الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا كونه اسما:
فلإفادة (1) عدمهما؛ كقوله [من البسيط]:
لا يألف الدّرهم المضروب صرّتنا
…
لكن يمرّ عليها وهو منطلق (2)
ــ
الزمخشرى عند قوله تعالى: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ (3) من أن التأكيد مستفاد من السين، وما اقتضاه من عدم استفادته من الفعل المضارع ففيه نظر.
واعلم أنه يستثنى من قولنا: المضارع دال على الاستمرار ما إذا أريد به زمن الحال خاصة؛ فإن الاستمرار مع إرادة زمن الحال فقط لا يجتمعان، إلا أن يقال: يدل على وقوع الحدث فى الحال وأنه يستمر فى المستقبل، فإن قلت: لو كان المراد بالمضارع الاستمرار لكان نفى المضارع لا ينفى أصل الفعل، فإذا قلت: لا يقوم زيد يكون نفيا لقيامه المستمر، لا نفيا لأصل القيام - قلت: يقدر أن الفعل صار مضارعا بعد النفى، وورد النفى على أصل الفعل
فبقى نفيا موصوفا بالاستمرار، فصار الاستمرار للنفى لا للفعل، ومما ذكرناه يعلم الجواب عما يورد من نحو: علم الله كذا، فإن علم الله تعالى لا يتجدد، وكذا سائر الصفات الدائمة التى يستعمل فيها الفعل، وجوابه: أن معنى علم الله كذا وقع علمه فى الزمن الماضى، ولا يلزم أنه لم يكن قبل ذلك، فإن العلم فى زمن ماض أعم من المستمر على الدوام قبل ذلك الزمن وبعده وغيره، وحاصله أن المعنى بالتجدد فى مثله الوقوع.
كون المسند اسما:
ص: (وأما كونه اسما
…
إلخ).
(ش): من أحوال المسند أن يكون اسما، وذلك إذا قصد به عدم التجدد وعدم الدلالة على الزمن، وينبغى أن يقال: لعدم قصد إفادتهما حتى إذا لم يقصد واحد منهما يكون كافيا فى إثباته اسما، ومثله المصنف بقول النضر بن جؤية:
لا يألف الدّرهم الصّبّاح صرّتنا
…
لكن يمرّ عليها وهو منطلق (4)
(1) أى عدم التقييد المذكور وإفادة التجدد يعنى لإفادة الدوام والثبوت لأغراض تتعلق بذلك.
(2)
البيت للنضر بن جؤية، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 65.
(3)
سورة التوبة: 71.
(4)
البيتان من البسيط، والأول للنضر بن جؤية فى معاهد التنصيص 1/ 207، وشرح الواحدى على ديوان المتنبى - كما قال أ/ محمود شاكر - والإشارات والتنبيهات 65، ولجويرية بن النضر فى شرح -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنّا إذا اجتمعت يوما دراهمنا
…
ظلّت إلى طرق المعروف تستبق
فإن قوله: (منطلق) دل على أن ذلك دأبه من غير نظر إلى زمن دون آخر، و (الصباح) قيل: بالباء الموحدة، أى: المسكوك (1) وقيل: بالياء آخر الحروف، أى: الدرهم المضروب، وقيل: الصباح الذى يأتينا صباحا، ومن ذلك قوله تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ (2) المراد: هيئة هذا الكلب من غير نظر لوقت دون آخر، كذا مثلوه، وفيه نظر؛ لأن الاسم إذا عمل صار كالفعل يدل على التجدد، لا على الثبوت كما قررناه فى غير هذا الموضع، فإن قلت: اسم الفاعل حقيقة فى الحال فينبغى أن يكون منطلق للحال - قلت:
نعم، لكنه قد يقترن به ما يراد به قطع النظر عن الزمن فيكون للحالة المستمرة، وذلك يظهر بكونه فى معرض
مدح أو ذم، ونحو ذلك. وهذا لا ينافى الحال، بل فيه الحال بقيد الاستصحاب، فإن قلت: إذا قلنا: (زيد ضارب الآن أو أمس أو غدا) لا يدل على الثبوت؛ لتقيده بالزمن الدال على التجدد، ولا سيما ضارب غدا، وإن لم يقيد بظرف فهو مصروف إلى الحال - قلت: الدلالة على التجدد عند التقييد بالظرف إنما هو بناء على أن الظرف ينفى الوقوع فى غيره بالمفهوم، ولا نسلمه، كما هو قول مشهور فى مفهوم الصفة، وإن كان مرجوحا فقد سلمناه، فقد يقال: إنما نعنى بالثبوت وعدم التجدد بالنسبة إلى ذلك الظرف فقولنا: (زيد ضارب غدا) معناه أن الضرب الذى سيقع منه غدا يقع ثابتا مستقرا سواء كان موجودا قبل ذلك أم لا بخلاف (زيد يضرب غدا) فإنه يدل على أنه يتجدد له فى غد ضرب، فلا معارضة حينئذ بين مفهوم الظرف ودلالة الاسم على الثبوت سلمنا ذلك كله، فالاسم إنما يدل على الثبوت ما لم يعمل.
(تنبيه): قد يستثنى من قولهم: الاسم دال على الثبوت الاسم الواقع حالا وسيأتى فى كلام المصنف وغيره أنه يدل على الحصول لا الثبوت، على بحث فيه سيأتى، فى
- المرشدى على عقود الجمان 1/ 106. وبلا نسبة فى دلائل الإعجاز ص: 174، والإيضاح 95، والتلخيص 25.
(1)
السّكّ: تضبيبك الباب أو الخشب بالحديد وهو السّكّى والسّكّ. والسّكّىّ: المسمار وقيل: الدينار. اللسان (سكك).
(2)
سورة الكهف: 18.