الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبعين وأربعمائة
فيها توفي أبو صالح المؤذّن، أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري الحافظ، محدّث خراسان في زمانه. روى عن أبي نعيم الإسفراييني، وأبي الحسن العلوي، والحاكم، وخلق، ورحل إلى أصبهان، وبغداد، ودمشق، في حدود الثلاثين وأربعمائة، وله ألف حديث عن ألف شيخ، وثّقه الخطيب وغيره، ومات في رمضان، عن اثنتين وثمانين سنة، وله تصانيف ومسوّدات.
وفيها أبو الحسين بن النّقور، أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي البزّاز، المحدّث الصدوق. روى عن علي الحربي، وأبي القاسم بن حبابة، وطائفة. وكان يأخذ على نسخة طالوت دينارا، أفتاه بذلك الشيخ أبو إسحاق، لأن الطلبة كانوا يفوتونه الكسب لعياله، مات في رجب عن تسعين سنة.
وفيها أبو نصر بن طلّاب الخطيب، الحسين بن أحمد بن محمد القرشي مولاهم الدمشقي، خطيب دمشق. روى عن ابن جميع «معجمة» [1] ، وعن أبي بكر بن أبي الحديد. وكان صاحب مال وأملاك، وفيه عدالة وديانة، توفي في صفر، وله إحدى وتسعون سنة.
[1] في «آ» و «ط» : «مجمعه» وهو خطأ، والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» (17/ 153) و «الأعلام» (5/ 313) وفيه قال العلّامة الزركلي: منه الجزءان الأول والثاني في الأزهر، باسم «معجم الغسّاني» في تراجم شيوخه الذين أجازوه وأخذ عنه.
وفيها عبد الله بن الخلّال [1] أبو القاسم بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد البغدادي. سمّعه أبوه من أبي حفص الكتّاني، والمخلّص، ومات في صفر، عن خمس وثمانين سنة.
قال الخطيب [2] : كان صدوقا.
وفيها أبو جعفر بن أبي موسى، شيخ الحنابلة، عبد الخالق بن عيسى بن أحمد.
كان ورعا، زاهدا، علّامة، كثير الفنون، رأسا في الفقه، شديدا على المبتدعة، نافذ الكلمة. روى عن أبي القاسم بن بشران، وقد أخذ في فتنة ابن القشيري، وحبس أياما. قاله في «العبر» [3] .
وقال ابن السمعاني: كان إمام الحنابلة في عصره بلا مدافعة، مليح التدريس، حسن الكلام في المناظرة، ورعا، زاهدا، متقنا، عالما بأحكام القرآن والفرائض، مرضي الطريقة.
وقال ابن عقيل: كان يفوق الجماعة من مذهبه وغيرهم في علم الفرائض، وكان عند الإمام- يعني الخليفة- معظما، حتّى إنّه وصّى عند موته بأن يغسله تبركا به، وكان حول الخليفة ما لو كان غيره لأخذه، وكان ذلك كفاية عمره، فو الله ما التفت إلى شيء منه، بل خرج ونسي مئزره، حتّى حمل إليه، قال: ولم يشهد منه أنه شرب ماء في حلقته مع شدة الحرّ، ولا غمس يده في طعام أحد من أبناء الدّنيا.
وقال ابن رجب: له تصانيف عدّة، منها «رؤوس المسائل» و «شرح
[1] في «آ» و «ط» : «ابن الحلال» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» (3/ 275) و «سير أعلام النبلاء» (18/ 368) .
[2]
انظر «تاريخ بغداد» (9/ 439) .
[3]
(3/ 275- 276) .
المذهب» وله جزء في أدب الفقه، وفي فضائل أحمد وترجيح مذهبه، وتفقه عليه طائفة من أكابر المذهب، كالحلواني، والقاضي أبي الحسين، وغيرهم.
وكان معظما عند الخاصة والعامة، زاهدا في الدنيا إلى الغاية، قائما في إنكار المنكرات بيده ولسانه، مجتهدا في ذلك.
وتوفي رحمه الله ليلة الخميس سحرا، خامس شهر صفر، وصلّي عليه يوم الجمعة ضحى بجامع المنصور، وأمّ الناس أخوه الشريف أبو الفضل، ولم يسع الجامع الخلق، ولم يتهيأ لكثير منهم الصلاة، ولم يبق رئيس ولا مرؤوس إلّا حضره إلّا من شاء الله، ودفنوه في قبر الإمام أحمد، وما قدر أحد أن يقول للعوام: لا تنبشوا قبر الإمام أحمد، وادفنوه بجنبه. فقال أبو محمد التميمي- من بين الجماعة-: كيف تدفنونه في قبر الإمام أحمد، وبنت أحمد مدفونة معه؟ فإن جاز دفنه مع الإمام لا يجوز دفنه مع ابنته. فقال بعض العوام: اسكت، فقد زوّجنا بنت أحمد من الشريف، فسكت التميمي.
