الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة
فيها توفي أبو نصر الكسّار القاضي، أحمد بن الحسين الدّينوري.
سمع «سنن النسائي» من ابن السّني، وحدّث بن في شوال من السنة.
وفيها أبو الحسين بن فاذشاه، الرئيس أحمد بن محمد بن الحسين الأصبهاني الثاني. راوي «المعجم الكبير» عن الطبراني، توفي في صفر، وقد رمي بالتشيّع والاعتزال.
وفيها أبو عثمان القرشي، سعيد بن العبّاس الهروي المزكّي الرئيس، في المحرم، وله أربع وثمانون سنة. روى عن حامد الرفّاء، وأبي الفضل بن خميرويه [1] ، وطائفة، وتفرد بالرواية عن الجماعة.
وفيها أبو سعيد النّصرويي [2] عبد الرحمن بن حمدان النيسابوري، مسند وقته، وراوي «مسند» إسحاق بن راهويه عن السّمّذي. روى عن ابن نجيد، وأبي بكر القطيعي، وهذه الطبقة. توفي في صفر، وهو منسوب إلى جدّه نصرويه.
[1] في «آ» و «ط» : «حمرويه» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» و «سير أعلام النبلاء» (17/ 553) .
[2]
في «آ» و «ط» : «أبو سعيد النصروي» وفي «العبر» (3/ 180) : «أبو سعيد النضروي» وكلاهما خطأ، والتصحيح من «اللباب» (3/ 311) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 553) .
وفيها أبو القاسم الزّيدي الحرّاني، علي بن محمد بن علي العلوي الحسيني الحنبلي المقرئ، في شوال بحرّان، وهو آخر من روى عن النقّاش القراءات والتفسير، وهو ضعيف.
قال عبد العزيز الكتّاني- وقد سئل عن شيء-: ما يكفي علي بن محمد الزّيدي أن يكذب، حتّى يكذب عليه.
قال في «العبر» [1] : وكان صالحا ربانيا. انتهى.
وفيها مات الفقيه المشهور سالم بن عبد الله الهروي، المعروف بغويلة، تصغير غول، وهو معدود في طبقة الشيخ أبي محمد، وهو الذي قيل: إنه ما عبر جسر بغداد مثله. قاله ابن الأهدل.
وفيها عالم همذان، عبد الله بن عبدان، حكى عنه شيرويه في كتابه «المنامات» أنه قال: رأيت الحق في النوم، فقال لي [2] : ما يدل على أنه يخاف عليّ الإعجاب. قاله بن الأهدل أيضا.
فانظر إلى هذا وأضعافه مما وقع لكثير من كبراء الأمة [3] ، كالإمام الأعظم، والإمام أحمد، والإمام القشيري، وصاحب هذه الترجمة، وأضعافهم، من إخبارهم برؤيته تعالى في المنام، وقول المتكلمين بجوازها، حتى قال اللّقاني في «شرح الجوهرة» : وأما رؤيته تعالى مناما فجائزة اتفاقا، وهي حقّ فإن الشيطان لا يتمثل به تعالى، كما لا يتمثل بالأنبياء، وإلى قول بعض الحنفية رضي الله تعالى عنهم: ويكفر من قال رأيت الله في المنام انتهى. ولكن لا ينبغي إطلاق اللسان بالتكفير في مثل هذا.
قال التمرتاشي في «شرح تنوير الأبصار» في أول باب المرتد ما لفظه:
وفي «فتح القدير» : ومن هزل بلفظ كفر ارتد، وإن لم يعتقد للاستخفاف، فهو ككفر العناد، والألفاظ التي يكفّر بها تعرف في الفتاوى. انتهى.
وقد أعرضنا عن ذكرها هنا لأنها أفردت بالتأليف، وأكثر من إيرادها أصحاب الفتاوى، مع أنه لا يفتي بشيء منها بالكفر، إلا فيما اتفق المشايخ عليه، لاتفاق كلمتهم في الفتاوى وغيرها، أنه لا يفتي بتكفير مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن، أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة.
قال شيخنا: وهو الذي تحرر من كلامهم، ثم قال: فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتي بالتكفير بها، وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها. انتهى كلام التمرتاشي بحروفه.
وفيها أبو الحسن بن السّمسار، علي بن موسى الدمشقي، حدّث عن أبيه وأخويه: محمد وأحمد، وعلي بن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، والكبار، وروى البخاريّ [1] عن أبي زيد المروزي، وانتهى إليه علو الإسناد بالشام.
قال الكتّاني: كان فيه تساهل، ويذهب إلى التشيّع، توفي في صفر، وقد كمّل التسعين.
