الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومفهوم كلام الخرقي أنه لا يخلع ما عدا النعال من الخفاف، والتمشكات، وغيرهما، ولذلك قال القاضي: لا تتعدى الكراهة إلى التمشكات، ولا إلى غيرها، قصرا للنص على موضعه، وقيل بتعديه إلى التمشكات، لأنه في معنى النعل، لا إلى الخف؛ لأن في الخلع مشقة، ولهذا كان أحمد يلبس الخفاف في المقابر.
(تنبيه) السبتية نسبة إلى السبت، جلود مدبوغة بالقرض، يتخذ منها النعال، والله أعلم.
[زيارة القبور]
قال: ولا بأس أن يزور الرجال المقابر.
ش: تستحب للرجال زيارة القبور، على المنصوص، والمشهور عند الأصحاب.
1141 -
لما روى بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرا» رواه مسلم وغيره.
وقيل: يباح ولا يستحب، وهو ظاهر كلام الخرقي؛ لأن في رواية أحمد والنسائي عن بريدة «ونهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر، ولا تقولوا هجرا» وهو الغالب في الأمر بعد الحظر، لا سيما وقد قرنه بما هو مباح، وهو ادخار لحوم الأضاحي، والانتباذ في كل سقاء.
قال: ويكره للنساء. والله أعلم.
ش: هذا إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله قال: لا تخرج المرأة إلى المقابر، ولا [إلى] غيرها.
1142 -
وذلك لما روى أبو هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور» رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه.
1143 -
وروي أيضا من حديث حسان، وابن عباس رضي الله عنهم -
وهذا النهي خاص بالنساء، وذلك النهي والأمر يحتمل أنهما خاصان بالرجال، ويحتمل أنهما لهما، ويحتمل أن هذا الحديث بعد الإذن في الزيارة، وإذا دار الأمر بين الحظر والإباحة، فأقل الأحوال الكراهة، بل لو قيل بالحظر لم يكن بعيدا، لا سيما والمرأة قليلة الصبر، فالظاهر تهييج حزنها، برؤية قبور أحبتها، فقد يقع منها ما لا ينبغي.
1144 -
وقد روي عن عبد الله بن عمرو قال: «بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة لا نظن أنه عرفها، فلما توسط الطريق وقف، حتى انتهت إليه، فإذا هي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: «ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟» فقالت: أتيت أهل هذا البيت فرحمت إليهم، وعزيتهم بميتهم. قال:«لعلك بلغت معهم الكدى؟» قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر. فقال:«لو بلغتها معهم، ما رأيت الجنة، حتى يراها جد أبيك» رواه أحمد، والنسائي، وهذا لفظه، وقد صحح وضعف. وحسن.
والرواية الثانية: يباح لها ذلك، قال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وذلك لعموم حديث بريدة رضي الله عنه.
1145 -
وعن عبد الله بن أبي مليكة «أن عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن. فقلت لها: أليس كان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان نهى عن زيارة القبور، ثم أمر بزيارتها» . رواه الأثرم في سننه، واحتج به أحمد في رواية إبراهيم بن الحارث، ففهمت دخولهن في العموم.
واعلم أن الخلاف السابق حكاه أبو الخطاب في الهداية، والشيخان وغيرهم في الكراهة، وحكاه صاحب التلخيص في التحريم، ولعله أوفق لنص أحمد، وجمع ابن حمدان الطريقتين، فحكى ثلاث روايات، الإباحة، والكراهة، والتحريم.
وعلى جميع الروايات متى علمت من نفسها أنها متى زارت بدا منها ما لا يجوز، لم تجز لها الزيارة قولا واحدا.