الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقدم، وقد تبين لك أن لأحمد رحمه الله في الجمع بين الأحاديث ثلاث طرق فتارة جمع بالفرق بين الفرض والنفل، وتارة بالفرق بين اللابث والجالس، [وتارة بدعوى التخصيص بالنبي صلى الله عليه وسلم والله سبحانه وتعالى أعلم] .
[باب صلاة المسافر]
ش: فعل الرباعية في السفر ركعتين في الجملة أمر مجمع عليه، لا نزاع فيه، حتى إن من العلماء من يوجبه، ومستند الإجماع قول الله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] الآية، وما تواتر من الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر حاجا، ومعتمرا، وغازيا، وكذلك أصحابه من بعده.
775 -
وقد «قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين» ، وأبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم كذلك، متفق عليه. (فإن قيل) : فظاهر الآية الكريمة التقييد بالخوف من الكفار؟ (قيل) : قد قال أبو العباس رحمه الله: إن القصر قصران، قصر مطلق، وقصر مقيد، فالمطلق ما اجتمع فيه قصر الأفعال، وقصر العدد، كصلاة الخوف، حيث كان
مسافرا، فإنه يجتمع فيه القصران، قصر العدد، وقصر العمل، فإنه يرتكب فيها أمور لا تجوز في صلاة الأمن، والآية وردت على هذا، وما عدا هذا فهو قصر مقيد، كالمسافر فقط، يقصر العدد، والخائف فقط، يقصر العمل، وهذا توجيه حسن في الآية الكريمة.
776 -
لكن يرد عليه ما روي «عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فقد أمن الناس؟ فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته» رواه الجماعة إلا البخاري. فظاهر ما فهمه عمر ويعلى تقييد قصر العدد بالخوف، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على ذلك، وبين لهما أن جواز القصر من غير شرط الخوف صدقة من الله عليهم، والله أعلم.