الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وأربعمائة
فيها سبق رجل بدويّ اسمه [أبو] فليتة بن القوي [1] الحاج إلى واقصة في ستمائة إنسان من بني خفاجة، قبيلته، فغوّر المياه، وطرح الحنظل في مصانع البرمكي والريان، وغورهما، فلما جاء الركب إلى العقبة حبسهم ومنعهم العبور، إلا بخمسين ألف دينار، فخافوا وضعفوا وعطشوا، فهجم الملعون عليهم، فلم تكن عندهم منعة، وسلّموا أنفسهم، فاحتوى على الجمال بالأحمال، فاستاقها وهلك الركب، إلا القليل، فقيل: إنه هلك خمسة عشر ألف إنسان، فأمر فخر الدولة الوزير علي بن مزيد، فسار، فأدركهم بناحية البصرة، فظفر بهم، وقتل طائفة كثيرة، وأسر ابن القوي أبا فليتة [2] والأشتر، وأربعة عشر رجلا، ووجد أموال الناس قد تمزقت [3] ، فانتزع ما أمكنه، فعطّشوا الأسرى على جانب دجلة، يرون الماء ولا يسقون، حتّى هلكوا.
وفيها توفي أبو القاسم إسماعيل بن الحسن الصّرصري [4]- بفتح
[1] في «آ» و «ط» : «ابن القرى» والتصحيح من «المنتظم» (7/ 260- 261) وما بين حاصرتين مستدرك منه، وفي «العبر» «فليته بن الخفاجي» . انظر «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (11/ 9) و «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين» للفاسي (7/ 20) و «تاج العروس» (5/ 32) و «البداية والنهاية» (11/ 347) .
[2]
في «آ» و «ط» و «العبر» : «وأسروا والدفليتة» والتصحيح من «المنتظم» (7/ 261) .
[3]
في «آ» و «ط» : «تمزعت» وما أثبتناه من «المنتظم» و «العبر» .
[4]
انظر «العبر» (3/ 85) .
الصادين المهملتين، نسبة إلى صرصر، قرية على فرسخين من بغداد- سمع أبا عبد الله المحاملي، وابن عقدة.
قال البرقاني: ثقة، صدوق.
وفيها بهاء الدولة، السلطان أبو نصر بن السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه الديلمي [1] صاحب العراق وفارس، توفي بأرّجان في جمادى الأولى، وله اثنتان وأربعون سنة، وكانت أيامه بضعا وعشرين سنة، ومات بعلّة الصّرع، وولي بعده ابنه سلطان الدولة، فبقي في الملك اثني عشر عاما.
وفيها الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله البغدادي [2] ، إمام الحنبلية في زمانه ومدرّسهم ومفتيهم.
قال القاضي أبو يعلى: كان ابن حامد مدرّس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه، وله المصنفات العظيمة، منها: كتاب «الجامع» نحو أربعمائة جزء في اختلاف العلماء، وكان معظّما مقدّما عند الدولة وغيرهم [3] .
وقال غيره: روى عن النّجّاد وغيره، وتفقّه على أبي بكر عبد العزيز، وكان قانعا، يأكل من النسخ، ويكثر الحجّ، فلما كان في هذا العام حجّ وعدم فيمن عدم، إذا أخذ الركب. قاله في «العبر» .
وقال القاضي حسين [4] في «طبقاته» : له المصنفات في العلوم المختلفات، منها «الجامع في المذهب» نحو من أربعمائة جزء، وله «شرح الخرقي» و «شرح أصول الدّين» و «أصول الفقه» . سمع أبا بكر بن مالك، وأبا
[1] انظر «العبر» (3/ 85- 86) .
[2]
انظر «طبقات الحنابلة» (2/ 171- 178) ، و «العبر» (3/ 86) ، و «المنهج الأحمد» (2/ 98- 101) طبعة نويهض.
[3]
الذي في العبر: «عند الدولة والعامة» . (ع) .
[4]
كذا قال المؤلف وهو وهم منه فهو ينقل عن «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى.
