الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إلَّا بِالسَّمَاعِ مِنْهُمْ، أَوْ بِنَقْلِ أَهْلِ التَّوَاتُرِ إلَيْنَا، وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ إلَّا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَهُمْ فَلَا. انْتَهَى.
وَعَقَدَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بَابًا فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ يَصِحُّ أَنْ يُعْلَمَ وُقُوعُهُ وَقَالَ: مِنْ النَّاسِ مَنْ مَنَعَ أَنْ يَكُونَ لِلْعِلْمِ بِهِ طَرِيقَةٌ يُعْلَمُ بِهَا حُصُولُهُ، ثُمَّ زَيَّفَهُ. قَالَ: وَالطَّرِيقُ شَيْئَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمُشَاهَدَةُ، وَالْآخَرُ النَّقْلُ. فَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ مُتَقَدِّمًا فَلَيْسَ إلَّا النَّقْلُ، لِتَعَذُّرِ الْمُشَاهَدَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فَالْأَمْرَانِ طَرِيقٌ إلَيْهِ، وَوَجْهُ الْحَصْرِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ بِالْعَقْلِ، وَلَا بِخَبَرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ عليه السلام، لِتَعَذُّرِهِ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي " شَرْحِ التَّرْتِيبِ ": نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَسَائِلَ الْإِجْمَاعِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ. وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الْمُلْحِدَةِ إنَّ هَذَا الدِّينَ كَثِيرُ الِاخْتِلَافِ، إذْ لَوْ كَانَ حَقًّا لَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَنَقُولُ: أَخْطَأْت بَلْ مَسَائِلُ الْإِجْمَاعِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ. ثُمَّ لَهَا مِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي يَقَعُ الِاتِّفَاقُ مِنْهَا وَعَلَيْهَا، وَهِيَ صَادِرَةٌ عَنْ مَسَائِلِ الْإِجْمَاعِ الَّتِي هِيَ أُصُولُ أَكْثَرِ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ، يَبْقَى قَدْرُ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ هِيَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَالْخِلَافُ فِي بَعْضِهَا يَحْكُمُ بِخَطَأِ الْمُخَالِفِ عَلَى الْقَطْعِ وَبِفِسْقِهِ، وَفِي بَعْضِهَا يَنْقُضُ حُكْمَهُ، وَفِي بَعْضِهَا يُتَسَامَحُ، وَلَا يَبْلُغُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَبْقَى عَلَى الشُّبْهَةِ إلَى مِائَتَيْ مَسْأَلَةٍ. انْتَهَى.
[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاع حُجَّةً]
[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ] فِي كَوْنِهِ حُجَّةً الرَّابِعُ: وَإِذَا ثَبَتَ إمْكَانُ الْعَمَلِ بِهِ، فَهُوَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ غَيْرُ النَّظَّامِ وَالْإِمَامِيَّةِ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: أَوَّلُ مَنْ بَاحَ بِرَدِّهِ النَّظَّامُ،
ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْضُ الرَّوَافِضِ، أَمَّا الْإِمَامِيَّةُ فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ قَوْلُ الْإِمَامِ دُونَ الْأُمَّةِ. وَالنَّظَّامُ يُسَوِّي بَيْنَ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ وَبَيْنَ قَوْلِ آحَادِهَا فِي جَوَازِ الْخَطَأِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَا يَرَى فِي الْإِجْمَاعِ حُجَّةً، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي مُسْتَنِدِهِ إنْ ظَهَرَ لَنَا، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ دَلِيلًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. هَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَتَبِعَهُمْ الرَّازِيَّ، وَنَقَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْهُ أَنَّهُ يُحِيلُ الْإِجْمَاعَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّحِيحُ عَنْ النَّظَّامِ أَنَّهُ يَقُولُ بِتَصَوُّرِ الْإِجْمَاعِ، وَأَنَّهُ حُجَّةٌ، وَلَكِنْ فَسَّرَهُ بِكُلِّ قَوْلٍ قَامَتْ حُجَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَوْلَ وَاحِدٍ، وَيُسَمَّى بِذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ عليه السلام إجْمَاعًا، وَمَنَعَ الْحُجِّيَّةَ عَنْ الْإِجْمَاعِ الَّذِي نُفَسِّرُهُ نَحْنُ بِمَا نُفَسِّرُهُ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا أَضْمَرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ بِاصْطِلَاحِنَا غَيْرَ حُجَّةٍ، وَتَوَاتَرَ عِنْدَهُ لَمْ يُخْبِرْ بِمُخَالَفَتِهِ، فَحَسَّنَ الْكَلَامَ وَفَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.
هَكَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ، هَذَا تَحْرِيرُ النَّقْلِ عِنْدَهُ، وَلِأَجْلِهِ قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: النِّزَاعُ لَفْظِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ " نُقِلَ عَنْ النَّظَّامِ إنْكَارُ حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ، وَرَأَيْت أَبَا الْحُسَيْنِ الْخَيَّاطَ أَنْكَرَ ذَلِكَ فِي نَقْضِهِ لِكِتَابِ الرَّاوَنْدِيُّ، وَنَسَبَهُ إلَى الْكَذِبِ، إلَّا أَنَّ النَّقْلَ مَشْهُورٌ عَنْ النَّظَّامِ بِذَلِكَ. اهـ. وَحَكَى الْجَاحِظُ فِي كِتَابِ " الْفُتْيَا " عَنْ النَّظَّامِ أَنَّهُ قَالَ: الْحُكْمُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَوْ الْكِتَابِ أَوْ إجْمَاعِ النَّقْلِ. اهـ. لَكِنْ قِيلَ: إنَّهُ عَنَى بِهِ التَّوَاتُرَ