وفيها أبو القاسم المعتمد بن عبّاد القاضي، محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قريش اللّخمي الإشبيلي الذي ملّكه أهل إشبيلية عليهم، عند ما قصدهم الظالم يحيى بن علي الإدريسي، الملقب بالمستعلي، وكانت لصاحب الترجمة أخبار ومناقب وسيرة عالية.
قال ابن خلّكان [2] : كان المعتمد المذكور صاحب قرطبة وإشبيلية وما والاهما من جزيرة الأندلس، وفيه وفي أبيه المعتضد يقول بعض الشعراء:
[1] يعني «صحيح البخاري» وكانت العبارة في «آ» و «ط» : «وروى عن البخاري عن أبي زيد المروزي» والتصحيح من «العبر» (3/ 181) وانظر «سير أعلام النبلاء» (17/ 506) .
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (5/ 21) .
من بني المنذرين وهو انتساب
…
زاد في فخره بنو عبّاد
فتية لم تلد سواها المعالي
…
والمعالي قليلة الأولاد
وكان من بلاد الشرق من أهل العريش، المدينة القديمة الفاصلة بين مصر والشام [1] في أول الرمل من جهة الشام، فتوجه به أبوه إلى المغرب فاستوطنا قرية تومين [2] من إقليم طشانة من أرض إشبيلية.
ومحمد هذا أول من نبغ في تلك البلاد وتقدم بإشبيلية إلى أن ولي القضاء بها، فأحسن السياسة مع الرعية وتلطف بهم، فوثقته القلوب، وكان يحيى المستعلي صاحب قرطبة، مذموم السيرة، فتوجه إلى إشبيلية محاصرا لها، فلما نزل عليها اجتمع رؤساء إشبيلية وأعيانها، وأتوا القاضي محمدا المذكور، وقالوا له:[أما] ترى ما حلّ بنا من هذا الظالم، وما أفسد من أموال الناس؟ فقم بنا نخرج إليه ونملّكك، ونجعل الأمر لك [3] ، ففعل، ووثبوا على يحيى، فركب إليهم وهو سكران فقتل.
وتم الأمر لمحمد، ثم ملك بعد ذلك قرطبة وغيرها. ثم قيل له بعد تملّكه واستيلائه على البلاد: إن هشام بن الحكم في مسجد بقلعة رباح، فأرسل إليه من أحضره، وفوّض الأمر إليه، وجعل لنفسه كالوزير بين يديه، وفي هذه الواقعة يقول الحافظ أبو محمد بن حزم الظاهري في كتابه «نقط العروس» : أعجوبة [4] لم يقع في الدّهر مثلها، فإنه ظهر رجل يقال له خلف الحضري [5] بعد نيّف وعشرين سنة من موت هشام بن الحكم، المنعوت بالمؤيد، وادّعى أنه هشام، فبويع وخطب له على جميع منابر الأندلس في
[1] في «ط» : «بين الشام ومصر» .
[2]
انظر التعليق على «وفيات الأعيان» (5/ 21) .
[3]
في «وفيات الأعيان» : «إليك» .
[4]
في «وفيات الأعيان» : «أخلوقة» .
[5]
في «وفيات الأعيان» : «الحصري» .
أوقات شتى، وسفك الدماء، وتصادمت الجيوش في أمره، وأقام المدّعي أنه هشام نيفا وعشرين سنة، والقاضي محمد بن إسماعيل في رتبة الوزير بين يديه، والأمر إليه، ولم يزل [الأمر] كذلك إلى أن توفي المدعو هشاما، فاستبد القاضي محمد بالأمر بعده، وكان من أهل العلم والأدب والمعرفة التامة بتدبير الدول، ولم يزل ملكا مستقلا إلى [1] أن توفي يوم الأحد، تاسع عشري جمادى الأولى، ودفن بقصر إشبيلية، وقيل: إنه عاش إلى قريب خمسين وأربعمائة، واختلف أيضا في مبدأ استيلائه، فقيل: سنة أربع عشرة [وأربعمائة] وهو الذي ذكره العماد الكاتب في «الخريدة» [2] وقيل: سنة أربع وعشرين.
ولما مات محمد القاضي قام مقامه ولده المعتضد بالله عبّاد. انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.
وفيها السلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين، تملّك بعد أبيه خراسان، والهند، وغزنة، وجرت له حروب وخطوب، مع بني سلجوق، وظهروا على ممالكه، وضعف أمره، فقتله أمراؤه.
[1] لفظة «إلى» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» و «وفيات الأعيان» .
[2]
انظر «خريدة القصر» - قسم شعراء المغرب والأندلس- (2/ 25- 43) .