الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فضة كالنعلين، ولا يحرم، وألحق أبو الخطاب وجماعة حمائل السيف - وهي علائقه -[بالمنطقة] وجزم القاضي بالمنع، وحكاه عن أحمد. والله أعلم.
قال: والمتخذ آنية الذهب والفضة عاص، وفيها الزكاة.
ش: هذا المشهور المعروف، المنصوص [عليه] من الروايتين، حتى أن القاضي في التعليق، وجمهور الأصحاب لم يحكوا خلافا، إذ الاتخاذ يراد للاستعمال، والاستعمال محرم، فكذلك الاتخاذ، دليله آلات اللهو، كالطنبور، والعود. (والرواية الثانية) : يباح الاتخاذ، نظرا [إلى] أن المحرم الاستعمال، أما الاتخاذ فإنه تغيير المال من صفة إلى صفة، فلا يؤثر والله أعلم.
[زكاة الركاز]
قال: وما كان من الركاز - وهو دفن الجاهلية، قل أو كثر - ففيه الخمس لأهل الصدقات، وباقيه فله.
ش: عرف الخرقي رحمه الله الركاز بأنه دفن الجاهلية، ويعرف ذلك بأن توجد عليه أسماء ملوكهم، أو صلبانهم، ونحو ذلك. قال مالك رحمه الله في الموطأ: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، والذي سمعت أهل العلم يقولون، أن الركاز إنما هو
دفن يوجد من دفن الجاهلية، ما لم يطلب بمال، ولم يتكلف فيه بنفقة، ولا كبير عمل ولا مؤنة. انتهى أما ما وجد عليه علامة المسلمين كأسماء ملوكهم، وأنبيائهم، أو آية من القرآن، أو نحو ذلك، أو على بعضه، فليس بركاز، لأن ذلك قرينة صيرورته إلى مسلم، وكذلك لو لم يوجد عليه علامة، لانتفاء الشرط، وهو علامة الكفار.
إذا تقرر [ذلك] فما حكم بأنه ركاز ففيه الخمس.
1244 -
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» رواه الجماعة، ولا فرق بين القليل والكثير، لعموم الحديث، ولأنه مال مخمس من مال الكفار، أشبه الغنيمة، ومصرف الخمس لأهل الزكاة، في إحدى الروايتين، اختارها الخرقي، نظرا إلى أنه مستفاد من الأرض، أشبه المعدن.
1245 -
وعن علي رضي الله عنه أنه أمر صاحب الكنز أن يتصدق به على المساكين، حكاه الإمام أحمد. (والرواية الثانية) –
وهي اختيار ابن أبي موسى، والقاضي في تعليقه وجامعه وابن عقيل، وأبي محمد - أن مصرفه مصرف الفيء، لأنه مال كافر مخموس، أشبه الغنيمة.
1246 -
ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه والباقي بعد الخمس لواجده، وله صور:(إحداها) : إذا وجده في موات، أو في أرض لا يعلم مالكها، أو في ملكه الذي ملكه بالإحياء، ونحو ذلك، فهذا يكون له بلا نزاع. (الثانية) : وجده في ملك انتقل إليه بهبة أو بيع، أو غير ذلك، [فهو] لواجده أيضا، في أنص الروايتين، واختيار القاضي في التعليق، نظرا إلى أنه يملك بالظهور عليه، أشبه الغنيمة.
(والرواية الثانية) : يكون لمن انتقل عنه إن اعترف به، وإلا فلأول مالك، قال أبو محمد: فإن لم يعرف أول مالك فكالمال الضائع، نظرا إلى أنه يملك بملك الأرض كأجزائها
ولهذه المسألة التفات إلى مسألة المباح من الكلأ ونحوه، هل يملك بملك الأرض، أو لا يملك إلا بالأخذ؟ فيه روايتان، كذا أشار إليه القاضي وغيره.
