الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تخصيصه بالإضافة أو الوصف:
فلكون الفائدة أتمّ؛ كما مر.
وأما تركه:
فظاهر مما سبق.
وأما تعريفه:
فلإفادة السامع حكما على أمر معلوم له بإحدى طرق التعريف بآخر مثله،
ــ
أوله السكاكى والزمخشرى على القلب، يعنيان أن الأصل يكون مزاجها عسلا وماء، لكن لا يلزم من عدم جواز الإخبار عن النكرة المحضة بالمعرفة أن لا يجوز الإخبار بالمعرفة عن النكرة الموصوفة.
تخصيص المسند بالإضافة أو الوصف:
ص: (وأما تخصيصه بالإضافة أو الوصف فلكون الفائدة أتم).
(ش): مثال الإضافة: (زيد غلام رجل) لأن الكلام إنما هو فى الإضافة مع التنكير، ومثال التخصيص بالوصف
لكون الفائدة أتم: (زيد كاتب مجيد) وأما تمثيل السكاكى بقولك: (زيد رجل فاضل) فلا يصح؛ لأن الصفة هنا لحصول الفائدة لا لإتمامها؛ لأن الرجولية لزيد لم يقصد الإخبار بها، وربما كانت فائدة الخبر فى صفته لا فى نفسه، وأما ترك تخصيص المسند بالإضافة أو الوصف فلم يتعرض له المصنف؛ لأنه يظهر مما سبق من أسباب التقييد، فإذا زالت لم تخصص.
تعريف المسند:
ص: (وأما تعريفه فلإفادة السامع
…
إلخ).
(ش): تعريف المسند يكون لإفادة السامع حكما على شئ معلوم له بإحدى طرق التعريف، بآخر مثله، أى إذا كان السامع يعلم للمحكوم عليه إحدى صفتين وأردت أن تفيده الأخرى فاجعل المعلوم للسامع مبتدأ، والمجهول له خبرا، كما إذا كان السامع يعرف زيدا باسمه ووصفه، ويجهل كونه أخاه، فتقول:(زيد أخوك) سواء عرف أن له أخا أم لم يعرف أن له أخا، وإن عرف أن له أخا، وأردت أن تعينه قلت:(أخوك زيد) أما إذا لم يعرف أن له أخا أصلا فلا يقال ذلك؛ فإن قلت: المصنف قال:
= 1/ 93 (سبأ)، 6/ 94 (رأس)، 14/ 155 (جنى)، والمحتسب 1/ 279، والمقتضب 4/ 92، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب ص: 453، 695، وهمع الهوامع 1/ 119.
أو لازم حكم كذلك (1)؛ نحو: زيد أخوك، وعمرو المنطلق باعتبار تعريف العهد أو الجنس،
ــ
إنك تقول: (زيد أخوك) سواء عرف أن له أخا، أم لا، ثم قال: إن عرف أن له أخا وأردت أن تعينه قلت: (أخوك زيد)، وهذا القسم حاصل إذا علم أن له أخا الذى قال فيه آنفا: إنك تقول: (زيد أخوك). قلت: يمكن الجواب بأنه إذا علم أن له أخا، فإن كان يعلم زيدا قلت:(زيد أخوك)؛ لأن أخوك وإن كان معلوما من وجه، فزيد أولى أن يكون مبتدأ؛ لأنه معلوم باسمه وشخصه أو صفته فهو آكد علما من أخوك، وإن لم يكن يعلم زيدا فليقل:(أخوك زيد) لأن أخوك حينئذ معلوم من وجه فهو أولى بالإسناد إليه من المجهول من كل وجه، وكذلك الألف واللام سواء كانت عهدية أم جنسية فمن عرف زيدا باسمه ووصفه وعلم أنه قد كان من شخص انطلاق تقول له:(زيد المنطلق) أى: هو ذلك المنطلق المعهود فى ذهنك وإن أردت أن تعرفه أن ذلك المنطلق الذى فى ذهنه هو زيد قلت: (المنطلق زيد).
وقد أورد المصنف أنه إذا لم يعرف فى المثال الأول أن له أخا أصلا، لم يكن معلوما عنده بإحدى طرق التعريف فلا يكون من هذا الباب، وكذا عكسه وهو:(أخوك زيد) إذا قلته لمن يعتقد أن له أخا، ثم الألف واللام فى هذين المثالين
عهدية، وقد تكون جنسية كما إذا عرف السامع إنسانا بعينه ووصفه، وهو يعلم جنس المنطلق وأردت أن تعرفه انطلاق زيد فتقول:(زيد المنطلق) وإن أردت أن تعين عنده جنس المنطلق قلت: (المنطلق زيد) هذا مضمون كلام المصنف.
وقوله:" بإحدى طرق التعريف". الباء فيه يتعلق بمعلوم، وقوله:" بآخر" يتعلق بقوله" حكما"، أو بقوله:" إفادة". وقوله:" مثله" يريد فى أنه معرفة، لا فى اتحاد جهة تعريفهما؛ فإن جهة التعريف فى المثالين السابقين فى أحد الاسمين العلمية وفى الآخر التعريف بالإضافة إلى المضمر، ويرد عليه فى قوله:" بإحدى طرق التعريف" أن علم إحدى صفتى الشئ لا ملازمة بينه، وبين إحدى طرق التعريف؛ فقد يعرف الشئ بصفة من غير تعريف لفظى، كقولك:(رجل فى الدار عندنا) وقد تكون فيه إحدى طرق التعريف وهو مجهول كقولك: (الرجل خير من المرأة) فينبغى أن يكون المرعى
(1) أى: على أمر معلوم بآخر مثله.
وعكسهما (1).
والثانى (2): قد يفيد قصر الجنس على شئ تحقيقا؛ نحو: زيد الأمير، أو مبالغة لكماله فيه؛ نحو: عمرو الشجاع.
ــ
هنا التعريف المعنوى المقابل للتجهيل لا التعريف اللفظى المقابل للتنكير وقوله:" أو لازم حكم"، أى: إذا كان السامع غير جاهل بهما، ولكن قصد المتكلم إعلامه بأنه يعرف أحدهما وحكم به على الآخر، كقولك: الذى أثنى على أنت، لمن يعلم أن الثناء نقل إليك، ولا يدرى هل تعلم أنه المثنى أو لا؟ تقديره: علمت أن المثنى أنت، وتقول: أنت المثنى علىّ، فى عكسه. وقوله:(وعكسهما) هو بالخفض معطوف على المثالين، وهما أخوك زيد، والمنطلق عمرو (وقوله: والثانى قد يفيد قصر الجنس) يريد بالثانى ما فيه الألف واللام سواء كانت دخلت على المسند أم المسند إليه، فتارة لا يفيد قصر الجنس على شئ كقول الخنساء:
إذا قبح البكاء على قتيل
…
رأيت بكاءك الحسن الجميلا (3)
وقد يفيد قصر الجنس كقول المصنف: (على شئ) إنما لم يقل على المسند؛ لأنه تارة يفيد قصر المسند، وتارة قصر المسند إليه، وذلك فى: زيد المنطلق، والمنطلق زيد. وفى كلامه نظر؛ لأن ذلك لا تختص به الألف واللام، بل الإضافة كذلك، فلا حاجة لقوله:(كذلك) فإن قولك: زيد صديقى، قد يقال: بإفادته للحصر على قول من جهة ما دل عليه من استغراق الإضافة، لا بالمعنى الذى حصل به القصر فى قولنا: زيد المنطلق؛ فإن المدرك فيه الإخبار
بالجنس، كما تنبئ عنه الألف واللام، أما الإضافة فإنها لا تنبئ عن الجنس؛ ولذلك تقول: إن قولنا: زيد المنطلق لا فرق فى إفادته الاستغراق بين أن تكون الأداة فيه جنسية أو استغراقية إلا أن المدرك فيهما مختلف، وذلك تارة يكون تحقيقا، مثل: زيد الأمير، والأمير زيد، إذا لم يكن أمير سواه، وتارة مبالغة لكماله فى ذلك الوصف، نحو:
عمرو الشجاع والشجاع عمرو، وقد يقال: إن بيت الخنساء من ذلك.
(1) أى: عكس المثالين المذكورين وهما: أخوك زيد والمنطلق عمرو.
(2)
يعنى: اعتبار تعريف الجنس.
(3)
البيت من الوافر وهو للخنساء فى شرح ديوانها ص: 82، ودلائل الإعجاز ص: 181، وشرح عقود الجمان 1/ 121، والإيضاح ص:105. وفى المطبوع: الجميل وما أثبتناه من مصادر التخريج.
وقيل: الاسم متعيّن للابتداء؛ لدلالته على الذات، والصفة للخبريّة؛ لدلالتها على أمر نسبى:
وردّ بأنّ المعنى: الشخص الذى له الصفة صاحب الاسم.
ــ
واعلم أن (زيد المنطلق) ليس موضوعا للحصر، بخلاف (المنطلق زيد) كما تقرر فى الأصول؛ فحينئذ حالة إرادة القصر فى (المنطلق زيد) بوضع اللفظ وحالة إرادته فى (زيد المنطلق) تحتاج لقرينة، والسكاكى قال: زيد المنطلق، والمنطلق زيد فى المقام الخطابى يلزم من كل منهما أن لا يكون غير زيد منطلقا، والمقصور تارة يكون الجنس نفسه من غير اعتبار التقييد بظرف أو غيره كما سبق وقد يكون باعتبار تقييده كقولك: هو الوفى حين لا تظن نفس بنفس خيرا، وحيث أريد القصر لا يعطف عليه، فلا يقال: زيد المنطلق وعمرو؛ لأنه يلزم اجتماع القصر وعدمه، وسيأتى ذلك فى باب القصر.
وقوله: (وقيل الاسم متعين) لا يخفى أن الكلام فى هذا الفصل مبنى على أصل، وهو أن المبتدأ والخبر متى كانا معرفتين فالأول هو المبتدأ، والثانى هو الخبر، هذا هو المشهور، وقيل: إن اختلفت رتبتهما فى التعريف فأعرفهما المبتدأ، وإلا فالسابق.
وقيل: أنت بالخيار أيهما شئت اجعله مبتدأ، وهو قول أبى على (1)، وظاهر قول سيبويه فى باب كان. وقيل: المعلوم عند المخاطب مبتدأ، والمجهول خبر. وقيل: الأعم هو الخبر، وقيل: الاسم متعين للابتداء والوصف متعين للخبر، قاله الإمام فخر الدين (2) فى" نهاية الإيجاز"، وقال المصنف: لا يقال: زيد دال على الذات، فهو متعين للابتداء تقدم أو تأخر، والمنطلق دال على أمر نسبى فهو الخبر أبدا؛ لأنا نقول: المنطلق لا يجعل مبتدأ إلا بمعنى
الشخص الذى له الانطلاق، وهو بهذا المعنى لا يجب أن يكون خبرا وزيد لا يجعل خبرا إلا بمعنى صاحب اسم زيد، وهو بهذا المعنى لا يجب أن يكون مبتدأ كذا قاله المصنف، وقد يقال: إن الدال على الوصفية إنما هو منطلق، أما المنطلق فالألف واللام فيه موصول بمعنى الذى وهى فى الجمود والدلالة على الذات كزيد؛
(1) أبو على: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان الإمام أبو على الفارسى، واحد زمانه فى علم اللغة، أخذ عن الزجاج وابن السراج، وله صنف الإيضاح فى النحو والتكملة فى التصريف، توفى سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، انظر بغية الوعاة (1/ 496).
(2)
فخر الدين: محمّد بن عمر الرازى المتوفى سنة 606 هـ صاحب كتاب نهاية الإيجاز فى علم البيان، انظر كشف الظنون 2/ 1986.