الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْمُرْسَلِ هُوَ عِنْدَهُ مُتَّصِلٌ، وَلَكِنْ تَرَكَ إسْنَادَهُ لِمَا ذَكَرَ. الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْمُرْسَلِ إذَا لَمْ يَعْتَضِدْ بِمَا سَبَقَ، وَزَعَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ أَنَّهُ يَقُولُ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ سِوَاهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَيَعْضُدُهُ عَمَلُ الشَّافِعِيِّ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ إذَا لَمْ نَجِدْ دَلِيلًا، لَكِنْ يَلْزَمُهُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ ضَعِيفٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
[أَحَادِيثُ مُرْسَلَةٌ تَرَكَهَا الْمَالِكِيَّةُ]
تَنْبِيهٌ [أَحَادِيثُ مُرْسَلَةٌ تَرَكَهَا الْمَالِكِيَّةُ] قَدْ تَرَكَتْ الْمَالِكِيَّةُ مُرْسَلَ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا عِلَّةَ لَهُ سِوَى الْإِرْسَالِ، وَتَرَكُوا مُرْسَلَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالنَّاسِ جَالِسًا وَالنَّاسُ قِيَامٌ وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَيْنِ مُرْسَلٌ أَرْسَلَهُ تَابِعُوا فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَرْبَعَتِهِمْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ، مَكَانَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ» وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَمَلَ النَّاسِ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما.
[أَحَادِيثُ مُرْسَلَةٌ تَرَكَهَا الْحَنَفِيَّةُ] وَكَذَلِكَ أَعْرَضَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ مُرْسَلِ سَعِيدٍ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُرْسَلُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ.
مَسْأَلَةٌ [أُمُورٌ مُلْحَقَةٌ بِالْمُرْسَلِ، أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهَا] أَلْحَقَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِالْمُرْسَلِ قَوْلَهُ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ رَجُلٍ أَوْ شَيْخٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَرَأَيْته كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ، لَكِنْ قَالَ الْحَاكِمُ وَابْنُ الْقَطَّانِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ: إنَّهُ لَا يُسَمَّى مُرْسَلًا، بَلْ مُنْقَطِعًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَقَوْلُ الرَّاوِي أَخْبَرَنِي رَجُلٌ، أَوْ عَدْلٌ مَوْثُوقٌ بِهِ، مِنْ الْمُرْسَلِ أَيْضًا. وَكَذَا قَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": إذَا سَمَّى الرَّاوِي الْأَصْلَ بِاسْمٍ لَا يُعْرَفُ، فَهُوَ كَالْمُرْسَلِ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَكَذَلِكَ إضَافَةُ الْخَبَرِ إلَى كِتَابٍ كَتَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ مَنْ حَمَلَهُ وَنَقَلَهُ.
وَأَلْحَقَ بِهِ الْمَازِرِيُّ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ: «نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ» ، وَقَوْلُهُ:«نَادَى مُنَادٍ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَ فِيهَا لُحُومُ الْحُمُرِ» ؛ لِأَنَّ الْمُنَادِيَ إذَا لَمْ يُسَمَّ صَارَ كَكِتَابٍ أُضِيفَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يُسَمِّ حَامِلَهُ وَنَاقِلَهُ، وَلَكِنْ عَلِمَ الْمُحَدِّثُ عَيْنَ النِّدَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى يُعْلَمَ ضَرُورَةً أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ، فَنُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ سَمَاعِ الْأَمْرِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ ": كُلُّ كِتَابٍ لَمْ يُذْكَرْ حَامِلُهُ فَهُوَ مُرْسَلٌ، وَالشَّافِعِيِّ لَا يَرَى التَّعَلُّقَ بِالْمُرْسَلِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ فِي الْأَسَانِيدِ أَنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ لِجَهَالَةِ الْوَاسِطَةِ كَالْمُرْسَلِ، لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَرْبَابِ النَّقْلِ وَغَيْرُهُمْ جَوَازُ الرِّوَايَةِ لِأَحَادِيثِ الْكِتَابَةِ، وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهَا، فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمُسْنَدِ، وَذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ صِحَّتِهَا عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لَهَا وَوُثُوقِهِ بِأَنَّهَا عَنْ كَاتِبِهَا.