الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشترط في الدراهم ونحوها اتحاد الخازن والمخزن، وفي الزروع والشجر اتحاد المشرب والفلاح، والله أعلم.
[شروط وجوب الزكاة]
قال: والزكاة لا تجب إلا على الأحرار المسلمين.
ش: من شرط وجوب] الزكاة الحرية، فلا تجب الزكاة على عبد، على المذهب المعروف المقطوع به، لأنه لا يملك، وإن قلنا يملك فملكه غير تام، أشبه المكاتب، ودليل الأصل يأتي إن شاء الله تعالى. (وعنه) تجب عليه، لدخوله في عموم الخطاب، (وعنه) : بإذن السيد، ونظير هذا الخلاف في وجوب الجمعة عليه، وهو ثم أشهر.
ومن شرط الوجوب الإسلام أيضا، بلا نزاع أي وجوب الأداء، إذ الزكاة قربة وطاعة، والكافر ليس من أهلها، ولافتقارها إلى نية، وهي ممتنعة من الكافر، أما الوجوب في الذمة بمعنى العقاب في الآخرة فنعم، بناء على أن الكافر مخاطب بالفروع ويسقط عنه ذلك بإسلامه.
1166 -
لقوله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله» (وعنه) لا تسقط عن المرتد، لالتزامه ذلك بإسلامه] نعم إن زال ملكه بردته سقطت لذلك، والله أعلم.
قال: والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما.
ش: قد تضمن هذا أن الزكاة تجب في ماليهما، وعموم المسألة السابقة يقتضيه.
1167 -
والأصل في ذلك ما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال:«من ولي يتيما له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة» رواه الترمذي مرفوعا وموقوفا على عمر، ورواه الدراقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق لكنها ضعيفة، قال أحمد في رواية مهنا وسئل عن هذا
الحديث فقال: ليس بصحيح، يرويه المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال له: فرواه غير المثنى؟ قال: نعم. ابن جريج يقول: قال عمرو بن شعيب. مرسلا كذا، ولم يسمعه من عمرو بن شعيب. انتهى.
وهذا لا يقدح على قاعدة أحمد، إذ المرسل عنده حجة.
واعتمد أحمد على أقوال الصحابة، فقال في رواية الأثرم: خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزكون مال اليتيم.
1168 -
وفي الموطأ: بلغه أن عمر بن الخطاب قال: اتجروا في مال اليتيم لا تأكله الصدقة.
1169 -
وفيه أيضا عن القاسم بن محمد قال: كانت عائشة رضي الله عنها تليني أنا وأخا لي يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة.
1170 -
وروى الأثرم نحو ذلك عن علي، وابن عمر، وجابر رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة.
1171 -
إلا رواية عن ابن عباس، وهي معارضة بروايته الأخرى، ولأن الزكاة من حقوق المال، فوجبت على الصبي والمجنون، كنفقة قريبهما وزوجتيهما، وبهذا فارقت الصلاة والحج، لتعلقهما بالبدن، ونية الصبي تضعف عنها.
1172 -
«ورفع القلم عن ثلاثة» لا يرد، إذ المخاطب بالإخراج الولي، وتعلق الوجوب [إن قيل] بالعين فلا كلام، وإن قيل بالذمة فكثبوت الصلاة في ذمة النائم. إذا ثبت هذا فالمخاطب هو الولي، لأنه المخاطب بالحقوق [المتعلقة] بهما، بدليل أنه ينفق على قريبهما وزوجتيهما، ويؤدي ما لزمهما من إتلاف ونحو ذلك، والله أعلم.
قال: والسيد يزكي عما في يد عبده، لأنه مالكه.
ش: قد تضمن كلام الخرقي رحمه الله أن العبد لا يملك، وأن ما في يد العبد ملك للسيد، فإذا كان ملكا له وجبت عليه الزكاة، لدخوله في العمومات المقتضية لذلك، أما إن قلنا [أن] العبد يملك فإن الزكاة لا تجب على السيد، لانتفاء الملك، ولا على العبد لضعف الملك، وقد تقدم ذلك، [والله أعلم] .
قال: ولا زكاة على مكاتب.
ش: [هذا المذهب بلا ريب] .
1173 -
لما روي عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق» رواه الدارقطني، ورواه أبو بكر موقوفا على جابر.
1174 -
وعن ابن عمر: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، وليس في ماله زكاة. (وعنه) يزكي بإذن سيده.
وقد دخل في كلام الخرقي. وجوب العشر عليه، وصرح [به] الأصحاب، لأنه عندنا زكاة، فيدخل فيما تقدم.
قال: فإن عجز استقبل سيده بما في يده من المال حولا وزكاه إن كان نصابا] .
ش: إذا عجز المكاتب فقد استقر ملك سيده على ما في يده، فيستقبل به حولا [كالذي] ورثه، أو اتهبه، ونحو ذلك والله أعلم.
قال: وإن أدى وبقي في يده منصب للزكاة استقبل به حولا.
ش: إذا أدى المكاتب فقد عتق، فإن فضل في يده نصاب فإن الحول ينعقد عليه حينئذ، لاستقرار ملكه عليه، والله أعلم.
قال: ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول.
1175 -
ش: روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» رواه ابن ماجه.
1176 -
وعن الحارث عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك في الذهب شيء حتى يكون لك عشرون دينارا، فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك» قال الحارث: فلا أدري أعلي يقول ذلك أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ «وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول» رواه أبو داود.
1177 -
وعن القاسم أن أبا بكر [الصديق]رضي الله عنه لم يكن [يأخذ] من مال زكاة حتى يحول عليه الحول. مختصر رواه مالك في الموطأ.
واعلم أن كلام الخرقي عام في جميع الأموال، وكذلك الحديث، ويستثنى من ذلك الخارج من الأرض، وما في معناه من حب، وثمر، ومعدن، وركاز، وعسل، أما في الحب والثمر فلقوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وإيجاب
الحق يوم الحصاد ينافي اشتراط الحول، ولأن نماءه يتناهى بجعله في الجرين، فوجب أن تستقر الزكاة إذًا، إذ الحكمة في اشتراط الحول [تكامل النماء، وهذا قد تكامل نماؤه، ولهذا قلنا: لا يشترط الحول] للمعدن، والركاز، والعسل؛ لأن بوجودها حصل النماء. وقد نص الخرقي رحمه الله من ذلك على المعدن، والبقية كلامه فيه محتمل.
ويستثنى أيضا نتاج السائمة، وربح التجارة، فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصابا، وإلا فمن كمال النصاب، وقد نبه الخرقي على النتاج بقوله: وتعد عليهم السخلة. وقد تقدم ذلك، والدليل عليه، ولأن الماشية تختلف وقت ولادتها فإفراد كل واحدة بحول يؤدي إلى حرج ومشقة [وهما منتفيان شرعا، وربح التجارة في معنى النتاج، لعدم ضبط حولها] ، وقد نص عليه الخرقي فيما بعد، وشرط النتاج السوم في بقية السنة، فإن كان بشرب اللبن فوجهان.
وقد دخل في كلام الخرقي المستفاد بإرث أو عقد، في اشتراط الحول له، [من غير ضم إلى ما معه] وهو صحيح، لعموم ما تقدم.