الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوْلُهُ: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44] إلَى قَوْلِهِ: {نَعَمْ} «وَقَوْلُ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي سَائِلُك، آاللَّهُ أَرْسَلَك إلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ» . فَقَوْلُهُ: نَعَمْ، بِمَنْزِلَةِ إنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَحُجَّ. انْتَهَى. وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا دُونَهُ.
[شَرْطُ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ عَنْ الشَّيْخِ]
[شَرْطُ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ عَنْ الشَّيْخِ] قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَشَرْطُ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ عَالِمًا بِقِرَاءَةِ الْقَارِئِ عَلَيْهِ، وَلَوْ فُرِضَ مِنْهُ تَحْرِيفٌ أَوْ تَصْحِيفٌ لَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَيُلْتَحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ نُسْخَةٌ مُهَذَّبَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ غَيْرِ الشَّيْخِ، وَالْأَحَادِيثُ تُقْرَأُ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ عَدْلٌ مُؤْتَمَنٌ، لَا يَأْلُو جَهْدًا فِي التَّأَمُّلِ فَتَرَدَّدَ فِيهِ جَوَابُ الْقَاضِي، وَبَعْدَ مُدَّةٍ ظَهَرَ لِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّيْخَ لَيْسَ عَلَى دِرَايَةٍ مِنْهُ، فَلَا يَنْتَهِضُ مِنْهَا تَحَمُّلًا. قَالَ: فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ لَا يُحِيطُ بِالْأَخْبَارِ، وَلَا يَنْظُرُ فِي نُسْخَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ، وَلَوْ فُرِضَ التَّدْلِيسُ عَلَيْهِ لَمَا شَعَرَ، لَمْ تَصِحَّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ شَيْخٍ يَسْمَعُ أَصْوَاتًا وَأَجْرَاسًا لَا يَأْمَنُ تَدْلِيسًا وَإِلْبَاسًا، وَبَيْنَ شَيْخٍ لَا يَسْمَعُ مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ مِنْهُ التَّحَمُّلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ، وَيَصِحُّ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ عَمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ مَعْنَاهُ، وَهَذَا فِيمَا أَظُنُّ إجْمَاعٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَكَيْفَ لَا وَفِي الْخَبَرِ «رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ
حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» .
وَلَوْ شَرَطْنَا عِلْمَ الرَّاوِي بِمَعْنَى الْحَدِيثِ لَشَرَطْنَا مَعْرِفَةَ جَمِيعِ وُجُوهِهِ، وَيُسَدُّ بِذَلِكَ بَابُ التَّحْدِيثِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمَدَارُ الْأَخْبَارِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَإِذَا قُرِئَ بَيْنَ يَدَيْ الصَّبِيِّ وَالْأُمِّيِّ أَخْبَارٌ عَلَى شَيْخٍ، فَتَحَمَّلَهَا هَذَا السَّامِعُ، وَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، وَتُحُمِّلَتْ عَنْهُ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، وَاشْتِرَاطُ النَّظَرِ فِي النُّسْخَةِ، وَدِرَايَةُ الصَّبِيِّ يُضَيِّقُ الْبِطَانَ فِي الرِّوَايَةِ وَمِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِفَةِ تَحَمُّلِ الرِّوَايَةِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِفَةِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مَحَلُّ النَّظَرِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِجَوَازِ الْإِجَازَةِ وَالتَّعْوِيلِ عَلَيْهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْمُجِيزُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِجُمْلَةِ مَا فِي الْكِتَابِ الْمُجَازِ، وَقَدْ وَافَقَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ الْعِلْمُ بِمَا يُقْرَأُ وَعَلَيْهِ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَالْمَازِرِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ ".
