنصنّ ضياعكم، ولأسعينّ في هلاككم، فدخلوا على محمّد وقالوا:

إن خرجت أخذوك أسيرا وتقرّبوا بك، فرجع إلى قبول الأمان والخروج إلى هرثمة، فقالوا له: الخروج إلى طاهر خير، فقال: أنا أكره ذلك لأني رأيت في المنام كأني على حائط رقيق وطاهر يحفره حتّى هدمه، وهرثمة مولانا، وبمنزلة الوالد، وأنا أثق به.

الأهواز، ونهرها حفره أردشير الأصغر بن بابك.

[1]

زيادة من «المعارف» .

[2]

في الأصل، والمطبوع:«نهروين» وهو خطأ، والتصحيح من «المعارف» .

[3]

لفظة «هذه» لم ترد في المطبوع، و «المعارف» .

[4]

في الأصل، والمطبوع:«ثم أنزل» وأثبت ما في «المعارف» ص (386) .

ص: 463

قال إبراهيم بن المهديّ: بعث إليّ محمد الأمين ليلة وقد خرج إلى قصر لينفرج مما كان فيه، وشرب وسقاني، ودعا جارية اسمها ضعف لتغنّيه، فتطيّر إبراهيم من اسمها فغنّته:

كليب لعمري كان أكثر ناصرا

وأيسر ذنبا منك ضرّج بالدّم

فتطيّر محمّد وقال: غنّي غير هذا، فغنّت:

ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم

حتّى تفانوا وريب الدّهر عدّاء

فغضب وقال: غنّي غير هذا. فغنّت:

«أما وربّ السكون والحركات» الأبيات. فقال: قومي لا بارك الله عليك. فقامت وعثرت بقدح من بلّور كان يسمّيه رباح فكسرته، فقال:

يا إبراهيم أما ترى ما كان؟ ما أظن أمري إلا قد اقترب. قال: بل أعزّ ملكك وكبت [1] عدوّك، فسمعا صارخا من دجلة يقول: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، فقال: يا إبراهيم أما تسمع؟ فقال: ما أسمع شيئا وقد كان سمعه، فقتل بعد ليلتين، ومنع طاهر محمدا الأمين ومن معه الماء والدقيق، فهمّ محمد بالخروج إلى هرثمة، فلما بلغ طاهر اشتد عليه وقال: أنا فعلت ما فعلت به ويكون الفتح لهرثمة، وأتى معاقدوه إلى طاهر إلى أن يدفع له الخاتم، والقضيب، والبردة، ويخرج محمد إلى هرثمة، فرضي بذلك، فلما علم الهرش الخبر، تقرّب إلى طاهر، وقال: مكر بك، وقال: إن الخاتم، والبرد، والقضيب، يحمل مع محمد الأمين إلى هرثمة، فاغتاظ وكمّن حول القصر الرّجال، فلما خرج محمد وصار في الحراقة مع هرثمة، خرج طاهر وأصحابه فرموها بالحجارة وغرّقوها، فسبح الأمين وخرج إلى بستان موسى

[1] في الأصل: «وبكت» . قال في «مختار الصحاح» ص (560) : كبت الله العدو أي صرفه وأذلّه.

ص: 464

وأخرج رجل من الملّاحين هرثمة- وكان به نقرس- فلما خرج محمد الأمين أخذه إبراهيم بن جعفر البلخي، ومحمد بن حميد- وهو ابن أخي شكلة أمّ إبراهيم بن المهدي- وألقى عليه إزارا من أزر الجند، وحمل إلى دار إبراهيم بن جعفر بباب الكوفة، وكان أحمد بن سلام صاحب المظالم ممّن غرق مع هرثمة، فأخذ، فكان مع محمد الأمين في دار إبراهيم بن جعفر، فقال له الأمين: ادن منّي وضمّني إليك، فإني أجد وحشة شديدة، ففعل، وكان على كتفيه خرقة، فنزع أحمد ثوبه، وقال: البسه، فقال: دعني، فهذا لي من الله خير كثير في هذا الموضع، ثم دخل إليه حمرويه غلام قريش مولى طاهر في جماعة، فأخذ محمد وسادة وضربه بها، وأخذ السيف من يده، فصاح بأصحابه فقتلوه.