ولزم الناس قبره، فكانوا يبيتون عنده كل ليلة أربعاء، ويختمون الختمات، فيقال: إنه قرئ على قبره تلك الأيام عشرة آلاف ختمة.
ورآه بعضهم في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: لما وضعت في قبري، رأيت قبة من درّة بيضاء، لها ثلاثة أبواب، وقائل يقول: هذه لك، أدخل من أيّ أبوابها شئت.
وفيها أبو القاسم بن مندة، عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن إبراهيم بن الوليد بن مندة بن بطة بن استندار، واسمه الفيرزان بن جهان بخت العبدي الأصبهاني، الإمام الحافظ، ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله بن مندة. ومندة لقب إبراهيم جدّه الأعلى.
ذكره ابن الجوزي في «طبقات الحنابلة» وترجمه في «تاريخه» [1] فقال:
[1] انظر «المنتظم» (9/ 315) .
ولد سنة ثلاث وثمانين [1] وثلاثمائة، وسمع أباه، وأبا بكر بن مردويه، وخلقا كثيرا، وكان كثير السماع، كبير الشأن، سافر [إلى] البلاد، وصنّف التصانيف، وخرّج التخاريج، وكان ذا وقار وسمت وأتباع، فيهم كثرة، وكان متمسكا بالسّنّة، معرضا عن أهل البدع، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم.
وقال ابن السمعاني: كان كبير الشأن، جليل القدر، كثير السماع، واسع الرواية، سافر إلى الحجاز، وبغداد، وهمذان، وخراسان، وصنّف التصانيف.
وقال سعد بن محمد الزّنجاني: حفظ الله الإسلام برجلين، أحدهما بأصبهان، والآخر بهراة، عبد الرحمن بن مندة، وعبد الله الأنصاري.
وقال يحيى بن مندة: كان عمي سيفا على أهل البدع، وهو أكبر من أن ينبّه عليه مثلي، كان والله آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، وفي الغدو والآصال ذاكرا، ولنفسه في المصالح قاهرا، أعقب الله من ذكره بالشرّ الندامة، وكان عظيم الحلم، كبير العلم، قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه حديثا فأنا له عبد، فقال: من كتب عنّي حديثا، فأنا له عبد.
وقال ابن تيمية: وكان أبو القاسم بن مندة من الأصحاب، وكان يذهب إلى الجهر بالبسملة في الصلاة.
وقال ابن مندة في كتابه «الرد على الجهمية» : التأويل عند أصحاب الحديث نوع من الكذب.
وقال في «العبر» [2] : كان ذا سمت ووقار، وله أصحاب وأتباع، وفيه
[1] في «المنتظم» : «سنة ثمان وثمانين» وفي «سير أعلام النبلاء» (18/ 350) : «سنة إحدى وثمانين» وانظر التعليق عليه.
[2]
(3/ 276) .
تسنّن مفرط، أوقع بعض العلماء في الكلام في معتقده، وتوهّموا فيه التّجسيم، وهو بريء منه فيما علمت، ولكن لو قصّر من شأنه لكان أولى به، أجاز له زاهر بن أحمد السرخسي، وروى الكثير عن أبيه، وأبي جعفر الأبهري، وطبقتهما، وسمع بنيسابور من أصحاب الأصمّ، وبمكّة من ابن جهضم، وبهمذان، والدّينور، وشيراز، وبغداد، وعاش تسعا وثمانين سنة.
انتهى كلام «العبر» .
وفيها أبو بكر بن حمّدوية [1] ، أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الرزّاز [2] المقرئ الزاهد.
ذكره ابن الجوزي في «الطبقات» و «التاريخ» [3] . ولد يوم الأربعاء لثمان عشرة ليلة خلت من صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وحدّث عن خلق كثير، منهم: ابن بشران، وابن القوّاس، وهو آخر من حدّث عن أبي الحسين بن سمعون، وتفقه على القاضي أبي يعلى [4] ، وكان ثقة زاهدا متعبدا، حسن الطريقة، وحدّث عنه الخطيب في «تاريخه» [5] وتوفي يوم السبت رابع عشري ذي الحجة.
قال ابن نقطة [6] : حمّدوية: بضم الحاء والميم المشددة أيضا وبالياء.
[1] تحرّف في «تاريخ بغداد» إلى «حمدوه» فيصحح.
[2]
في «آ» : «الدرار» وفي «المنتظم» : «الوزان» وأثبت لفظ «ط» و «تاريخ بغداد» .
[3]
انظر «المنتظم» (8/ 313) .
[4]
في «آ» : «أبو علي» .
[5]
انظر «تاريخ بغداد» (4/ 381) .
[6]
في «الاستدراك» (باب حمّدوية، وحمدونة، وحمدوية، وحمديّة) مصور عن مخطوطة دار الكتب الوطنية الظاهرية بدمشق.