الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نوى أن سيقطعها، أو علقها على شرط [فنوى الإفطار] كوجود الفداء ونحوه فوجهان، هذا كله إذا كان الصوم فرضا، أما إن كان نفلا فنوى الإفطار فقد أفطر، ثم الذي وجد من صومه في حكم العدم، فإذا عاد فنوى الصوم أجزأه وإن كان بعد الزوال على الصحيح، والله أعلم.
[ما يوجب القضاء والكفارة في الصيام]
قال: ومن جامع في الفرج، فأنزل أو لم ينزل، أو دون الفرج فأنزل، عامدا أو ساهيا، فعليه القضاء والكفارة، إذا كان في شهر رمضان.
1327 -
ش: الأصل في الجماع في رمضان ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله. قال: «وما أهلكك» ؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: «هل تجد ما تعتق رقبة؟» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: «فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟» قال: لا. ثم جلس فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال:«تصدق بهذا» ، فقال: على أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: «اذهب فأطعمه أهلك» ، رواه الجماعة، وفي لفظ لابن ماجه وأبي داود:«وصم يوما مكانه» ؛ قال بعض الحفاظ: روي الأمر بالقضاء من غير وجه.
إذا تقرر هذا فمتى جامع في نهار رمضان في الفرج عامدا فقد فسد صومه، وعليه القضاء والكفارة [نظرا] لهذا الحديث، إذ هو العمدة في الباب، ولا فرق بين أن ينزل أو لا ينزل، لعدم الاستفصال في الحديث، ولا بين كون الفرج قبلا أو دبرا، من آدمي أو بهيمة، على المذهب المختار للقاضي، والشريف، وأبي الخطاب، والشيرازي، وأبي البركات وغيرهم، وقيل عنه: لا تجب الكفارة بوطء البهيمة. ومبنى الروايتين عند الشريف، وأبي الخطاب [على] وجوب [الحد] بوطئها وعدمه، ولا بين كون الموطوءة زوجته أو أجنبية.
وإن جامع دون الفرج [فأنزل] عامدا فكذلك، عليه القضاء والكفارة، على المشهور من الروايتين، حتى أن القاضي لم يذكر في التعليق غيرها، وخص الروايتين بالقبلة واللمس، وكذلك الخرقي، وابن أبي موسى، وأبو بكر، قالوا هنا بالكفارة، مع قولهم ثم بعدمها، وذلك لأنها مباشرة اقترن بها الإنزال، أشبهت المباشرة في الفرج، ولشمول: وقعت.
لها مع عدم استفصال الرسول صلى الله عليه وسلم. (وعنه) : لا كفارة. لأن قوة النص تقتضي أنه جامع في الفرج وكنى عن ذلك بالمواقعة، وإذا فالأصل براءة الذمة من الكفارة.
وإن لم ينزل فلا قضاء ولا كفارة إذ مع عدم الإنزال ضعفت المباشرة، فصارت بمنزلة اللمس ونحوه.
واختلف في وطء الساهي، هل حكمه حكم وطء العامد فيما تقدم؟ فعنه - وهو المشهور عنه، والمختار لعامة أصحابه [الخرقي] والقاضي وغيرهما -: نعم يجب القضاء والكفارة، لما تقدم من حديث الأعرابي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصله بين أن يكون ناسيا أو عامدا، ولو اختلف الحكم لاستفصله وبينه [له] بذلك استدل أحمد رحمه الله وما يورد من قول الأعرابي: هلكت. يحتمل أنه قال ذلك لعلمه أن النسيان هنا لا يؤثر] . (وعن أحمد) رواية أخرى: يجب القضاء ولا تجب الكفارة. نص عليها في رواية أبي طالب، واختارها ابن بطة، ولعله مبني على أن الكفارة ماحية، ومع النسيان لا إثم يمحى. ونقل أحمد بن القاسم عن الإمام أحمد: كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره. فأخذ من هذا أبو الخطاب [ومن تبعه] رواية بانتفاء القضاء والكفارة والحال
ما تقدم، وهو ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم:«رفع عن أمتي الخطأ والنسيان. .» الحديث، وقياسه الأكل [ناسيا] ونحوه، وليست هذه الرواية عند القاضي، بل قال في تعليقه: يجب القضاء رواية واحدة. وكذلك قال الشيرازي، وهو مقتضى قول الشريف، وأبي الخطاب، وابن الزاغوني، وأبي البركات [لجزمهم بذلك، ونقل أبو داود عن أحمد رحمه الله التوقف.
وحكم المخطئ - كمن جامع يظن] أن الفجر لم يطلع وقد طلع أو أن الشمس قد غربت ولم تغرب - حكم الناسي عند أبي البركات، وجزم أبو محمد بوجوب القضاء والكفارة [عليه] ، وكذلك نص أحمد في رواية حنبل وعبد الله، وكلام القاضي في التعليق محتمل. وكذلك حكم المكره حكم الناسي عند أبي الخطاب، والشيخين في مختصريهما، وعن القاضي: الجزم بوجوب الكفارة [به] بناء عنده على أن الإكراه على الوطء لا يتصور. واستثنى ابن عقيل الملجأ الذي غلبته نفسه فلم يجعل عليه قضاء ولا كفارة، والظاهر أن رواية ابن القاسم المتقدمة [تدل] على ذلك، وقال أبو محمد: ظاهر كلام أحمد [وجوب القضاء] لقوله في المرأة إذا غصبها رجل فجامعها: عليها [القضاء] .
