المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الواجب في الألفاظ المحدثة في صفاته تعالى] - شرح العقيدة الطحاوية - البراك

[عبد الرحمن بن ناصر البراك]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌[ترجمة الإمام الطحاوي]

- ‌[ترجمة الشيخ عبد الرحمن البراك]

- ‌[المقدمة]

- ‌[قول أهل السنة في التوحيد]

- ‌[أقسام التوحيد]

- ‌[نفي المثل عن الله تعالى]

- ‌[نفي العجر عن الله تعالى]

- ‌[كلمة التوحيد وما تتضمنه]

- ‌[دوام الرب تعالى أزلا وأبدا]

- ‌[إثبات الإرادة لله تعالى]

- ‌[تنزيه الله تعالى عن الإحاطة به]

- ‌[تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه]

- ‌[إثبات الحياة والقيومية لله تعالى]

- ‌[تنزيه الله تعالى عن الحاجة والخوف والمشقة]

- ‌[إثبات الكمال المطلق لله تعالى أزلا وأبدا]

- ‌[صفات الله نوعان: ذاتية وفعلية]

- ‌[وصف الله تعالى بالخالق والبارئ قبل خلقه للخلق]

- ‌[إثبات كمال قدرته وغناه تعالى، وفقر خلقه إليه]

- ‌[إثبات صفاته تعالى، ونفي مماثلته للمخلوقات]

- ‌[إثبات علم الله تعالى، وتقديره الأقدار، وضربه الآجال]

- ‌[وجوب الإيمان بالشرع والقدر]

- ‌[إثبات عموم مشيئة الله تعالى]

- ‌[إثبات الحكمة لله تعالى في أفعاله]

- ‌[تنزيه الله تعالى أن يكون ضد أو ند]

- ‌[نفاذ قضائه وحكمه تعالى]

- ‌[وجوب اعتقاد أن محمدا عبد الله ورسوله، وذكر ما تثبت به النبوة]

- ‌[من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين]

- ‌[إثبات الخلة له صلى الله عليه وسلم كإبراهيم عليه السلام]

- ‌[حكم دعوى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[عموم بعثته صلى الله عليه وسلم للجن والأنس]

- ‌[فضل رسالته، وكمال شريعته صلى الله عليه وسلم

- ‌[عقيدة أهل السنة في القرآن، والرد على المخالفين]

- ‌[إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة]

- ‌[وجوب التصديق بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله على مراده]

- ‌[وجوب التسليم لحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمه على الآراء]

- ‌[سوء عاقبة من لم يسلم لخبر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌[مذهب أهل السنة في إثبات الصفات وسط بين المعطلة والمشبهة]

- ‌[الواجب في الألفاظ المحدثة في صفاته تعالى]

- ‌[مذهب أهل السنة والجماعة في الإسراء والمعراج]

- ‌[إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[إثبات شفاعته صلى الله عليه وسلم لأمته، وذكر الشفاعة الخاصة به]

- ‌[إثبات الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم]

- ‌[وجوب الإيمان بالقدر بمراتبه الأربع]

- ‌[عجز الخلق عن معرفة حِكَمِ وأسرار القدر]

- ‌[البحث في أسرار القدر سبب للضلال]

- ‌[وجوب التمسك بالكتاب والسنة، وترك الخوض فيما طوي عنا علمه]

- ‌[الإيمان باللوح والقلم]

- ‌[إثبات العرش والكرسي، وغناه تعالى عن كل شيء]

- ‌[إثبات صفة الإحاطة والفوقية لله تعالى]

- ‌[عجز الخلق عن الإحاطة بالله تعالى]

- ‌[إثبات صفة الخلة والتكليم لله تعالى]

- ‌[وجوب الإيمان بالملائكة والأنبياء والكتب]

- ‌[تسمية أهل القبلة بالمسلمين]

- ‌[أهل السنة لا يتكلمون في الله ودينه وكتابه بغير علم]

