المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة خمس ومائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٢

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌سنة إحدى ومائة

- ‌سنة اثنتين ومائة

- ‌سنة ثلاث ومائة

- ‌سنة أربع ومائة

- ‌سنة خمس ومائة

- ‌سنة ست ومائة

- ‌سنة سبع ومائة

- ‌سنة ثمان ومائة

- ‌سنة تسع ومائة

- ‌سنة عشر ومائة

- ‌سنة إحدى عشرة ومائة

- ‌سنة اثنتي عشرة ومائة

- ‌سنة ثلاث عشرة ومائة

- ‌سنة أربع عشرة ومائة

- ‌سنة خمس عشرة ومائة

- ‌سنة ست عشرة ومائة

- ‌سنة سبع عشرة ومائة

- ‌سنة ثماني عشرة ومائة

- ‌سنة تسع عشرة ومائة

- ‌سنة عشرين ومائة

- ‌سنة إحدى وعشرين ومائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين ومائة

- ‌سنة أربع وعشرين ومائة

- ‌سنة خمس وعشرين ومائة

- ‌سنة ست وعشرين ومائة

- ‌سنة سبع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثمان وعشرين ومائة

- ‌سنة تسع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاثين ومائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين ومائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربع وثلاثين ومائة

- ‌سنة خمس وثلاثين ومائة

- ‌سنة ست وثلاثين ومائة

- ‌سنة سبع وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين ومائة

- ‌سنة تسع وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربعين ومائة

- ‌سنة إحدى وأربعين مائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين ومائة

- ‌سنة أربع وأربعين ومائة

- ‌سنة خمس وأربعين ومائة

- ‌سنة ست وأربعين ومائة

- ‌سنة سبع وأربعين ومائة

- ‌سنة ثمان وأربعين ومائة

- ‌سنة تسع وأربعين ومائة

- ‌سنة خمسين ومائة

- ‌سنة إحدى وخمسين ومائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين ومائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين ومائة

- ‌سنة أربع وخمسين ومائة

- ‌سنة خمس وخمسين ومائة

- ‌سنة ست وخمسين ومائة

- ‌سنة سبع وخمسين ومائة

- ‌سنة ثمان وخمسين ومائة

- ‌سنة تسع وخمسين ومائة

- ‌سنة ستين ومائة

- ‌سنة إحدى وستين ومائة

- ‌سنة اثنتين وستين ومائة

- ‌سنة ثلاث وستين ومائة

- ‌سنة أربع وستين ومائة

- ‌سنة خمس وستين ومائة

- ‌سنة ست وستين ومائة

- ‌سنة سبع وستين ومائة

- ‌سنة ثمان وستين ومائة

- ‌سنة تسع وستين ومائة

- ‌سنة سبعين ومائة

- ‌سنة إحدى وسبعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين ومائة

- ‌سنة أربع وسبعين ومائة

- ‌سنة خمس وسبعين ومائة

- ‌سنة ست وسبعين ومائة

- ‌سنة سبع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمان وسبعين ومائة

- ‌سنة تسع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمانين ومائة

- ‌سنة إحدى وثمانين ومائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين ومائة

- ‌سنة أربع وثمانين ومائة

- ‌سنة خمس وثمانين ومائة

- ‌سنة ست وثمانين ومائة

- ‌سنة سبع وثمانين ومائة

- ‌سنة ثمان وثمانين ومائة

- ‌سنة تسع وثمانين ومائة

- ‌سنة تسعين ومائة

- ‌سنة إحدى وتسعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين ومائة

- ‌سنة أربع وتسعين ومائة

- ‌سنة خمس وتسعين ومائة

- ‌سنة ست وتسعين ومائة

- ‌سنة سبع وتسعين ومائة

- ‌سنة ثمان وتسعين ومائة

- ‌سنة تسع وتسعين ومائة

- ‌سنة مائتين

الفصل: ‌سنة خمس ومائة

‌سنة خمس ومائة

فيها التقى في رمضان منها الجرّاح الحكميّ، وخاقان ملك التّرك، ودام الحرب أياما، ثم نصر الله دينه، وهزم الترك شرّ هزيمة. وكان المصّافّ بناحية إرمينية.

