الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: فَرْضُ اللَّهِ وَسُنَّتُهُ، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ. وَقَالَ الدَّبُوسِيُّ: ذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السُّنَّةَ الْمُطْلَقَةَ عِنْدَ صَاحِبِنَا تَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ، وَأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى اتِّبَاعَ الصَّحَابِيِّ إلَّا بِحُجَّةٍ، كَمَا لَا يُتَّبَعُ مَنْ بَعْدَهُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ اسْتِعْمَالُ السَّلَفِ إطْلَاقَ السُّنَّةِ عَلَى طَرَائِقِ الْعُمَرَيْنِ وَالصَّحَابَةِ. وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ: فَتُطْلَقُ عَلَى مَا تَرَجَّحَ جَانِبُ وُجُودِهِ عَلَى جَانِبِ عَدَمِهِ تَرْجِيحًا لَيْسَ مَعَهُ الْمَنْعُ مِنْ النَّقِيضِ، وَتُطْلَقُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا: عَلَى مَا صَدَرَ مِنْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْأَقْوَالِ، وَالْأَفْعَالِ وَالتَّقْرِيرِ، وَالْهَمِّ، وَهَذَا الْأَخِيرُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَلَكِنْ اسْتَعْمَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الِاسْتِدْلَالِ.
[مَسْأَلَةٌ السُّنَّةُ الْمُسْتَقِلَّةُ بِتَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ]
ِ وَلِهَذَا لَمْ يُفْرِدْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ السُّنَّةَ عَنْ الْكِتَابِ. وَقَالَ: كُلُّ مَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعْنًى، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ مُنَزَّلَةٌ كَالْقُرْآنِ مُحْتَجًّا
بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] فَذَكَرَ السُّنَّةَ بِلَفْظِ التِّلَاوَةِ كَالْقُرْآنِ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ آتَاهُ مَعَ الْكِتَابِ غَيْرَ الْكِتَابِ، وَهُوَ مَا سَنَّهُ عَلَى لِسَانِهِ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا إنِّي قَدْ أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ قَالَ:«دَخَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمَّا حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ» . قَالَ الْحَافِظُ الدَّارِمِيُّ: يَقُولُ: «أُوتِيتُ الْقُرْآنَ، وَأُوتِيتُ مِثْلَهُ» مِنْ السُّنَنِ الَّتِي لَمْ يَنْطِقْ بِهَا الْقُرْآنُ بِنَصِّهِ، وَمَا هِيَ إلَّا مُفَسِّرَةٌ لِإِرَادَةِ اللَّهِ بِهِ، كَتَحْرِيمِ لَحْمِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَلَيْسَا بِمَنْصُوصَيْنِ فِي الْكِتَابِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ فِي الْأَمْرِ بِعَرْضِ الْأَحَادِيثِ عَلَى الْقُرْآنِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ ": مَا رَوَاهُ أَحَدٌ ثَبَتَ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ، وَقَدْ حَكَمَ إمَامُ الْحَدِيثِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَضَعَتْهُ الزَّنَادِقَةُ.