الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش: قياسا على من اشتبهت عليه أدلة القبلة، فإن صلى [مع القدرة عليه] بغير اجتهاد لم يجزه لأنه ترك فرضه، وبدونها كما إذا خفيت عليه الأدلة وجهان، أصلهما إذا صلى على حسب حاله، لخفاء أدلة القبلة، والله أعلم.
قال: فإن صام شهرا يريد به شهر رمضان فوافقه أو ما بعده أجزأه، وإن وافق ما قبله لم يجزئه.
ش: إذا تحرى وصام شهرا يريد به شهر رمضان، فإن لم ينكشف له الحال فلا ريب عندنا في الإجزاء، وإن تبين له الحال فإن وافق شهر رمضان فبها ونعمت، ولا يضره التردد في النية، لمكان الضرورة، وإن وافق بعده أجزأه أيضا، ولا يضره عدم نية القضاء وإن اشترطت، لمحل العذر، وإن وافق [ذلك] قبله لم يجزئه لعدم تعلق الخطاب به إذا.
وظاهر إطلاق الخرقي أنه متى وافق شهرا بعده أجزأه، وإن كان ناقصا ورمضان تام، وصرح بذلك القاضي، وصاحب التلخيص، وأورده أبو البركات مذهبا، كما لو نذر شهرا، واختار أبو محمد أنه يلزمه بعدة أيام رمضان، لظاهر قَوْله تَعَالَى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ، والله أعلم.
[الأيام التي يحرم صيامها]
قال: ولا يصام يوما العيدين، ولا أيام التشريق، لا عن فرض، ولا عن تطوع، فإن قصد لصيامهما كان عاصيا،
ولم يجزئه عن فرض، وفي أيام التشريق عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى: أنه يصومها للفرض.
ش: لا يجوز أن يصام يوم العيد لا الفطر ولا الأضحى عن فرض ولا عن تطوع.
1369 -
لما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين، يوم الفطر ويوم النحر، وفي لفظ للبخاري: «لا صوم في يومين» ؛ ولمسلم: «لا يصح الصوم في يومين» .
1370 -
وعن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: «شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى، ثم انصرف فخطب الناس، فقال: إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما، يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم» . متفق عليه. فإن قصد صيامهما كان عاصيا، لقصده ارتكاب ما نهى الشارع عنه، ولم يجزئه عن فرض، لارتكابه النهي المقتضي لفساد المنهي عنه، هذا هو المشهور، وهو قياس المذهب فيمن صلى في ثوب غصب، أو [في] بقعة
غصب، أو حج بمال غصب، أن باع وقت النداء ونحو ذلك، والمنصوص عن أحمد - في رواية مهنا - الصحة مع التحريم. وهو قياس القول الآخر في هذه المسائل.
وقول الخرقي: ولم يجزئه عن فرض. ربما أوهم أنه يجزئه عن التطوع، وليس كذلك، وإنما المحتاج إليه في البيان [هو الفرض] ، أما التطوع فقد اقتضى كلامه أنه يعصي بقصد صومه، والحكم على صحته وفساده لا حاجة إليه. انتهى.
أما أيام التشريق فلا يجوز صيامها عن تطوع.
1371 -
لما روى نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر الله تعالى» رواه مسلم.
1372 -
«وعن سعد بن أبي وقاص قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أيام منى «إنها أيام أكل وشرب، ولا صوم فيها» يعني أيام التشريق» . رواه أحمد.
و [في] جواز صومها عن الفرض روايتان: (إحداهما) - وهي التي رجع إليها [أحمد] أخيرا قال: كنت أذهب إليه، - يعني [عن] صوم المتمتع لأيام التشريق - فأما اليوم فإني أهابه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«هي أيام أكل وشرب» واختيار الخرقي، وابن أبي موسى، والقاضي، والشيرازي وغيرهم - لا يجوز لما تقدم.
1373 -
وعن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم خمسة أيام في السنة، يوم الفطر، ويوم النحر، وثلاثة [أيام التشريق» . رواه الدارقطني] . (والثانية) : يجوز إذ يوم النحر أحد العيدين، فوجب أن يختص بحظر الصوم فيه دون ما بعده، دليله يوم الفطر، وابن أبي موسى خص الخلاف بالصوم عن دم المتعة، ونص أحمد بالجواز إنما هو في ذلك، نعم أومأ إلى الجواز في النذر.
1374 -
وذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله
عنهما قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. رواه البخاري وأجاب القاضي عن هذا بأنه خاص مختلف فيه، والأول عام متفق عليه، فتقدم على المختلف فيه. انتهى، وفيه نظر، فعلى الأول إن صامها فهو كصيام يوم العيد على ما مر.
«تنبيه» : أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، من ذي الحجة، سميت بذلك لأنهم يشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يقطعونها تقديدا وقيل: بل لأجل صلاة العيد وقت شروق الشمس. وقيل: بل لأن الذبح بعد الشروق، والله أعلم.
قال: وإذا رؤي الهلال نهارا قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المقبلة.
ش: أما بعد الزوال فللمقبلة بلا نزاع نعلمه، لقربه منها.
1375 -
ولقصة عمر رضي الله عنه، وأما قبله فعنه للماضية لقربه منها. وعنه للمقبلة، وهي المذهب.
1376 -
لما روى أبو وائل قال: جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين: أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا، إلا أن يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس عشية. وهذا يشمل ما قبل الزوال وبعده، (وعنه) إن كان في أول الشهر فللماضية، وفي آخره للمقبلة، احتياطا للعبادة.
«تنبيه» : هذا التعليل وكلام أبي محمد [وغيره] يقتضي أن هذا مختص برمضان، فاللام في كلام الخرقي للعهد، والله أعلم.