الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهى تخصص المضارع بالاستقبال، فلا يصحّ: هل تضرب زيدا وهو أخوك؟ "،
ــ
وإذا أخذ على إطلاقه يلزم أن تكون (هل) حيث وقعت بمعناها، فتخرج عن الاستفهام بالكلية، والذى أوقعه فى ذلك قول سيبويه، وكذلك (هل) إنما هى بمنزلة (قد) إلا أنهم تركوا الألف واللام قبلها إذا كانت لا تقع إلا فى الاستفهام، وقد أول السيرافى كلام سيبويه على أن المراد أن (هل) يستقبل بها الاستفهام، كما أن قد يستقبل بها الخبر وقال السيرافى فى هذا البيت: وهذا غير معروف، والرواية أم هل رأونا، وقال ابن مالك:(هل) يتعين مرادفتها لقد إذا دخلت عليها الهمزة، ورد عليه شيخنا أبو حيان وقال: لا تقع مرادفة لها أصلا وخرج البيت على الزيادة وبالجملة فهما وأكثر النحاة متفقون على أنه عند إرادة الاستفهام ليست بمعنى قد، وقد أورد بعض الشارحين أنها لو حملت على قد لامتنع: هل زيد قائم، كما امتنع: قد زيد قائم، وأجيب بأنها حملت على الهمزة فى ذلك، وإنما لم تحمل على الهمزة فى عدم قبح: هل زيدا ضربت؛ لأنها وجدت ما تستحقه، فلم تحمل على ما هو غير أصلها، وبالجملة ما ذكره الزمخشرى من كون (هل) بمعنى (قد) إن أراد المرادفة فهو فى غاية البعد، وأما قول المصنف: إنها فى الأصل بمعنى (قد) وما أوهمه كلامه من أن أصلها ذلك، ثم صارت للاستفهام، فلم يقل به أحد فيما علمت.
(هل) تخصص المضارع بالاستقبال:
ص: (وهى تخصص المضارع بالاستقبال
…
إلخ).
(ش): لما كانت (هل) ليست أصلا فى الاستفهام، بل فرعا تقاصرت عن الهمزة فاختص المضارع بعدها بالاستقبال، فلا يجوز أن تقول: هل تضرب زيدا، وهو أخوك لأن هذا استفهام توبيخ، والتوبيخ لا يكون على المستقبل إنما يكون على الحال أو الماضى، واستفهام التوبيخ لا يكون إلا بالهمزة، ويصح أن تقول: أتضرب زيدا وهو أخوك توبيخا على ضرب واقع. هذا مراد المصنف، ومراده بالحال حال الضرب فلا يتوهم ما يوهمه كلام بعضهم من أنه
يمتنع لأجل الحال الصناعية فى قوله: وهو أخوك، وكلام السكاكى شاهد لما قلناه، لأنه قال: وهو فى حال الفعل لم يبق إلا أن يقال: لا نسلم أن التوبيخ لا يكون إلا على مستقبل، فربما يوبخ على مستقبل لظهور القرائن من وعيد وغيره على أنه سيقع ثم وقعت بنقل يشهد لما قلت: إنه مراد المصنف، وهو أن سيبويه قدر فى قول الشاعر:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فما أنا والسّير فى متلف
…
يبرح بالذكر الضابط (1)
ما كنت وقدر فى قولهم: كيف أنت وقصعة من ثريد؟ كيف تكون بالمضارع، قال ابن ولاد وجماعة: إنما قدر كنت مع ما وقدر تكون مع كيف؛ لأن ما أنت والسير استفهام توبيخ، وهو لا يكون إلا على ماض بخلاف كيف أنت وقطعة من ثريد، ونقل ذلك جماعة من النحاة ولم يردوا على القائل: إن استفهام التوبيخ لا يكون إلا على ماض، بل منهم من وافقه، ومنهم من قال: إن سيبويه لم يقصد ذلك فثبت بهذا أن استفهام التوبيخ لا يكون إلا على ماض، ذكروا ذلك فى باب المفعول معه، ثم رأيت القاضى التنوخى قال فى الأقصى القريب: إن الإنكار قد يكون على مستقبل، وجعل منه قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ (2) وقوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (3) قال: أنكر أن حكم الجاهلية مما يبغى لحقارته، وأنكر عليهم سلب العزة عن الله تعالى، وهو منكر فى الماضى والحال والاستقبال، وهو كلام لا ينتهض لدفع ما ذكره الأئمة من أن الآيتين لا دليل فيهما؛ لأن الإنكار فيهما وقع على ماض، وإن كان منكرا، سواء أوقع ماضيا أم مستقبلا، ولا يشهد له قوله تعالى: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ (4) لأن الاستبدال وهو طلب البدل وقع ماضيا نعم قد يشهد له قوله تعالى: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ (5) وكذلك قول الشاعر:
أأترك إن قلّت دراهم خالد
…
زيارته إنّى إذا للئيم (6)
(1) البيت من المتقارب: لأسامة بن حبيب الهذلى، فى الدرر (3/ 157)، شرح أشعار الهذليين، ولسان العرب (عبر).
(2)
سورة المائدة: 50.
(3)
سورة الزمر: 37.
(4)
سورة البقرة: 61.
(5)
سورة غافر: 28.
(6)
البيت من الطويل، وهو لعمارة بن عقيل بن جرير الشاعر، وخالد المذكور هو ابن يزيد بن الشيبانى، يمدحه ويذم تميم بن خزيمة النهشلى بقصيدة منها البيت.