الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلَّهَا الْمَرْوِيَّةَ عَنْهُ عليه السلام غَيْرُ صَحِيحَةٍ، حَكَمَتْ الْعُقُولُ بِكَذِبِهِ، وَنَطَقَتْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا مُتَقَوَّلَةً، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَا يَكَادُ يَقَعُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إلَّا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأُصُولِ وَمَسَائِلَ قَلِيلَةٍ فِي الْفُرُوعِ، كَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الرَّوَافِضِ، وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ الْخَوَارِجِ، وَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي التَّمْثِيلِ بِشَجَاعَةِ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ فِي الْجَمَلِ وَصِفِّينَ بِأَنْ نَقَلَهُ عَدَدُ التَّوَاتُرِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ الْمُحَصِّلِينَ، فَشَجَاعَتُهُ مُتَوَاتِرَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى.
[تَنْبِيهٌ الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ]
ِ] الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَبَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يَذْكُرُونَهُ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ الْمُشْعِرِ بِمَعْنَاهُ الْخَاصِّ، وَإِنْ كَانَ الْخَطِيبُ ذَكَرَهُ. فَفِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اتَّبَعَ أَهْلَ الْحَدِيثِ. قُلْت: قَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَادَّعَى ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَشْمَلْهُ صِنَاعَتُهُمْ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي رِوَايَاتِهِمْ؛ لِنُدْرَتِهِ، وَمَنْ سُئِلَ عَنْ مِثَالٍ لَهُ أَعْيَاهُ طَلَبُهُ. قَالَ: وَلَيْسَ مِنْهُ حَدِيثُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي وَسَطِ إسْنَادِهِ. نَعَمْ، حَدِيثُ:«مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» مُتَوَاتِرٌ، رَوَاهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَنْهُمْ، وَذَكَرَ الْبَزَّارُ أَنَّهُ رَوَاهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ.
قُلْت: وَأَنْكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَدْرِ صَحِيحِهِ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ، فَقَالَ: وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَإِنَّهَا كُلَّهَا أَخْبَارُ آحَادٍ؛ لِأَنَّ لَيْسَ يُوجَدُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَبَرٌ مِنْ رِوَايَةِ عَدْلَيْنِ، رَوَى أَحَدُهُمَا عَنْ عَدْلَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ عَدْلَيْنِ حَتَّى يَنْتَهِي ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَحَالَ هَذَا وَبَطَلَ، ثَبَتَ أَنَّ الْأَخْبَارَ كُلَّهَا أَخْبَارُ آحَادٍ، وَمَنْ رَدَّ قَبُولَهُ فَقَدْ رَدَّ السُّنَّةَ كُلَّهَا؛ لِعَدَمِ وُجُودِ السُّنَنِ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْآحَادِ. اهـ. وَفِي هَذَا مَا يَرُدُّ عَلَى الْحَاكِم دَعْوَاهُ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ اشْتَرَطَا أَنْ لَا يَرْوِيَا الْحَدِيثَ إلَّا بِرِوَايَةِ اثْنَيْنِ عَنْ اثْنَيْنِ، وَهَكَذَا.