الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وخمسين وأربعمائة
فيها زادت [1] دجلة إحدى وعشرين ذراعا، وغرقت بغداد وبلاد.
وفيها التقى صاحب حلب، معز الدولة ثمال بن صالح الكلابي، وملك الرّوم على أرتاح [2] من أعمال حلب، وانتصر المسلمون، وغنموا، وسبوا، حتى بيعت السّرّية الحسناء بمائة درهم، وبعدها بيسير، توفي ثمال بحلب.
وفيها توفي أبو سعد بن أبي شمس النيسابوري أحمد بن إبراهيم بن موسى، المقرئ المجود، الرئيس الكامل، توفي في شعبان، وهو في عشر التسعين. روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة، وروى «الغاية في القراءات» عن ابن مهران المصنف [3] .
وفيها أبو محمد الجوهري، الحسن بن علي الشيرازي، ثم البغدادي المقنّعي، لأنه كان يتطيلس ويلفّها من تحت حنكه. انتهى إليه علو الرواية في الدّنيا، وأملى مجالس كثيرة، وكان صاحب حديث. روى عن أبي بكر القطيعي، وأبي عبد الله العسكري، وعلي بن لؤلؤ، وطبقتهم، وعاش نيّفا وتسعين سنة، وتوفي في سابع ذي القعدة.
[1] في «العبر» : «بلغت» . (ع) .
[2]
قال ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 140) : أرتاح: اسم حصن منيع، كان من العواصم من أعمال حلب.
[3]
في «آ» و «ط» : «المص» والتصحيح من «العبر» (3/ 233) مصدر المؤلّف.
وفيها أبو نصر، زهير بن الحسن السرخسي، الفقيه الشافعي، مفتي خراسان. أخذ ببغداد عن أبي حامد الإسفراييني ولزمه، وعلّق عنه تعليقة مليحة، وروى عن زاهر السرخسي، والمخلّص وجماعة، وتوفي بسرخس، وقيل: توفي سنة خمس وخمسين. قاله في «العبر» [1] .
وقال الإسنوي [2] : ولد بسرخس، بعد السبعين وثلاثمائة، وتفقه على الشيخ أبي حامد، وبرع في الفقه، وسمع الكثير من جماعة، منهم: زاهر السرخسي، ورجع إلى سرخس، ودرّس بها، وأسمع إلى أن مات [3] سنة خمس وخمسين وأربعمائة. انتهى.
وفيها عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار العجلي، أبو الفضل الرّازي، الإمام المقرئ الزاهد، أحد العلماء العاملين.
قال أبو سعد السمعاني [4] : كان مقرئا [فاضلا] كثير التصانيف، زاهدا، [متعبّدا] ، خشن العيش، قانعا، منفردا عن الناس، يسافر وحده ويدخل البراري.
سمع بمكّة من ابن فراس، وبالرّيّ من جعفر بن فنّاكي، وبنيسابور من السّلمي، وبنسإ من محمد بن زهير النّسوي، وبجرجان من أبي نصر بن الإسماعيلي، وبأصبهان من ابن مندة الحافظ، وببغداد، والبصرة، والكوفة، وحرّان، وفارس، ودمشق، ومصر، وكان من أفراد الدّهر. قاله في «العبر» [5] .
[1](3/ 234) .
[2]
انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 42) .
[3]
في «آ» و «ط» : «إلى زمان» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.
[4]
انظر «سير أعلام النبلاء» (18/ 137- 138) وما بين حاصرتين مستدرك منه وقد عزا الذهبي النقل إلى «الذيل» للسمعاني.
[5]
(3/ 234) .
وفيها أبو حفص الزّهراوي، عمر بن عبيد الله الذّهلي القرطبي، محدّث الأندلس، مع ابن عبد البرّ، توفي في صفر، عن ثلاث وتسعين سنة. روى عن عبد الوارث بن سفيان، وأبي محمد بن أسد، والكبار، ولحقته في آخر عمره فاقة، فكان يستعطي، وتغيّر ذهنه.
وفيها القضاعي، القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون المصري، الفقيه الشافعي، قاضي الدّيار المصرية، ومصنّف كتاب «الشهاب» [1] وكتاب «مناقب الإمام الشافعي وأخباره» وكتاب «الإنباء عن الأنبياء» و «تواريخ الخلفاء» وكتاب «خطط مصر» .
قال ابن ماكولا [2] : كان متفنّنا في عدة علوم، لم أر بمصر من يجري مجراه.
وقال في «العبر» [3] : روى عن أبي مسلم الكاتب فمن بعده، وذكر السمعاني في «الذيل» في ترجمة الخطيب البغدادي، أنه حجّ سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وحجّ تلك السنة القضاعي المذكور، وسمع منه الحديث. انتهى، وتوفي بمصر في ذي الحجة، وصلّي عليه يوم جمعة بعد العصر.
وفيها المعزّ بن باديس بن منصور بن بلكّين الحميري الصنهاجي، صاحب المغرب، وكان الحاكم العبيدي قد لقّبه شرف الدولة، وأرسل له الخلعة والتقليد، في سنة سبع وأربعمائة، وله تسعة أعوام، وكان ملكا جليلا
[1] واسمه كما في «كشف الظنون» (2/ 1067)«شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والآداب» وقد نشر في مؤسسة الرسالة ببيروت عام (1405 هـ) باسم «مسند الشهاب» في مجلدين وقام بتحقيقه وتخريج أحاديثه الأستاذ الشيخ حمدي عبد المجيد السّلفي.
[2]
انظر «الإكمال» (7/ 147) وقد نقل المؤلف كلامه عن «العبر» للذهبي الذي نقله عنه باختصار.
[3]
(3/ 235) .
عالي الهمّة، محبّا للعلماء، جوادا، ممدّحا، أصيلا في الإمرة، حسن الديانة، حمل أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك، وخلع طاعة العبيديين في أثناء أيامه، وخطب لخليفة العراق، فجهز المستنصر لحربه جيشا، وطال حربهم له، وخربوا حصون برقة، وإفريقية، وتوفي في شعبان بالبرص، وله ست وخمسون سنة. قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن خلّكان [2] : كان واسطة عقد أهل [3] بيته، وكانت حضرته محط الآمال، وكان مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه بإفريقية أظهر المذاهب، فحمل المعزّ المذكور جميع أهل إفريقية [4] والمغرب على التمسك بمذهب مالك بن أنس رضي الله عنه، وحسم مادة الخلاف في المذاهب، واستمر الحال في ذلك إلى الآن.
وكان المعزّ يوما جالسا في مجلسه وعنده جماعة من الأدباء، وبين يديه أترجة ذات أصابع، فأمرهم المعز أن يعملوا فيها شيئا، فعمل أبو الحسن بن رشيق القيرواني الشاعر المشهور بيتين:
أترجة سبطة الأطراف ناعمة
…
تلقى العيون بحسن غير منحوس
كأنما بسطت كفّا لخالقها
…
تدعو بطول بقاء لابن باديس
انتهى ملخصا.
[1](3/ 236) .
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (5/ 233) .
[3]
لفظة «أهل» لم ترد في «وفيات الأعيان» .
[4]
لفظة «إفريقية» هذه لم ترد في «ط» و «وفيات الأعيان» .