قَالَ الْمَازِرِيُّ: بِشَرْطِ كَوْنِ الشَّيْخِ عَالِمًا بِصِحَّةِ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ، غَيْرَ غَافِلٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَأَمَّا إذَا قَرَأَ مِنْ حِفْظِهِ وَأَمْلَى مِنْ حِفْظِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى ثِقَةٍ. وَقَدْ اجْتَازَ بَعْضُهُمْ لِلْحُفَّاظِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ كُتُبُهُمْ اسْتِظْهَارًا لِلثِّقَةِ وَاحْتِيَاطًا، فَإِنْ كَانَ لَا يُعَوِّلُ عَلَى حِفْظِهِ، وَإِنَّمَا يُعَوِّلُ عَلَى كِتَابِهِ نُظِرَ، فَإِنْ تَحَقَّقَ سَمَاعُ جَمِيعِ مَا فِي كِتَابِهِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ عُلِمَ سَمَاعُهُ وَلَكِنْ نَسِيَ مِمَّنْ سَمِعَهُ، فَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيهِ خِلَافًا فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ لِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْوِي رِوَايَةً مَعْمُولًا بِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ الْكِتَابَ مَعَ عَدَالَتِهِ وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْمِينٍ وَكَذِبٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْصَى فِي رِسَالَتِهِ بِقَبُولِ مِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا يُحَدِّثُ الْمُحَدِّثُ مِنْ كِتَابِهِ، حَتَّى يَكُونَ حَافِظًا لِمَا فِيهِ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ إلَى مَنْ جَهِلَ شَيْخَهُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْكِتَابَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ شَيْخَهُ الَّذِي حَدَّثَهُ بِالْكِتَابِ لَمْ يَشْتَرِطْ حِفْظَهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْخَهُ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ، وَعَلِمَ بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ لِلْجَمِيعِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِمَا فِي كِتَابِهِ، وَهَذَا الَّذِي تَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى الشَّافِعِيِّ تَأَوَّلَهُ غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَيَأْتِي.
وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: إنْ رَوَى مِنْ كِتَابِهِ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْلُهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ كَاذِبًا، وَالثَّانِي يُقْبَلُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي " الْإِلْمَاعِ ": اُخْتُلِفَ فِي الْعَمَلِ بِمَا وُجِدَ فِي الْخَطِّ الْمَضْبُوطِ الْمُحَقَّقِ لِإِمَامٍ إذَا عَمِلَ بِهِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَنْعِ النَّقْلِ وَالدِّرَايَةِ بِهِ، فَمُعْظَمُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ لَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِهِ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الْعَمَلِ، وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ نُظَّارِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ بِالْمُرْسَلِ. وَحَكَى أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْخَبَرِ مِنْ حِفْظِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ. قَالَ: وَحُجَّتُهُ أَنَّ حِفْظَهُ لِمَا فِي كِتَابِهِ، كَحِفْظِهِ لِمَا سَمِعَهُ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَا نُورٌ وَلَا بَهْجَةٌ لِهَذِهِ الْحُجَّةِ، وَلَا ذَكَرَ هَذَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَعَلَّهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ، لَا الرِّوَايَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَوْ يَكُونُ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ وَجَدَهُ بِخَطِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْ سَمَاعَهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ. اهـ. وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ سَمَاعَهُ وَجَهِلَ عَيْنَ الْمُسْمِعِ الْتَحَقَ بِالْمُرْسَلِ،
وَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ سَمِعَ الْجَمِيعَ، وَلَكِنَّهُ لَا يَحْفَظُهُ، وَلَا يَذْكُرُ سَمَاعَهُ لِعَيْنِ كُلِّ لَفْظٍ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ، وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ السَّمَاعَ وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى خَطِّهِ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الطَّبَقَاتِ فَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِيهِ. فَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرَى الْعَمَلَ بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةُ أُصُولِ مَالِكٍ. وَأَشَارَ إلَى تَخْرِيجِهَا عَلَى مَنْعِ الشَّاهِدِ مِنْ شَهَادَةِ أَمْرٍ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى خَطِّهِ، فَلَا يُعْمَلُ بِهَا. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَوَّزَهُ، كَقَوْلِهِ فِي " الرِّسَالَةِ ": إنَّهُ لَا يُحَدِّثُ الْمُحَدِّثُ بِمَا فِي كِتَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لَهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَإِنْ كَانَ الْخَطُّ لَيْسَ بِيَدِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِخَطِّ غَيْرِهِ، كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا: يُعَوِّلُ ثُمَّ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَرْوِيَ هَذَا الْكِتَابَ وَيُطْلِقَ الرِّوَايَةَ عَنْ شَيْخِهِ بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ؛ لِأَنَّهُ كَذَبَ أَنَّهُ سَمِعَ، وَعَلِمَ ثِقَةٌ الْكِتَابَ، فَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالْمُحَدِّثُونَ يَقْبَلُونَهَا. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ قُلْنَا: لَا يُعَوِّلُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ، فَفِي خَطِّ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا: يُعَوِّلُ ثَمَّ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَرْوِيَ هَذَا الْكِتَابَ وَيُطْلِقَ الرِّوَايَةَ عَنْ شَيْخِهِ، بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَتَلْبِيسٌ، بَلْ يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ الْحَالِ، فَيَقُولُ: أَخَذْت هَذَا الْكِتَابَ عَنْ فُلَانٍ لَا شِفَاهًا، وَلَكِنْ تَعْوِيلًا عَلَى خَطِّ فُلَانٍ أَنِّي سَمِعْتُهُ مَعَهُ عَنْ فُلَانٍ، وَخَطُّ فُلَانٍ أَتَحَقَّقُهُ، وَأَتَحَقَّقُ عَدَالَتَهُ، فَيُقْبَلُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَفْتَقِرُ هُنَا إلَى إذْنِ الْكَاتِبِ أَنْ يَنْقُلَ ذَلِكَ عَنْهُ، كَمَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الشَّاهِدِ فِي أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ شَهَادَتَهُ، إذَا تَحَقَّقْنَا هُنَا أَنَّ هَذَا مَا وَضَعَ خَطَّهُ عَنْ لَبْسٍ.
وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ نُسْخَةُ الْكِتَابِ بِيَدِهِ، لَكِنَّهَا كَانَتْ بِيَدِ قَارِئٍ مَوْثُوقٍ بِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ تَرَدَّدَ فِي الْعَمَلِ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَصِحَّةِ إسْنَادِهِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الشَّيْخُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ مَا حَمَلُوهُ التَّلَامِذَةُ، وَخَالَفَهُ الْمَازِرِيُّ، وَقَالَ: إنَّ الشَّيْخَ يَصِيرُ مُعَوِّلًا فِيمَا يَرْوِيهِ وَيَحْمِلُهُ لِتَلَامِذَتِهِ عَلَى نَقْلِ غَيْرِهِ عَنْهُ، أَنَّهُ رَوَى كَذَا. اهـ. وَقَطَعَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ سَمَاعَهُ، وَجَهِلَ عَيْنَ الْمُسْمِعِ، أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ رِوَايَتُهُ، حَتَّى يَعْلَمَ قَطْعًا مَنْ بَلَّغَهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي، وَحَكَى عَنْ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ جَوَّزَ لَهُ رِوَايَتَهُ، وَعُزِيَ إلَى الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَحْفَظْ الْحَدِيثَ رِوَايَتُهُ مِنْ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ يَحْفَظُهُ فَالْأَوْلَى ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ وَعِنْدَهُ كِتَابٌ فِيهِ سَمَاعُهُ بِخَطِّهِ، وَهُوَ يَذْكُرُ سَمَاعَهُ لِلْخَبَرِ، جَازَ أَنْ يَرْوِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ سَمَاعَهُ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي " الرِّسَالَةِ ". وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ رَوَى عَلَى خَطِّهِ. قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ شَيْئَيْنِ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ الْكِتَابِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ وَاثِقًا بِكِتَابِهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِخَطِّهِ أَوْ خَطِّ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِوَقْتِ سَمَاعِهِ، فَإِنْ أَخَلَّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ. اهـ.
وَمَا صَحَّحَهُ مِنْ الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ الذِّكْرِ صَحَّحَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ. قَالَ: لِأَنَّ الْخَطَّ قَدْ يَشْتَبِهُ بِالْخَطِّ.