الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وثمانين وأربعمائة
فيها توفي أبو بكر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري، مسند خراسان، أحمد بن علي بن عبد الله [بن عمر بن خلف][1] . روى عن الحاكم، وعبد الله بن يوسف، وطائفة.
قال عبد الغافر: هو شيخنا الأديب المحدّث المتقن، الصحيح السماع، ما رأينا شيخا أورع منه، ولا أشدّ إتقانا، توفي في ربيع الأول، وقد نيّف على التسعين.
وفيها آق سنقر، قسيم الدولة أبو الفتح، مولى ملكشاه السلطان، وقيل: هو لصيق به، وقيل: اسم أبيه الترعان لما افتتح ملكشاه حلب، استناب عليها آق سنقر في سنة ثمانين وأربعمائة، فأحسن السياسة وضبط الأمور، وتتبّع المفسدين، حتّى صار دخله كل يوم ألفا وخمسمائة دينار.
أسر [2] في المصاف ثم قتل، ذبحه تتش صبرا، ودفن هناك، ثم نقله ولده الأتابك زنكي، فدفنه بالمدرسة الزجاجية داخل حلب.
وفيها أبو نصر، الحسن بن أسد الفارقي الأديب، صاحب النظم والنثر، وله الكتاب المعروف في الألغاز، توثّب بميّافارقين على الإمرة،
[1] ما بين حاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .
[2]
تحرّفت في «ط» إلى «رأس» وانظر «العبر» (3/ 318) .
ونزل بقصر الإمارة، وحكم أياما، ثم ضعف وهرب، ثم قبض عليه وشنق.
وفيها المقتدي بالله أبو القاسم عبد الله بن الأمير ذخيرة الدّين محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر العبّاسي، بويع بالخلافة بعد جدّه في ثالث عشر شعبان، سنة سبع وستين، وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر.
قال السيوطي في «تاريخ الخلفاء» [1] : مات أبوه في حياة القائم- وهو حمل- فولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر، وأمه أم ولد اسمها أرجوان.
وبويع له بالخلافة عند موت جدّه، وكانت البيعة بحضرة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، والدّامغاني، وظهر في أيامه خيرات كثيرة، وآثار حسنة في البلدان.
وكانت قواعد الخلافة في أيامه باهرة وافرة الحرمة، بخلاف من تقدمه.
ومن محاسنه أنه نفى المغنيات والحواظي [2] ببغداد، وأمر أن لا يدخل أحد الحمّام إلّا بمئزر، وخرّب أبراج الحمام صيانة لحرم الناس.
وكان ديّنا، خيّرا، قوي النفس، عالي الهمّة، من نجباء بني العبّاس.
انتهى.
ومات فجأة في ثامن عشر المحرم، عن تسع وثلاثين سنة، وبويع بعده ابنه المستظهر بالله أحمد، وقيل: إن جاريته [3] سمّته.
وقال ابن الجوزي: في «الشذور» : توفي المقتدي، وكان أصحّ
[1] انظر «تاريخ الخلفاء» ص (423) .
[2]
في «تاريخ الخلفاء» : «والخواطي» .
[3]
في «آ» : «جارته» .
ما كان، بينما هو جالس، قال لقهرمانته: من هؤلاء الأشخاص الذين قد دخلوا علينا بلا إذن، فالتفتت فلم تر أحدا، فسقط إلى الأرض ميتا.
وفيها الحسن بن عبد الملك بن الحسين بن علي بن موسى بن عمران بن إسرافيل النّسفي الحافظ. حصّل العالي من الإسناد. قاله ابن ناصر الدّين [1] .
وفيها أبو القاسم بن أبي العلاء المصّيصي علي بن محمد بن علي بن أحمد.
قال الإسنوي [2] : كان فقيها، فرضيا، تفقه على القاضي أبي الطيب، وروى الحديث عن جماعة بمصر، والشام، والعراق، واستوطن دمشق، ومات بها، وروى عنه جماعة.
