الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة
فيها عيّن ابن النّسوي لشرطة بغداد، فاتفقت الكلمة من [1] السّنّة والشيعة، أنّه متى ولي نزحوا عن البلد، ووقع الصلح بهذا السبب بين الفريقين، وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة، وصلّوا في مساجد السّنّة، وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد، وتحابّوا وتواددوا [2] ، وهذا شيء لم يعهد من دهر. قاله في «العبر» [3] .
وفيها أبو الحسين التُّوزيّ [4] أحمد بن علي البغدادي المحتسب.
روى عن ابن لؤلؤ وطبقته، وكان ثقة صاحب حديث.
وفيها الملك العزيز أبو منصور بن الملك جلال الدولة بن بويه، توفي بظاهر ميّافارقين، وكانت مدته سبع سنين، وكان أديبا فاضلا له شعر حسن.
وفيها أبو الحسن بن القزويني، علي بن عمر الحربي، الزاهد القدوة، شيخ العراق. روى عن أبي عمر بن حيّويه وطبقته.
[1] في «العبر» : «في» .
[2]
في «العبر» : «وتوادّوا» .
[3]
(3/ 201) .
[4]
في «آ» و «ط» : «الثوري» وهو خطأ، والتصحيح من «تاريخ بغداد» (4/ 324) و «الأنساب» (3/ 104) و «العبر» (3/ 201) .
قال الخطيب [1] : كان أحمد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين، يقرئ ويحدّث، ولا يخرج [من بيته] إلّا إلى الصلاة، وعاش اثنتين وثمانين سنة، توفي في شعبان، وغلّقت جميع بغداد يوم دفنه، ولم أر جمعا أعظم من ذلك الجمع.
وقال المناوي في «طبقات الأولياء» : أخذ النحو عن ابن جنّي، وكان شافعيا، تفقّه على الدّاركي، وسمع حديثا كثيرا، ومن كراماته أنّه سمع الشاة تذكر الله تعالى، تقول: لا إله إلّا الله، وكان يتوضأ للعصر، فقال لجماعته:
لا تخرج هذه الشاة غدا للمرعى، فأصبحت ميتة.
وقال بعضهم: مضيت لزيارة قبره، فحصل ما يذكر الناس عنه من الكرامات، فقلت: ترى أيش منزلته عند الله، وعلى قبره مصحف، ففتحته، فإذا في أول ورقة منه وَجِيهاً في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ 3: 45 [آل عمران: 3] .
وقال الماوردي: صلّيت خلفه، وعليه ثوب مطرز، فقلت في قلبي:
أين المطرز من الزهد، فلما قضى صلاته قال: سبحان الله، المطرز لا ينقص أحكام الزهد، وكرره ثلاثا.
وقال ابن هبة: صليت خلفه العشاء بالحربية، فخرج وأنا معه بالقنديل بين يديه، فإذا أنا بموضع أطواف به مع جماعة، ثم عدنا إلى الحربية قبل الفجر، فأقسمت عليه أين كنّا قال: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ 43: 59 [الزّخرف: 59] ذلك البيت الحرام، وله حكايات كثيرة تدل على أن الله أكرمه بطيّ الأرض.
وقال ابن الدلّال: كنت أقرأ على ابن فضلان، فقال- وقد جرى ذكر كرامات القزويني-: لا تعتقد أنّ أحدا يعلم ما في قلبك، فخرجت فدخلت
[1] انظر «تاريخ بغداد» (12/ 43) وقد نقل المؤلف كلامه عن «العبر» للذهبي وهو بدوره نقل عن «تاريخ بغداد» بتصرف، وما بين حاصرتين زيادة منه.
على القزويني، فقال: سبحان الله مقاومة معارضة. روي عن المصطفى [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: «إنّ تحت العرش ريحا هفّافة تهبّ إلى قلوب العارفين» [1] . وروى عنه [صلى الله عليه وسلم] : « [قد] كان فيمن مضى قبلكم محدّثون، فإن يكن في أمتي [أحد] فعمر» [2] . وقال بعضهم: أصابتني ريح المفاصل، حتّى زمنت لأجلها، فأمرّ القزوينيّ يده عليها من وراء كمّه، فقمت من ساعتي معافي.
وقال ابن طاهر: أدركت سفرا وكنت خائفا، فدخلت للقزويني أسأله الدعاء، فقال- قبل أن أسأله-: من أراد سفرا ففزع من عدو أو وحش، فليقرأ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ 106: 1 [قريش: 1] فإنها أمان من كل سوء [3] ، فقرأتها، فلم يعرض لي عارض حتّى الآن.
ولما مات أغلقت البلد لمشهده، ولم ير في الإسلام بعد جنازة أحمد بن حنبل أعظم من جنازته. انتهى ما أورده الشيخ عبد الرؤوف المناوي ملخصا.
وفيها أبو القاسم الثمانيني- بلفظ العدد، نسبة إلى ثمانين، قرية بالموصل، وهي أول قرية بنيت بعد الطوفان، سمّيت بعدد الجماعة الذين خرجوا من السفينة مع نوح عليه السلام، فإنهم كانوا ثمانين، وهي عند الجبل الجودي- عمر بن ثابت الضرير النحوي، أحد أئمة العربية بالعراق.
أخذ النحو عن أبي الفتح بن جنّي، وأخذ عنه الشريف أبو المعمر يحيى بن
[1] ذكره السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 264) مرفوعا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم ينسبه لأحد من أصحاب المصادر.
[2]
حديث صحيح تقدم تخريجه في المجلد الأول ص (177) فراجعه.
[3]
قلت: أراد- رحمة الله تعالى- قرّاء السورة كلها، لأن قوله تعالى في آخرها: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ من جُوعٍ وَآمَنَهُمْ من خَوْفٍ 106: 3- 4 هو بيت القصيد من وصيته، والله أعلم.
محمد بن طباطبا العلوي الحسني، وكان هو وأبو القاسم بن برهان والعوّام يقرؤون على الثمانيني، وتوفي في ذي القعدة. انتهى ملخصا.
وفيها محمد بن عبد الواحد بن زوج الحرّة، أبو الحسن أخو أبي يعلى، وأبي عبد الله، وكان أوسط الثلاثة. روى عن ابن لؤلؤ وطائفة.
وفيها أبو طاهر بن العلّاف، محمد بن علي بن محمد البغدادي الواعظ. روى عن القطيعي وجماعة، وكان نبيلا وقورا [1] ، له حلقة للعلم بجامع المنصور.
[1] لفظة: «وقورا» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» و «العبر» .