الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنواعه كثيرة:
…
منها التمنّى (1)، واللفظ الموضوع له (ليت)، ولا يشترط إمكان المتمنّى (2)؛ تقول:
ليت الشباب يعود! خ خ، وقد يتمنّى ب (هل)؛ نحو: هل لى من شفيع؟! حيث يعلم أن لا شفيع له، وب (لو)؛ نحو: لو تأتينى؛ فتحدّثنى! خ خ؛ بالنصب.
ــ
خبر؛ لأن التكثير ليس المعنى به جعل القليل كثيرا حتى يكون السائل معنيه اعتقاد الكثرة الواقع فى النفس، والتعبير عن ذلك بكم إخبار عن أمر خارجى، وإنما تعنى بقولنا: الخبر له خارج ما كان خارجا عن كلام النفس، فنحو: طلبت القيام، حكم نسبته لها خارج بخلاف: قام، كما صرح به ابن الحاجب وغيره، فقولنا: كم رجال عندى على الأول من الاحتمالين اللذين ذكرهما إخبار عن اعتقاد الكثرة كقولك:
اعتقدت هذا كثيرا فليس من الإنشاء فى شئ، وعلى الاحتمال الثانى إخبار عن الكثرة فى الخارج، وقوله: لأن المتكلم عبر عما فى باطنه يستلزم أن يكون نحو: وأبغضت زيدا، وعزمت على كذا إنشاء، ولا قائل به. وقوله: إن التكثير معنى ثابت فى النفس لا وجود له من خارج، صحيح لكن المراد بالخارج ما سبق، وأما عسى أن يجئ زيد،
فهو ترج كالتمنى، وسنذكره وهو طلبى نعم من الإنشاء غير الطلبى صيغ العقود، وإن قلنا:
إن الوعد إنشاء كما يوهمه كلام ابن قتيبة فهو غير طلبى، إذا تقرر هذا فالذى نتكلم فيه الآن هو الإنشاء الطلبى، وهو يستدعى مطلوبا ضرورة، وكونه غير حاصل وقت الطلب ضرورى؛ لأن الحاصل لا يطلب، والإنشاء لا يتعلق بالمستقبلات.
أنواع الإنشاء:
1 - (التمنى):
ص: (وأنواعه كثيرة منها التمنى
…
إلخ).
(ش): أنواع الإنشاء الطلبى كثيرة، منها: التمنى، واللفظ الموضوع له ليت، ولا يشترط إمكان المتمنى، بل قد يكون المتمنى قريبا، مثل: ليت زيدا يقدم، وهو مشرف على القدوم، وقد يكون بعيدا ممكنا، وقد يكون غير ممكن، ومثله المصنف بقوله: ليت
(1) هو طلب حصول شئ على سبيل المحبة.
(2)
ويشترط ذلك فى الترجى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشباب يعود. قال الوالد رحمه الله: عود الشباب ممكن عقلا ممتنع عادة. قال السكاكى: تقول: ليت زيدا جاءنى، فتطلب غير الواقع فى الماضى واقعا فيه مع حكم العقل بامتناعه، وليت الشباب يعود مع جزمك بأنه لا يعود وليت زيدا يأتينى فيحدثنى فى حال لا تتوقعها ولا طمع لك فيها، فهذه أحسن من عبارة المصنف والقدر المشترك بين الثلاثة عدم التوقع. انتهى. وحاصله أن ما أفهمه كلام المصنف من أن عود الشباب مستحيل عقلا ممنوع، وهو سؤال حسن، لكن يمكن أن يقال: عود الشباب مستحيل عادة، إن فسرنا الشباب بالسن الذى لا يتجاوز الثلاثين، وكونه لم يتجاوز ذلك بعد أن جاوزه جمع بين النقيضين فهو مستحيل عقلا، وإن فسر الشباب بعود تلك القوة والنشاط الحاصل قبل الشيخوخة، جاء ما ذكره الوالد رحمه الله وقد يقال باستحالته أيضا؛ فإن نفس تلك القوة يستحيل عودها، إنما الممكن عقلا عود مثلها، لكن القطع حاصل بأن المراد من قولنا: ليت الشباب يعود، عوده بالجنس أو بالنوع، لا بالشخص. بقى على المصنف وعلى السكاكى سؤال آخر، وهو أن ما لا يتوقع، كيف يطلب؟ فالأصوب ما ذكره الإمام وأتباعه من أن التمنى والترجى والقسم والنداء ليس فيها طلب، بل تنبيه ولا بدع فى
تسميته إنشاء وإنما تنازع فى جعله طلبا، وسؤال آخر وهو قوله: ولا يشترط إمكانه يقتضى أنه قد يكون قريبا وبعيدا، ويدخل فى ذلك الترجى، وظاهر كلام النحاة أنه إن كان قريبا فله الترجى، وإن كان بعيدا فله التمنى، وقد صرح بذلك المصنف فى آخر الكلام ثم مقتضى كلامه أن المستحيل أحد محال التمنى، والذى يظهر أن استعماله فيه يقع على خلاف الأصل، وقد أعرب التنوخى فقال فى الأقصى القريب: المتمنى يكون معشوقا للنفس، والمرجو قد لا يكون، ويكون المرجو متوقعا، والمتمنى قد لا يكون فالترجى أعم من التمنى من وجه، والتمنى أعم من الترجى من وجه.