(الثالثة) : وجده في ملك آدمي معصوم، كأن دخل دار إنسان فحفر فوجد ركازا، فحكمه حكم الذي قبله، فيه الروايتان عند أبي البركات، وأبي محمد في المقنع وقطع صاحب التلخيص هنا تبعا لأبي الخطاب في الهداية أنه لمالك الأرض، وقد أورد على القاضي هذه المسألة، فقال: لا يمتنع أن يقول: [إنه] لواجده، كما لو وجد طائرا أو ظبيا. انتهى. وقد نص أحمد فيمن استأجر إنسانا ليحفر له بئرا، فوجد ركازا، أنه لصاحب الدار، ونص في رواية الكحال في الساكن إذا وجد كنزا أنه له، ومن مسألة الأجير أخذ القاضي وغيره الرواية في الملك المنتقل إليه [أنه يكون لمن انتقل إليه] قالوا: لأنه لم يجعله للأجير بالظهور، بل جعله لمالك الأرض، ثم إن القاضي في التعليق كلامه يقتضي أنه سلم مسألة الأجير، فقال لما أورد عليه الأجير: عمله لغيره. وهذا التسليم يمنع من جريان الخلاف، ويشعر بتقرير النصوص على ظواهرها.
(الرابعة) : وجده في أرض الحرب بنفسه، فهو ركاز، وإن وجده بجماعة لهم منعة فهو غنيمة.
واعلم أن ظاهر كلام الخرقي أنه لا فرق [بين] أن يكون الركاز ذهبا، أو عروضا، أو غير ذلك، ونص عليه أحمد. وظاهر كلامه أيضا أن هذا الخمس لا يجب إلا على مسلم، فإنه قال: يصرف لأهل الصدقات. فيكون صدقة، وقد قال: إن الصدقة لا تجب إلا على الأحرار المسلمين. وكذا قال في التلخيص، إن قلنا: إنه زكاة. لم تجب على الذمي، [وإن قلنا: إنه فيء. وجب عليه، وقدم في المغني أنه يجب على الذمي] ثم قال: ويتخرج أن لا يجب عليه بناء على أنه زكاة، قال: والأول أصح.
«تنبيه» : العجماء: الدابة، والجبار: الهدر، يعني أن الدابة إذا أتلفت شيئا فلا شيء فيه، وهذا له موضع يذكر فيه إن شاء الله تعالى، وكذا المعدن والبئر إذا تلف بهما أجير فلا شيء فيه، والله أعلم.
قال: وإذا أخرج من المعادن [من الذهب] عشرين مثقالا، أو من الورق مائتي درهم، أو قيمة ذلك من الرصاص، أو الزئبق أو الصفر، أو غير ذلك مما يستخرج من الأرض، فعليه الزكاة من وقته والله أعلم.
ش: المعادن جمع معدن بكسر الدال، قال الأزهري: سمي معدنا لعدون ما أنبته الله سبحانه وتعالى فيه، أي لإقامته يقال: عدن بالمكان، يعدن عدونا، والمعدن المكان الذي عدن فيه الجوهر من جواهر الأرض، أي ذلك كان. انتهى، وصفة المعدن الذي تتعلق به الزكاة ما يخرج من الأرض، مما يخلق [فيها] من غيرها، سواء كان أثمانا أو غيرها، ينطبع أو لا ينطبع، لعموم قَوْله تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] والأصل في وجوب الزكاة فيه في الجملة هذه الآية الكريمة.
1247 -
وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد، أن «رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية» ، وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها [إلا] الزكاة إلى اليوم. رواه أبو داود، ومالك في الموطأ. قال أبو عبيد:
القبلية بلاد معروفة في الحجاز.
وإنما تجب الزكاة إذا أخرج نصابا من الذهب، أو الفضة، أو ما يبلغ أحدهما من غيرهما، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«ليس فيما دون خمس أواق صدقة» ليس عليك شيء [يعني] في الذهب، حتى يكون لك عشرون دينارا وإنما لم يلحق بالركاز لأن الركاز مال كافر، أشبه الغنيمة، وهذا وجب مواساة، وشكرا لنعمة الغنى، فاعتبر له النصاب كسائر الأموال، ولا يعتبر له الحول كما تقدم، ولأنه مستفاد من الأرض، أشبه الزروع والثمار، وقدر الواجب فيه ربع العشر، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«في الرقة ربع العشر» ولأن الواجب زكاة، بدليل قصة بلال رضي الله عنه، وإذا كان زكاة كان الواجب فيه ربع العشر بلا ريب، وإنما ترك