الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبما قرب منه، وفي قدر القريب وجهان (أحدهما) تحديده بما لو مشى إليه لدفع مار، أو فتح باب، ونحو ذلك لم تبطل صلاته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفع المار مطلقا، خرج منه بالإجماع بعيد، تبطل الصلاة بالمشي إليه، فيبقى ما عداه على الظاهر، وهو اختيار أبي محمد.
(والثاني) : أنه محدود بثلاثة أذرع، وهو الأقوى عند أبي البركات، نظرا إلى أن ذلك منتهى المسنون في وضع السترة والله أعلم.
[ما يقطع الصلاة]
قال: ولا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم [والله أعلم] .
ش: هذا [إحدى] الروايتين عن أحمد، وأشهرها على ما قال أبو محمد.
765 -
لما «روى عبد الله بن الصامت قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول: [سمعت] رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا صلى الرجل وليس بين يديه كآخرة الرحل، قطع صلاته الكلب الأسود، والحمار، والمرأة» فقلت لأبي ذر: ما بال الكلب الأسود، من الأحمر، من الأبيض؟ فقال: يابن أخي سألتني عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «الكلب الأسود شيطان» رواه الجماعة إلا البخاري.
766 -
وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] أن النبي صلى الله عليه وسلم[قال] : «يقطع الصلاة المرأة، والكلب، والحمار، ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل» رواه مسلم.
767 -
وعن عبد الله بن مغفل مثله، رواه أحمد، وابن ماجه، وهذا نص في القطع بالثلاث ترك [العمل به] في المرأة والحمار.
768 -
لأن عائشة رضي الله عنها لما قيل لها ذلك قالت: بئس ما عدلتمونا بالكلاب والحمر، ولقد رأيتني معه مضطجعة على سرير، فيجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسط السرير فيصلي.
وفي لفظ: «كان يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة اعتراض الجنازة» .
769 -
«وعن ابن عباس [رضي الله عنهما] قال: أقبلت راكبا على حمار أتان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، [فنزلت] وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد» . متفق عليهما. وهذان يعارضان ما روي [من] القطع
بالمرأة والحمار، فيجب التوقف فيهما. أما القطع بالكلب فلا معارض له، فيجب العمل به.
770 -
وما روى الفضل بن عباس قال: «زار النبي صلى الله عليه وسلم عباسا في بادية لنا، ولنا كليبة وحمارة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم[العصر] وهما بين يديه، فلم يؤخرا ولم يزجرا» . رواه أحمد، والنسائي. ليس فيه بيان الكليبة ما هي، فيحمل على أنها لم تكن سوداء، جمعا بين الأحاديث.
والرواية الثانية - وهي اختيار أبي البركات - يقطع الكلب، والمرأة، والحمار لما تقدم أولا، إذ كون المرأة والحمار يقطعان لا بد فيه من إضمار، والمرور فيه مضمر بيقين، فلا إيراد علينا، إذ الأصل عدم الإضمار، وإذا ثبت أن المرور فيه مضمر، فعائشة [رضي الله عنها] لم تمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت لابثة، فالحديث لم يتناولها.
771 -
يؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفع المار، ولو كان حيوانا، وجوز جعل البعير، وظهر الرجل سترة، وأقر [عائشة
- رضي الله عنها] على اضطجاعها أمامه، فبان بهذا أن المرور مفارق للبث، وحديث ابن عباس فيه أنه مر بين يدي بعض الصف، ولم يذكر أنه مر بين يدي الإمام.
772 -
وما روي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقطع الصلاة شيء، وادرؤوا ما استطعتم، فإنما هو شيطان» رواه أبو داود، وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو ضعيف، ثم لو ثبت فهو عام فيخص بما تقدم.
وقول الخرقي: الأسود البهيم. ليس في الحديث ذكر البهيم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم علل القطع بكونه شيطانا.
773 -
وقد قال [النبي]صلى الله عليه وسلم: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها [كل] أسود بهيم، فإنه شيطان» فبين صلى الله عليه وسلم أن الشيطان منها هو الأسود البهيم، فعلم أنه المراد في نص القطع، والبهيم هو الذي لا يخالط سواده شيء من البياض، في إحدى الروايتين، حتى لو كان بين عينيه بياض فليس ببهيم، كذا قال ثعلب. (والرواية الأخرى) - وهي الصحيحة عند أبي البركات - أنه بهيم وإن كان بين عينيه بياض.
774 -
لما «روى جابر [رضي الله عنه] قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم نهى عن قتلها، وقال: «عليكم بالأسود البهيم، ذي الطفيتين، فإنه شيطان» مختصر رواه مسلم والطفية
خوص المقل، شبه الخطين الأبيضين منه بالخوصتين. ولو كان البياض في غير هذا الموضع فليس ببهيم رواية واحدة، اعتمادا على قول أهل اللغة، من غير تعارض.
وكلام الخرقي يشمل الفرض والنفل، وهو المشهور والمعمول به، وعنه [ما يدل على] أن النفل لا يبطل بذلك، اعتمادا على حديث عائشة [رضي الله عنها][فإنه ورد فيه، وحملا لأحاديث القطع على الفرض، ومن قال بالأول أخذ بالعموم] وقال: حديث عائشة لا يعارض ذلك لما تقدم، وقول:[الخرقي] لا بد فيه أيضا من إضمار المرور كما تقدم في الحديث، وقد يحمل على إطلاقه، وقد اختلف عن أحمد فيما يقطع الصلاة مروره، هل يقطع إذا كان واقفا؟ (فعنه) : يقطع، لعموم الحديث، نظرا إلى أن المضمر له عموم، ولأن عائشة [رضي الله عنها] فهمت التسوية بينهما، وإلا لم تعارض ذلك باضطجاعها بين يديه صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فقضية عائشة كانت خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم أو واردة على الإباحة الأصلية، وحديث أبي ذر ونحوه ناقل. (وعنه) لا يقطع. تفرقة بين اللبث والمرور، كما فرق بينهما بالدفع كما