الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وعشرين ومائة
لما بلغ مروان بن محمّد بن مروان وفاة يزيد النّاقص، سار من إرمينية في جيوشه [1] يطلب الأمر لنفسه، فجهز إبراهيم الخليفة أخويه بشرا، ومسرورا في جيش كبير، فهزم جيشهما، وأسرهما، ثم حاربه سليمان بن هشام بن عبد الملك، فانهزم أيضا، فخرج إبراهيم للقائه، وكان مروان نزل بمرج دمشق، وبذل إبراهيم الأموال والخزائن، فخذله أصحابه، فخلع نفسه، وبايع هو والنّاس مروان.
وفي هذه الفتنة قتل يوسف بن عمر الثقفيّ في السّجن بدمشق، وكان سجنه يزيد بن الوليد مع الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد اللّذين يقال لهما: الجملان، فلما ولي إبراهيم بن الوليد، وغلبه مروان، خافت جماعة إبراهيم أن يدخل مروان دمشق فيخرجهما مع يوسف، فندبوا لقتلهم يزيد بن خالد بن عبد الله القسريّ، فقتلهم، وأدرك الثأر بأبيه، فجعل في رجلي يوسف حبلا وجرّره الولدان في الشوارع، ففعل يزيد بن خالد مثل ذلك في ذلك الموضع، نعوذ بالله من سخطه.
وقتل أيضا عبد العزيز بن الحجّاج بن عبد الملك.
[1] في الأصل: «في جيوش» وأثبت ما في المطبوع، وهو موافق لما في «العبر» للذهبي (1/ 164) .
وفيها توفي عبد الله بن دينار، مولى ابن عمر بالمدينة.
قال ابن ناصر الدّين: كان ثبتا، ثقة، متقنا.
والسيد الكبير الولي الشهير أبو يحيى مالك بن دينار البصريّ الزّاهد المشهور، كان مولى لبني أسامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، وكان يكتب المصاحف بالأجرة، أقام أربعين سنة لا يأكل من ثمار البصرة، ولا يأكل إلّا من عمل يده، ووقع حريق بها فخرج متّزرا بباريّة [1] ، وبيده مصحف، وقال: فاز المخفّون. وقيل له: ألا تستسقي لنا؟ فقال: أنتم تنتظرون الغيث، وأنا أنتظر الحجارة.
وقال له رجل: إن امرأتي حبلى منذ أربع سنين، وأصبحت اليوم في كرب عظيم، فادع الله لها، فقال: اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب، فجاء الرّجل على رقبته غلام، وقد استوت أسنانه وما قطع سراره.
وفيها توفي عمير بن هانئ العنسيّ- بالنون- الدّارانيّ [2] . روى عن معاوية في «الصحيحين» وعن أبي هريرة في «السنن» .
قال له عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر: أراك لا تفتر عن الذّكر، فكم تسبّح كل يوم؟ قال: مائة ألف تسبيحة، إلّا أن تخطئ الأصابع.
قلت: هذا صريح منه بأنه كان يعدّ التسبيح بأصابعه، ولكن أورد أبو بكر بن داود في «التحفة» أنّ أبا الدّرداء كان يسبّح كل يوم مائة ألف تسبيحة أيضا، ثم قال ما معناه: وهذا دليل أنه كان يستعمل السّبحة، إذ يبعد ويتعذّر أن يضبط مثل هذا العدد بغيرها، وجعله من جملة الأدلة على السّبحة، بعد
[1] أي بحصيرة منسوجة. (ع) .
[2]
نسبة إلى داريا، وهي من القرى الكبيرة في غرب دمشق. انظر «معجم البلدان» (2/ 431- 432) .
أن ذكر أيضا أن أبا هريرة كان يسبّح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة. وسلسل إليه حديثا بالسبحة [1] ، والله أعلم.
وفيها قاضي المدينة سعد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف الزّهريّ المدني.
قال شعبة: كان يصوم الدّهر، ويختم كل يوم [2] .
وعبد الكريم بن مالك الجزريّ الحرّانيّ [3] الحافظ كهلا.
قال في «المغني» [4] : ثقة مشهور توقّف فيه ابن حبّان.
وفيها وهب بن كيسان المدنيّ المؤدّب عن سنّ عالية.
وفيها، أو في سنة تسع، إسماعيل السّديّ الكوفيّ المفسر المشهور [5] .
وفيها، وقيل: سنة ثمان، توفي أبو إسحاق عمرو [6] بن عبد الله السّبيعي الكوفي شيخ الكوفة وعالمها، له نحو المائة. رأى عليا، وغزا الرّوم زمن معاوية.
[1] أقول: ليس ذلك دليلا على صحة الحديث المسلسل بالسبحة، كما أنه ليس دليلا على السبحة نفسها، والأولى التسبيح بالأصابع، لأنهن مستنطقات. (ع) .
[2]
أقول: ليس معنى ذلك أن هذا هو السنة، بل الأفضل أن يصوم يوما ويفطر يوما، وأن لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. (ع) .
[3]
نسبة إلى حرّان الجزيرة. انظر «الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (58) بتحقيقي، طبع دار ابن كثير.
[4]
(2/ 402) .
[5]
انظر «الأنساب» للسمعاني (7/ 62) بإشراف والدي الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله تعالى.
[6]
في الأصل: «عمر» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع، وهو الصواب. انظر «الأنساب» للسمعاني (7/ 36) .
قال في «المعارف» [1] : وهو من بطن من همدان يقال لهم: السّبيع قال شريك: ولد أبو إسحاق السّبيعي في سلطان عثمان لثلاث سنين بقين منه، ومات سنة سبع وعشرين ومائة وله خمس وتسعون سنة.
حدثنا [2] عبد الرّحمن، عن عمه، عن إسرائيل عن أبي إسحاق قال:
رفعني أبي حتّى رأيت علي بن أبي طالب يخطب [على المنبر][3] أبيض الرأس واللحية. انتهى.
وقال عنه ابن ناصر الدّين: كان أحد أئمة الإسلام والحفاظ المكثرين.
وروى عن زيد بن أرقم. انتهى.
[1] ص (451- 452) .
[2]
في «المعارف» لابن قتيبة: «حدثني» .
[3]
ما بين حاصرتين سقط من الأصل، والمطبوع، واستدركته من «المعارف» .