الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وسبعين وأربعمائة
فيها توفي إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني أبو القاسم، صدر، عالم، نبيل، وافر [1] ، له يد في النظم والنثر. روى عن حمزة السّهمي وجماعة، وعاش سبعين سنة، وروى «الكامل» لابن عدي.
وفيها بيبى [2] بنت عبد الصمد بن علي أمّ الفضل، وأمّ عزّى [3] الهرثميّة الهرويّة، لها جزء مشهور، ترويه عن عبد الرحمن بن أبي شريح، توفيت في هذه السنة أبو في التي بعدها، وقد استكملت تسعين سنة.
وفيها أبو سعد، عبد الله بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، أكبر الإخوة، في ذي القعدة، وله أربع وستون سنة. روى عن القاضي أبي بكر الحيري، وجماعة، وعاشت أمّه فاطمة بنت أبي علي الدّقّاق بعده أربعة أعوام.
قال ابن الأهدل: الإمام الكبير البارع، أبو سعيد [4] . كانت فيه أوصاف قلّ أن يحتويها إنسان، أو يعبّر عنها لسان، وكان أبوه يحترمه ويعامله معاملة الأقران لما ظهر له منه.
[1] في «العبر» : «وافر الحشمة» . (ع) .
[2]
قال في «تاج العروس» (بيب) : بيبى كضيزى. ثم ذكر المترجمة.
[3]
في «آ» و «ط» و «العبر» : «أم عربي» والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» (18/ 403) .
[4]
في «ط» : «أبو سعيد» وهو خطأ.
وفيها عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي، آخر أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح [الهروي] موتا [1] ، وهو من كبار شيوخ أبي الوقت.
وفيها أبو نصر بن الصّبّاغ، عبد السيّد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي الشافعي، أحد الأئمة، ومؤلّف «الشامل» [2] كان نظير الشيخ أبي إسحاق [3] ، ومنهم من يقدّمه على أبي إسحاق في نقل المذهب، وكان ثبتا، حجّة، ديّنا، خيّرا، ولي النظامية بعد أبي إسحاق، ثم كفّ بصره. وروى عن محمد بن الحسين القطّان، وأبي علي بن شاذان، وكان مولده في سنة أربعمائة، توفي في جمادى الأولى ببغداد، ودفن في داره. قاله في «العبر» [4] .
وقال ابن شهبة [5] . كان ورعا، نزها، ثبتا، صالحا، زاهدا، فقيها، أصوليا، محقّقا.
قال ابن عقيل: كملت له شرائط الاجتهاد المطلق.
وقال ابن خلّكان: كان ثبتا، صالحا، له كتاب «الشامل» وهو من أصح كتب أصحابنا وأتقنها أدلة.
قال ابن كثير [6] : وكان من أكابر أصحاب الوجوه، ومن تصانيفه كتاب «الكامل» في الخلاف بيننا وبين الحنفية، وكتاب «الطريق السالم» و «العمدة في أصول الفقه» .
[1] ما بين حاصرتين زيادة من «العبر» (3/ 289) .
[2]
قال ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» (3/ 217) : وهو من أجود كتب أصحابنا- يعني أتباع الإمام الشافعي- وأصحها نقلا، وأثبتها أدلة، وانظر «كشف الظنون» (2/ 1025) .
[3]
يعني الشيرازي.
[4]
(3/ 289- 290) .
[5]
انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 270) .
[6]
يعني في كتابه «طبقات الشافعية» وهو مخطوط لم ينشر بعد فيما أعلم.
وفيها أبو علي الفارمذي- بفتح الفاء والراء والميم ومعجمة [1] نسبة إلى فارمذ قرية بطّوس- الفضل بن محمد الزاهد، شيخ خراسان.
قال عبد الغافر: هو شيخ الشيوخ في عصره، المنفرد بطريقته في التذكير، التي لم يسبق إليها في عبارته وتهذيبه، وحسن أدائه، ومليح استعارته، [ودقيق إشارته] ورقة ألفاظه.
دخل نيسابور، وصحب القشيري، وأخذ في الاجتهاد البالغ، إلى أن قال: وحصل له عند نظام الملك [قبول][2] خارج عن الحدّ. روى عن أبي عبد الله بن باكويه، وجماعة، وعاش سبعين سنة. توفي في ربيع الآخر.
قاله في «العبر» [3] .
وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في «طبقات الأولياء» : كان عالما، شافعيا، عارفا بمذاهب السّلف، ذا خبرة بمناهج الخلف، وأما التصوف فذاك عشّه الذي منه درج، وغابه الذي ألفه ليثه ودخل وخرج، تفقه على الغزالي الكبير، وأبى عثمان الصّابوني، وغيرهما، وأخذ عنه حجّة الإسلام، وجدّ واجتهد، وكان ملحوظا من القشيري بعين العناية، موفرا عليه منه طريق الهداية، حتّى فتح عليه لوامع من أنواع المجاهدة، وصار من مذكوري الزمان ومشهوري المشايخ، وكان لسان الوقت.
وقال السمعاني [4] : كان لسان خراسان، وشيخها، وصاحب الطريقة الحسنة في [5] تربية المريدين، وكان مجلس وعظه روضة ذات أزهار.
[1] كذا قال المؤلّف وقد تبع في ذلك السمعاني في «الأنساب» (9/ 218) وقال ياقوت في «معجم البلدان» (4/ 228) : بالراء الساكنة يلتقي بسكونها ساكنان، وفتح الميم وآخره زال معجمة.
[2]
لفظة «قبول» سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «العبر» .