وفيها غزا الرّوم عثمان بن حيّان المرّي [1] الذي ولي المدينة للوليد بن عبد الملك. وكان ظالما يقول الشعر على المنبر في خطبته، وقد روى له مسلم.

وفيها توفي في شعبان منها الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان، وجدّه لأمّه يزيد بن معاوية، عاش أربعا وثلاثين سنة. وولي أربع سنين وشهرا، وكان أبيض جسيما متلفا للمال، أعطى حلّاقا حلق له رأسه أربعة آلاف درهم.

ووقع مثل ذلك ليزيد بن المهلّب، أو لعله اشتبه على بعض المؤرخين اسمهما.

قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: لما استخلف قال: سيروا سيرة عمر بن عبد العزيز، فأتوه بأربعين شيخا شهدوا له أنّ الخلفاء لا حساب

[1] في الأصل، والمطبوع، و «الكاشف» للذهبي (2/ 217)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر (2/ 8) :«المزني» بضم الميم بعدها زاي. وهو خطأ. وفي «العبر» للذهبي (1/ 128)، و «الخلاصة» للخزرجي ومعظم المراجع التي بين يدي:«المري» وهو الصواب.

ص: 28

عليهم ولا عذاب. فأقبل على الظلم وإتلاف المال والشراب، والانهماك على سماع الغناء، والخلوة بالقينات [1] .

وكان ممن استولى على عقله جارية يقال لها حبابة [2] ، وكانت تغنّيه، فلما كثر ذلك منه عزله أخوه مسلمة، وقال له: إنما مات عمر أمس، وكان من عدله ما قد علمت، فينبغي أن تظهر للنّاس العدل [3] ، وترفض هذا اللهو، فقد اقتدى بك عمّالك [4] في سائر أفعالك وسيرتك، فارتدع عما كان عليه، وأظهر الإقلاع والندم، وأقام على ذلك [مدّة][5] مديدة، فغلظ ذلك على حبابة، فبعث إلى الأحوص الشّاعر [6] ومعبد المغنّي [7] وقالت: انظرا ما أنتما

[1] في المطبوع: «بالقيات» وهو خطأ. والقينات: جمع قينة، وهي الأمة المغنية، وقيل: القينة: الأمة، مغنّية كانت أو غير مغنية. والقين: العبد، والجمع قيان. انظر «لسان العرب» (قين) .

[2]

انظر ترجمتها ومصادرها في «أعلام النساء» لكحالة (1/ 232- 235) .

[3]

في الأصل: «فينبغي أن تظهر للناس من العدل» وعبارة المطبوع التي أثبتها تتفق مع عبارة «مروج الذهب» للمسعودي (3/ 207) الذي ينقل عنه المؤلف.

[4]

في الأصل، والمطبوع:«فقد اقتدي بأعمالك» وما أثبته من «مروج الذهب» .

[5]

لفظة «مدة» التي بين حاصرتين سقطت من الأصل، واستدركتها من المطبوع، و «مروج الذهب» .

[6]

هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري، من بني ضبيعة: شاعر هجاء، صافي الديباجة، من طبقة جميل بن معمر، ونصيب، كان معاصرا لجرير، والفرزدق، وهو من سكان المدينة وفد على الوليد بن عبد الملك في الشام، فأكرمه ثم بلغه عنه ما ساءه من سيرته، فردّه إلى المدينة، وأمر بجلده، فجلد، ونفي إلى «دهلك» - وهي جزيرة بين اليمن والحبشة، كان بنو أمية ينفون إليها من يسخطون عليه- فبقي فيها إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز.

وأطلقه يزيد بن عبد الملك. فقدم الشام، فمات فيها. وكان حمّاد الرّاوية يقدمه في النسيب على شعراء زمنه. ولقب بالأحوص لضيق في مؤخر عينيه. مات سنة (105) هـ. عن «الأعلام» للزركلي (4/ 116) . وللتوسع انظر ترجمته في «شرح أبيات مغني اللبيب» للبغدادي (5/ 19- 20) طبع دار المأمون للتراث بدمشق، وفيه «الأحوص بن محمد بن عبد الله» ، وانظر «الأغاني» (4/ 224) ط دار الكتب.

