الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه]
قوله: (ولا يشبه الأنام)
أي لا يشبه الناس، ولا يشبه شيئا من المخلوقات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الرسالة التدمرية» (1): ـ في تقرير نفي المثل عن الله ـ «فيُعلم قطعًا أنه سبحانه ليس من جنس المخلوقات، لا الملائكة ولا السموات ولا الكواكب، ولا الهواء ولا الماء ولا الأرض، ولا الآدميين ولا أبدانهم ولا أنفسهم، ولا غير ذلك، بل يُعلم أن حقيقته عن مماثلة شيء من الموجودات أبعد من سائر الحقائق، وأن مماثلته لشيء منها أبعد من مماثلة حقيقة شيء من المخلوقات لحقيقة مخلوق آخر» ؛ لأنه تعالى ليس كمله شيء.
(لا يشبه الأنام) في حاشية الشرح (2) أن في بعض النسخ (ولا يشبهه الأنام) وكأن الشارح ابن أبي العز رجح هذه النسخة، وعندي أن الصواب بدون الضمير (ولا يشبه الأنام) لأنك إذا قلت:(ولا يشبهه الأنام) لا يكون في العبارة معنىً جديدٌ يختلف عن قوله: (لا شيء مثله) فـ (لا شيء مثله) نفيٌ لتمثيل المخلوق بالخالق.
والتمثيل الذي يجب نفيه عن الله نوعان:
تمثيل الخالق بالمخلوق، وتمثيل المخلوق بالخالق، وضابط ذلك: وصف الخالق بخصائص المخلوق هذا تشبيهٌ للخالق بالمخلوق،
(1) ص 392.
(2)
ص 88.
ووصف المخلوق بخصائص الخالق تشبيهٌ للمخلوقين بالخالق.
إذًا؛ فكل المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة أخرى قد شبهوا المخلوق بالخالق؛ لأنهم شبهوا ما يعبدونه برب السماوات والأرض فجعلوا لذلك المخلوق ما هو من خصائص الرب وهو الإلهية، ومن وصف الله بالفقر أو العجز والبخل ـ كما قالت اليهود ـ فقد شبه الخالق بالمخلوق؛ لأن العجز والبخل كل هذه من خصائص المخلوق.
إذاً؛ فقول المؤلف (ولا شيء مثله) هذا نفيٌ لتمثيل المخلوق بالخالق، وقوله (ولا يشبه الأنام) نفيٌ لمماثلة الخالق للمخلوق، فاختلف مدلول الجملتين، وأفادت الجملتان نفي التشبيه أو نفي التمثيل بنوعيه، وهذا هو المطلوب.