فالرجل أولى، وكذلك جزم القاضي في تعليقه فقال: إذا جامع امرأة مكرهة أو نائمة فعليها القضاء، واستشهد بنص أحمد. وحكم النائم [حكم] الملجأ عند ابن عقيل: لا قضاء عليه ولا كفارة، والقاضي يجعل عليه القضاء.
وقول الخرقي فعليه القضاء والكفارة إذا كان في شهر رمضان. الشرط راجع إلى الكفارة فقط، فلا تجب الكفارة بالجماع في غير رمضان، اتباعا [للنص] ويعضده أن الأصل براءة الذمة، أما [القضاء] فهو في كل صوم واجب.
«تنبيه» : العرق بفتح [العين و] الراء مكتل، والله أعلم.
قال: والكفارة عتق رقبة، فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا [لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من تمر أو شعير] .
ش: لحديث أبي هريرة المتقدم، فإنه نص فيه على الثلاثة، وهو ظاهر في الترتيب.
وأنص منه ما روى ابن ماجه في الحديث أنه قال: «أعتق رقبة» ، قال: لا أجدها. قال: «صم شهرين متتابعين» . قال: لا أطيق. قال: «أطعم ستين مسكينا» . أمره بالعتق وظاهر الأمر
الوجوب، ولم ينقله عنه إلا عند العجز، وهذا هو المذهب والمختار من الروايتين بلا ريب.
(وعنه)[رواية أخرى: أن] الكفارة على التخيير فيخير بين الثلاثة، لأنه قد ورد بلفظ [أو][في بعض الروايات] .
1328 -
وقال أحمد: حدثنا روح، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة «أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا» . [وذكر الحديث] رواه مسلم.
والأصح والأشهر في الرواية ما تقدم، ثم هو لفظ الرسول؛ والثاني لفظ الراوي، لكن [قد يقال] : ليس في الرواية الصحيحة دلالة على الترتيب، وتقديم العتق يحتمل [أن يكون] لشرفه، ورواية ابن ماجه الأمر فيها يحتمل أنه
للإرشاد، لتتوافق الروايات، إذ القصة واحدة، والأصل عدم خطأ الراوي بالمعنى، وصفة الرقبة تذكر إن شاء الله تعالى في الظهار، (وصوم الشهرين) يكون متتابعا لنص الحديث، (وصفة الإطعام) لكل مسكين مد بر، أو نصف صاع [من] تمر أو شعير، إذ حكم الإطعام هنا حكم الإطعام في كفارة الظهار، حملا للمطلق على المقيد، والواجب في كفارة الظهار كذلك.
1329 -
بدليل ما روي «عن أبي سلمة، عن سلمة بن صخر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال: «أطعمه ستين مسكينا، وذلك لكل مسكين مد بر» رواه الدارقطني، وللترمذي معناه.
1330 -
وفي «حديث خويلة بنت مالك قالت: ظاهر مني أوس بن الصامت، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه، ويقول: «اتقي الله، فإنه ابن عمك» فما برح حتى نزل القرآن: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] إلى الفرض، فقال:«يعتق رقبة» فقلت: لا يجد. قال: «فيصوم شهرين متتابعين» ، قلت: يا رسول الله إنه شيخ كبير، ما به من صيام. قال:«فليطعم ستين مسكينا» ، قلت: ما عنده من شيء يتصدق به. قال: «فإني سأعينه بعرق من تمر» ، قلت: يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر. قال: «قد أحسنت، فاذهبي فأطعمي عنه ستين مسكينا، وارجعي إلى ابن عمك» ؛ والعرق ستون صاعا، رواه أبو داود؛ وفي رواية: والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعا. وقال: هذا أصح» .
1331 -
وروى أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن أبي يزيد المدني، قال:«جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمظاهر: «أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر» . وبهذا الحديث يحصل الجمع بين
الأحاديث، وبين أن الواجب من التمر والشعير نصف صاع، ومن البر مد.
واقتصر الخرقي رحمه الله على ذكر التمر والبر والشعير، لورود النص بها، وإلا فالواجب في الكفارة ما يجزئ في الفطرة، وفي الخبز، وقوت البلد خلاف، يأتي إن شاء الله تعالى في غير هذا الموضع، والله أعلم.
قال: وإذا جامع فلم يكفر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة.
ش: إذا جامع في يوم في رمضان، ثم لم يكفر حتى جامع في ذلك اليوم ثانيا، فكفارة واحدة بلا نزاع، لأن الكفارات زواجر، بمنزلة الحدود، فتتداخل كالحدود، وإن جامع في يوم ثم لم يكفر حتى جامع في يوم آخر فوجهان:(أحدهما) - وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي بكر في التنبيه، وابن أبي موسى - لا يجب إلا كفارة واحدة، كما لو كانا في يوم، وقياسا على الحدود، ولأن حرمة الشهر كله