[3]
(3/ 290) و «سير أعلام النبلاء» (18/ 565) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
[4]
انظر «الأنساب» (9/ 219) وقد نقل المؤلف كلامه بتصرف.
[5]
في «الأنساب» : «من» .
وفيها محمد بن عمّار أبو بكر المهري، ذو الوزارتين، شاعر الأندلس، كان هو وابن زيدون كفرسي رهان وكان ابن عمّار قد اشتمل عليه المعتمد وبلغ الغاية، إلى أن استوزره، ثم جعله نائبا على مرسية، فخرج عليه، ثم ظفر به المعتمد فقتله.
قال ابن خلّكان [1] : وكانت ملوك الأندلس تخاف ابن عمّار لبذاءة لسانه وبراعة إحسانه، لا سيما حين اشتمل عليه المعتمد على الله بن عبّاد صاحب غرب الأندلس، وأنهضه جليسا وسميرا، وقدّمه وزيرا ومشيرا، ثم رجّع إليه [2] خاتم الملك، ووجهه أميرا، وقد أتى عليه حين من الدّهر لم يكن شيئا مذكورا، فتبعته المواكب، والمضارب، والجنائب، والنجائب، والكتائب، وضربت خلفه الطبول، ونشرت على رأسه الرايات والبنود، فملك مدينة تدمير [3] وأصبح راقي منبر وسرير، مع ما كان فيه من عدم السياسة وسوء التدبير، ثم وثب على مالك رقّه، ومستوجب شكره ومستحقه، فبادر إلى عقوقه وبخس [4] حقوقه، فتحيّل المعتمد عليه، وسدّد سهام المكائد إليه، حتّى حصل في يده قنيصا [5] ، وأصبح لا يجد له محيصا، إلى أن قتله المعتمد بيده ليلا في قصره بمدينة إشبيلية.
وكانت ولادته في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ولما قتله المعتمد، رثاه صاحبه ابن وهبون الأندلسي بقوله من جملة قصيدة:
عجبا له أبكيه ملء مدامعي
…
وأقول: لا شلّت يمين القاتل
[1] انظر «وفيات الأعيان» (4/ 425- 429) .
[2]
في «وفيات الأعيان» : «ثم خلع عليه» .
[3]
قال ياقوت: تدمير: كورة بالأندلس، تتصل بأحواز كورة جيّان، وهي شرقي قرطبة، وانظر تتمة كلامه عنها في «معجم البلدان» (2/ 19) .
[4]
في «آ» و «ط» : «وغش» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[5]
في «آ» : «محيصا» وما أثبته من «ط» و «وفيات الأعيان» .
ومن مشاهير قصائد ابن عمّار:
أدر الزجاجة فالنّسيم قد انبرى
…
والنّجم قد صرف العنان عن السّرى
والصّبح قد أهدى لنا كافوره
…
لما استردّ اللّيل منّا العنبرا
ومن مديحها [1] وهي في المعتمد بن عبّاد:
ملك إذا ازدحم الملوك بمورد
…
ونحاه لا يردون حتّى يصدرا
أندى على الأكباد من قطر النّدى
…
وألذ في الأجفان من سنة الكرى
قدّاح زند المجد لا ينفك عن [2]
…
نار الوغى إلّا إلى نار القرى
ومن جملة ذنوبه عند المعتمد بيتان هجاه وهجا ابنه المعتضد بهما وهما:
مما يقبّح عندي ذكر أندلس
…
سماع معتضد فيها ومعتمد
أسماء مملكة في غير موضعها
…
كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد
وكان أقوى الأسباب على قتله أنه هجاه بشعر ذكر فيه أم بنيه المعروفة بالرّميكية، منها:
تخيّرها [3] من بنات الهجان
…
رميكيّة [4] لا تساوي عقالا
فجاءت بكلّ قصير الذراع
…
لئيم النّجارين [5] عمّا وخالا
وهذه الرّميكيّة [4] كانت سريّة المعتمد، اشتراها من رميك بن حجّاج، فنسبت إليه، وكان قد اشتراها في أيام أبيه المعتضد، وأفرط في الميل إليها،
[1] يعني من أبيات المديح في القصيدة نفسها.
[2]
في «وفيات الأعيان» : «من» .
[3]
في «وفيات الأعيان» : «تخيرتها» .
[4]
قلت: وكانت شاعرة، ماتت سنة (488) هـ-. انظر «الأعلام» للعلّامة الزركلي (1/ 334) .
[5]
في «آ» و «ط» : «النجادين» وهو خطأ، والتصحيح من «وفيات الأعيان» . وقال ابن منظور في «لسان العرب» (نجر) : النّجر والنَّجار والنُّجار: الأصل والحسب.
وغلبت عليه، واسمها اعتماد، وهي التي أغرت المعتمد على قتل ابن عمّار لكونه هجاها.
وفيها مسعود بن ناصر السّجزي [1] أبو سعيد الرّكّاب، الحافظ، رحل، وصنّف، وحدّث عن أبي حسّان المزكّي، وعلي بن بشر بن اللّيثي، وطبقتهما، ورحل إلى بغداد، وإصبهان.
قال الدّقاق: ولم أر [في المحدّثين][2] أجود إتقانا ولا أحسن ضبطا منه.
توفي بنيسابور في جمادى الأولى.
[1] في «آ» و «ط» : «الشحري» وهو تصحيف، والتصحيح من «الأنساب» (7/ 47) و «سير أعلام النبلاء» (18/ 532) .
[2]
زيادة من «سير أعلام النبلاء» .