بكر الشافعي، وأبا بكر النّجّاد، وأبا علي بن الصوّاف، وأحمد بن الختلي [1] في آخرين.
وقال أبو عبد الله بن حامد: اعلم- عصمنا الله وإيّاك من كل زلل- أن الناقلين عن أبي عبد الله رضي الله عنه ممّن سمّيناهم وغيرهم- أثبات فيما نقلوه، وأمناء فيما دوّنوه، وواجب تقبّل كل ما نقوله، وإعطاء كل رواية حظها على موجبها، ولا تعل رواية وإن انفردت [ولا تنفى عنه، وإن عزبت][2] ، ولا ينسب إليه في مسألة رجوع إلا ما وجد ذلك عنه نصا بالصريح، وإن نقل كنت أقول به وتركناه، فإن عري عن حدّ الصريح في التّرك والرجوع أقرّ على موجبه واعتبر حال الدليل فيه لا اعتقاده بمثابة ما اشتهر من روايته.
وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يليّن القول في كتاب إسحاق بن منصور، ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد الله رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب إذ لا أعلم أن أحدا من أصحابنا قال بما ذكره، ولا أشار إليه.
وكتاب ابن منصور، أصل بداية [3] حاله يطابق نهاية شأنه، إذ هو في بدايته سؤالات محفوظة، ونهايته، أنه عرض على أبي عبد الله، فاضطرب، لأنه لم يكن يقدّر أنه لما سأله [4] عنه مدوّن، فما أنكر عليه من ذلك حرفا، ولا ردّ عليه من جواباته جوابا، بل أقرّه على ما نقله [أو وصف ما رسمه][5] واشتهر في حياة أبي عبد الله ذلك بين أصحابه، فاتخذه الناس أصلا إلى آخر أوانه.
[1] في «آ» و «ط» : «الحنبلي» وهو خطأ، والتصحيح من «طبقات الحنابلة» . وانظر «سير أعلام النبلاء» (17/ 203) .
[2]
ما بين حاصرتين زيادة من «طبقات الحنابلة» (2/ 174) .
[3]
في «آ» و «ط» : «أصل بذاته» والتصحيح من «طبقات الحنابلة» .
[4]
في «طبقات الحنابلة» : «يسأله» .
[5]
زيادة من «طبقات الحنابلة» .
ولابن حامد المقام المشهود في أيام القادر، وقد ناظر أبا حامد الإسفراييني في وجوب الصيام ليلة الغمام في دار القادر بالله، بحيث يسمع [1] الخليفة الكلام، فخرجت الجائزة السنية له من أمير المؤمنين فردّها مع حاجته إلى بعضها فضلا عن جميعها تعففا وتنزها. انتهى ما قاله القاضي حسين ملخصا.
وفيها القاضي أبو عبد الله الحليمي الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري [2] ، الفقيه الشافعي، صاحب التصانيف. أخذ عن أبي بكر القفّال الشاشي، وهو صاحب وجه في المذهب.
قال ابن قاضي شهبة: قال الحاكم: أوحد الشافعيين بما وراء النهر، وأنظرهم وآدبهم بعد أستاذيه أبوي بكر، القفّال، والأودني، وكان مفننا فاضلا، له مصنفات مفيدة، نقل منها الحافظ أبو بكر البيهقي كثيرا.
وقال في «النهاية» : كان الحليمي رجلا عظيم القدر، لا يحيط بكنه علمه إلا غوّاص، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، ومات في جمادى، وقيل:
في ربيع الأول، ومن تصانيفه «شعب الإيمان» [3] كتاب جليل في نحو ثلاث مجلدات، وآيات الساعة، وأحوال القيامة، فيه معان غريبة لا توجد في غيره.
انتهى ما قاله ابن قاضي شهبة ملخصا.
وفيها أبو علي الرّوذباري الحسين بن محمد الطوسي [4] . راوي «السنن» [5] عن ابن داسة، توفي في ربيع الأول وأكثر عنه البيهقي.
