الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث عشرة وأربعمائة
فيها تقدم بعض الباطنيّة من المصريين، فضرب الحجر الأسود بدبوس ثلاث مرات، وقال: إلى متى يعبد [هذا] الحجر، ولا محمد ولا علي، أفيمنعني محمد مما أفعله، فإني اليوم أهدم [أكثر] هذه البيت، فاتقاه أكثر الحاضرين، وكاد [أن] يفلت، وكان أحمر أشقر جسيما طويلا، وكان على باب المسجد عشرة فوارس ينصرونه، فاحتسب رجل فوجأه [1] بخنجر، ثم تكاثورا عليه، فهلك وأحرق، وقتل جماعة ممّن اتّهم بمعاونته، واختبط الوفد، ومال الناس على ركب المصريين بالنهب، وتخشّن وجه الحجر، وتساقط منه شظايا يسيرة، وتشقق، وظهر مكسورة [2] أسمر يضرب إلى صفرة محببا مثل حبّ الخشخاش، فعجن الفتات بالمسك واللّك [3] وحشيت الشقوق وطليت، فهو يبين لمن تأمله.
وفيها توفي بشيراز، سلطان الدولة أبو شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة الدّيلمي [4] ، صاحب العراق وفارس، ولّي السلطنة بعد
[1] جاء في «لسان العرب» (وجأ) : الوجء: اللّكز، وجأه باليد والسّكّين: ضربه.
[2]
في «العبر» : «مكسرة» .
[3]
اللّكّ: بالفتح شيء أحمر يصبغ به. انظر «مختار الصحاح» (لكك) .
[4]
انظر «العبر» (3/ 113) .
أبيه وهو صبي، وأرسل إليه القادر بالله خلع الملك إلى شيراز، وقد قدم بغداد في وسط سلطنته [ورجع] ، وكانت دولته ضعيفة متماسكة، وعاش اثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر.
وفيها أبو القاسم صدقة بن محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم بن الدّلم القرشي الدّمشقي [1] ، الثقة الأمين، محدّث دمشق ومسندها. روى عن أبي سعيد بن الأعرابي، وأبي الطيب بن عبادل، وطائفة، ومات في جمادى الآخرة.
وفيها أبو المطرّف القنازعي [2] الفقيه، عبد الرحمن بن مروان القرطبيّ المالكيّ. ولد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وسمع من أبي عيسى اللّيثي وطبقته، وقرأ القراءات على جماعة، منهم، علي بن محمد الأنطاكي، ورحل فأكثر عن الحسن بن رشيق، وعن أبي محمد بن أبي زيد، ورجع، فأقبل على الزهد، والانقباض، ونشر العلم، والإقراء، والعبادة، والأوراد، والمطالعة، والتصنيف، فشرح «الموطأ» وصنّف كتابا في الشروط، وكان أقرأ من بقي بالأندلس.
وفيها أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر بن خواستي [3] ، أبو القاسم الفارسي ثم البغدادي، المقرئ المحدّث، مسند أهل الأندلس في زمانه.
ولد سنة عشرين وثلاثمائة، وسمع من إسماعيل الصّفّار، وابن داسة، وطبقتهما، وقرأ بالروايات على أبي بكر النقّاش، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وكان تاجرا، توفي في ربيع الأول، وقد أكثر عنه أبو عمرو الدّاني.
[1] انظر «العبر» (3/ 114) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 266- 267) .
[2]
انظر «العبر» (3/ 114) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 342- 343) .
[3]
في «آ» و «ط» : «خواشتي» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» (3/ 114) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 351) .
وفيها علي بن هلال أبو الحسن بن البوّاب [1] صاحب الخط المنسوب، كتب على محمد بن أسد، وأخذ العربية عن ابن جنّي، وكان في شبيبته مزوّقا دهانا في السقوف، ثم صار يذهّب الختم وغيرها، فبرع في ذلك، ثم عني بالكتابة، ففاق فيها الأوائل والأواخر، ووعظ وعبّر الرؤيا، وقال النّظم والنثر، ونادم فخر الملك أبا غالب الوزير، ولم يعرف الناس قدر خطّه إلا بعد موته، لأنه كتب ورقة إلى كبير يشفع فيها في مساعدة إنسان بشيء لا يساوي دينارين، وقد بسط القول فيها، فلما كان بعد موته بمدة، بيعت تلك الورقة بسبعة عشر دينارا.
قال الخطيب [2] : كان رجلا ديّنا لا أعلمه روى شيئا.
وقال ابن خيرون: كان من أهل السّنّة، توفي في جمادى الأولى، ودفن [إلى] جوار الإمام أحمد بن حنبل.
ورثاه بعضهم بقوله:
استشعر الكتّاب فقدك سالفا
…
وقضت بصحّة ذلك الأيام
فلذاك سوّدت الدّويّ كآبة
…
أسفا عليك وشقّت الأقلام [3]
وفيها أبو الفضل الجارودي محمد بن أحمد بن محمد الهروي [4] الحافظ، في شوال، روى عن حامد الرّفّاء، والطبراني، وطبقتهم، وكان شيخ الإسلام [5] إذا روى عنه قال: حدّثنا إمام أهل المشرق الجارودي.
[1] انظر «العبر» (3/ 115) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 315- 320) .
[2]
ساق هذا النقل الذهبي في «سير أعلام النبلاء» و «العبر» ونقله عنه المؤلف، ولم أر للمترجم ترجمة في «تاريخ بغداد» .
[3]
البيتان في سياق ترجمته في «وفيات الأعيان» (3/ 342- 344) .
[4]
انظر «العبر» (3/ 116) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 384- 386) .
[5]
يعني عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي، المتوفي سنة (481) هـ-، وهو ممّن أخذ عنه، وكان يلقب بشيخ الإسلام.
وقال أبو النضر الفامي: كان عديم النظير في العلوم، خصوصا في علم الحفظ والتحديث، وفي التقلّل من الدّنيا، والاكتفاء بالقوت، وحيدا في الورع. قال في «العبر» .
وفيها المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النّعمان البغدادي الكرخي، ويعرف أيضا بابن المعلّم [1] ، عالم الشيعة، وإمام الرافضة، وصاحب التصانيف الكثيرة.
قال ابن أبي طيّ في «تاريخ الإمامية» : هو شيخ مشايخ الطائفة [2] ، ولسان الإمامية، رئيس الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة، مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية. قال: وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، حسن اللباس.
وقال غيره: كذا عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد، وكان شيخا ربعة، نحيفا، أسمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنف، كانت جنازته مشهودة [3] شيّعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة [4] ، وأراح الله منه، وكان موته في رمضان، رحمه الله. قاله في «العبر» .
[1] انظر «العبر» (3/ 116- 117) و «ميزان الاعتدال» (4/ 26 و 30) و «الأعلام» (7/ 20) .
[2]
في «ط» «الصوفية» .
[3]
في «آ» و «ط» : «مشهورة» وما أثبتناه من «العبر» .
[4]
في «العبر» : «من الرافضة والشيعة والخوارج» . (ع) .