الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وتسعين ومائة
لما تيقّن المأمون أن الأمين خلعه تسمّى بإمام المؤمنين، وكوتب بذلك، وجهّز الأمين عليّ بن عيسى بن ماهان في جيش عظيم أنفق عليهم أموالا لا تحصى، وأخذ عليّ معه [1] قيد فضّة ليقيّد به المأمون بزعمه. فبلغ إلى الرّيّ، وأقبل طاهر بن الحسين الخزاعيّ في نحو أربعة آلاف، فأشرف على جيش ابن ماهان وهم يلبسون السلاح، وقد امتلأت الصحراء بهم [2] بياضا وصفرة في العدد المذهّبة. فقال طاهر: هذا ما لا قبل لنا به، ولكن اجعلوها خارجية، واقصدوا القلب [3] ، ثم قبل ذلك ذكّروا ابن ماهان الأيمان التي في عنقه للمأمون، فلم يلتفت، وبرز فارس من جند ابن ماهان فحمل عليه طاهر بن الحسين فقتله، وشدّ داود سياه [4] على علي بن عيسى بن ماهان فطعنه وصرعه، وهو لا يعرفه، ثم ذبحه بالسيف، فانهزم جيشه، فحمل
[1] في الأصل: «معه عليّ» ، وأثبت ما في المطبوع.
[2]
في «العبر» : «بهم الصحراء» .
[3]
في الأصل: «اقصدوا الكلب» وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «العبر» للذهبي (1/ 316) .
[4]
في الأصل: «داود شياه» ، وفي المطبوع، و «العبر» للذهبي «داود شباه» . والتصحيح من «تاريخ الطبري» (8/ 393) ، و «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (6/ 244 و 457) .
رأسه [1] على رمح، وأعتق طاهر مماليكه شكرا لله، وشرع أمر الأمين في سفال، وملكه في زوال.
قيل: إنه لما بلغه قتل ابن ماهان وهزيمة جيشه كان يتصيّد سمكا، فقال لليزيديّ [2] : ويلك دعني كوثر [قد][3] صاد سمكتين وأنا ما صدت شيئا بعد، وندم في الباطن على خلع أخيه، وطمع فيه أمراؤه، ولقد فرّق عليهم أموالا لا تحصى حتّى فرّغ الخزائن وما نفعوه، وجهّز جيشا فالتقاهم طاهر أيضا بهمذان [4] فقتل في المصافّ خلق كثير من الفريقين، وانتصر طاهر بعد وقعتين أو ثلاث.
وقتل مقدّم جيش الأمين عبد الرّحمن الأساوي أحد الفرسان المذكورين بعد أن قتل جماعة، وزحف طاهر حتّى نزل بحلوان [5] .
وفيها ظهر بدمشق أبو العميطر السفيانيّ، فبايعوه بالخلافة، واسمه علي بن عبد الله بن خالد بن الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فطرد عاملها الأمير سليمان بن المنصور، فسيّر إليه الأمين عسكرا لحربه، فنزلوا الرّقّة ولم يقدموا عليه. قاله في «العبر» [6] .
وفيها توفي إسحاق بن يوسف الأزرق محدّث واسط.
روى عن
[1] في «العبر» للذهبي «وحمل رأسه» .
[2]
في «العبر» : «للبريدي» .
[3]
لفظة «قد» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع، و «العبر» للذهبي.
[4]
في «العبر» : «بهمدان» وهو خطأ، فهمدان قبيلة من قبائل العرب، وهمذان بلد من بلدان فارس. انظر «اللباب في تهذيب الأنساب» لابن الأثير (3/ 391) ، و «معجم البلدان» (5/ 410) .
[5]
قال ياقوت: حلوان: بليدة بقوهستان نيسابور، وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.
انظر «معجم البلدان» (2/ 294) .
[6]
(1/ 317- 318) .
الأعمش وطبقته، وكان حافظا، عابدا، يقال: إنه بقي عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء.
قال ابن ناصر الدّين: إسحاق بن يوسف بن مرداس القرشيّ الواسطيّ أبو محمّد، حدّث عنه خلق، منهم: أحمد، وابن معين. كان من الحفّاظ النّقّاد، والصلحاء العبّاد. انتهى.
وفيها بشر بن السّريّ البصريّ الأفوه نزيل مكّة. كان فصيحا بالمواعظ مفوّها ذا صلاح.
وقال أحمد: كان متقنا للحديث عجبا. روى عن مسعر، والثّوري، وطبقتهما.
قال في «المغني» [1] : بشر بن السّريّ أبو عمرو الأفوه، وثّقه ابن معين وغيره، وأما الحميديّ أبو بكر فقال: كان جهميا لا يحلّ أن يكتب عنه.
وقال ابن عديّ: يقع في حديثه منكر، وهو في نفسه لا بأس به.
قلت [2] : رجع عن التجهّم. انتهى.
وفيها أبو معاوية الضّرير محمد بن معاوية الكوفيّ الحافظ، ولد سنة ثلاث عشرة ومائة، ولزم الأعمش عشر سنين.
قال أبو نعيم: سمعت الأعمش يقول لأبي معاوية: أمّا أنت فقد ربطت رأس كيسك.