- ‌[أهل السنة لا يكفرون بكل ذنب]

- ‌[تأثير الذنوب على الإيمان]

- ‌[الرجاء للمحسنين، والخوف على المسيئين]

- ‌[مذهب أهل السنة وسط بين الوعيدية والمرجئة]

- ‌[ما يخرج به المسلم من الإيمان]

- ‌[مذاهب الفِرَقِ في مسمى الإيمان]

- ‌[وجوب الإيمان والعمل بكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[زيادة الإيمان ونقصانه]

- ‌[ولاية الله وبم تكون

- ‌[الإيمان بالأصول الخمسة، وتفصيل الإيمان باليوم الآخر]

- ‌[الإيمان بالقدر خيره وشره]

- ‌[حكم أهل الكبائر في الآخرة]

- ‌[مذهب أهل السنة في الصلاة خلف المسلمين، وعلى موتاهم]

- ‌[لا يشهد لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا بحجة]

- ‌[عصمة دماء المسلمين]

- ‌[وجوب السمع والطاعة بالمعروف لولاة الأمر، وتحريم الخروج عليهم]

- ‌[وجوب إتباع الكتاب والسنة وتجنب الشذوذ والفرقة]

- ‌[حب أهل العدل وبغض أهل الجور]

- ‌[تفويض العلم فيما خفي على العبد إلى الله]

- ‌[من مذهب أهل السنة المسح على الخفين]

- ‌[الحج والجهاد مع الأئمة برهم وفاجرهم]

- ‌[الإيمان بالكرام الكاتبين]

- ‌[الإيمان بملك الموت وأعوانه]

- ‌[الكلام على الروح وبعض متعلقاتها]

- ‌[وجوب الإيمان بفتنة القبر وعذابه ونعيمه]

- ‌[الإيمان بالبعث والجزاء]

- ‌[الإيمان بالعرض والحساب، والصراط والميزان]

- ‌[خلق الجنة والنار وبقاؤهما]

- ‌[الرعد: 35]، وقال تعالى: ((إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ)) [ص: 54]، وقال تعالى: ((عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)) [هود: 108]، وقال تعالى: ((يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)) [التوبة: 21 - 22]

- ‌[سبق القدر فيمن يصير إلى الجنة، ومن يصير إلى النار]

- ‌[كل شيء بقدر]

- ‌[أنواع الاستطاعة]

- ‌[خلق الله لأفعل العباد]

- ‌[كل ما يجري في الكون بمشيئة الله]

- ‌[انتفاع الأموات بعمل الأحياء]

- ‌[إجابة الله لدعاء عباده]

- ‌[إثبات الغضب والرضا لله تعالى]

- ‌[منهج أهل السنة في الصحابة]

- ‌[الأحق بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[العشرة المبشرون بالجنة]

- ‌[منهج أهل السنة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته]

- ‌[احترام علماء الأمة من السلف ومن اقتفى أثرهم]

- ‌[مرتبة الولاية دون النبوة]

- ‌[منهج أهل السنة في كرامات الأولياء]

- ‌[أشراط الساعة الكبرى]

- ‌[وجوب الحذر من تصديق الكهان والعرافين ونحوهم من المخالفين]

- ‌[من منهج أهل السنة لزوم الجماعة والحذر من الفرقة]

- ‌[وسطية دين الإسلام]

- ‌[براءة أهل السنة من المذاهب المبتدعة]

الفصل: ‌[الواجب في الألفاظ المحدثة في صفاته تعالى]

[الواجب في الألفاظ المحدثة في صفاته تعالى]

وقوله: (وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات).

كلمة (تعالى) تفيد التنزيه، وجاءت في القرآن في مواضع:(سبحانه وتعالى)[الأنعام: 100]، ((تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 63]، وهي من جنس ((سُبْحَانَهُ)) و ((تَبَارَكَ)) [الأعراف: 54] فكلها ألفاظ تفيد التنزيه.