(تنبيه): قال التنوخى أيضا: المرجو بلعل حصول خبرها لاسمها، وقد يكون حصول اسمها لخبرها، وقد يكون حصول الجملة من اسمها وخبرها. انتهى. ولعله يريد بحصول اسمها لخبرها نحو قولك: لعل القيام موجود وبحصول الجملة قولك: لعل أن يقوم زيد، وهذا بعينه ينقل إلى التمنى، وما قاله لا تحقيق له؛ فإن المعنى فى الجميع حصول الخبر للاسم؛ لأن الموضوع لا يطلب حصوله، ثم قال المصنف: وقد يتمنى بهل مثل: هل
السكاكى: كأنّ حروف التنديم والتحضيض، وهى:(هلّا)، و (ألّا) بقلب الهاء همزة، و (لولا) و (لوما): مأخوذة منهما (1) مركبتين مع (لا) و (ما) المزيدتين؛ لتضمّنهما معنى التمنّى؛ ليتولّد منه فى الماضى التنديم؛ نحو: هلّا أكرمت زيدا! خ خ، وفى المضارع التحضيض؛ نحو: هلا تقوم! خ خ. وقد يتمنّى ب (لعل) فيعطى حكم (ليت)؛ نحو:
لعلّى أحجّ؛ فأزورك خ خ؛ بالنصب؛ لبعد المرجوّ عن الحصول.
ــ
من شفيع، حيث يعلم أنه لم يكن قال تعالى: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا لإبراز المتمنى فى صورة الممكن، وقد يتمنى بلو كقولك: لو تأتينى فتحدثنى، وإنما يتعين لذلك إذا كان بالنصب، فإن لم يكن احتمل ومجئ لو بمعنى التمنى مذهب سيبويه، وأنكره كثير من النحاة والاستدلال على جوازه بقوله تعالى: فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) بنصب نكون فيه نظر؛ لجواز أن يكون معطوفا على كرة كقول الشاعر:
للبس عباءة وتقرّ عينى أحبّ
…
إلىّ من لبس الشفوف (3)
قال السكاكى: وكأن هلا وألا حرفى التحضيض والتنديم مأخوذتان من هل، وكذلك لولا ولو ما زيدت على بعضها لا، وعلى بعضها ما، وألا قلبت فيها الهاء همزة، وركبت هذه الحروف ليتولد منها فى الماضى التنديم نحو: هلا أكرمت زيدا، وفى المستقبل التحضيض نحو: هلا تقوم، وقد يتمنى بلعل، أى: تستعمل لعل فيما بعد، ومن هنا يعلم اختصاص التمنى بالبعيد كما أشرنا إليه، ويعطى حينئذ حكم التمنى فى نصب الجواب، فإن لعل لو كانت على وضعها من التراخى لما انتصب الجواب لا يقال: قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ (4)، فيه
(1) أى: من هل ولو اللتين للتمنى.
(2)
سورة الشعراء: 102.
(3)
البيت من الوافر، وهو لميسون بنت بحدل فى خزانة الأدب 8/ 503، 504، والدرر 4/ 2090، وسر صناعة الإعراب 1/ 273، وشرح التصريح 2/ 244، وشرح شذور الذهب 405، وشرح شواهد الإيضاح 250، وشرح شواهد المغنى 20/ 653 ولسان العرب 13/ 408، والمحتسب 1/ 326، ومغنى اللبيب 1/ 267، والمقاصد النحوية 4/ 397، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 4/ 677، وأوضح المسالك 4/ 192، والجنى الدانى 157، وخزانة الأدب 8/ 523، والرد على النحاة 128، ورصف المبانى ص 423، وشرح الأشمونى 3/ 571، وشرح ابن عقيل 576، وشرح عمدة الحافظ 344، وشرح قطر الندى 65، وشرح المفصل 7/ 25، والصاحبى فى فقه اللغة 112 - 118، والكتاب 3/ 45.
(4)
سورة غافر: 36 - 37.