ونصب طاهر رأسه، ثم بعث رأسه إلى المأمون، والرداء والقضيب.

قال الموصلي: كتب أحمد بن يوسف إلى المأمون عن لسان طاهر بقتل [محمد][1] الأمين.

أما بعد: فإنّ المخلوع قسيم أمير المؤمنين في النسب واللّحمة، قد فرّق الله بينه وبينه في الولاية والحرمة لمفارقته عصم الدّين، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين. قال الله- عز وجل في ابن نوح- على نبيّنا وعليه السلام-: إِنَّهُ لَيْسَ من أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ 11: 46 [هود: 46] ولا طاعة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة إذا كانت في جنب الله، ثم أنشد طاهر بعد قتل الأمين:

ملكت النّاس قسرا واقتدارا

وقتّلت الجبابرة الكبارا

ووجّهت الخلافة نحو مرو

إلى المأمون تبتدر ابتدارا

[1] لفظة «محمد» لم ترد في الأصل، وأثبتها من المطبوع.

ص: 465

وسوف أدين قيس الشّام ضربا

يطيّر من رؤوسهم الشّرارا [1]

قيل: أتي محمد الأمين بأسد فأطلقه، فقصد محمدا فاستتر منه بمرفقه ثم يده، فضربه في أصل أذنه، فخرّ الأسد ميتا، وزالت كل قصبة في يده من موضعها، وكان الأمين- رحمه الله سبطا، أنزع، صغير العينين، جميلا، طويلا، بعيد ما بين المنكبين، ويكنّى أبا موسى، وقيل: أبا عبد الله. انتهى وفيها توفي في أول رجب شيخ الحجاز، وأحد الأعلام، أبو محمد سفيان بن عيينة الهلاليّ، مولاهم، الكوفيّ، الحافظ، نزيل مكّة، وله إحدى وتسعون سنة. سمع زياد بن علاقة، والزّهري، والكبار.

قال الشّافعيّ: لولا مالك، وابن عيينة لذهب علم الحجاز.

وقال ابن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بالتفسير من ابن عيينة.

وقال أحمد العجلي: كان حديثه نحوا من سبعة آلاف حديث [و] لم يكن له كتب.

وقال بهز بن أسد [2] : ما رأيت مثل ابن عيينة.

وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أحدا أعلم بالسنن من ابن عيينة.

وقال ابن ناصر بالدّين: هو الإمام العلم محدّث الحرم. روى عنه الأعمش، وابن جريج، وشعبة، وهم من شيوخه، والشّافعيّ، وابن المبارك، وأحمد، وخلق.

قال أحمد: ما رأيت أعلم بالسنن منه.

وحجّ سفيان سبعين حجّة.

[1] البيتان الأول والثاني في «تاريخ الطبري» (8/ 499) .

[2]

في «العبر» (1/ 326) : «فهر بن أسد» وهو خطأ فيصحّح فيه. وانظر «تهذيب الكمال» للمزّي (4/ 257) طبع مؤسسة الرسالة.

ص: 466

وقال الشّافعيّ: ما رأيت أحدا [فيه][1] من الفتيا ما فيه، ولا أكفّ عن الفتيا منه.

وفي جمادى الآخرة أبو سعيد عبد الرّحمن بن مهدي البصريّ اللؤلؤيّ الحافظ، أحد أركان الحديث بالعراق، وله ثلاث وستون سنة. روى عن هشام الدّستوائي وخلق. وأوّل طلبه سنة نيّف وخمسين ومائة. فكتب عن صغار التابعين كأيمن [2] بن نابل [3] وغيره.

وقال أحمد بن حنبل: هو أفقه من يحيى القطّان، وأثبت من وكيع.

وقال ابن المديني: كان عبد الرّحمن بن مهدي أعلم النّاس. لو حلّفت [لحلفت][4] بين الرّكن والمقام أني لم أر أعلم منه [5] .

قلت [6] : وكان أيضا رأسا في العبادة رحمه الله تعالى. قاله في «العبر» [7] .

وهو أحد الموالي المنجبين من البصريين.

وقال ابن ناصر الدّين: عبد الرحمن بن مهدي بن حسّان الأزديّ، مولاهم، وقيل: العنبريّ، البصريّ، اللؤلؤيّ، أبو سعيد، الحافظ المشهور،

[1] لفظة «فيه» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.

[2]

في الأصل، والمطبوع:«أيمن» وأثبت ما في «العبر» للذهبي.

[3]

تحرّفت «نابل» إلى «نائل» في «العبر» فتصحّح فيه. وانظر «تهذيب الكمال» للمزّي (3/ 477) طبع مؤسسة الرسالة.

[4]

لفظة: «لحلفلت» سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «العبر» للذهبي (1/ 327) .

[5]

في الأصل، والمطبوع:«أني لم أر مثله أعلم منه» وأثبت لفظ «العبر» للذهبي مصدر المؤلف في نقله.

[6]

القائل الحافظ الذهبي في «العبر» .

[7]

(1/ 326- 327) .

ص: 467

والإمام المنشور، كان فقيها، مفتيا، عظيم الشأن، وهو فيما ذكره أحمد أفقه من يحيى القطّان، وأثبت من وكيع في الأبواب. انتهى.

وفيها الإمام أبو يحيى بن معن بن عيسى المدنيّ القزّاز، صاحب مالك. روى عن موسى بن علي بن رباح وطائفة. وكان ثبتا، ثقة، حجّة، صاحب حديث.

قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، وأوثقهم.

وفي صفر الإمام أبو سعيد يحيى بن سعيد القطّان البصريّ الحافظ، أحد الأعلام، وله ثمان وسبعون سنة. روى عن عطاء بن السّائب، وحميد، وخلق.

قال أحمد بن حنبل: ما رأيت بعينيّ مثله.

وقال ابن معين: قال لي عبد الرّحمن بن مهدي: لا ترى بعينيك مثل يحيى القطّان.

وقال بندار: اختلفت إليه عشرين سنة فما أظن [1] أنه عصى الله قطّ.

وقال ابن معين: أقام يحيى القطّان عشرين سنة يختم كلّ ليلة، ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة.

وقال ابن ناصر الدّين: يحيى بن سعيد بن فروخ التيميّ، مولاهم، البصريّ أبو سعيد القطّان الأحول، سيّد الحفّاظ في زمانه، والمنتهى إليه في هذا الشأن [2] بين أقرانه. انتهى.

وفيها أبو عبد الرّحمن مسكين بن بكير الحرّانيّ. روى عن جعفر بن برقان وطبقته، وكان مكثرا، ثقة.

[1] في «العبر» : «فما أظنه» .

[2]

يعني علوم الحديث النبوي الشريف.

ص: 468

وفيها انتدب محمّد بن صالح بن بيهس [1] الكلابيّ أمير عرب الشّام لحرب السفيانيّ [2] ولمن قام معه من الأمويّة، وأخذ منهم دمشق. وهرب أبو العميطر السفيانيّ في إزار إلى المزّة، وجرت بين أهل المزّة وداريّا، وبين ابن بيهس [3] حروب ظهر فيها عليهم، فاستولى على دمشق، وأقام الدّعوة للمأمون. قاله في «العبر» [4] .

[1] في الأصل، والمطبوع:«بهيش» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي.

[2]

في الأصل، والمطبوع:«السيناني» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي.

[3]

في الأصل، والمطبوع:«ابن بهيش» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي.

[4]

(1/ 328) .

ص: 469