[1] في «آ» و «ط» : «بحيث سمع» وما أثبته من «طبقات الحنابلة» .
[2]
انظر «العبر» (3/ 86) .
[3]
واسمه «المنهاج في شعب الإيمان» وقد طبع في ثلاث مجلدات في دار الفكر ببيروت بعناية الأستاذ حلمي محمد فودة.
[4]
انظر «الأنساب» (6/ 180) و «العبر» (3/ 87) .
[5]
يعني «سنن أبي داود» .
وفيها أبو الوليد الفرضيّ عبد الله بن محمد بن يوسف القرطبي [1] الحافظ، مؤلف «تاريخ الأندلس» .
قال ابن عبد البرّ: كان فقيها عالما في جميع فنون العلم في الحديث والرجال، قتلته البربر في داره.
وقال أبو مروان بن حيّان: وممّن قتل يوم فتح قرطبة الفقيه الأديب الفصيح ابن الفرضي، وواروه من غير غسل ولا كفن ولا صلاة، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية وحفظ الحديث والافتنان في العلوم والأدب البارع، ولي قضاء بلنسية، وكان حسن البلاغة والخط [2] ، وروي أنه تعلق بأستار الكعبة، وسأل الله الشهادة.
قال في «العبر» [3] : وعاش اثنتين وخمسين سنة.
وقال ابن ناصر الدّين: كان حافظا من الثقات.
وفيها أبو الحسن القابسي علي بن محمد بن خلف المعافري القيرواني [4] الفقيه، شيخ المالكية. أخذ عن ابن مسرور الدباغ، وفي الرحلة عن حمزة الكناني [5] وطائفة، وصنّف تصانيف فائقة في الأصول والفروع، وكان مع تقدمه في العلوم حافظا، صالحا، تقيّا، ورعا، حافظا للحديث وعلله، منقطع القرين، وكان ضريرا.
وفيها ابن الباقلّاني [6] القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب بن محمد بن
[1] انظر «وفيات الأعيان» (3/ 105- 106) و «العبر» (3/ 87) و «التبيان شرح بديعة البيان» لابن ناصر الدّين (141/ آ) واسم كتابه «تاريخ العلماء والرواة بالأندلس» وهو من مصادر المؤلف.
[2]
في «آ» و «ط» : «والحفظ» والتصحيح من «تذكرة الحفاظ» للذهبي (3/ 1077) .
[3]
انظر «العبر» (3/ 87) .
[4]
انظر «ترتيب المدارك وتقريب المسالك» للقاضي عياض (1/ 616- 621) و «العبر» (3/ 87- 88) .
[5]
في «آ» و «ط» : «الكتاني» وهو خطأ، والتصحيح من «ترتيب المدارك» و «العبر» .
[6]
انظر «ترتيب المدارك» (1/ 585- 602) و «العبر» (3/ 88) .
جعفر البصري المالكي الأصولي، المتكلم صاحب المصنّفات، وأوحد وقته في فنه. روى عن أبي بكر القطيعي، وأخذ علم النظر عن أبي عبد الله بن مجاهد الطائي صاحب الأشعري، وكانت له بجامع المنصور حلقة عظيمة.
قال الخطيب [1] : كان ورده في الليل [2] عشرين ترويحة في الحضر والسفر [3] ، فإذا فرغ منها كتب خمسا وثلاثين ورقة من تصنيفه. قاله في «العبر» .
وقال ابن الأهدل: سيف السّنّة، القاضي أبو بكر محمد بن الطيب، المشهور بابن [4] الباقلّاني الأصولي الأشعري المالكي، مجدد الدّين على رأس المائة الرابعة على الصحيح، وقيل: جدد بأبي سهل الصّعلوكي. صنّف ابن الباقلّاني تصانيف واسعة في الرد على الفرق الضالّة.
حكي أن ابن المعلّم متكلّم الرافضة قال لأصحابه- يوما وقد أقبل ابن الباقلاني-: جاءكم الشيطان، فلما جلس ابن الباقلّاني قال: قال الله تعالى:
أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا 19: 83 [مريم: 83] .