(تعالى) تنزه وتقدس، وهذه الألفاظ التي استعملها الإمام الطحاوي ـ عفا الله عنا وعنه ـ لم ترد في كتاب ولا سنة، فليس في شيء من النصوص هذا النوع من النفي، فليته لم يأت بهذه العبارات التي هي من جنس عبارات أهل البدع؛ فإنهم يأتون بألفاظ محدثة ومجملة، والقاعدة في الألفاظ المحدثة المجملة: التوقف عن الحكم على قائلها أو عليها إلا بعد الاستفصال؛ فإن أراد منها حقًا قبلنا ما أراد، وإن أراد باطلا؛ رددنا الباطل، وإن أراد حقا وباطلا؛ وقفنا اللفظ، وقبلنا الحق، ورددنا الباطل. (1)

وهذا الموقف هو موقف العدل والإنصاف، فإن الموافقة على مثل ذلك يؤدي إلى الوقوع في الباطل وموافقة المبطل، والمبادرة بالرد يؤدي

(1) التدمرية ص 204، ومجموع الفتاوى 3/ 347، و 5/ 305، و 12/ 114، ومنهاج السنة 2/ 217 و 554، ودرء تعارض العقل 1/ 76 و 238.

ص: 141

إلى رد الحق؛ لأن المتكلم بذلك قد يريد حقا، فكان التوقف والاستفصال فيه مخرج من التورط برد الحق، أو الموافقة على الباطل، هذه قاعدة مقررة معروفة، وهي منهج من مناهج الجدل والمناظرة.

ونأتي لهذه الكلمات: (تعالى عن الحدود) هذا لفظ مجمل، والحد يطلق ويراد به تحديد الماهية، مثل الحد عند المناطقة، أي: التعريف الذي يتضمن تحديد كنه الشيء وماهيته؛ فإن أريد هذا فهو ممتنع، إذ لا سبيل إلى تحديد الرب تعالى وذكر حقيقته، فتعالى عن أن يحده الحادون، وأن يصلوا إلى معرفة كنهه وحقيقته، قال شيخ الإسلام:«أهل العقول هم أعجز عن أن يحدوه أو يكيفوه منهم عن أن يحدوا الروح أو يكيفوها» (1)، فهذا المعنى حق، تعالى الله عن أن يدرك أحد حقيقة ذاته أو حقيقة صفاته.

ويأتي لفظ (الحد) ويراد به أنه سبحانه وتعالى ليس ساريا في العالم حالا في المخلوقات؛ بل هو فوق سماواته، وهذا المعنى جاء عن الإمام ابن المبارك، لما قيل له: بماذا نعرف ربنا؟ قال: «بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه. قيل: بحد؟ قال: بحد» (2)

وقوله: (والغايات) الغاية تطلق ويراد بها النهاية، وتطلق ويراد بها المقصود من الفعل، أي: الحكمة منه، فإذا أريد أن الله تعالى منزه عن أن تكون له غايات في أفعاله؛ فهذا باطل؛ لأن الله له الحكمة البالغة في خلقه وفي شرعه، يقول شيخ الإسلام رحمه الله في التدمرية (3):«والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته ـ وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة ـ تدل على حكمته البالغة» .

(1) التدمرية ص 179.

(2)

نقض عثمان بن سعيد ص 57 والرد على الجهمية ص 48، والسنة لعبد الله بن أحمد 1/ 174، والإبانة 3/ 158، وانظر: بيان تلبيس الجهمية3/ 42.

(3)

ص 123.

ص: 142

ومن العلل والحكم ما علمناه بالنص عليه في الكتاب أو السنة، ومنها ما يُهتدى إليه بالتدبُّر والتفكر، ومنها ما طوى الله علمه عن عباده؛ فالعباد لا يحيطون بحكمته تعالى. (1)

وكذلك إذا أريد بنفي الغايات: نفي أن يكون الله في السماء فوق العرش؛ وأنه في كل مكان، كقول الجهمية الحلولية.

فنفي الغايات من النفي المحدث لمعان أو ألفاظ مجملة.

وقوله: (والأركان والأعضاء والأدوات) لا حول ولا قوة إلا بالله! عفا الله عن المؤلف وغفر الله لنا وله! ماذا يريد بالأركان والأعضاء والأدوات؟! لقد كان في غنى عن هذا الكلام، أين الآية أو الحديث الذي فيه هذا الألفاظ؟

الأركان: الجوانب، والأعضاء التي في الإنسان والحيوان هي أجزاؤه التي يمكن أن تتبعض والمخلوق يتبعض، فالإنسان يتجزأ، وأجزاؤه يقال لها: أعضاء؛ لأنه يمكن انفصالها.

فنفي الأعضاء بمعنى تعالى أنه منزه عن التجزؤ، حق فالله منزه عن التجزؤ، فهو تعالى أحد صمد؛ لكن هذا التعبير المحدَث يمكن أن يفهم منه المبطل نفي بعض الصفات؛ لأن قوله:(والأعضاء) يحتمل نفي بعض الصفات الذاتية كالوجه والعينين واليدين، فيقول المبطل: هذه أعضاء، فننفي الأعضاء، وهذا باطل، ونرجو أن المؤلف لم يرد هذا، وإنما أراد نفي ما يحصل ما به مماثلة المخلوق للخالق، لاسيما أنه قال:(موصوف بصفات الوحدانية منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية) فهو في مقام تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات.

(1) وانظر: ص 80 عند قوله: وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله.

ص: 143

وقوله: (لا تحويه الجهات الست).

الجهات الست: فوق وتحت، وأمام وخلف، ويمين وشمال. والمبدعات: المخلوقات.

وهذه ـ أيضا ـ من الألفاظ المجملة؛ فنفي الجهة عن الله لفظ مجمل مبتدع، ليس في كتاب الله تعالى ولا سنة صلى الله عليه وسلم؛ أن الله ليس في جهة؛ بل النصوص مصرحة بأنه تعالى فوق:((وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)) [الأنعام: 18]((أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)) [الملك: 16] فهو سبحانه في العلو، ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)) [طه: 5] والعرش فوق المخلوقات، والله فوق العرش.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: «لفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله فيكون مخلوقًا، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش، أو نفس السماوات. وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم» . (1)

فإذا أُريد بالجهة ما وراء العالم فالنافي للجهة مبطل، إذ ليس وراء العالم شيء مخلوق؛ بل وليس وراء العالم شيء موجود إلا الله تعالى.

وإذا أريد بالجهة شيء مخلوق، مثل أن يراد بالجهة نفس السماء أو العرش، وأن الرب سبحانه حال في ذلك؛ فالنافي لهذا محق والمثبت له مبطل.

فإذا أريد بكلمة (الجهات) أشياء موجودة مخلوقة؛ فالله منزه من أن يحيط به شيء من المخلوقات؛ بل هو تعالى أعظم وأكبر من أن يحيط به شيء من المخلوقات؛ لأنه تعالى العظيم الذي لا أعظم منه فهو الذي ((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)) [البقرة: 255]، وهو الذي ((يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا)) [فاطر: 41] {والْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

(1) التدمرية ص 205، وانظر: منهاج السنة 2/ 321 و 558 و 648، وبيان تلبيس الجهمية 3/ 305، ودرء تعارض العقل 5/ 58 و 7/ 15.

ص: 144

وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] لا يحيط به شيء من الجهات؛ لكنه في العلو فوق جميع المخلوقات، بائن من خلقه، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في المخلوقات شيء من ذاته.

وقد وقف الشارح ابن أبي العز رحمه الله في هذا الموضع (1)، وتكلم على هذه الألفاظ، فجزاه الله خيرا على ما فعل، وقد أحسن كثيرا بهذا الشرح، الذي لزم فيه منهج أهل السنة.

(1) ص 260.

ص: 145