وكان شعبة إذا توقّف في حديث الأعمش راجع أبا معاوية وسأله عنه.
وقال ابن ناصر الدّين: أبو معاوية محمد بن خازم الضّرير التّيميّ السعديّ، كان حافظا، ثبتا، محدّث الكوفة، وكان من الثقات وربما دلّس،
وكان يرى الإرجاء، فيقال: إن وكيعا لم يحضر جنازته لذلك. انتهى.
وفيها عبد الرّحمن بن محمّد المحاربيّ الحافظ. روى عن عبد الملك بن عمير وخلق.
قال وكيع: ما كان أحفظه للطّوال. توفي بالكوفة.
وفيها، أو في التي مضت، عثّام بن علي الكوفيّ. روى عن هشام بن عروة [1] ، والأعمش.
وفيها، أو في الماضية، محمد بن فضيل بن غزوان الضّبيّ، مولاهم، الكوفيّ، الحافظ. روى عن حصين بن عبد الرّحمن، وطبقته.
قال في «المغني» [2] : ثقة، مشهور، لكنه شيعي.
قال ابن سعد: بعضهم لا يحتجّ به. انتهى.
وفيها محدّث الشّام أبو العبّاس الوليد بن مسلم الدّمشقيّ، وله ثلاث وسبعون سنة. توفي بذي المروة راجعا من الحج في المحرم. روى عن يحيى الذّماري، ويزيد ابن أبي مريم، وخلائق. وصنّف التصانيف.
قال ابن جوصاء: لم نزل نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد صلح أن يلي القضاء، وهي سبعون كتابا.
وقال أبو مسهر: كان مدلّسا ربما دلّس عن الكذّابين.
وقال ابن ناصر الدّين: الوليد بن مسلم الدّمشقيّ أبو العبّاس الأمويّ، مولاهم، كان إماما، حافظا، عالم الدّمشقيين، لكنه فيما ذكره أبو مسهر وغيره
[1] في الأصل، والمطبوع:«عروة بن هشام» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 319) وانظر «تهذيب الكمال» للمزي (2/ 905) مصوّرة دار المأمون للتراث بدمشق.
[2]
(2/ 625) .
كان مدلّسا وربما دلّس عن الكذّابين، وهو واسع العلم، صدوق من الأثبات. انتهى.
وفيها يحيى بن سليم الطائفيّ الحذّاء بمكّة، وكان ثقة صاحب حديث. روى عن عبد الله بن عثمان بن خثيم [1] وطبقته.
قال الخليل [2] في «الإرشاد» : أخطأ يحيى في أحاديث، ثم ذكر حديث ابن عمران، أن النّبيّ- صلى الله عليه وسلم قال:«من مرّ بحائط فليأكل منه ولا يتخذ خبنة [3] » [4] . قال الخليل: لم يسنده عن النّبيّ- صلى الله عليه وسلم والباقون عن ابن عمر، عن عمر.
[1] في الأصل، والمطبوع:«عبد الله بن عثمان بن خيثم» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 320) ، وانظر «تقريب التهذيب» لابن حجر (1/ 432) .
[2]
هو خليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني، أبو يعلى الخليلي، المتوفى سنة (446) واسم كتابه الذي أشار إليه المؤلف «الإرشاد في معرفة المحدّثين» أو «الإرشاد في علماء البلاد» وهو مخطوط لم يطبع بعد. وسوف ترد ترجمته في المجلد الخامس من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
[3]
قال ابن الأثير: الخبنة معطف الإزار وطرف الثوب، أي لا يأخذ منه في ثوبه. «النهاية» (2/ 9) .
[4]
رواه الترمذي رقم (1287) في البيوع: باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمرة للمارّ بها.
أقول: وفي سنده يحيى بن سليم الطائفي، وهو صدوق سيء الحفظ، ولذلك قال الترمذي:
هذا حديث غريب لا نعرفه من هذا الوجه إلا من حديث يحيى بن سليم، قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمر، وعبّاد بن شرحبيل، ورافع بن عمرو، وعمير مولى آبي اللحم، وأبي هريرة. أقول: وله شاهد عند الترمذي رقم (1289) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدّه، وإسناده حسن. قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» : قال البيهقي: لم يصحّ، يعني حديث ابن عمر، وجاء من أوجه أخر غير قوية. قال الحافظ ابن حجر: والحق أن مجموعها لا يقصر عن درجة الصحيح، وقد احتجّوا في كثير من الأحكام بما هو دونها. قال الترمذي: وقد رخص فيه بعض أهل العلم لابن السبيل في أكل الثمار، وكرهه بعضهم إلا بالثمن، وانظر «تحفة الأحوذي» (4/ 510)، ولفظه عند الترمذي: «من دخل حائطا
…
الحديث» .
وقال في «المغني» [1] : يحيى بن سليم الطائفي، مشهور، وثّقه ابن معين، وقال النّسائيّ: ليس بالقويّ.
وقال أحمد: رأيته يخلط في الأحاديث فتركته. انتهى.
وقال ابن ناصر الدّين: روى عنه الشّافعيّ، وكان يعدّه [2] من الأبدال، وفي بعض أحاديثه مقال. انتهى.
[1](2/ 737) .
[2]
في الأصل: «وكان يعدوه» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع.