المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ست وأربعمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٥

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌كلمة للمحقّق

- ‌سنة إحدى وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعمائة

- ‌سنة أربع وأربعمائة

- ‌سنة خمس وأربعمائة

- ‌سنة ست وأربعمائة

- ‌سنة سبع وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعمائة

- ‌سنة تسع وأربعمائة

- ‌سنة عشر وأربعمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وأربعمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وأربعمائة

- ‌سنة أربع عشرة وأربعمائة

- ‌سنة خمس عشرة وأربعمائة

- ‌سنة ست عشرة وأربعمائة

- ‌سنة سبع عشرة وأربعمائة

- ‌سنة ثماني عشرة وأربعمائة

- ‌سنة تسع عشرة وأربعمائة

- ‌سنة عشرين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة ست وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة أربعين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة ست وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وأربعمائة

- ‌سنة خمسين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة ست وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وأربعمائة

- ‌سنة ستين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وستين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وستين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وستين وأربعمائة

- ‌سنة ست وستين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وستين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وستين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وستين وأربعمائة

- ‌سنة سبعين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة ست وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وأربعمائة

- ‌سنة ثمانين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة ست وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة تسعين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة ست وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة خمسمائة

الفصل: ‌سنة ست وأربعمائة

‌سنة ست وأربعمائة

فيها توفي الشيخ أبو حامد الإسفراييني [1] أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد، الفقيه، شيخ العراق، وإمام الشافعية، ومن إليه انتهت رئاسة المذهب. قدم بغداد صبيّا، فتفقّه على ابن المرزبان، وأبي القاسم الدّاركي، وصنّف التصانيف، وطبّق الأرض بالأصحاب، و «تعليقته» [2] في نحو خمسين مجلدا، وكان يحضر درسه سبعمائة فقيه. توفي في شوال وله اثنتان وستون سنة، وقد حدّث عن أبي أحمد بن عدي وجماعة. قاله في «العبر» .

وقال ابن شهبة [3] : ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، واشتغل بالعلم.

قال سليم [4] : وكان يحرس في درب، وكان يطالع الدرس على زيت الحرس، وأفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، وقدم بغداد سنة أربع وستين، فتفقّه على ابن المرزبان، والدّاركي، وروى الحديث عن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد بن عدي، وجماعة، وأخذ عن الفقهاء والأئمة

[1] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 57- 59) و «العبر» (3/ 94- 95) .

[2]

في «آ» : «وتعليقه» .

[3]

انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 161- 162) .

[4]

هو سليم بن أيوب بن سليم الفقيه أبو الفتح الرازي، الأديب المفسّر. انظر ترجمته في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 233- 234) .

ص: 37

ببغداد، وشرح «المختصر» في «تعليقته» التي هي في خمسين مجلدا، ذكر فيها خلاف العلماء، وأقوالهم، ومآخذهم، ومناظراتهم، حتّى كان يقال له الشافعي [الثاني][1] ، وله كتاب في أصول الفقه.

قال الشيخ أبو إسحاق [2] : انتهت إليه رئاسة الدّين والدّنيا ببغداد، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقّه، واتفق الموافق والمخالف على تفضيله وتقديمه في جودة الفقه، وحسن النظر، ونظافة العلم.

وقال الخطيب أبو بكر [3] : حدّثونا عنه، وكان ثقة، وقد رأيته [غير مرّة] وحضرت تدريسه، وسمعت من يذكر أنه [4] كان يحضر درسه سبعمائة فقيه [5]، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعيّ لفرح به. توفي في شوال، ودفن في داره، ثم نقل سنة عشر وأربعمائة إلى باب حرب. انتهى ما أورده ابن شهبة ملخصا.

وفيها أبو مناد باديس بن منصور بن بلكّين بن زيري بن مناد الحميري الصنهاجي المغربي الملك [6] ، متولّي إفريقية للحاكم العبيدي، وكان ملكا حازما شديد البأس، إذا هزّ رمحا كسره، ومات فجأة، وقام بعده ابنه المعز.

قال ابن خلّكان: وكانت ولايته بعد أبيه المنصور، وكان مولده ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بأشير، ولم يزل على ولايته وأموره جارية على السّداد، ولما كان يوم الثلاثاء

[1] سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.

[2]

انظر «طبقات الفقهاء» للشيرازي ص (124) .

[3]

انظر «تاريخ بغداد» (4/ 369) وقد نقل ابن قاضي شهبة كلامه بتصرف وتبعه المؤلف، وما بين حاصرتين زيادة منه.

[4]

في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة «وسمعت من مذاكراته» .

[5]

في «تاريخ بغداد» : «متفقه» .

[6]

انظر «وفيات الأعيان» (1/ 265- 266) وما بين حاصرتين استدركته منه و «العبر» (3/ 95) .

ص: 38

تاسع عشري ذي القعدة، سنة ست وأربعمائة أمر جنوده بالعرض، فعرضوا بين يديه وهو في قبّة الإسلام جالس إلى وقت الظهر، وسرّه حسن عسكره وبهجة زينتهم [1] وما كانوا عليه، وانصرف إلى قصره، ثم ركب عشية ذلك النهار في أجمل مركوب، ولعب الجيش بين يديه، ثم رجع إلى قصره شديد السرور بما رآه من كمال حاله، وقدّم السماط [بين يديه] فأكل مع خاصته وحاضري مائدته، ثم انصرفوا عنه وقد رأوا من سروره ما لم يروه منه [2] قطّ، فلما مضى مقدار نصف الليل من ليلة الأربعاء سلخ [ذي] القعدة قضى نحبه رحمه الله تعالى، فأخفوا أمره ورتبوا أخاه كرامة بن المنصور ظاهرا، حتّى وصلوا إلى ولده المعز فولّوه، وتم له الأمر.

وذكر في كتاب «الدول المنقطعة» [3] أن سبب موته أنه قصد طرابلس، ولم يزل [4] على قرب منها عازما على قتالها، وحلف أن لا يرحل عنها إلى أن يعيدها فدنا [5] للزراعة. فاجتمع أهل البلد [عند ذلك] إلى المؤدب محرز، وقالوا: يا وليّ الله، قد بلغك ما قاله باديس، فادع الله أن يزيل عنّا بأسه، فرفع يديه إلى السماء وقال: يا رب باديس اكفنا باديس، فهلك في ليلته بالذبحة.

والصّنهاجي: بضم الصاد المهملة وكسرها وسكون النون، وبعد الألف جيم، نسبة إلى صنهاجة، قبيلة مشهورة من حمير، وهي بالمغرب.

قال ابن دريد: صنهاجة بضم الصاد، لا يجوز غير ذلك. انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.

[1] في «وفيات الأعيان» : «وأبهجه زيّهم» .

[2]

لفظة «منه» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» و «وفيات الأعيان» .

[3]

وهو للوزير جمال الدّين أبي الحسن علي بن أبي منصور ظافر الأزدي المتوفى سنة (623) هـ- وهو كتاب بديع في بابه في نحو أربع مجلدات. عن «كشف الظنون» (1/ 762) .

[4]

في «وفيات الأعيان» : «ونزل» .

[5]

جمع فدان. انظر «لسان العرب» (فدن) .

ص: 39

وفيها أبو علي الدّقّاق، الحسن بن علي النيسابوري [1] الزاهد العارف شيخ الصوفية توفي في ذي الحجّة، وقد روى عن ابن حمدان وغيره.

قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في كتابه «الكواكب الدّريّة في تراجم الصوفية» ما ملخصه: الحسن بن علي الأستاذ أبو علي الدّقّاق النيسابوري الشافعي، لسان وقته وإمام عصره، كان فارها في العلم، متوسطا في الحلم، محمود السيرة، مجهود السريرة، جنيدي الطريقة، سرّيّ الحقيقة، أخذ مذهب الشافعي عن القفّال، والحصري، وغيرهما، وبرع في الأصول، وفي الفقه، وفي العربية، حتّى شدّت إليه الرحال في ذلك، ثم أخذ في العمل، وسلك طريق التصوف، وأخذ عن النّصرآباذي.

قال ابن شهبة: وزاد عليه حالا ومقالا، وعنه: القشيري صاحب «الرسالة» .

وله كرامات ظاهرة ومكاشفات باهرة. قيل له: لم زهدت في الدّنيا؟

قال: لما زهدت في أكثرها أنفت عن الرغبة في أقلها.

قال الغزالي: وكان زاهد زمانه وعالم أوانه، وأتاه بعض أكابر الأمراء، فقعد على ركبتيه بين يديه، وقال: عظني، فقال: أسألك عن مسألة وأريد الجواب بغير نفاق، فقال: نعم، فقال: أيما أحبّ إليك المال أو العدو؟

قال: المال. قال: كيف تترك ما تحبه بعدك وتستصحب العدو الذي لا تحبه معك، فبكى، وقال: نعم الموعظة هذه.

ومن كلامه: من سكت عن الحقّ فهو شيطان أخرس.

وقال: من علامة الشوق تمنّي الموت على بساط العوافي، كيوسف لما

[1] انظر «العبر» (3/ 95) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 169) .

ص: 40

ألقي في الجب، ولما أدخل السجن لم يقل توفّني، ولما تمّ له الملك والنعمة قال: توفني [1] .

وكان كثيرا ما ينشد:

أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت

ولم تخف شرّ ما يأتي به القدر

وسالمتك الليالي فاغتررت به

وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وقال: صاحب الحزن يقطع من الطريق في شهر ما لا يقطعه غيره في عام.

وقال: السماع حرام على العوام لبقاء نفوسهم مباح للزّهاد، لحصول مجاهداتهم مستحب لأصحابنا لحياة قلوبهم.

وقال: لو أن وليّا لله مرّ ببلدة للحق أهلها بركة مروره، حتّى يغفر لجاهلهم.

وقال: قال رجل لسهل: أريد أن أصحبك. قال: إذا مات أحدنا فمن يصحب الباقي؟ قال: الله: قال: فاصحبه الآن. انتهى ما أورده المناوي ملخصا.

وفيها أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري [2] المفسّر، صنّف في علوم القرآن، والآداب، وله كتاب «عقلاء المجانين» [3] سمع من الأصم وجماعة.

وفيها أبو يعلى المهلّبي، حمزة بن عبد العزيز بن محمد النيسابوري الطبيب [4] . روى عن محمد بن محمد بن أحمد بن دلويه، صاحب البخاري، وأبي حامد بن بلال، وجماعة، وتفرّد بالسماع من غير واحد، توفي يوم النّحر عن سنّ عالية.

[1] لفظة «توفني» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» .

[2]

انظر «العبر» (3/ 95) .

[3]

وهو مطبوع في دار النفائس ببيروت بتحقيق الدكتور عمر الأسعد.

[4]

تحرّفت في «ط» إلى «الطيب» وهو مترجم في «العبر» (3/ 96) .

ص: 41

وفيها أبو أحمد الفرضي عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي مسلم [1] المقرئ، شيخ بغداد، قرأ على أحمد بن بويان، وسمع من يوسف [بن] البهلول الأزرق، والمحاملي.

قال الخطيب: كان ثقة، ورعا، ديّنا.

وقال العتيقي: ما رأينا في معناه مثله.

وقال الأزهري: إمام من الأئمة.

وقال الذهبي: عاش اثنتين وثمانين سنة.

وفيها أبو الهيثم عتبة بن خيثمة التميمي النيسابوري [2] القاضي، شيخ الحنفية بخراسان، كان عديم النظير في الفقيه والفتوى، تفقّه على أبي الحسين قاضي الحرمين، وأبي العبّاس التّبّان [3] ، وسمع لما حجّ من أبي بكر الشافعي وجماعة، وولي [قضاء] نيسابور [4] تسع سنين.

وفيها الإمام أبو بكر بن فورك- بضم الفاء وفتح الراء- الأستاذ محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني [5] المتكلم، صاحب التصانيف في الأصول والعلم. روى «مسند الطيالسي» عن أبي محمد بن فارس، وتصدّر للإفادة بنيسابور، وكان ذا زهد وعبادة، وتوسّع في الأدب، والكلام، والوعظ، والنحو.

قال الإسنوي في «طبقاته» : أقام بالعراق مدة يدرّس، ثم توجه إلى الرّيّ فشنعت [6] به المبتدعة، فراسله أهل نيسابور والتمسوا منه التوجّه إليهم

[1] انظر «العبر» (3/ 96) .

[2]

انظر «العبر» (3/ 96- 97) .

[3]

تحرّفت في «آ» و «ط» إلى «القبال» والتصحيح من «العبر» و «اللباب» (1/ 206) .

[4]

ما بين حاصرتين مستدرك من «العبر» .

[5]

انظر «العبر» (3/ 97) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 266- 267) .

[6]

في «آ» و «ط» : «فسمعت» وهو خطأ، والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.

ص: 42

ففعل، وورد نيسابور، فبني له بها مدرسة ودار [1] فأحيا الله تعالى به أنواعا من العلوم، وظهرت بركته على المتفقهة، وبلغت مصنفاته قريبا من مائة تصنيف، ثم دعي إلى مدينة غزنة من الهند، وجرت له بها مناظرات عظيمة، فلما رجع إلى نيسابور سمّ في الطريق، فمات، فنقل إلى نيسابور فدفن بها.

ونقل عن ابن حزم، أن السلطان محمود بن سبكتكين قتله [2] لقوله:

إن نبيّنا صلى الله عليه وسلم، ليس هو رسول الله اليوم، لكنه كان رسول الله. انتهى كلام الإسنوي ملخصا.

وفيها الشريف الرضي [3] نقيب العلويين، أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد الحسيني الموسوي البغدادي الشّيعي، الشاعر المفلق، الذي يقال: إنه أشعر قريش. ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وابتدأ بنظم الشعر وله عشر سنين، وكان مفرط الذكاء، له ديوان في أربع مجلدات، وقيل: إنه حضر [4] مجلس أبي سعيد السّيرافي فسأله ما علامة النصب في عمر؟ فقال: بغض عليّ، فعجبوا من حدّة ذهنه، ومات أبوه في سنة أربعمائة أو بعدها، وقد نيّف على التسعين، وأما أخوه الشريف المرتضى فتأخر. قاله في «العبر» .

وقال ابن خلّكان: ذكره الثعالبي في «اليتيمة» فقال: ابتدأ بقول الشعر بعد أن جاوز عشر سنين بقليل، وهو اليوم أبدع [أبناء [5] الزمان، وأنجب سادة العراق، يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف، بأدب ظاهر

[1] في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «ودارا» .

[2]

في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «قبّله» وهو تصحيف فتصحح فيه.

[3]

انظر «وفيات الأعيان» (4/ 414- 420) و «العبر» (3/ 97) و «غربال الزمان» ص (342) .

[4]

في «العبر» : «أحضر» .

[5]

تحرّفت في «وفيات الأعيان» إلى «أنشاء» فتصحح فيه، وانظر «يتيمة الدهر» (3/ 155) طبع دار الكتب العلمية.

ص: 43

وفضل] [1] باهر، وحظّ [2] من جميع المحاسن وافر، ثم هو أشعر الطالبيين، من مضى منهم ومن غبر، على كثرة شعرائهم المفلقين، ولو قلت: إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق، ويشهد بما أخبرته [3] شاهد عدل من شعره العالي القدح، الممتنع عن القدح [4] ، الذي يجمع إلى السلامة متانة، وإلى السهولة رصانة، ويشتمل على معان يقرب جناها ويبعد مداها، وكان أبوه يتولى قديما نقابة الطالبيين، ويحكم فيهم أجمعين، والنظر في المظالم والحجّ بالناس، ثم ردّت هذه الأعمال كلها إلى ولده المذكور في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وأبوه حيّ.

ومن غرر شعره، ما كتبه إلى الإمام القادر بالله من جملة قصيدة:

عطفا أمير المؤمنين فإنّنا

في دوحة العلياء لا نتفرّق

ما بيننا يوم الفخار تفاوت

أبدا كلانا في المعالي معرق [5]

إلّا الخلافة بيّنتك [6] فإنني

أنا عاطل منها وأنت مطوّق [7]

ومن قوله أيضا:

رمت المعالي فامتنعن ولم يزل

أبدا يمانع عاشقا معشوق

فصبرت حتّى نلتهنّ ولم أقل

ضجرا دواء الفارك التّطليق [8]

[1] ما بين حاصرتين تكملة من «وفيات الأعيان» و «يتيمة الدهر» .

[2]

في «آ» و «ط» : و «حظّه» وأثبت لفظ «وفيات الأعيان و «يتيمة الدهر» .

[3]

في «وفيات الأعيان» : «بما أخبر به» وفي «اليتيمة» : «بما أجريه» .

