الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي الْمُرْسَلِ مِنْ الْحَدِيثِ]
ِ] شَرْطُ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ الِاتِّصَالُ فَالْمُنْقَطِعُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَطْعًا وَأَمَّا الْمُرْسَلُ، وَهُوَ تَرْكُ التَّابِعِيِّ ذِكْرَ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. فَلَوْ سَقَطَ وَاحِدٌ قَبْلَ التَّابِعِيِّ، كَقَوْلِ الرَّاوِي عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنْ سَقَطَ أَكْثَرُ سُمِّيَ مُعْضَلًا، هَذِهِ طَرِيقَةُ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ، وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ: الْمُرْسَلُ قَوْلُ مَنْ لَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، سَوَاءٌ التَّابِعِيُّ أَمْ تَابِعُ التَّابِعِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ، فَتَعْبِيرُ الْأُصُولِيِّينَ أَعَمُّ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهُوَ رِوَايَةُ التِّلْمِيذِ عَنْ شَيْخِ شَيْخِهِ، كَقَوْلِ مَالِكٍ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ، وَإِنَّمَا أَخَذَ عَنْ الْآخِذِينَ عَنْهُ، وَهَذَا قَدْ يَقَعُ مِنْ الرَّاوِي، بِأَنْ يَحْذِفَ ذِكْرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا، وَقَدْ يَتَعَرَّضُ لِذِكْرِهِ ذِكْرًا لَا يُفِيدُ، فَيُسَمَّى ذَلِكَ إرْسَالًا أَيْضًا، كَقَوْلِك: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ فُلَانٍ، وَكَذَا لَوْ أَضَافَ إلَيْهِ الْعَدَالَةَ، كَقَوْلِك: حَدَّثَنِي عَدْلٌ، وَهَذَا يَلْتَحِقُ بِالْمُرْسَلَاتِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ
الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكٍ أَنَّهُ سَمَّى حَذْفَ الرَّاوِي شَيْخَهُ مُنْقَطِعًا، كَقَوْلِ التَّابِعِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَقَوْلِ تَابِعِ التَّابِعِيِّ: قَالَ الصَّحَابِيُّ، وَسَمَّى ذِكْرَهُ عَلَى الْإِجْمَالِ مُرْسَلًا، مِثْلُ قَوْلِ التَّابِعِيِّ: سَمِعْت رَجُلًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ. وَنَازَعَهُ الْمَازِرِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ فُورَكٍ بِأَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْمُرْسَلَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كَذَا وَكَذَا. انْتَهَى. فَذَكَرَ أَنَّ حَقِيقَتَهُ مَا حُذِفَ فِيهِ اسْمُ الرَّاوِي، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَا مُعَيَّنًا وَلَا مُجْمَلًا، لَكِنَّ الْإِمَامَ ثِقَةٌ فِيمَا يَنْقُلُ، فَلَعَلَّ الْمَازِرِيَّ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ ذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَلَى هَذَا النَّقْلِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: الْمُرْسَلُ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ يَرْوِي رَجُلٌ عَمَّنْ لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " شَرْحِ التَّرْتِيبِ ": هُوَ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ تَابِعِ التَّابِعِيِّ عَنْ الصَّحَابِيِّ، فَأَمَّا إذَا قَالَ تَابِعُ التَّابِعِيِّ أَوْ وَاحِدٌ مِنَّا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَلَا يَقَعُ بِهِ تَرْجِيحٌ فَضْلًا عَنْ الِاحْتِجَاجِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَرْهَانٍ. اهـ. وَقِيلَ: الْمُرْسَلُ: مَا رَفَعَهُ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ، وَمَرَاسِيلُ صِغَارِهِمْ تُسَمَّى مُنْقَطِعَةً. حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ، وَقِيلَ: مَا سَقَطَ رَاوٍ مِنْ إسْنَادِهِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ. فَعَلَى هَذَا الْمُرْسَلُ وَالْمُنْقَطِعُ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: رِوَايَتُهُ عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا مَنْ رَوَى عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةٌ لَيْسَ بِإِرْسَالٍ، بَلْ تَدْلِيسٌ.