وأصله من المصّيصة، وولد بمصر في رجب سنة أربع وأربعمائة، ومات في جمادى الآخرة، ودفن بمقابر باب الفراديس.
قال الذهبي [3] : كان فقيها ثقة.
وفيها ابن ماكولا، الحافظ الكبير، الإمام أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن الأمير الجواد أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي، الأمير سعد الملك أبو نصر بن ماكولا، أصله من جرباذقان من نواحي أصبهان، فهو الجرباذقاني ثم البغدادي، النسّابة، صاحب التصانيف، ولم يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه. ولد بعكبرا سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وزر أبوه للقائم بأمر الله، وتولى عمه [أبو] عبد الله [الحسين][4] قضاء القضاة.
[1] في «التبيان شرح بديعة البيان» (155/ آ) .
[2]
انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 412- 413) .
[3]
انظر «العبر» (3/ 319) .
[4]
في «آ» و «ط» : «وتولى عمّه عبد الله» وفي «العبر» : «وتولى عمه الحسين» وكلاهما خطأ،
وسمع هو من أبي طالب بن غيلان وطبقته.
قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلّا وأحالني على الكتاب، وقال: حتّى أكشفه، وما راجعت ابن ماكولا إلّا وأجابني حفظا، كأنه يقرأ من كتاب.
وقال أبو سعد السمعاني [1] : كان لبيبا، عارفا، ونحويا مجوّدا، وشاعرا مبرّزا.
وقال الذهبي [2] : اختلف في وفاته على أقوال.
وقال ابن خلّكان [3] : للأمير أبي نصر المذكور كتاب «الإكمال» وهو في غاية الإفادة في رفع الالتباس والضبط والتقييد، وعليه اعتماد المحدّثين وأرباب هذا الشأن، فإنه لم يوضع مثله- أبي في المؤتلف والمختلف ومشتبه النسب- وهو في غاية الإحسان. وما يحتاج الأمير المذكور مع هذا الكتاب إلى فضيلة أخرى، ففيه دلالة على كثرة اطّلاعه وضبطه وإتقانه.
ومن الشعر المنسوب إليه:
قوّض خيامك عن أرض [4] تهان بها
…
وجانب الذّلّ إنّ الذّلّ يجتنب [5]
وارحل إذا كان في الأوطان منقصة [6]
…
فالمندل [7] الرّطب في أوطانه حطب
[ (-) ] والتصحيح من «وفيات الأعيان» (3/ 305) .
[1]
في «آ» و «ط» : «ابن سعد السمعاني» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (3/ 319) و «سير أعلام النبلاء» (18/ 575) ونص النقل عنده أطول مما في كتابنا و «العبر» فراجعه.
[2]
في «العبر» (3/ 320) .
[3]
انظر «وفيات الأعيان» (3/ 305) .
[4]
كذا في «آ» و «ط» و «وفيات الأعيان» مصدر المؤلّف، وفي «سير أعلام النبلاء» (18/ 577) :
«عن دار» .
[5]
في «سير أعلام النبلاء» : «مجتنب» .
[6]
في «سير أعلام النبلاء» : «مضيعة» .
[7]
جاء في «لسان العرب» (ندل) : المندل: العود الرّطب. وانظر تتمة كلامه فهو مفيد.
وكانت ولادته في عكبرا، في خامس شعبان، سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقتله غلمانه بجرجان، وقيل: بخوزستان، وقيل: بالأهواز.
قال الحميدي: خرج إلى خراسان ومعه غلمان له ترك، فقتلوه بجرجان وأخذوا ماله وهربوا، وطاح دمه هدرا، رحمه الله.
وفيها أبو عامر الأزدي، القاضي، محمود بن القاسم بن القاضي أبي منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد المهلّبي الهروي، الفقيه الشافعي، راوي «جامع الترمذي» عن الجراحي.
