الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
997 -
ش: عن عمر رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله: إذا رأيت روحي بلغت لهاتي، فضع كفك اليمنى على جبهتي، واليسرى تحت ذقني. ولأنه إذا ترك قد تدخل الهوام في فيه.
قال: وجعل على بطنه مرآة أو غيرها، لئلا يعلو بطنه.
998 -
ش: وعن أنس رضي الله عنه أنه مات مولى له فقال: ضعوا على بطنه شيئا من حديد. انتهى، وإذا لم يكن حديد فطين مبلول والله أعلم.
[غسل الميت]
قال: وإذا أخذ في غسله ستر من سرته إلى ركبته.
ش: إذا [أريد] غسله وجب ستر عورته، وهو ما بين سرته وركبتيه على المذهب، أو السوأتان فقط على رواية، حذارا من النظر إليها.
999 -
وقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي: «لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» واستحب تجريده على ظاهر كلام الخرقي وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار ابن أبي موسى، والشيرازي، وأبي الخطاب في الهداية، وأبي محمد، لأنه
أمكن في غسله، وأبلغ في تطهيره، إذ يحتمل أن يخرج منه شيء فينجس الثوب به، ثم قد ينجس الميت.
1000 -
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا، أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا أوقع الله عليهم النوم، حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه. فقاموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميص، يصبون الماء فوق القميص، ويدلكونه بالقميص. رواه أحمد وأبو داود. وهذا يدل على أن عادتهم في الموتى كان هو التجريد، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم علم ذلك، وغسله صلى الله عليه وسلم في ثوب من خصائصه، ثم المفسدة وهي احتمال تنجس الثوب منتفية في حقه عليه الصلاة والسلام لأنه طيب حيا وميتا (والرواية الثانية) الأفضل أن يغسل في ثوب، مستدلا بأنه صلى الله عليه وسلم غسل وعليه ثوب، وبه قطع القاضي في الجامع الصغير، وفي التعليق، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، وابن البنا، ونصره أبو البركات، لأنه هو الذي اختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، فكان أولى.
قال: والاستحباب أن] لا يغسل تحت السماء.
ش: حذارا من أن يستقبل السماء بعورته.
1001 -
قال: ولا يحضره إلا من يعين في أمره ما دام يغسل.
ش: أي والاستحباب أن لا يغسل بحضرة أحد إلا معاون في أمره، بأن يصب الماء، أو يناول حاجة، ونحو ذلك، لأن الحاجة داعية إلى المعاون دون غيره، ولاحتمال عيب كان به وهو يستره، أو يظهر منه ما يستنكر في الظاهر.
قال: ويلين مفاصله إن سهلت عليه وإلا تركها.
ش: ليسهل غسله وتكفينه ونحو ذلك، ويفعل ذلك عقب موته، قبل أن يبرد، هذا إن سهل ذلك، أما إن عسر التليين فإنه يترك، لاحتمال كسر بعض أعضائه.
1002 -
وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كسر عظم الميت ككسر عظم الحي» .
قال: ويلف على يده خرقة فينقي ما به من نجاسة.
ش: يلف على يده خرقة لئلا يمس عورته الممنوع من مسها، كما منع من النظر إليها بطريق الأولى، ودليل الأصل حديث علي المتقدم.
1003 -
وذكر المروذي عن أحمد رحمه الله أن علي بن أبي طالب حين غسل النبي صلى الله عليه وسلم لف على يده خرقة، حين غسل فرجه. وصفة ذلك أن يلف على يده خرقة، فيغسل بها أحد الفرجين، ثم ينحيها ويأخذ أخرى للفرج الآخر، وفي المجرد أنه يكفي خرقة واحدة للفرجين، وحمل على أنها غسلت وأعيدت، لأن الأصحاب قالوا: إن كان خرقة خرج عليها شيء لا يعيدها.
قال: ويعصر بطنه عصرا رفيقا.
ش: يعصر بطنه ليخرج ما في بطنه من فضلة، مخافة أن يخرج بعد الغسل والتكفين.
قال: ويوضئه وضوءه للصلاة.
ش: قياسا على غسل الحي.
1004 -
وفي الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية في غسل ابنته «ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها» .
قال: ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه فإن كان فيهما، أذى أزاله بخرقة.
ش: لما قال: إنه يوضئه [وضوءه] للصلاة اقتضى أن يمضمضه وينشقه، فاستثنى ذلك، فقال: لا يدخل الماء في فيه ولا أنفه، وذلك لاحتمال دخوله بطنه، ثم يخرج فيفسد وضوءه، وربما حصل منه انفجار، وبهذا علل أحمد، واستحب أحمد وعامة الأصحاب أن يدخل أصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه، فيمسح أسنانه، وفي منخريه فينظفهما، لأمن ما تقدم، مع قوله: صلى الله عليه وسلم «إذا أمرتكم بأمر» وأوجب ذلك أبو الخطاب في خلافه للحديث، والأولى أن يكون ذلك بخرقة نص عليه، صيانة لليد عن الأذى، وإكراما للميت.
قال: ويصب عليه الماء، فيبدأ بميامنه، ويقلبه على جنبيه، ليعم الماء سائر جسده.
ش: يصب عليه الماء بعد الوضوء، فيبدأ برأسه، ثم بسائر جسده، ويبدأ بميامنه، كما يفعل بالحي، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ابدأن بميامنها» الحديث، ويقلبه على جنبيه ليعم بقية بدنه، المطلوب تعميمه شرعا، وصفة ذلك أن يغسل رأسه ولحيته أولا، ثم يده اليمنى من منكبه إلى كفه، وصفحة عنقه اليمنى، وشق صدره، وفخذه، وساقه يغسل الظاهر من ذلك وهو مستلق، ثم يغسل الأيسر كذلك، ثم يرفعه من جانبه الأيمن ولا يكبه لوجهه، فيغسل الظهر، وما هناك من وركه، وفخذه، وساقه، ثم يغسل شقه الأيسر كذلك، ذكره أبو محمد تبعا للقاضي، وإذا يفرغ من غسله مرة في أربع دفعات، قال أبو البركات: وظاهر كلام أحمد - في رواية حرب، وابن منصور، وأبي الخطاب -[أنه] يفعل ذلك [في] دفعتين، فيحرفه أولا على جنبه الأيسر، فيغسل شقه الأيمن من جهتي ظهره وصدره كما وصفنا. ثم يحرفه على جنبه الأيمن، ويغسل الأيسر كذلك، قال أبو البركات: وهو أقرب إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «ابدأن بميامنها» وأشبه بغسل الجنابة، وما ذكره القاضي أبلغ في النظافة، وكيفما فعل أجزأه، والله أعلم.
قال: ويكون في كل المياه شيء من السدر، ويضرب [السدر] فيغسل برغوته رأسه ولحيته.
1005 -
ش: في الصحيحين «في حديث أم عطية، في غسل ابنته، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورا» .
1006 -
وفي «حديث ابن عباس في المحرم اغسلوه بماء وسدر» .
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط كون السدر يسيرا، ولا يجب الماء القراح بعد ذلك، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في الأول، ونصه في الثاني، قال في رواية صالح: يغسل بماء وسدر الثلاث غسلات. وقال [له] أبو داود: أفلا يصبون ماء قراحا ينظفه؟ قال: إن صبوا فلا بأس. واحتج بحديث أم عطية، وشرط ابن حامد كون السدر يسيرا، وقيل عنه: يكون درهما ونحوه، لئلا يخرجه عن الطهورية، وقال القاضي، وأبو الخطاب، وطائفة ممن تبعهما: يغسل أولا بثفل السدر، ثم عقب ذلك بالماء القراح، فيكون الجميع غسلة واحدة، والاعتداد بالآخر دون الأول، سواء زال السدر أو بقي منه شيء، لأن أحمد شبه غسله بغسل الجنابة، والجنب كذا يفعل، وحذارا من زوال طهورية الماء بكثير السدر، وعدم تأثيره بقليله، وهذا من الأصحاب بناء على المذهب عندهم، من أن الماء تزول طهوريته بتغيره بالطاهرات، وأبو محمد لما كان يميل إلى عدم زوال الطهورية والحال هذه احتج لظاهر كلام أحمد
لكن قد يغلب على أجزائه، فيسلبه الطهورية بلا خلاف، فلهذا حمل أبو البركات كلام الخرقي على قول القاضي وغيره.
ومنصوص أحمد والخرقي أن السدر يكون في الغسلات الثلاث، وعنه صلى الله عليه وسلم: يختص بالأولى، والثانية، لتكون الثالثة للكافور، وجعله أبو الخطاب مختصا بالأولى، لئلا يبقى من جرمه شيء، والله أعلم.
قال: ويستعمل في كل أموره الرفق به.
ش: من تقليبه وتليين مفاصله، وعصر بطنه، ونحو ذلك، لأن حرمته كحرمة الحي، وحذارا من أن ينفصل بعض أعضائه، فيفضي إلى المثلة [به] وعنه:«كسر عظم الميت ككسر عظم الحي» .
قال: والماء الحار، والأشنان، والخلال، يستعمل إن احتيج إليه.
ش: إذا احتيج إلى الماء الحار لبرد، أو لإزالة وسخ، أو إلى الأشنان للوسخ، [أو إلى الخلال، لإزالة شيء من بين الأسنان] ونحو ذلك استعمل نظرا للحاجة، وإلا فالأولى ترك
ذلك، لأن الماء الحار يرخي الميت، والأشنان لم يرد، والخلال ربما حصل به تأذية الميت، ولهذا استحب أن يكون من شجرة لينة، والله أعلم.
قال: ويغسل الثالثة بماء فيه كافور وسدر، ولا يكون فيه سدر صحيح.
ش: يجعل في الغسلة الثالثة مع السدر كافورا، لحديث أم عطية رضي الله عنها «واجعلن في الأخيرة كافورا» والحكمة فيه أنه يصلب الجسد ويبرده، ويمنع الهوام برائحته، ولا يكون في الماء سدر صحيح، لعدم الفائدة في ذلك، إذ الحكمة في السدر التنظيف، والتنظيف، إنما هو بالمطحون، قال القاضي: ويجعل الكافور في الماء، لأنه لا يسلبه الطهورية، واختار أبو البركات أنه يجعل مع سدر الأخيرة على ما تقدم، لحصول المقصود، وفرارا من أن يتغير الماء، فيزول على وجه.
وقد اقتضى كلام الخرقي أنه يغسل ثلاثا وهذا هو المسنون بلا ريب، قال صلى الله عليه وسلم في ابنته «اغسلنها ثلاثا» الحديث.
قال: فإن خرج منه شيء غسله إلى خمس، فإن زاد فإلى سبع.
ش: يعني إذا خرج منه شيء بعد تغسيله، وقبل تكفينه فإنه يغسل إلى خمس، ثم إن خرج بعد غسل إلى سبع، نص عليه أحمد، وعليه جمهور الأصحاب، لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم في ابنته «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك» وفي رواية «أو سبعا» وليكون آخر أمره الطهارة الكاملة، واختيار أبي الخطاب في الهداية أنه لا يعاد غسله، بل يغسل موضع النجاسة ويوضأ، كالجنب إذا أحدث بعد غسله، والخارج من غير السبيل كالخارج منه في إعادة الغسل له، نص عليه في رواية الأثرم، وقال في رواية أبي داود: هو أسهل. فيحتمل أن لا يعاد له الغسل مطلقا، ويحتمل أن لا يعاد إذا كان يسيرا، كما لا ينقض الوضوء يسيره.
وقد اقتضى كلام الخرقي - والمسألة التي تأتي بعد - أنه لا يعاد غسله بعد السبع، ونص عليه أحمد والأصحاب، لما في الإعادة من الحرج والمشقة، ولئلا يفسد باسترخائه.
قال: فإن زاد حشاه بالقطن.
ش: أي إذا زاد الخارج بعد السبع فإنه لا يعاد غسله كما تقدم، وإنما يحشى محل الخارج بالقطن ليمتنع الخارج، وكالمستحاضة، وقال أبو الخطاب في الهداية، وصاحب النهاية فيها: يلجم المحل بالقطن، فإن لم يمنع حشاه به، إذ الحشو فيه توسيع للمحل ومباشرة له، فلا يفعل إلا عند الحاجة إليه.
ولم يذكر الخرقي الوضوء حذارا من الحرج والمشقة، وقال جماعة من الأصحاب: إنه يوضأ كالجنب إذا أحدث بعد الغسل، وهما روايتان منصوصتان.
قال: فإن لم يستمسك فبالطين الحر.
ش: إن لم يستمسك الخارج بالقطن حشاه بالطين الحر أي الخالص، لأنه له قوة تمنع الخارج.
قال: وينشفه بثوب.
ش: لئلا يبتل الكفن فيسرع تلفه، وربما أسرع إلى إفساد الميت.
1007 -
ويروى أن «النبي صلى الله عليه وسلم لما غسل جفف» . رواه أحمد.
«تنبيه» الفرض في الغسل غسل مرة واحدة، بالماء القراح، كغسل الجنابة، والنية على الصحيح، لأنه تطهير أشبه تطهير الحي، وقيل: لا تشترط، لأن المقصود التنظيف، أشبه غسل النجاسة، ويظهر أو يتعين إن قيل: غسله لتنجيسه بالموت. وفي التسمية وجهان، وقيل: روايتان، وهل يشترط الفعل؟ فيه وجهان، فلو وضعه تحت ميزاب، ونوى غسله حتى غمره الماء انبنى على الخلاف، أما الغريق فإن لم يشترط الفعل ولا النية لم يحتج إلى غسل، وإن اشترطا احتيج إلى إخراجه وغسله، وإن اشترط أحدهما عمل على ذلك، كغسل الجنابة، وشرط غاسله أن يكون ممن تصح طهارته، فلا يصح من كافر، لأنه عبادة وليس من أهلها، وخرج الصحة بناء على عدم اشتراط النية، وعلى الأول هل يصح إن حضر المسلم وأمر الكافر؟ فيه قولان، ولا من مجنون بل من مميز، وخرج عدم الصحة كأذانه، لأنه فرض وليس من أهله، والله أعلم.
قال: وتجمر أكفانه.
ش: أي تبخر.
1008 -
لما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جمرتم الميت فأجمروه ثلاثا» رواه أحمد.