الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي حَدِيثِ: «أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ» ، فَقَالَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَحْدَهُ، عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ. قَالَ: وَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا إذَا كَانَ رَاوِيهِ وَاحِدًا، فَهُوَ مَجْهُولٌ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَهَذَا لَيْسَ بِاعْتِرَاضٍ، فَإِنَّ الرَّاوِيَ إذَا كَانَ ثِقَةً مَعْرُوفًا يَلْزَمُ قَبُولُ خَبَرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِفَةِ الْوَاحِدِ.
[مَسْأَلَةٌ عَرْضُ الْحَدِيثِ عَلَى الْقُرْآنِ]
ِ] لَا يَجِبُ عَرْضُ الْخَبَرِ عَلَى الْكِتَابِ، قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى وُجُوبِ عَرْضِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قُبِلَ وَإِلَّا رُدَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي أُصُولِهِ: خَبَرُ الْوَاحِدِ يُعْتَقَدُ مِنْ وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ: الْعَرْضُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَرَوَاجُهُ بِمُوَافَقَتِهِ، فَالْتَبَسَ بِمُخَالَفَتِهِ، ثُمَّ عَلَى السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ الثَّابِتَةُ بِطَرِيقِ الِاسْتِفَاضَةِ، ثُمَّ الْعَرْضُ عَلَى الْحَادِثَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهَا، وَالْخَبَرُ شَاذٌّ كَانَ ذَلِكَ وَمُحْرِبُ، وَكَذَا إنْ كَانَ حُكْمُ الْحَادِثَةِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ، خِلَافًا ظَاهِرًا، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ الْمُحَاجَّةُ بِالْحَدِيثِ كَانَ عَدَمُ ظُهُورِ الْحِجَاجِ وَمُحْرِبُ فِيهِ.
قَالَ: وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَتَاكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ» . فَلَوْ صَحَّتْ لَاحْتِيجَ إلَى عَرْضِهَا عَلَى الْكِتَابِ، وَقَدْ عَرَضْنَاهَا عَلَيْهِ، فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا بَلْ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهَا؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] .
وَرَدَّ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ كَلَامَهُ، وَقَالَ: الْخَبَرُ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ إذَا ثَبَتَ، وَلَا يَجِبُ عَرْضُهُ، وَلِهَذَا جَوَّزْنَا تَخْصِيصَ عُمُومِ الْكِتَابِ بِهِ. اهـ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ: قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى اتِّبَاعَ نَبِيِّهِ، وَالْخَبَرُ أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى عَامًّا لَهُ بِقَبُولِهِ وَاعْتِقَادِ صِحَّتِهِ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْكِتَابِ فَهُوَ ابْتِدَاءُ شَرْعٍ مِنْ اللَّهِ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ ذَهَبَ عَنَّا وَجْهُهُ. قَالَ: فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إذَا رَوَيْت سُنَّةً عَرَضْتهَا عَلَى الْقُرْآنِ. قَالَ: فَإِنْ خَالَفَتْهُ عَلَى مَعْنَى وُرُودِ الْكِتَابِ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ أَوْ إبَاحَتِهِ، وَفِي السُّنَّةِ النَّهْيُ عَنْهُ، أَوْ حَظْرُهُ، فَهَذَا لَمْ يُوجَدْ صَحِيحًا، إلَّا فِيمَا نَسَخَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سُنَّتِهِ. قُلْت: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَهُ فَأَنَا قُلْته، وَمَا خَالَفَهُ فَلَمْ أَقُلْهُ» : مَا رَوَى هَذَا أَحَدٌ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، وَعَمَّنْ لَا يُقْبَلُ [عَنْهُ] مِثْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي شَيْءٍ. انْتَهَى.
ثُمَّ ذَكَرَ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا» ، الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ:
فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي اتِّبَاعِهِ، وَكَانَتْ مَعَهُ دَلَالَتَانِ: دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللَّهِ بِحَالٍ، وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ عَامًّا وَخَاصًّا وَدَلَالَةً، عَلَى أَنَّهُمْ قَبِلُوا فِيهِ خَبَرَ الْوَاحِدِ، فَلَا نَعْلَمْ أَحَدًا رَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. اهـ. وَفِي ظَنِّي أَنَّهُ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ.