الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ إذَا قَالَ الْعَدْلُ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْعَدْلُ الْمَرَضِيُّ إنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْقَدَحِ]
ِ، لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ. قَالَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُعَدِّلَةَ إذَا اجْتَمَعَتْ لَمْ يَبْقَ لِلتُّهْمَةِ مَوْضِعٌ، إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ. قَالَ: وَبِمِثْلِهِ رَدَدْنَا قَوْلَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: لَمْ يَصِحَّ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ حَدِيثٌ أَصْلًا، وَإِنْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ مُطْلَقَ قَدَحِهِ يُورِثُ تُهْمَةً؟ قُلْنَا إنَّهُ لَا مُبَالَاةَ بِمُخَايِلِ التُّهْمَةِ، إنَّمَا التَّعْوِيلُ عَلَى الْأَسْبَابِ. اهـ. وَيُتَّجَهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِيهِ أَنَّ الْجَرْحَ الْمُطْلَقَ، هَلْ يُقْبَلُ؟ وَظَاهِرُ تَصَرُّفِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ ذَلِكَ قَادِحٌ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: قَوْلُ الْكَثِيرِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فِي رِوَايَةِ الْعَدْلِ الثِّقَةِ: هَذَا لَا يَصِحُّ، غَيْرُ مَقْبُولٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْتَوِ عَلَى جَمِيعِ الطُّرُقِ وَالْأَسَانِيدِ، وَإِنْ عَنَى بِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ، فَذَلِكَ جَرْحٌ مُطْلَقٌ، فَلَا يُقْبَلُ حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَهُ.
[مَسْأَلَةٌ زِيَادَةُ الرَّاوِي الثِّقَةِ]
ِ] إذَا انْفَرَدَ الثِّقَةُ بِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ، فَتَارَةً تَكُونُ لَفْظِيَّةً، كَقَوْلِهِ فِي (رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) ، (وَلَك الْحَمْدُ) ، فَإِنَّ الْوَاوَ زِيَادَةٌ فِي اللَّفْظِ، وَتَارَةً تَكُونُ مَعْنَوِيَّةً تُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا كَرِوَايَةِ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فِي حَدِيثِ زَكَاةِ
الْفِطْرِ، وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ، أَوْ اتِّحَادُهُ، أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ. الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يُعْلَمَ تَعَدُّدُهُ فَيُقْبَلُ قَطْعًا، لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَذْكُرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْكَلَامَ فِي أَحَدِ الْمَجْلِسَيْنِ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَفِي الْآخَرِ بِهَا، وَزَعَمَ الْإِبْيَارِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ أَجْرَى فِيهَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ التَّفْصِيلَ الَّذِي سَنَحْكِيهِ عَنْهُ فِي اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُشْكِلَ الْحَالُ، فَلَا يَعْلَمُ هَلْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسَ أَوْ اتَّحَدَ، فَأَلْحَقَهَا الْإِبْيَارِيُّ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا، حَتَّى يُقْبَلَ بِلَا خِلَافٍ. وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا خِلَافٌ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الِاتِّحَادِ، وَأَوْلَى بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَصْدِيقِهِ حَاصِلٌ وَالْمُعَارِضَ لَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ. قُلْت: وَكَذَا قَالَ الْآمِدِيُّ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُتَّحِدِ، وَأَوْلَى بِالْقَبُولِ نَظَرًا إلَى احْتِمَالِ التَّعَدُّدِ.
وَأَشَارَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " إلَى التَّوَقُّفِ، وَالرُّجُوعِ إلَى التَّرْجِيحِ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ الْخَبَرَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا جَرَيَا فِي مَجْلِسَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ جَرَى عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ وَاحِدًا لَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَتِهِمَا وَحِفْظِهِمَا أَلَّا تَخْتَلِفَ رِوَايَتُهُمَا، فَحَصَلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَقْوَالٌ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قِيلَ: إنْ احْتَمَلَ تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ الزِّيَادَةُ اتِّفَاقًا. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْقَضِيَّةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَلْفَاظٍ وَقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الِاتِّحَادِ، فَكَذَلِكَ إذَا رَجَحَتْ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إلَى رَاوٍ وَاحِدٍ مَعَ عَدَدِ الْمَرَاتِبِ فِي الرُّوَاةِ، وَإِنْ طَرَأَ التَّعَدُّدُ فَهَاهُنَا ضَعِيفٌ مَرْجُوحٌ، وَرُبَّمَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ، كَمَا فِي قَضِيَّتِهِ الْوَاهِيَةِ نَفْسِهَا، فَإِنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي أَلْفَاظٍ فِيهَا، فَالْقَوْلُ بِتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ فِي الْوَاقِعَةِ هَاهُنَا مَعَ اتِّحَادِ السِّيَاقِ، وَتَوَافُقِ أَكْثَرِ الْأَلْفَاظِ، وَاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ لِلْحَدِيثِ بَعِيدٌ جِدًّا، فَالطَّرِيقُ الرُّجُوعُ إلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الرُّوَاةِ.