[7]

هو معبد بن وهب، أبو عبّاد، المدني، نابغة الغناء العربي في العصر الأموي. كان مولى لبني مخزوم، نشأ في المدينة يرعى الغنم لمواليه، وربما اشتغل في التجارة. ولما ظهر

ص: 29

صانعان، فقال الأحوص في أبيات له:

ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا

فقد غلب المحزون أن يتجلّدا

إذا كنت ممنوعا [1] عن اللهو والصّبا

فكن حجرا من يابس الصّخر جلمدا [2]

فما العيش [3] إلّا ما تلذّ وتشتهي

وإن لام فيه ذو الشّنان وفنّدا [4]

وغنّاه معبد، فأخذته حبابة عنه، فلما دخل عليها يزيد قالت: يا أمير المؤمنين [اسمع منّي][5] صوتا واحدا ثم افعل ما بدا لك [6] وغنّته، فلما فرغت منه، جعل يردّد قولها:

فما العيش إلّا ما تلذّ وتشتهي

وإن لام فيه ذو الشّنان وفنّدا

وعاد بعد ذلك إلى لهوه وقصفه [7] ورفض ما كان عزم عليه.

وعن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: حدثني ابن سلام قال: ذكر يزيد قول الشّاعر:

صفحنا عن بني ذهل

وقلنا القوم إخوان

عسى الأيام أن يرجع

ن قوما كالّذي كانوا

نبوغه في الغناء، أقبل عليه كبراء المدينة. ثم رحل إلى الشام، فاتصل بأمرائها، وارتفع شأنه. وكان أديبا فصيحا. وعاش طويلا إلى أن انقطع صوته. ومات في سنة (126) هـ.

انظر «الأعلام» (7/ 264) .

[1]

في «الشعر والشعراء» ، و «طبقات فحول الشعراء» :«إذا كنت عزهاة عن اللهو والصّبا» .

قال ابن منظور في «لسان العرب» (عزه) : ورجل عزهاة وعزهاءة

عازف عن اللهو والنساء، لا يطرب للهو ويبعد عنه.

[2]

قال ابن منظور: الجلمد والجلمود: الصّخر، وفي «المحكم» الصخرة، وقيل: الجلمد والجلمود أصغر من الجندل. قدر ما يرمى بالقذّاف. «لسان العرب» (جلمد) .

[3]

في «الشعر والشعراء» : «وما العيش» ، وما في كتابنا موافق لما عند ابن سلّام في «الطبقات» .

[4]

الأبيات في «الشعر والشعراء» لابن قتيبة ص (331) ط ليدن، و «طبقات فحول الشعراء» (2/ 664) بتحقيق المحقق الكبير الأستاذ محمود محمد شاكر حفظه الله.

[5]

ما بين حاصرتين سقط من الأصل، والمطبوع، فاضطرب النص، وقد استدركت السقط من «مروج الذهب» للمسعودي (3/ 207) الذي ينقل عنه المؤلف رحمه الله.

[6]

في الأصل، والمطبوع:«وافعل ما بدا لك» ، وما أثبته من «مروج الذهب» .

[7]

القصف: اللهو واللّعب. انظر «مختار الصحاح» ص (538) .

ص: 30

فلما صرّح الشّرّ

فأضحى [1] وهو عريان

مشينا مشية اللّيث

غدا واللّيث غضبان

بضرب فيه توهين

وتخضيع وإقران

وطعن كفم الزّقّ

وهي والزّقّ ملآن

وفي الشّرّ نجاة حي

ن لا ينجيك إحسان

وهو شعر قديم يقال: إنه للفند الزّمّاني [2] في حرب البسوس [3] فقال لحبابة: غنّيني به بحياتي، فقالت: يا أمير المؤمنين، هذا شعر لا أعرف أحدا يغنّي به إلّا الأحول المكّي [4] فقال: نعم قد كنت سمعت ابن عائشة [5] يعمل فيه ويترك، قالت: إنما أخذه عن فلان ابن أبي لهب، وكان حسن الأداء، فوجه يزيد إلى صاحب مكّة: إذا أتاك كتابي هذا، فادفع إليّ فلان ابن أبي لهب ألف دينار لنفقة طريقه على ما شاء من دواب البريد، ففعل، فلما قدم عليه،

[1] في «مروج الذهب» : «فأمسى» والأبيات فيه (3/ 208) .

[2]

هو شهل بن شيبان بن ربيعة بن زمان الحنفي، وشهل بالشين، وليس في العرب شهل بالمعجمة إلّا هو. انظر «شرح أبيات مغني اللبيب» للبغدادي (8/ 19- 20) .

[3]

البسوس: امرأة من العرب هاجت بسببها الحرب أربعين سنة بين العرب، فضرب بها المثل في الشّؤم، فقالوا: أشأم من البسوس، وبها سميت حرب البسوس. «مختار الصحاح» ص (52) . وانظر «الأعلام» للزركلي (3/ 51) .

[4]

لعله يعلى بن مسلم بن أبي قيس اليشكري الأزدي. الأحول، شاعر أموي، اشتهر بقصيدة قالها في مكة أولها:

ألا ليت حاجاتي اللواتي حبسنني

لدى نافع قضين منذ زمان

واختلف الرّواة في خبره. انظر «الأعلام» للزركلي- طيب الله ثراه- (8/ 204- 205) .

[5]

هو محمد بن عائشة، أبو جعفر، موسيقار من المقدمين في صناعة الغناء، ووضع الألحان في العصر الأموي، يرتجل ذلك ارتجالا. وهو من أهل المدينة، ينسب إلى أمه. وكانت مولاة لأحد بني كندة، ويضرب المثل في ابتدائه بالغناء، حتى قيل للابتداء الحسن كائنا ما كان، من قراءة قرآن، أو إنشاء شعر، أو غناء: كأنه ابتداء ابن عائشة. مات سنة (100) هـ. انظر «الأعلام» للزركلي (6/ 179) .

ص: 31

قال: غنّني بشعر الفند الزّمّاني، فغنّاه، فأجاد، وأحسن، وأطرب، فقال:

أعده، فأعاده، فأجاد، وأطرب يزيد، فقال له: عمّن أخذت هذا الغناء؟ قال:

أخذته عن أبي، وأخذه أبي عن أبيه، قال: لو لم ترث إلّا هذا الصّوت لكان أبو لهب- رضي الله عنه! - ورّثكم خيرا كثيرا [1]، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أبا لهب مات كافرا مؤذيا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: قد أعلم ما تقول، ولكني داخلني عليه رقة إذ كان يجيد الغناء، ووصله، وكساه، ورده إلى بلده مكرّما.

وبالجملة فأخباره من هذا القبيل كثيرة [2] فلنحبس عنان القلم عن ذلك سامحه الله تعالى.

وفيها، أو في التي قبلها أو بعدها، مات عكرمة مولى ابن عبّاس، أحد فقهاء مكّة، من التابعين الأعلام، أصله من البربر. وهب لابن عبّاس، فاجتهد في تعليمه، ورحل إلى مصر وخراسان، واليمن، وأصبهان، والمغرب، وغيرها، وكانت الأمراء تكرمه، وأذن له مولاه بالفتوى.

وقيل لسعيد بن جبير: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ فقال [3] : عكرمة.

ولما مات مولاه باعه ابنه عليّ من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فقال له عكرمة: بعت علم أبيك بأربعة آلاف [دينار!][4] ، فاستقاله فأقاله ثم أعتقه.

قيل: مات هو وكثيّر عزّة في يوم واحد وصلّي عليهما جميعا، فقيل:

مات أفقه النّاس وأشعر النّاس.

قال ابن قتيبة [5] : كان عكرمة يكنى أبا عبد الله.

[1] أقول: بل ورّثهم شرا كثيرا. (ع) .

[2]

في الأصل «كثير» ، وأثبت ما في المطبوع.

[3]

في الأصل: «قال» وأثبت ما في المطبوع.

[4]

زيادة من «وفيات الأعيان» الذي ينقل المؤلف عنه.

[5]

في «المعارف» ص (455- 457) .

ص: 32

وروى جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث قال:

دخلت على عليّ بن عبد الله بن عبّاس، وعكرمة موثوق على باب كنيف [1]، فقلت: أتفعلون هذا بمولاكم؟ فقال: إن هذا يكذب على أبي.

وقال ابن الخلّال: سمعت يزيد بن هارون يقول: قدم عكرمة البصرة، فأتاه أيّوب، وسليمان التيمي، ويونس، فبينما هو يحدثهم، إذ سمع صوت غناء، فقال عكرمة: اسكتوا، فسمع [2] ثم قال:- قاتله الله- لقد أجاد، أو قال:

ما أجود ما غنى، فأما سليمان، ويونس فلم يعودا إليه، وعاد [إليه][3] أيوب.

قال يزيد: وقد أحسن أيوب.

ثم قال ابن قتيبة: وكان عكرمة يرى رأي الخوارج.

وطلبه بعض الولاة فتغيب عند داود بن الحصين حتى مات عنده. ومات سنة خمس ومائة، وقد بلغ ثمانين سنة. انتهى.

وقال ابن ناصر الدّين: احتج أحمد، ويحيى، والبخاريّ، والجمهور بما روى، وأعرض عنه مالك لمذهبه، وما كان يرى.

قال طاووس: لو ترك من حديثه واتّقى الله لشدّت إليه الرّحال. انتهى.

وفيها على الأصح أبو رجاء العطارديّ بالبصرة عن مائة وعشرين سنة، وكان أسلم في حياة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم وأخذ عن عمر، وطائفة.

[1] قال ابن منظور: كنف الدار يكنفها كنفا: اتخذ لها كنيفا. والكنيف: الخلاء، وكله راجع إلى السّتر، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كنيفا، واشتقاق اسم الكنيف كأنه كنف في أستر النواحي. «لسان العرب» (كنف) .

[2]

في «المعارف» : «فنسمع» .

[3]

لفظة «إليه» سقطت من الأصل، والمطبوع، وأثبتها من «المعارف» لابن قتيبة.

ص: 33

قال ابن قتيبة [1] : اسمه عمران بن تيم [2]، ويقال: عطارد بن برد [3] .

ولد قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة، وهو من ولد عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ويقال: إنه مولى لهم.

وقال أبو رجاء: لما بلغني أنّ النّبيّ- صلى الله عليه وسلم أخذ في القتل هربنا فأصبنا شلو أرنب دفينا، فاستثرناه وقعدنا [4] عليه، وألقينا من بقول الأرض، فلا أنسى تلك الأكلة.

حدّثني [5] أبو حاتم، عن الأصمعيّ قال: حدّثنا رزين [6] العطارديّ قال: أتت أبا رجاء امرأة في جوف الليل، فقالت: يا أبا رجاء، إن لطارق الليل حقا، وإن [7] بني فلان خرجوا إلى سفوان [8] وتركوا شيئا من متاعهم، فانتعل [9] وأخذ الكتب فأداها [10] وصلّى بنا الفجر، وهي مسيرة ليلة للإبل. انتهى.

[1] في «المعارف» ص (427) .

[2]

في الأصل، والمطبوع:«عمران بن تميم» وهو خطأ، والتصحيح من «المعارف» لابن قتيبة، و «اللباب» لابن الأثير (2/ 346)، واسمه في معظم المراجع الأخرى التي بين يدي:

«عمران بن ملحان» .

[3]

في «المعارف» ط د. عكاشة: «عطارد بن برذا» ، وفي ط. الصاوي ص (189) :«عطارد بن برز» .

[4]

في «المعارف» ط د. عكاشة: «وفصدنا» ، وفي ط. الصاوي:«وقصرنا» .

[5]

القائل ابن قتيبة في «المعارف» ص (428) .

[6]

كذا في الأصل: «رزين» ، وفي «المعارف» ط الصاوي ص (189) :«ذريك» ، وفي «المعارف» ط د. ثروة عكاشة:«أبو الأشهب» وقال محققه: في الحاشية: وفي نسخ أخرى:

«زريك» .

