الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى ذكر هذه الصورة، وبهذا يعرف أنه ليس مراده أن الأمي تصح صلاته مطلقا، إذ ذلك مشروط بأن يكون عن يمين الإمام، أو يكون معه أمي آخر، أما لو كان هو والقارئ فقط خلف الإمام فإن صلاتهما تفسد، لأن الأمي - وإن انعقد إحرامه فذا - لكن فسدت صلاته بدوام فذوذيته، وهل تبطل صلاة الإمام والحال هذه؟ فيه احتمالان، أشهرهما البطلان، وفي المذهب وجه آخر حكاه ابن الزاغوني أن الفاسد يختص بالقارئ، ولا تبطل صلاة الأمي، قال ابن الزاغوني: واختلف القائلون به في تعليله، فقال بعضهم: إن القارئ تكون صلاته نافلة، فما خرج من الصلاة فلم يصر الأمي بذلك فذا. وقال بعضهم: صلاة القارئ باطلة على الإطلاق، لكن اعتبار معرفة هذا على الناس أمر يشق، ولا يمكن الوقوف عليه، فعفي عنه للمشقة، اهـ. ويحتمل أن الخرقي اختار هذا الوجه، فيكون كلامه على إطلاقه، والله أعلم.
[إمامة المشرك والمرأة والخنثى المشكل]
قال: وإن صلى خلف مشرك، أو امرأة، أو خنثى مشكل أعاد الصلاة.
ش: أما المشرك فلا يجوز أن يؤتم به، ومن ائتم به أعاد الصلاة، وإن لم يعلم حاله [غالبا] لأن صلاته لا تصح لنفسه، فلا تصح لغيره، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يؤمن فاجر مؤمنا» والكفر لا يخفى غالبا، فالجاهل به مفرط، هذا
هو المعروف في النقل، وفي المذهب، وحكى ابن الزاغوني [رواية] بصحة صلاته، بناء على صحة إسلامه بها، وبنى على صحة صلاته صحة إمامته، على احتمال، وهو بعيد. (وأما المرأة) فلا يجوز أن تؤم رجلا، ولا خنثى مشكلا، لما روى جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«لا تؤمن امرأة رجلا» رواه ابن ماجه، والخنثى يحتمل أن يكون رجلا، ويصح أن يؤم المرأة، كما نص عليه الخرقي بعد.
وكلامه يشمل الفرض والنفل، ولا نزاع في الفرض، أما في النفل فظاهر كلام الخرقي أيضا المنع، وهو رواية حكاها ابن أبي موسى [وهو اختيار أبي الخطاب] وأبي محمد، عملا بإطلاق الحديث، ومنصوص أحمد - في رواية المروذي، وهو اختيار عامة الأصحاب - أنها يجوز أن تؤمهم في صلاة التراويح، وتكون وراءهم.
715 -
لما «روي أن أم ورقة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أصلي ويصلي بصلاتي أهل داري وموالي، وفيهم رجال ونساء، يصلون بقراءتي، ليس معهم قرآن. فقال: «قدمي الرجال أمامك وقومي مع النساء، ويصلون بصلاتك» رواه المروذي بإسناده، ورواه أبو داود، ولفظه: وكانت قرأت القرآن، واستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذنا [فأذن لها]
وأمرها أن تؤم أهل دارها. مختصر. (وشرط هذه المسألة) أن تكون قارئة وهم أميون، أو يحسنون الفاتحة أو شيئا يسيرا معها. وقال القاضي في الخلاف: إنما تجوز إمامتها في القراءة خاصة، دون بقية الصلاة. معتمدا على ما رواه أبو طالب عنه، قال: تؤم المرأة الرجل، والمرأة تقرأ، فإذا قرأت ركع وركعت، يكون هذا في التطوع ولا يكون في الفرض. قال القاضي: فقدم ركوعه على ركوعها، فعلم أنه الإمام فيه، وذلك لأن هذا مقصود الرخصة [انتهى] . وهل حكمي غير التراويح من النفل حكمها، قياسا عليها، وهو ظاهر رواية أبي طالب، أو يختص ذلك بالتراويح، وهو ظاهر رواية المروذي، واختيار القاضي في المجرد، للحاجة إلى استماع القرآن في الصلاة؟ فيه قولان.
وأما الخنثى المشكل فلا يصح أن يؤم رجلا، لاحتمال كونه امرأة، ولا خنثى مشكلا لاحتمال كون المؤتم رجلا والخنثى امرأة، والفرض لا يسقط بالشك، وحكى ابن الزاغوني احتمالا بصحة إمامته بمثله للتساوي. انتهى، ويجوز أن يؤمهما فيما يجوز للمرأة أن تؤم فيه الرجل على ما تقدم، ويجوز أن يؤم النساء، لأن للرجل أن يؤمهن، وكذلك للمرأة أن تؤمهن، وهو لا يخلو من إحداهما، ويقفن خلفه، حذارا من أن يكون رجلا واقفا إلى جنب امرأة، وقال القاضي: رأيت لأبي حفص البرمكي أن الخنثى لا تصح صلاته في جماعة، لأنه إن قام مع الرجال احتمل أن يكون امرأة، وإن قام مع النساء، [أو] وحده، أو ائتم بامرأة، احتمل أن يكون رجلا، وإن أم الرجال احتمل أن يكون امرأة [وإن أم النساء فقام وسطهن احتمل أنه رجل، وإن قام بين أيديهن احتمل أن يكون امرأة] قلت: وهذا ظاهر إطلاق الخرقي، ولعله يبني على أن المرأة إذا خالفت موقفها فوقفت بين يدي النسوة أن صلاتها تبطل، وهو احتمال، أو وجه