الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيبقى فيما عداه على مقتضى العموم، وما تقدم من حديث علي رضي الله عنه، والله أعلم.
[زكاة الحلي وآنية الذهب والفضة]
قال: وليس في حلي المرأة زكاة إذا كان مما تلبسه أو تعيره.
ش: المذهب المنصوص، المختار للأصحاب أنه لا زكاة في الحلي في الجملة، قال أحمد في رواية الأثرم: فيه عن خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1234 -
وقد رواه مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها، وابن عمر.
1235 -
ورواه الدارقطني عن أسماء بنت أبي بكر، وأنس بن مالك.
1236 -
وقال أبو يعلى: أنبأنا القاضي أبو الطيب الطبري، قال: ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الباقي، قال: ثنا أبو الحسين أحمد بن المظفر الحافظ، قال: ثنا أحمد بن عمير بن جوصا، قال: ثنا إبراهيم بن أيوب [قال: ثنا عافية بن أيوب] عن ليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليس في الحلي زكاة» وهذا نص، إلا أنه ضعيف من قبل عافية» .
ولأنه عدل به عن النماء إلى فعل مباح، أشبه ثياب البذلة، وعبيد الخدمة، ودور السكنى، أو نقول: معد لاستعمال مباح، أشبه ما ذكرنا.
وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى حكاها ابن أبي موسى: تجب فيه الزكاة، لعموم قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم:«في الرقة ربع العشر» ولعموم مفهوم: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» .
1237 -
وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن [جده] قال: «إن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان
من ذهب، فقال:«أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا. قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟» [فخلعتهما]، فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله» . رواه الترمذي، والنسائي، وأبو داود، وهذا لفظه.
1238 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: «ما هذا يا عائشة» ؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله. قال: «أتؤدين زكاتهن؟» فقلت: لا. أو ما شاء الله. قال: «هو حسبك من النار» . رواه أبو داود. وقد أجيب عن عموم الآية،
والحديثين الأولين بدعوى تخصيصهما بما تقدم. وعن الحديثين الآخرين بأن فيهما كلاما، وقد قال الترمذي بعد ذكر حديث عمرو بن شعيب: لا يصح في هذا الباب شيء وعلى تسليم الصحة بأن ذلك حين كان الحلي بالذهب حراما على النساء، فلما أبيح لهن سقطت منه الزكاة، قاله القاضي وغيره.
1239 -
[أو] بأن المراد بالزكاة عاريته، هكذا روي عن سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وغيرهما، ويجوز التوعد على المندوبات، كما في قَوْله تَعَالَى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] أو بأن المراد ما صنع بعد وجوب الزكاة فيه.
إذا تقرر هذا فقد تقدمت الإشارة بأن الأصل وجوب الزكاة في الذهب والفضة، إلا حيث عدل به عن جهة النماء، إلى فعل مباح مطلوب، كما إذا صيره للبس، أو للعارية.
أما الحلي المحرم - قال أبو العباس: وكذلك المكروه، وما أعد للكراء، أو التجارة أو النفقة عند الحاجة [إليه]- فهو باق على أصله في وجوب الزكاة.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا فرق بين قليل الحلي وكثيره، وهو المذهب. نعم يقيد ذلك بما جرت عادتهن بلبسه، كالسوار، والتاج، والخلخال، بخلاف ما لم تجر عادتهن به، كمنطقة الرجل، واتخاذ قبقاب [من ذهب] ونحو ذلك، فإنه يحرم، وتجب فيه الزكاة. وجعل ابن حامد ما بلغ ألف مثقال يحرم [في حقها مطلقا، وحكاه في التلخيص رواية، وتوسط ابن عقيل فقال: إن بلغ الحلي الواحد ألف مثقال حرم] وإن زاد المجموع على ألف فلا.
«تنبيه» : «المسكة» بالتحريك السوار من الذبل، وقيل: هي من قرن الأوعال، وإذا كانت من غير ذلك أضيف إلى ما هي منه، فيقال: من ذهب، أو من فضة. أو غير ذلك «والفتخة» بالتحريك، وجمعها فتخات بفتحتين، حلقة من فضة لا فص لها، فإذا كان فيها فص فهي خاتم. وقال
عبد الرزاق: هي الخواتم، وتجعل في الأرجل، وقيل في الأيدي، والله أعلم.
قال: وليس في حلية سيف الرجل، ومنطقته، وخاتمه زكاة.
ش: إنما سقطت [الزكاة] من ذلك لإباحتها للرجال، فهي كحلية النساء، [إذ قد صرفت عن جهة النماء إلى فعل مباح، أشبهت ثياب البذلة] والدليل على إباحة ذلك.
1240 -
أما السيف فلأن أنسا رضي الله عنه قال: «كانت قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم فضة» .
1241 -
وقال هشام بن عروة: كان سيف الزبير محلى بالفضة. رواهما الأثرم. وأما المنطقة فلأن ذلك معتاد للرجل، أشبه الخاتم، وهذا المشهور، والمختار للأصحاب من الروايتين. وعن أحمد رحمه الله أنه كرهها، لما فيها من الفخر، والخيلاء.
1242 -
وأما الخاتم فلأن «النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق؛» متفق عليه.
«تنبيهات» : «أحدها» : قول الخرقي يشمل التحلية بالذهب والفضة، وينبغي أن يحمل كلامه على الفضة، لأن الذهب لا يباح منه إلا حلية السيف، على المشهور [من الروايتين] ولا يلحق به كل سلاح على قول العامة، خلافا للآمدي، وما دعت إليه الضرورة كشد الأسنان به، ولا يباح اليسير منه مفردا كالخاتم، بلا خلاف أعلمه ولا تبعا لغيره على المذهب، فلو حمل كلامه على الذهب لزم فساده في الخاتم قطعا، وفي المنطقة على المذهب.
(الثاني) : قول الخرقي: حلية السيف. يشمل القبيعة، وهي ما على طرف مقبضه وغيرها، وأكثر الأصحاب يخص ذلك بالقبيعة، وكان أبو العباس كتب في شرح العمدة فيما يباح من
الذهب قبيعة السيف، ثم ضرب عليه، وكتب: حلية السيف. وهذا مقتضى كلام أحمد.
1243 -
لأنه قال: روي أنه كان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب. وقال: إنه كان لعمر سيف فيه سبائك من ذهب. [والمنطقة] تجعل في الوسط، وتسميها العامة الحياصة.
(الثالث) : ظاهر كلام الخرقي [أنه] لا يباح للرجل تحلية غير هذه الثلاثة. وقد خرج القاضي في الجوشن، والدرع، والخوذة، والمغفر وجهين. (أحدهما) : أنها كالمنطقة، وهو قول الأكثرين، أبي الخطاب، وابن عقيل، والمتأخرين؛ (الثاني) : المنع رواية واحدة، كما هو ظاهر كلام الخرقي، والخف، والران، عند القاضي، والآمدي، وأبي الخطاب، والأكثرين كالجوشن، وعند ابن عقيل لا يباح، ففيه الزكاة، وكذلك الحكم عنده في الكمران، والخريطة قال أبو العباس: وعلى قول غيره هما كالخف. وقال التميمي: يكره عمل خفين