الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وخمسين وأربعمائة
فيها توفي ابن سميق، أبو عمر، أحمد بن يحيى بن أحمد بن سميق القرطبي، نزيل طليطلة، ومحدّث وقته. روى عن أبي المطرّف بن فطيس، وابن أبي زمنين، وطبقتهما، وكان قوي المشاركة في عدة علوم، حتّى في الطب، مع العبادة والجلالة، وعاش ثمانين سنة.
وفيها الأمير المظفّر أبو الحارث أرسلان بن عبد الله البساسيري التّركي، مقدّم الأتراك ببغداد، يقال: إنه كان مملوك بهاء الدولة بن بويه، وهو الذي خرج على الإمام القائم بأمر الله ببغداد، وكان قدّمه على جميع الأتراك، وقلّده الأمور بأسرها، وخطب له على منابر العراق، وخوزستان، فعظم أمره، وهابته الملوك، ثم خرج على الإمام القائم بأمر الله من بغداد، وخطب للمستنصر العبيدي صاحب مصر، فراح الإمام القائم إلى أمير العرب محيي الدّين أبي الحارث مهارش بن المجلّي العقيلي صاحب الحديثة وأعانه [1] ، فآواه، وقام بجميع ما يحتاج إليه مدة سنة كاملة، حتّى جاء طغرلبك السلجوقي، وقاتل البساسيري المذكور، وقتله، وعاد القائم إلى بغداد، وكان دخوله إليها في مثل اليوم الذي خرج منها، بعد حول كامل، وكان ذلك من غرائب [2] الاتفاق، وقصته مشهورة، قتله عسكر السلطان
[1] في «وفيات الأعيان» : «وعانه» .
[2]
في «آ» و «ط» ، «من غريب» وما أثبته من «وفيات الأعيان» .
طغرلبك السلجوقي ببغداد يوم الخميس، منتصف ذي الحجة، وطيف برأسه في بغداد، وصلب قبالة باب النوبي.
والبساسيري: بفتح الباء الموحدة والسين المهملة، وبعد الألف سين مكسورة، ثم ياء ساكنة مثناة من تحتها، وبعدها راء، هذه النسبة إلى بلدة بفارس يقال لها بسا [1] وبالعربية فسا [1] ، والنسبة إليها بالعربية فسوي، ومنها الشيخ أبو علي الفارسي النحوي، وأهل فارس يقولون في النسبة إليها البساسيري، وهي نسبة شاذة على خلاف الأصل، وكان سيد أرسلان المذكور من بسا، فنسب إليه المملوك، واشتهر بالبساسيري. قاله ابن خلّكان [2] .
وفيها أبو عثمان النّجيرمي- بفتح النون والراء، وكسر الجيم، نسبة إلى نجيرم، محلة بالبصرة [3]- سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد النيسابوري، محدّث خراسان ومسندها. روى عن جدّه أبي الحسين، وأبي عمرو بن حمدان وطبقتهما، ورحل إلى مرو، وإسفرايين، وبغداد، وجرجان، وتوفي في ربيع الآخر.
وفيها أبو المظفّر عبد الله بن شبيب الضبّي، مقرئ أصبهان، وخطيبها، وواعظها، وشيخها، وزاهدها، أخذ القراءات عن أبي الفضل الخزاعي، وسمع من أبي عبد الله بن مندة وغيره، وتوفي في صفر.
وفيها أبو الحسن الزّوزني- بفتح الزايين وسكون الواو، نسبة إلى زوزن، بلد بين هراة ونيسابور- علي بن محمود بن ماخرة، شيخ الصوفية
[1] قال ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 412) : بسا: بالفتح، ويعرّبونها فيقولون فسا، مدينة بفارس.
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (1/ 192- 193) .
[3]
وقال ياقوت في «معجم البلدان» (5/ 274) : نجيرم: بليدة مشهورة دون سيراف مما يلي البصرة على جبل هناك على ساحل البحر.
ببغداد، في رمضان، عن خمس وثمانين سنة. وكان كثير الأسفار، سمع بدمشق عن عبد الوهاب الكلابي وجماعة.
وفيها أبو طالب العشاري، محمد بن علي بن الفتح الحربي الصالح.
روى عن الدّارقطني وطبقته، وعاش خمسا وثمانين سنة، وكان جسده طويلا، فلقبوه العشاري، وكان فقيها حنبليا، تخرّج على أبي حامد، وقبله على ابن بطة، وكان خيّرا، عالما، زاهدا.
قال ابن أبي يعلي في «طبقات الحنابلة» [1] : كان العشاري من الزهّاد، صحب أبا عبد الله بن بطة، وأبا حفص البرمكي، وأبا عبد الله بن حامد.
وقال ابن الطيوري: قال في بعض أهل البادية: إنا [2] إذا قحطنا [3] استسقينا بابن العشاري، فنسقى.
وقال: لما قدم عسكر طغرلبك، لقي بعضهم ابن العشاري في يوم الجمعة، فقال له: أيش معك يا شيخ؟ قال: ما معي شيء، ونسي أن في جيبه نفقة، ثم ذكر، فنادى بذلك القائل له، وأخرج ما في جيبه وتركه بيده، وقال: هذا معي، فها به ذلك الشيخ، وعظّمه ولم يأخذه.
وله كرامات كثيرة. مولده سنة ستين وثلاثمائة، وموته يوم الثلاثاء تاسع عشري جمادى الأولى، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ودفن في مقبرة إمامنا بجنب أبي عبد الله بن طاهر، وكان كل واحد منهما، زوجا لأخت الآخر.
انتهى ملخصا.
[1](2/ 192) .
[2]
لفظة «إنّا» لم ترد في «طبقات الحنابلة» الذي بين يدي.
[3]
في «طبقات الحنابلة» : «قحطتنا» .