[7]

سقطت ألف «إن» في الأصل، والمطبوع، واستدركتها مع الواو من «المعارف» لابن قتيبة.

[8]

سفوان: واد من ناحية بدر. انظر «معجم ما استعجم» للبكري (2/ 740) ، و «معجم البلدان» لياقوت (3/ 225) .

[9]

في الأصل، والمطبوع:«فانتقل» والتصحيح من «المعارف» .

[10]

في الأصل، والمطبوع:«فأواها» والتصحيح من «المعارف» بطبعتيه.

ص: 34

وعدّه ابن ناصر الدّين وغيره من المخضرمين، وقال: عاش مائة وعشرين سنة.

وفيها الأخوان عبيد الله، وعبد الله، ابنا عبد الله بن عمر بن الخطّاب، وكان عبد الله وصيّ أبيه، وروايتهما قليلة.

والمسيّب بن رافع الكوفي، سمع البراء، وجماعة.

وعمارة بن خزيمة بن ثابت. روى عن أبيه ذي الشّهادتين [1] وجماعة يسيرة، وهو مدنيّ.

وسليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، روى عن أبيه، وعائشة، وغيرهما.

وأبان بن عثمان بن عفّان الأمويّ الفقيه، روى عن أبيه.

قال ابن سعد [2] : كان به صمم [شديد][3] ووضح كثير، وأصابه الفالج قبل موته بسنة.

قال ابن قتيبة [4] : أبان بن عثمان شهد الجمل مع عائشة، وكان الثاني من المنهزمين، وكانت أمه بنت جندب [5] بن عمرو بن حممة الدّوسي، وكانت حمقاء. تجعل الخنفساء في فمها وتقول: حاجيتك ما في فمي؟ وهي أمّ عمرو بن عثمان أيضا.

[1] هو خزيمة بن ثابت الأنصاري، مات في زمن عثمان. انظر «الإصابة» لابن حجر (5/ 95) .

[2]

في «الطبقات» (5/ 152- 153) .

[3]

زيادة من «طبقات ابن سعد» ، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي (2/ 18) ط مؤسسة الرسالة.

[4]

في «المعارف» ص (201) .

[5]

في الأصل، والمطبوع:«حنيدب» وهو خطأ، والتصحيح من «المعارف» لابن قتيبة، و «أسد الغابة» لابن الأثير (1/ 361) ، و «تهذيب الكمال» للمزي (2/ 16) ط مؤسسة الرسالة، و «تهذيب التهذيب» (1/ 97) .

ص: 35

وكان أبان أبرص، أحول، يلقب: بقيعا [1] . وكانت عنده أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، خلف عليها بعد الحجّاج.

وعقبه كثير، منهم: عبد الرّحمن بن أبان [و] كان [عابدا] مجتهدا [2] يحمل عنه الحديث. انتهى.

وفيها توفي أبو صخر كثيّر بن عبد الرّحمن صاحب عزّة، وإنما صغّر لشدة قصره، وكان يحمق، وهو من غلاة الشيعة الموقنين بالرّجعة [3] وكان بمصر، وعزّة بالمدينة، فسافر ليجتمع بها، فلقيها في الطريق متوجهة إلى مصر، وجرى بينهما كلام طويل، ثم تمت في سفرها إلى مصر، وتأخر كثيّر بعدها مدّة ثم عاد إلى مصر، فجاء والنّاس منصرفون من جنازتها.

وروي أن عزّة دخلت على أمّ البنين ابنة عبد العزيز أخت عمر بن عبد العزيز، وزوجة الوليد بن عبد الملك، فقالت لها: رأيت قول كثيّر:

قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه [4]

وعزّة ممطول معنّى غريمها [5]

[فقالت] : ما هذا الدّين؟ قالت [6] : وعدته قبلة فتحرّجت [7] منها، فقالت

[1] في الأصل، والمطبوع:«بقنعة» ، وهو تحريف، والتصحيح من «المعارف» لابن قتيبة ص (201) ط د. ثروة عكاشة، وهو كذلك في «المعارف» ص (86) ط الصّاوي.

[2]

ما بين حاصرتين زيادة من «المعارف» ط د. ثروة عكاشة، وط الصاوي، ولفظة «مجتهدا» سقطت من «المعارف» ط د. ثروة عكاشة، فتستدرك فيه.

[3]

أي رجعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الدّنيا، وذلك باطل لا حجة له في الشريعة الإسلامية. وانظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (5/ 152- 153) والتعليق عليه للأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله تعالى.

[4]

رواية البيت في «تاريخ دمشق» لابن عسكر (تراجم النساء) ص (481) : «قضى كل ذي دين علمت غريمه» .

[5]

البيت في «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني (9/ 25) ط دار الكتب، و «وفيات الأعيان» (4/ 109) .

[6]

في الأصل، والمطبوع:«فقالت» ، وأثبت ما في «وفيات الأعيان» لابن خلكان (4/ 108) الذي ينقل المؤلف رحمه الله عنه.

[7]

في «وفيات الأعيان» : «فحرجت» وما في كتابنا موافق لما في «تاريخ دمشق» لابن عساكر.

ص: 36

أمّ البنين: أنجزيها وعليّ إثمها، فقيل: إنّ أمّ البنين أعتقت عن ذلك رقابا [1] .

ويقال: إنه لما سمحت له بالقبلة، قبّلها في فمها، وقذف من فمه إلى فمها بلؤلؤة ثمينة [2] ، وكان لكثيّر غلام عطار بالمدينة، فباع من عزّة ونسوة معها نسيئة، ثم علم أنها عزّة فأبرأها، فعلم كثيّر، فأعتقه ووهبه العطر الذي عنده.

وحكي أن عبد الملك حين أراد الخروج لقتال مصعب بن الزّبير، عرضت له زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية، فلم يقبل منها، فبكت وبكى حشمها، فقال عبد الملك: قاتل الله كثيّرا كأنه رأى موقفنا هذا بقوله:

إذا ما أراد الغزو لم يثن عزمه

حصان عليها نظم درّ يزينها [3]

نهته فلمّا لم تر النّهي [4] عاقه

بكت فبكى مما شجاها قطينها [5]

والقطين: الخدم [6] .

وذكر أن كثيّرا كان يهوى كل حسن، إما لشبهة بعزّة، أو استقلالا، ولهذا يقال: فلان كثيّريّ المحبّة، أي يحب كلّ من يعرض له لا يتقيد بمحبوب معين، بخلاف العامري.

[1] في «تاريخ دمشق» : «سبعين رقبة» ، وفي «وفيات الأعيان» :«أربعين رقبة» .

[2]

قوله: «ويقال: إنه لما سمحت له بالقبلة، قبلها في فمها، وقذف من فمه إلى فمها بلؤلؤة ثمينة» لم يرد في «وفيات الأعيان» بتحقيق الأستاذ الدكتور إحسان عبّاس، ولعلّ ابن العماد نقل هذا الكلام من نسخة أخرى من «وفيات الأعيان» لم يقف عليها الدكتور عبّاس، أو أنه نقله من مصدر آخر.

[3]

رواية البيت في «الأغاني» :

إذا ما أراد الغرو لم تثن همّه

حصان عليها عقد درّ يزينها

[4]

في الأصل، والمطبوع:«لم ير النهي» وهو تحريف والتصحيح من «الأغاني» و «وفيات الأعيان» .

[5]

البيتان في «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني (9/ 21) ، و «وفيات الأعيان» (4/ 108) .

[6]

قال ابن منظور: القطين: الخدم والأتباع والحشم، وفي «التهذيب» : الحشم الأحرار.

والقطين المماليك. والقطين: الإماء. «لسان العرب» (قطن) .

ص: 37

ذكر أن عزّة تبدّلت في غير زيّها وتعرّضت لكثيّر، فراودها غير عالم بها، فقالت: اذهب إلى محبوبتك عزّة، فقال: ومن عزّة حتى تقاس بك؟ فسفرت عن وجهها وشتمته، فأطرق حياء ولم يذكرها إلى سنة، ثم بعد السنة أنشد تائيته الطنّانة التي سارت بها الرّكبان، التي مطلعها:

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلّت [1] .

[1] البيت في «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني (9/ 30) .

ص: 38