وكان ورعا لم تحفظ عنه زلّة ولا نقيصة، وكان باطنه معمورا بالعبادة، والديانة، والصيانة.
وقال الطائي: رأيته في النوم بعد موته وعليه ثياب حسنة في رياض خضرة نضرة، وسمعته يقرأ: في عِيشَةٍ راضِيَةٍ في جَنَّةٍ عالِيَةٍ 69: 21- 22 [الحاقة:
21-
22] ورأيت قبل ذلك حسن حالهم، فقلت: من أين جئتم؟ فقالوا: من الجنّة من زيارة القاضي أبي بكر. انتهى ملخصا.
وقال ابن تيمية: القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب الباقلّاني
[1] انظر «تاريخ بغداد» (5/ 380) .
[2]
كذا في «آ» و «ط» : «في الليل» وفي «تاريخ بغداد» : «في كل ليلة» .
[3]
عبارة الخطيب البغدادي في «تاريخه» (5/ 380) : «ما يتركها في حضر ولا سفر» . (ع) .
[4]
قوله: «المشهور بابن» سقط من «آ» وأثبته من «ط» .
المتكلم، وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله، لا قبله ولا بعده.
قال في كتاب «الإبانة» تصنيفه: فإن قال قائل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قيل له: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ 55: 27 [الرّحمن: 27] وقوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ 38: 75 [ص: 75] فأثبت لنفسه وجها ويدا، فإن قال: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة؟ قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب إذا لم نعقل حيّا عالما قادرا إلّا جسما أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه وتعالى، وكما لا يجب في كل شيء كان قائما بذاته أن يكون جوهرا لأنّا وإيّاكم لا نجد قائما بنفسه في شاهدنا إلّا كذلك، وكذلك الجواب لهم إن قالوا: فيجب أن يكون علمه، وحياته، وسمعه، وبصره، وسائر صفاته، عرضا، واعتلوا بالوجود.
قال: فإن قال: فهل تقولون: إنه في كل مكان؟ قيل له: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 20: 5 [طه: 5] وقال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ 35: 10 [فاطر: 10] وقال تعالى: أَأَمِنْتُمْ من في السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ 67: 16 [الملك: 16] أَمْ أَمِنْتُمْ من في السَّماءِ 67: 17 [المُلك: 17] قال: ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان وفمه، والحشوش [1] والمواضع التي يرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة وينقص ينقصانها. انتهى ملخصا، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.
وفيها أبو بكر الخوارزمي [2] محمد بن موسى شيخ الحنفية، ومن انتهت إليه رئاسة المذهب في الآفاق. أخذ عن أبي بكر أحمد بن علي
[1] جمع «حش» وهو المخرج. انظر «القاموس المحيط» و «المختار الصحاح» : (حشش) .
[2]
انظر «العبر» (3/ 88- 89) .
الرّازي، وسمع من أبي بكر الشافعي.
قال البرقاني: سمعته يقول: ديننا دين العجائز، ولسنا من الكلام في شيء.
وقال القاضي الصّيمري: ما شاهد الناس مثل شيخنا أبي بكر الخوارزمي في حسن الفتوى وحسن التدريس، دعي إلى القضاء مرة [1] فامتنع، وتوفي في جمادى الأولى. قاله في «العبر» .
وفيها أبو رماد الرّمادي شاعر الأندلس يوسف بن هارون القرطبي الكندي [2] الأديب. أخذ عن أبي علي القالي وغيره. وكان فقيرا معدما، ومنهم من يلقبه بأبي حنيش [3] .
قال الحميدي في كتاب «جذوة المقتبس» [4] : أظن أحد آبائه كان من أهل رمادة، موضع بالمغرب، وهو شاعر قرطبي كثير الشعر، سريع القول، مشهور عند الخاصّة والعامّة هنالك لسلوكه في فنون كثيرة من المنظوم مسالك. نفق عند الكل، حتّى كان كثير من شيوخ الأدب في وقته يقولون:
فتح الشعر بكندة، وختم بكندة، يعنون امرأ القيس، ويوسف بن هارون، والمتنبي، وكانا متعاصرين، وصنّف كتابا في الطير، وسجن مدة.
