الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمسلم «فأقدمهم سلما» يعني إسلاما، ومعنى الأشرف أن يكون قرشيا، قاله أبو البركات، وقال أبو محمد: أشرفهم أعلاهم نسبا، وأفضلهم في نفسه، وأعلاهم قدرا (والتكرمة) الفراش، كذلك فسره بعض الرواة في رواية أبي داود، والله أعلم.
[الصلاة خلف المبتدع]
قال: ومن صلى خلف من يعلن ببدعة أو يسكر أعاد.
ش: لا إشكال في فسق المعلن بالبدعة ومن يسكر، وإذا في صحة إمامتهما روايتان:
(إحداهما) : تصح إمامته، قال أحمد في رواية حرب: يصلي خلف كل بر وفاجر. وسئل: هل يصلي خلف من يغتاب الناس؟ فقال: لو كان كل من عصى الله لا يصلي خلفه، من يؤم الناس؟
705 -
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها «صلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا» .
706 -
وعن مكحول، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم، برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر» .
707 -
وعن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أم الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم» رواهما أبو داود.
708 -
وعن عبيد الله بن عدي أنه دخل على عثمان وهو محصور، فقال: إنك إمام العامة، ونزل بك ما ترى، ويصلي لنا إمام فتنة، ونتحرج من الصلاة معه، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل لناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم. رواه البخاري، ولأن العدالة لو كانت شرطا لاعتبر العلم بها كالإمامة العظمى، ولا يعتبر.
(والثانية) : - وهي المشهورة، واختيار ابن أبي موسى، والقاضي، والشيرازي، وجماعة - لا يصح.
709 -
لما روى جابر رضي الله عنه[أن النبي صلى الله عليه وسلم] قال: «لا يؤمن فاجر مؤمنا، إلا أن يقهره بسلطانه، أو يخاف سوطه وسيفه» رواه ابن ماجه.
710 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم عز وجل. رواه الدارقطني، ولأنها إحدى الإمامتين، فنافاها الفسق كالكبرى، ولأن الفاسق لا يؤمن أن يترك شرطا أو ركنا، وحديث الأمراء قال القاضي: تأوله أحمد على حضور الجمعة في رواية المروذي، ومكحول لم يلق أبا هريرة، فالحديث منقطع، وقد سئل [عنه] أحمد في رواية يعقوب بن بختان، فقال: ما سمعنا بهذا. ثم يحمل إن صح على الجمعة أو على
غيرها عند البقية لحديث جابر، جمعا بين الأدلة، وعلى هذا لا تصح إمامته وإن لم يعلم بحاله، نص عليه في رواية صالح والأثرم [حتى] إذا صلى خلف من لا يعرف، ثم تبين أنه صاحب بدعة يعيد، وقال ابن عقيل: لا يعيد من [لم] يعلم بحاله، كما قلنا في من نسي فصلى بهم محدثا، وأومأ أحمد في مواضع أنه إن كان متظاهرا بالفسق والبدعة أعاد المقتدي به لتفريطه، وإن كان جاهلا مستورا لا يعيد، وهذا اختيار الشيخين.
وكلام الخرقي يشمل الفرض والنفل، وكذا إطلاق جماعة من الأصحاب. وزعم أبو البركات في شرحه أن الخلاف إنما هو في الفرض، [فقال في حديث الأمراء: إنما يدل على إمامته في النفل، ونحن نقول بذلك، وإنما الروايتان في الفرض] (ويشمل) أيضا الجمعة وغيرهما، وهو صحيح فتعاد على المذهب ظهرا، إلا أنها لا تترك خلف الفاسق على الروايتين، بخلاف غيرها، لئلا يؤدي ذلك إلى فتنة.
711 -
وفي ابن ماجه [عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم]«إن الله افترض عليكم الجمعة، فمن تركها في حياتي، أو بعد موتي، وله إمام عادل أو جائر، فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في عمره» نعم: لو أقيمت في موضعين، والإمام في أحدهما
عدل، وفي الآخر فاسق لزم فعلها وراء العدل. (ويشمل) أيضا الفاسق إذا ائتم بفاسق أنه يعيد، وهو ظاهر إطلاق غيره، وقد أورد هذا على القاضي في التعليق، فأجاب: لا نعرف الرواية فيه، قال: ولا يمنع أن نقول لا يصح، بخلاف الأمي، لأن الأمي لا يمكنه رفع ما هو عليه من النقص، بخلاف الفاسق، لإمكانه زوال فسقه بالتوبة.
وخرج من كلام الخرقي إذا كان المباشر [له] عدلا، والمولي له فاسقا، فإن صلاته تصح على [الصحيح من] الروايتين.
(تنبيه) : الإعلان الإظهار، ضد الإسرار، هذا تفسير أبي محمد، [فعلى] هذا يختص البطلان - على قول الخرقي - بمن يظهر بدعته ويدعو إليها، ويناظر عليها، وقد نص أحمد في الرافضي الذي يتكلم ببدعته أن الصلاة خلفه تعاد، بخلاف من سكت، وإذا يكون قول الخرقي موافقا لاختيار الشيخين في أن البطلان مختص بظاهر الفسق دون خفيه.
وعلى هذا قول الخرقي: أو يسكر. يجوز أن يكون بالباء الموحدة، عطفا على: ببدعة. ويجوز أن يكون بالياء
المثناة، ويكون من باب قولهم: الخطيب يشرب ويطرب. أي: هذا دأبه وسجيته، وظاهر كلام أبي محمد أنه بالمثناة، وقال: إنما نص الخرقي عليه من بين الفساق لنص أحمد عليه. قلت: وقد نص أحمد على غيره من الفساق. كما نص عليه، ويحتمل أن الخرقي إنما قال ذلك ليخرج من شرب من النبيذ ما لا يسكره، معتقدا لحله، فإن الصلاة خلفه تصح. انتهى، وقال القاضي: المعلن بالبدعة من يعتقدها بدليل، وضده من يعتقدها تقليدا، وقال: إن المقلد لا يكفر ولا يفسق، وعلى هذا فالخرقي إنما خص المعلن بالبدعة، لأنه الذي يفسق أو يكفر، وإذا يتعين قراءة: أو يسكر بالياء المثناة.
واعلم أن المظهر للبدعة، المناظر عليها، (تارة) تكفره، كالقائل بخلق القرآن، أو بأن علم الله مخلوق، أو بأنه لا يرى في الآخرة، أو بأن الإيمان مجرد الاعتقاد من غير قول ولا عمل، أو يسب الصحابة تدينا، ونحو ذلك، نص أحمد على ذلك، حتى لو وقف رجل إلى جنبه خلف الصف، ولم يعلم حتى فرغ أعاد الصلاة، وهل تفعل الجمعة خلف هؤلاء؟ فيه روايتان، (وتارة) تفسقه، كمن يفضل عليا على غيره من