قال أبو نصر الفامي: هو عديم النظير زهدا، وصلاحا، وعفة.
ولد سنة أربعمائة وتوفي في جمادى الآخرة.
وفيها المستنصر بالله، أبو تميم معد بن الظاهر علي بن الحاكم بأمر الله [1] منصور بن العزيز بن المعزّ العبيدي الرافضي، صاحب مصر، وكانت أيامه ستين سنة [وأربعة أشهر، وقد خطب له ببغداد في سنة إحدى وخمسين، ومات في ذي الحجة عن ثمان وستين سنة][2] وبويع بعده ابنه المستعلي. قاله في «العبر» [3] .
وقال ابن خلّكان [4] : اتفق للمستنصر هذا أمور لم تتفق لغيره، وسردها. منها: أنه أقام في الأمر ستين سنة، وهذا شيء لم يبلغه أحد من أهل بيته، ولا من بني العبّاس.
ومنها: أنه ولي وهو ابن سبع سنين.
[1] قوله: «بأمر الله» لم يرد في «العبر» .
[2]
ما بين حاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» و «العبر» .
[3]
(3/ 320) .
[4]
انظر «وفيات الأعيان» (5/ 229) .
ومنها: أنه حدث في أيامه الغلاء العظيم، الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف عليه السلام، وأقام سبع سنين، وأكل الناس بعضهم بعضا.
وكانت ولادته صبيحة يوم الثلاثاء سابع عشر [جمادى الآخرة سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي في ليلة الخميس ثامن عشر][1] ذي الحجة، وهذه الليلة تسمى عيد الغدير، أعني غدير خمّ- بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم، اسم مكان بين مكّة والمدينة- فيه غدير ماء، يقال: إنه غيض [2] هناك، فلما رجع النّبيّ صلى الله عليه وسلم من حجّة الوداع، ووصل إلى هذا المكان وآخى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم:«عليّ مني كهارون من موسى» [3]«اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله» [3] وللشيعة فيه تعلّق كبير، وهذا المكان موصوف بكثرة الوخامة وشدة الحمى. انتهى ملخصا.
[1] ما بين حاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .
[2]
في «وفيات الأعيان» : «غيضة» .
[3]
هذا الحديث ملفق من حديثين أما الشطر الأول منه فقد ذكره صاحب «كنز العمال» (11/ 603) وعزاه لأبي بكر المطيري في «جزئه» من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ولفظه عنده:«علي منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنه لا نبيّ بعدي» .
وأما الشطر الثاني فقد ذكره بهذا السياق الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (5/ 211) وقال: قال عبد الله بن أحمد: حدّثنا أحمد بن عمير الوكيعي، ثنا زيد بن الحباب، ثنا الوليد بن عقبة بن ضرار القيسي، أنبأنا سماك، عن عبيد بن الوليد القيسي قال:
دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدّثني أنه شهد عليا في الرحبة قال: أنشد بالله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهده يوم غدير خم إلا قام ولا يقوم إلا من قد رآه، فقام اثنا عشر رجلا، فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول
…
وذكر الحديث بتمامه كما في كتابنا.
وذكره الحافظ ابن كثير أيضا في «البداية والنهاية» (5/ 209- 214) بألفاظ عدّة وصيغ مختلفة، فراجعه.
وذكره الحاكم في «المستدرك» (3/ 109) مختصرا من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، وقال: هذا الحديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، وسكت عنه الذهبي.
ويقال: إنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة توخمت على أصحابه، فإنها كانت من أكثر بلاد الله تعالى حمّى، فأمر صلى الله عليه وسلم الحمّى أن تخرج من المدينة إلى خم، وحتّى يقال: إن أكثر أهل خم لم يتجاوزوا الحلم لكثرة الحمّى بها، وحتّى إنه قلّ من يمرّ بها ولا يحمّ.