الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ رَدُّ الْحَدِيثِ بِدَعْوَى مُخَالَفَتِهِ الْأُصُولَ]
َ] وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْأُصُولِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهَا، أَوْ إجْمَاعٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِهَذَا رَدُّوا خَبَرَ الْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ فِي زَعْمِهِمْ، وَرَدُّوا خَبَرَ الْمُصَرَّاةِ وَالْقُرْعَةِ، وَخَبَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فِي نَفْيِ السُّكْنَى لِلْمُتَغَرِّبَةِ، وَلِذَلِكَ زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ كَمَا لَا يَنْسَخُهُ. [السِّرُّ فِي رَدِّ الْحَنَفِيَّةِ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ] قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذِهِ أُصُولٌ مَهَّدُوهَا مِنْ أَجْلِ أَخْبَارٍ احْتَجَّ بِهَا أَصْحَابُنَا عَلَيْهِمْ فِي مَوَاضِعَ عَجَزُوا عَنْ دَفْعِهَا، فَرَدُّوهَا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَقَالُوا بِأَمْثَالِهَا فِي الضَّعْفِ كَخَبَرِ نَبِيذِ التَّمْرِ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ، إذْ الْقُرْآنُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ، وَلِلْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يُوجِبُ أَنَّ مَا امْتَنَعَ التَّوَضُّؤُ بِهِ فِي الْحَضَرِ امْتَنَعَ فِي السَّفَرِ.
وَقَبِلُوا خَبَرَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ ضَعْفِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ يُوجِبُ أَنَّ مَا كَانَ حَدَثًا فِي الصَّلَاةِ كَانَ حَدَثًا فِي غَيْرِهَا، وَمَا لَمْ يَنْقُضْ الطُّهْرَ فِي غَيْرِهَا لَا يَنْقُضُ فِيهَا، وَقَبِلُوا خَبَرًا ضَعِيفًا فِي إيجَابِ رُبُعِ قِيمَةِ الْبَقَرَةِ فِي
عَيْنِهَا تَخْصِيصًا لَهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَطْرَافِهَا؟ وَقَالُوا أَيْضًا: بِإِلْزَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلَ الدِّيَةَ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْقَسَامَةِ، تَخْصِيصًا لَهَا مِنْ بَيْنِ الْأَيْمَانِ، فَكَيْفَ أَنْكَرُوا خَبَرَ الْمُصَرَّاةِ مَعَ صِحَّتِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ؟ . أَتَرَاهُ أَعْظَمَ مِنْ تَرْكِهِمْ الْقِيَاسَ بِالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي قَالُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ، وَلَا أَصْلٍ يَشْهَدُ لَهُ، وَقَالُوا لَنَا مَا لَا بِهِ نَقْلٌ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] فَزِدْتُمْ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ. فَقُلْنَا لَهُمْ: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] فَنَقَلَ مِنْ الْمَاءِ إلَى التُّرَابِ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً فَزِدْتُمْ نَبِيذَ التَّمْرِ مَعَ إجْمَاعِ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهِ، وَقُوَّةِ حَدِيثِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ. فَنَحْنُ لَمْ نَجْعَلْ وَاسِطَةً بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ، وَالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إذَا عُدِمَ ذَلِكَ جَازَ الْحُكْمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَالْقُرْآنُ لَا يَنْفِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجْعَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ بَدَلًا مِنْ الشَّاهِدَيْنِ. وَقَالُوا بِحَدِيثِ الْعِينَةِ، وَتَرَكُوا ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] فَخَصَّصُوا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ.
وَقَسَّمَ الْهِنْدِيُّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا خَصَّصَ عُمُومَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