الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخرقي رحمه الله والله أعلم - التنبيه على ذلك اكتفاء بذكر نصاب الذهب والفضة، إذ بذلك ينتبه الناظر، على أن الواجب فيه كالواجب فيهما.
وقد شمل كلام الخرقي [رحمه الله ما أخرجه من أرض مباحة، أو مملوكة، وهو صحيح، وشمل أيضا] الإخراج على أي صفة كان، وقد شرط الأصحاب في الإخراج أن يخرجه في دفعة أو دفعات، لم يترك العمل بينهما ترك إهمال، والله سبحانه أعلم.
[باب زكاة التجارة]
ش: الأصل في وجوب زكاة التجارة عموم قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] الآية وقوله: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] .
1248 -
وروى سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: أما بعد «فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع» . رواه أبو داود.
1249 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة. رواه البيهقي. مع أن ذلك قد حكاه ابن المنذر إجماعا، وإن كان قد حكي فيه خلاف شاذ عن داود ونحوه، والله أعلم.
قال: والعروض إذا كانت للتجارة قومها إذا حال [عليها] الحول وزكاها.
ش: العروض جمع عرض بسكون الراء، ما عدا الأثمان، كأنه سمي بذلك لأنه يعرض ليباع ويشترى، تسمية للمفعول باسم المصدر، كتسمية المعلوم علما. والحكم الذي حكم به الخرقي، وجوب الزكاة في عروض التجارة، وقد تقدم [دليل] ذلك، واشترط لذلك حولان الحول.
1250 -
وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» [وظاهر] إطلاق الخرقي يقتضي [وجوب] الزكاة لكل حول، وهو كذلك، خلافا لمالك في اقتصاره على وجوب الزكاة في الحول الأول.
وقوله: قومها، إشعار بأنه لا يعتبر ما اشتريت به، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى. وفيه إشارة بأن الزكاة تجب في القيمة لا في العين، وأن الإخراج يكون منها.
وقوله: إذا كانت للتجارة. صيرورتها للتجارة بأن يملكها بفعله، بنية التجارة بها، ولا يشترط أن يملكها بعوض على الأصح، فلو ملكها بغير فعله - كأن ملكها بإرث - أو بفعله لكن لم ينو التجارة بها لم تصر للتجارة، وكذا إن ملكها بفعله لكن بلا عوض كأن اتهبها، أو غنمها على وجه، نعم لو نواها للتجارة بعد ففيه روايتان يأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
«تنبيه» : وقدر الواجب ربع العشر بلا نزاع، والله أعلم.
قال: ومن كانت له سلعة للتجارة، ولا يملك غيرها، وقيمتها دون المائتي درهم، فلا زكاة عليه حتى يحول [عليه] الحول من يوم ساوت مائتي درهم.
ش: يشترط لوجوب الزكاة فيما أعد للتجارة أن تبلغ قيمته نصابا [بلا نزاع، ويعتبر وجود النصاب في جميع الحول كالأثمان، فعلى هذا لو كانت عنده سلعة للتجارة لا تبلغ قيمتها نصابا] فلا زكاة فيها حتى تبلغ قيمتها نصابا، فينعقد عليها الحول إذا على المذهب، حتى جعله [جماعة] رواية
واحدة، وقيل عنه إذا كمل النصاب بالربح، فحوله [من] حين ملك الأصل كالماشية في رواية.
وقوله: ومن كانت له سلعة للتجارة ولا يملك غيرها، احترازا مما إذا ملك غيرها من الدراهم أو الدنانير، فإنه يضم إليها، فإن بلغا نصابا انعقد الحول عليهما، وإلا فلا.
وقوله: ساوت مائتي درهم؛ وكذا إذا ساوت عشرين مثقالا، لما سيأتي إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
قال: وتقوم السلع إذا حال عليها الحول بما هو أحظ للمساكين من عين أو ورق، ولا يعتبر ما اشتريت به.
ش: لأنه قد وجب تقويمه لحق المساكين شرعا، فاعتبر الأحظ لهم، كما لو اشترى سلعة بعرض فحال عليها الحول ولها نقدان مستعملان، فإنها تقوم بما هو أحظ للمساكين، [فكذلك ههنا] فعلى هذا إذا بلغت قيمتها نصابا بالدراهم دون الدنانير قومت به، وإن كان اشتراها بالدنانير، وكذلك بالعكس، فإن بلغت بكل منهما نصابا، قومت بالأحظ منهما أيضا للفقراء عند القاضي، وأبي محمد في الكافي، وصاحب التلخيص وغيرهم.
وقال في المغني: تقوم بأيهما شاء، لكن الأولى أن تقوم بنقد البلد، والله أعلم.
قال: وإذا اشتراها للتجارة، ثم نواها للاقتناء، ثم نواها للتجارة، فلا زكاة فيها حتى يبيعها، فيستقبل بثمنها حولا.
ش: أما إذا اشتراها للتجارة ثم نواها للاقتناء، فلا إشكال في انقطاع الحول، وسقوط الزكاة، لأنه نوى ما هو الأصل وهو القنية، فوجب اعتباره، كما لو نوى المسافر الإقامة، فإذا عاد فنواها للتجارة لم تصر للتجارة، على أنص الروايتين، [وأشهرهما] واختارها الخرقي، والقاضي، وأكثر الأصحاب، لأن ما لا تتعلق به الزكاة من أصله، لا يصير محلا لها بمجرد النية، كالمعلوفة إذا نوى فيها السوم.
(والثانية) : تصير للتجارة اختارها أبو بكر، وابن أبي موسى، وابن عقيل، وأبو محمد في العمدة، لعموم حديث سمرة المتقدم، ولأنها تصير للقنية بمجرد النية، فكذا للتجارة بل أولى، تغليبا للإيجاب، وفرق بأن القنية هي الأصل، فالنية ترد إليها، بخلاف التجارة، فعلى الأولى لا زكاة حتى يبيع العرض فيستقبل بثمنه حولا، والله أعلم.