الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد في المقنع والمغني التسليمة الثانية، في إحدى الروايتين، وفي الأخرى أنها سنة، وأبو الخطاب، وأبو البركات وغيرهما على الخلاف هل الثانية ركن أو سنة، بل المذهب عند أبي بكر، والقاضي والأكثرين أنها ركن، وقد أشعر كلام الخرقي بأن ما عدا ذلك سنة، والله سبحانه أعلم.
[باب سجود السهو]
قال:
باب سجدتي السهو
ش: لا إشكال في مشروعية ذلك في الجملة، والأحاديث مستفيضة بذلك.
قال: ومن سلم وقد بقي عليه شيء من صلاته أتى بما بقي عليه من صلاته وسلم، ثم [كبر و] سجد سجدتي السهو، ثم تشهد وسلم، لما روى أبو هريرة، وعمران بن الحصين رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك.
ش: قد ذكر الخرقي رحمه الله الحكم ودليله، وهو حديث أبي هريرة، وحديث عمران بن حصين.
613 -
أما حديث أبي هريرة ففي الصحيحين، «عن ابن سيرين، عنه، قال: صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إحدى صلاتي العشي، فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: أقصرت الصلاة؟ وفي القوم أبو بكر وعمر، فهاباه أن يكلماه، وفي القوم رجل يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال «لم أنس، ولم تقصر» فقال: «أكما يقول ذو اليدين؟» فقالوا: نعم. فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه: ثم سلم؟ فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم.»
614 -
وأما حديث عمران فرواه مسلم وغيره، ولفظه:«أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى العصر، فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله - وفي لفظ - فدخل الحجرة، فقام إليه رجل يقال له: «الخرباق» وكان في يده طول، فقال: يا رسول الله. فذكر له صنيعه، فخرج غضبان، يجر رداءه، حتى انتهى إلى الناس، فقال:«أصدق هذا؟» قالوا: نعم. فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم» .
615 -
وعن عمران بن حصين أيضا «، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى بهم فسهى، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم» . رواه أبو داود والترمذي.
وقول الخرقي: ومن سلم. أي ساهيا، إذ كلامه في السهو، لأنه لو فعل ذلك عامدا بطلت صلاته، وقوله: وقد بقي عليه شيء. يشمل القليل والكثير، وكذا أطلق أبو الخطاب، وأبو محمد، وغيرهما، وشرط أبو البركات أن يكون ذلك من نقص ركعة تامة فأكثر، أما لو كان النقص سجدة ونحوها فإنه يسجد له قبل السلام، وقد نص أحمد على ذلك، في رواية حرب، وهو موجب الدليل، لأن قاعدة أحمد أن السجود كله قبل السلام، إلا في هذين الموضعين
لورود النص بهما، والنص إنما ورد في نقص ركعة تامة أو ركعتين، فإن كان الخرقي أراد الإطلاق فلعله يقول: لا فرق بين نقص ركعة وسجدة، فهو من باب لا فارق.
وقوله: أتى بما بقي عليه. مشعر بأن صلاته لا تبطل بالسلام، وهو صحيح إن كان سلامه ظنا منه أن صلاته قد انقضت، أما لو كان السلام من العشاء [يظن] أنها التراويح، أو من الظهر يظن أنها جمعة، أو فجر فائتة، فإن الأولى تبطل، ولا بناء، نص عليه، لاشتراط دوام النية ذكرا أو حكمه، وقد زالت باعتقاد صلاة أخرى.
وقوله: أتى بما بقي عليه. شرطه أن لا يطول الفصل، ولا يشترط البقاء في المسجد، نص أحمد على ذلك في رواية ابن منصور، محتجا بحديث عمران بن حصين المتقدم، وشرط أبو محمد أيضا أن لا ينتقض وضوءه، والذي ينبغي أن يكون حكم الحدث هنا حكم الحدث في الصلاة هل يبني معه، أو يستأنف، أو يفرق بين حدث البول والغائط، وغيرهما؟ على الخلاف، وقول الخرقي يشمل وإن دخل في صلاة أخرى،
وهو المشهور عنه، فعلى هذا يبني ما لم يطل الفصل، وعنه: يستأنفها، كذا أطلق الرواية أبو البركات، وفي المغني اختصاص الرواية بما إذا كانت الثانية تطوعا، وقال الشيرازي: يجعل ما عمل في الثانية تماما للأولى.
(تنبيه) : يتشهد كالتشهد الأخير، قاله السامري، والله أعلم.
قال: ومن كان إماما فشك فلم يدر كم صلى، تحرى، فبنى على أكثر وهمه، ثم سجد [أيضا] بعد السلام، كما روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ش: إذا شك الإمام أو المنفرد في عدد الركعات، بنيا على اليقين، على إحدى الروايات، اختارها أبو بكر، والقاضي، وأبو الخطاب، وأبو البركات.
616 -
لما روى عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: «إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر: واحدة صلى أم اثنتين؟ فليجعلها واحدة، وإن لم يدر: ثنتين صلى أو
ثلاثا. فليجعلها اثنتين، وإن لم يدر: ثلاثا صلى أم أربعا. فليجعلها ثلاثا، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس، قبل أن يسلم سجدتين» رواه أحمد والترمذي وصححه. وروى ذلك من حديث أبي سعيد، رواه مسلم وغيره، ويحمل تحري الصواب في خبر عبد الله بن مسعود على استعمال اليقين، لأنه أحوط، فهو أقرب إلى الصواب (والرواية الثانية) يبنيان على غلبة ظنهما.
617 -
لما روى ابن مسعود [رضي الله عنه] أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين» متفق عليه، ويحمل ما تقدم على استواء الأمرين، فإنه لا خلاف إذا في البناء على اليقين.