[4]

تحرّفت في «آ» إلى «الندح» .

[5]

تحرّفت في «آ» إلى «مفرق» .

[6]

في «ديوانه» و «وفيات الأعيان» و «اليتيمة» : «ميّزتك» .

[7]

الأبيات في «ديوانه» (2/ 42) طبعة دار صادر.

[8]

البيتان في «ديوانه (2/ 50) والفارك: الكاره. ولعله أراد بقوله «الفارك» المرأة الكارهة لزوجها.

ص: 44

وله من جملة أبيات:

يا صاحبيّ قفا لي واقضيا وطرا

وحدّثاني عن نجد بأخبار

هل روّضت قاعة الوعساء أم مطرت

خميلة الطّلح ذات البان والغار

أم هل أبيت ودار دون [1] كاظمة

داراي وسمّار ذاك الحيّ سماري

تضوع أرواح نجد من ثيابهم

عند القدوم [2] لقرب العهد بالدّار [3]

وذكر ابن جنّي، أنه تلقن القرآن بعد أن دخل في السن، فحفظه في مدة يسيرة، وصنّف كتابا في معاني القرآن يتعذر وجود مثله، دلّ على توسعه في علم النحو واللغة، وصنّف كتابا في مجازات القرآن، فجاء نادرا في بابه.

وقد عني بجمع ديوانه جماعة، وأجود ما جمع الذي جمعه أبو حكيم الخبري [4] .

وحكي أن بعض الأدباء اجتاز بدار الشريف الرضي بسرّ من رأى، وهو لا يعرفها، وقد أخنى عليها الزمان، وذهبت بهجتها، وأخلقت ديباجتها، وبقايا رسومها تشهد لها بالنّضارة وحسن البشارة، فوقف عليها متعجبا من صروف الزمان [5] وطوارق الحدثان، وتمثّل بقول الشريف الرضي المذكور:

ولقد وقفت على ربوعهم

وطلولها بيد البلى نهب

فبكيت حتّى ضجّ من لغب

نضوي وعجّ بعذلي الركب

[1] في «ديوانه» : «عند» .

[2]

في «ديوانه» : «عند النزول» .

[3]

الأبيات في «ديوانه» (1/ 517) مع تقديم وتأخير ورواية البيت الأول منها فيه:

يا راكبان قفا لي واقضيا وطري

وخبّر اني عن نجد بأخبار

[4]

في «آ» و «ط» : «الحيري» وهو تصحيف، والتصحيح من «وفيات الأعيان» وانظر «سير أعلام النبلاء» (18/ 558- 559) و «الأعلام» (4/ 63) .

[5]

في «آ» : «الأزمان» .

ص: 45

وتلفتت عيني فمذ خفيت

عنها الطلول تلفّت القلب [1]

فمرّ به شخص فسمعه ينشد الأبيات، فقال: هل تعرف هذه الدار لمن؟ قال: لا، قال: هذه الدار لقائل هذه الأبيات الشريف الرضي فتعجب من حسن الاتفاق.

وكانت ولادة الرضي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ببغداد، وتوفي بكرة يوم الخميس سادس المحرم- وقيل صفر- سنة ست وأربعمائة [2] ببغداد، ودفن في داره بخطّ مسجد الأنباريين بالكرخ، وخربت الدار ودثر [3] القبر، ومضى أخوه المرتضى أبو القاسم إلى [4] مشهد موسى بن جعفر لأنه لا يستطيع أن ينظر إلى تابوته. وصلى عليه والوزير فخر الملك في الدار مع جماعة كثيرة. انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.

وفيها، كما قال ابن ناصر الدّين، أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفراييني [5] كان حافظا زائدا بالحفظ على أقرانه.

قال في «بديعة البيان» :

محمد بن أحمد ذاك أبو

بكر وفا تحفظا فقربوا

[1] الأبيات في «ديوانه» (1/ 181) مع شيء من الخلاف.

[2]

حصل في «آ» تقديم وتأخير في هذه الجملة وأثبت ما جاء في «ط» وهو الصواب.

[3]

في «وفيات الأعيان» : «ودرس» .

[4]

في «آ» و «ط» : «على» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .

[5]

انظر «التبيان شرح بديعة البيان» (141/ ب) .

ص: 46