الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إثبات الخلة له صلى الله عليه وسلم كإبراهيم عليه السلام]
وقوله: (وحبيب رب العالمين)
(حبيب) بمعنى محبوب له سبحانه وتعالى، والله تعالى يحب الرسل والأنبياء، والصالحين، وكل مؤمن له حظٌ من محبة الله تعالى؛ فإن الله تعالى يحب المتقين، والتوابين، والمتطهرين، والمقسطين، والصابرين، والمجاهدين ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ)) [الصف: 4] إذًا؛ وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه حبيب رب العالمين لا تظهر فيه خصوصية؛ فكل نبي، وكل مؤمن فهو حبيب لرب العالمين، فمثلا: علي رضي الله عنه حبيب رب العالمين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)(1)، ولهذا كان اللائق بالمؤلف أن يقول: وخليل رب العالمين؛ لأن المحبة مشتركة بين جميع المؤمنين، وعباد الله الصالحين.
أما الخلة فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم مع إبراهيم عليه السلام، والخلة أعلى مراتب المحبة؛ فالخليل هو أحب العباد إلى الله، والله أخبر في كتابه أن الله اتخذ إبراهيم خليلا {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] وثبت في السنة الصحيحة أن الله اتخذ محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ألا إني أبرأ إلى كل خِل من خِله، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا إن صاحبكم خليل الله)(2)، وفي الحديث
(1) رواه البخاري (3009)، ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
(2)
رواه مسلم (2383) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
الآخر: (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا)(1) فإبراهيم ومحمد خليلا رب العالمين، ففيه إثبات صفة المحبة لله، وأنه يحب إبراهيم ومحمدا محبة تامة، وذلك؛ لأنهما أكمل الأنبياء توحيدا، ومباعدة من الشرك والمشركين، فكان المناسب أن يقول المؤلف: وخليل رب العالمين.
وكثيرٌ من الصوفية يعبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه (حبيب الله) ويرددون مثل هذا، ولا يعلمون أن هذه ليس فيها خصوصية، ومزيّة بيّنة (2).
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبراهيم خليل الله
…
وأنا حبيب الله ولا فخر) (3) فجعل الخلة لإبراهيم، والمحبة له، وهو حديث ضعيف معارض للأحاديث الصحيحة، ولا يصح سندا ولا متنا.
(1) رواه مسلم (532) من حديث جندب رضي الله عنه.
(2)
العبودية 10/ 204، وروضة المحبين ص 47، وانظر: ص 198.
(3)
رواه الدارمي (47)، والترمذي (3616) ـ وقال: حديث غريب ـ من طريق: زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، وزمعة ضعيف، وسلمة ضُعِّف، وخصوصا إن روى عنه زمعة. تهذيب التهذيب1/ 635، و 2/ 79.