(والرواية الثالثة) يبني الإمام على غالب ظنه، والمنفرد على اليقين، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتحري لما جرى عليه السهو في حال إمامته، فحملناه على من كان مثل حاله، وحملنا النص باليقين على المنفرد، جمعا بين الأحاديث، والمعنى في ذلك أن الإمام يبعد غلطه، إذ وراءه من ينبهه، فمتى سكتوا عنه علم أنه على الصواب، بخلاف المنفرد، وهذه الرواية اختيار الخرقي، وأبي محمد، وقال: إنها المشهورة. أما المأموم فإنه يرجع إلى فعل الإمام والمأمومين، بناء على [أن] الإمام إذا سبح به المأمومون أنه يرجع إليهم، كذلك المأموم، وحيث قلنا بالبناء على غلبة الظن، فإن السجود له بعد السلام، لنص حديث عبد الله بن مسعود، والله أعلم.
قال: وما عدا ذلك من السهو فسجوده قبل السلام، مثل المنفرد إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى فبنى على اليقين، أو قام في موضع جلوس، أو جلس في موضع قيام، أو جهر في موضع تخافت، أو خافت في موضع جهر، أو صلى خمسا، أو ما عداه من السهو فكل ذلك يسجد له قبل السلام.
ش: ما عدا الصورتين المتقدمتين - وهو ما إذا سلم وقد بقي عليه شيء من صلاته، وما إذا كان إماما فبنى على غلبة
ظنه، وقد تقدما مع دليلهما من صور سجود السهو، فإن السجود له قبل السلام، لما تقدم من حديث عبد الرحمن بن عوف، وعن أبي سعيد نحوه.
618 -
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما ترك التشهد الأول سجد له قبل أن يسلم.
619 -
وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس، قبل أن يسلم» » وهذا يشمل كل سهو، وهو مقتضى القياس، خرج منه الصورتان المتقدمتان، لحديث أبي هريرة، وعمران بن حصين، قال أحمد: لولا ما جاء عنه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم لكان السجود كله قبل السلام، لأنه من تمام الصلاة (وعن أحمد) رواية أخرى أن السجود كله قبل السلام، لما تقدم من حديث أبي هريرة، (وعنه) : ما
كان من زيادة فهو بعد السلام، وما كان من نقص فهو قبله، والأول هو المذهب، وعلى رواية أن الإمام يبني على اليقين، فالسجود كله قبل السلام إلا في صورة، فيكون في المسألة أربع روايات.
وقول الخرقي: مثل المنفرد إذا شك فبنى على اليقين. قد تقدم ذلك، وأن المنفرد يبني على اليقين، على الصحيح بلا نزاع.
وقوله: أو قام في موضع جلوس. كما إذا قام عن التشهد الأول، أو عن الأخير، أو عن جلسة الفصل بين السجدتين، وقوله: أو جلس في موضع قيام. كما إذا جلس عقب الأولى أو الثالثة في الرباعية، نعم إن كان جلوسه يسيرا فلا [سجود عليه] . وقوله: أو جهر في موضع تخافت. كالجهر في الظهر ونحوها، أو خافت في موضع جهر، كأن خافت في الصبح وهو إمام، ونحو ذلك، وقد اختلف عن أحمد [رحمه الله] هل يسن السجود لهاتين الصورتين وما في معناهما من السنن.
620 -
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لكل سهو سجدتان» أم الأولى تركه.
621 -
لأن أنسا [رضي الله عنه] جهر في موضع تخافت فلم يسجد، ثم أبو محمد يخص الروايتين بالسنن القولية دون الفعلية، وأبو الخطاب وأبو البركات يجريانهما في جميع السنن.
وقوله: أو صلى خمسا. يعني إذا كان في رباعية، وكذا أربعا إذا كان في ثلاثية، وثلاثا إذا كان في ثنائية، ولهذه الصور التي ذكره الخرقي [رحمه الله] تفاريع وتقاسيم تحتاج إلى بسط وتطويل.
(تنبيه) قال أبو البركات: الخلاف في محل السجود، وهل هو قبل السلام أو بعده في الاستحباب، أما الجواز فإنه لا خلاف فيه، ذكره القاضي، وأبو الخطاب في خلافيهما، وظاهر كلام أبي محمد وأكثر الأصحاب خلاف هذا، وفي المستوعب فيما أظن أو غيره: وكل السهو يوجب السجود قبل السلام، إلا في موضعين، وقد حكى ابن تميم المسألة على وجهين، والله أعلم.
كلام الخرقي، لما تقدم من حديث عمران بن حصين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو بعد أن دخل الحجرة، وتلخص أربعة أقوال، اشتراط المسجدية، وقرب الفصل، وإلغاؤهما، واشتراط الأول دون الثاني، وعكسه.
وقول الخرقي: كبر. وكذلك يكبر في الرفع من السجدتين، لأن في حديث أبي هريرة: كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، [ثم رفع رأسه ثم سجد مثل سجوده أو أطول] .
وقوله: وتشهد وسلم. قد تقدم التشهد في حديث عمران بن الحصين، وتقدم السلام في ما تقدم من الأحاديث، ويسلم تسليمتين، والله أعلم.
قال: وإذا نسي أربع سجدات من أربع ركعات، وذكر وهو في التشهد، سجد سجدة تصح له ركعة، ويأتي بثلاث ركعات، ويسجد للسهو، في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله، والرواية الأخرى، قال: كأن هذا يلعب، يبتدئ الصلاة من أولها.
ش: الرواية الأولى هي المشهورة، وهي مبنية على أصل لنا،