ومدح أبا [عليّ] إسماعيل [بن القاسم] القالي عند دخوله الأندلس في سنة ثلاثين وثلاثمائة بقصيدة طنّانة منها:
[1] في «العبر» : «مرارا» .
[2]
انظر «العبر (3/ 89) وقد كنّي في معظم المصادر الأخرى بأبي عمر، وانظر ما قاله الأستاذ الدكتور رضوان الداية في تعليقه على «رايات المبرزين وغايات المميزين» لأبي الحسن علي ابن موسى بن سعيد الأندلسي ص (135) طبع دار طلاس بدمشق.
[3]
وجاء في تعليق الأستاذ الدكتور رضوان الداية على «رايات المبرزين» : «جنيش» (بالجيم) الرّماد.
[4]
ص (369- 373) وقد نقل المؤلف عن «وفيات الأعيان» (7/ 225- 227) بتصرّف وما بين حاصرتين في النقل زيادة منه.
من حاكم بيني وبين عذولي
…
الشجو شجوي والعويل عويلي
في أي جارحة أصون معذّبي
…
سلمت من التعذيب والتنكيل
إن قلت في بصري فثمّ مدامعي
…
أو قلت في كبدي فثمّ غليلي
وثلاث شيبات نزلن بمفرقي
…
فعلمت أن نزولهنّ رحيلي
طلعت ثلاث في نزول ثلاثة
…
واش ووجه مراقب وثقيل
فعزلنني عن صبوتي فلئن ذلل
…
ت لقد سمعت بذلة المعزول
ومنها في المديح:
روض تعاهده السحاب كأنّه
…
متعاهد من عهد إسماعيل
قسه إلى الأعراب تعلم أنّه
…
أولى من الأعراب بالتفضيل
حازت قبائلهم لغات فرقت
…
فيهم، وحازت لغات كلّ قبيل
فالشرق خال بعده فكأنما
…
نزل الخراب بربعه المأهول
فكأنّه شمس بدت في غربنا
…
وتغيبت عن شرقهم بأفول
يا سيدي هذا ثنائي لم أقل
…
زورا ولا عرّضت بالتنويل
من كان يأمل نائلا فأنا امرؤ
…
لم أرج غير القرب من تأميلي
وله في غلام ألثغ من جملة أبيات قوله:
لا الراء تطمع في الوصال ولا أنا
…
الهجر يجمعنا فنحن سواء
فإذا خلوت كتبتها في راحتي
…
وبكيت منتحبا أنا والراء
وله فيه أيضا:
أعد لثغة في الراء لو أن واصلا
…
تسمّعها ما أسقط الراء واصل
وقال ابن بشكوال في كتاب «الصلة» [1] : يوسف بن هارون الرّمادي الشاعر، من أهل قرطبة، يكنى أبا عمر، كان شاعر أهل الأندلس المشهور
[1](2/ 674) .
المقدّم [1] ذكره على الشعراء. روى عن أبي علي البغدادي- يعني القالي- كتاب «النوادر» من تأليفه، وقد أخذ عنه أبو عمر بن عبد البرّ قطعة من شعره رواها عنه وضمنها بعض تآليفه.
قال ابن حيّان [2] : وتوفي يوم العنصرة، فقيرا معدما، ودفن بمقبرة كلع.
انتهى كلامه.
ويوم العنصرة: [هو] رابع عشري حزيران، وهو موسم للنصارى مشهور ببلاد الأندلس، وفي هذا اليوم حبس الله تعالى الشمس على يوشع بن نون عليه السلام، وفيه ولد يحيى بن زكريا عليهما السلام.
[1] في «الصلة» : «والمقدم» . (ع)
[2]
في «آ» و «ط» : «ابن حبان» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .